رسالتي الى ولدي عمر لليوم 333 من الحكم الجائر ولليوم 686 من الاعتقال التعسفي.
رسالتي الى ولدي عمر لليوم 333 من الحكم الجائر ولليوم 686 من الاعتقال التعسفي.
أُعزِّيك ياولدي في فقدان واحدٍ من أعز أصدقائك من زمن الرصاص.
الصديق الصدوق وصاحب الابتسامة الرائعة "الصِّديق لحرش" غادرنا وصار في حماية الخلود ولن يمُسَّه ما مَسَّه وهو بيننا.
وما مسَّه ياولدي ما زال يمسُّك بنفس القسوة ويمس أبناءَ وأحفادَ جيلِ عهد الرصاص والجمر.
تكرار ٌ تِلوَ التكرار .
ترك لنا هذا الصدوق رصيدَه من صحته وسعادته وسنوات وراء القضبان ظلماً وظلاماً وسقاها بابتسامته الرائعة وإصراره على تلحيم وجمع رموز التضحية في " ذكريات الوفاء".
كانت معرفتنا به محدودة لكثرة عدد ضحايا الرصاص.
لكن دعوةً كريمةً من هؤلاء الأبطال في لقاء " ذكرى الوفاء" التي اعتادوا على إحيائها صلةً للرحم وتكريماً لمن استشهدوا أو للذين صاروا في حماية الخلود، كانت مناسبةً لتكثيف التعارف في لحظة اللقاء بمبادرة من هذا الراحل إلى عالم الخلود.
كان يوزع ترحيبه وابتسامته ،خلال هذا اللقاء ، على الجميع.
وكان لنا ، فتيحة وأنا، نصيبٌ أوفر من ترحيبه وأسئلته عن ولدنا عمر ووضعه في السجن بعد ترحيله إلى معتقل تيفلت.
ربط هذا اللقاء بين عهدين وبين جيلين من المعتقلين، لكن الفرقَ يختلف في التهم.
تُهمُ عهد الرصاص كانت بحجم النضال العارم ضد سلطة الطبقة الحاكمة، وكان القمع شديداً شدةَ النضال و رغم ذلك لم يجرُء أي أحد على الطعن في وطنيتهم.
لكن هذا العهدَ صار يصنع التهم للمعارضين و يقوم بإخراجها وتصويرها ونشرها عبر إعلام البروباغاندا المأجورة.
فيصير المعارض مغتصباً أو جاسوساً أو غاسلاً للأموال أو مهيناً لهيئة منظمة ويتم التشكيك في وطنيته في كل الأحوال وهي تكرار لتهم "كل ما من شأنه" التي كانت عنواناً مفتوحاً في وجه المعارضين طيلةَ سنوات الجمر والرصاص.
متى يتوقف هذا التكرار ؟
رغم رحيل هؤلاء الأوفياء، تُصر سيرتُهم على البقاء في ساحات النضال من أجل مغرب ديمقراطي يحضن أبناءه بالعدالة والحماية الاجتماعية.
ومن يعتقدُ أنه حسم الأمرَ لصالح طبقته الهجينة عليه أن ينتظرَ غضب أبناء وأحفاد هؤلاء الشرفاء.
مغربنا مغربُ جميع المغاربة وليس مغربَ المفترسين لثرواته.
حزنَ ولدي عمر حزناً شديداً عندما أخبرناه بالوفاة المفاجئة لصديقه رغم فارق السن والسجن، لكن للظلم والبطش أبناءاً وأحفاداً كما للنضال أبناءٌ وأحفادٌ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق