جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

غازي الصوراني _ عن الانسان المقهور/ المضطهد في البلدان المتخلفة

 غازي الصوراني _ عن الانسان المقهور/ المضطهد في البلدان المتخلفة......

يحاول الانسان المقهور - كما يقول د.مصطفى حجازي -الانتقام بأساليب خفية (الكسل، التخريب) أو رمزية (النكات والتشنيعات). وهذا يخلق ازدواجية في العلاقة: رضوخ ظاهري، وعدوانية خفية.
أبرز مثل على هذه الازدواجية هو موقف الرياء والخداع والمراوغة والكذب والتضليل.
محاولة النيل من المتسلط تصبح قيمة بحد ذاتها باعتبارها نوعاً من البراعة والحذق (كما يشيع جماهير المصريين) .
الانسان المقهور متربص دوما للمتسلط كي ينال منه كلما استطاع، وبالأسلوب الذي تسمح به الظروف.
هذه الازدواجية تشكل مرحلة وسطا بين الرضوخ والتمرد، ولكن، هنا أيضاً، نجد الانسان المقهور يستخدم أسلوب السيد المتسلط نفسه ويخاطبه بلغته نفسها. الكذب والخداع والتضليل هي قوام اللغة التي يخاطب بها المتسلط الجماهير المقهورة.
ان خطابه هو أبدا كذب ونفاق عندما لا يكون تهديدا صريحا، خطابه وعود معسولة وتضليل تحت شعار الغايات النبيلة: الوعود الاصلاحية، الخطط الانمائية، الاخلاق، الرقي والتقدم، المستقبل الافضل.. كلها هراء اعتادت عليها الجماهير . وهي بدورها تخادع وتضلل حين تدعي الولاء وتتظاهر بالتبعية.
وهكذا يصبح الكذب جزءا أساسياً من نسيج الوجود المتخلف، على مختلف الصعد وفي كل الظروف.
والكذب بين المتسلط والانسان المقهور يعمم على كل العلاقات. كذب في الحب والزواج ، كذب في الصداقة، كذب في ادعاء القيم السامية، كذب في ادعاء الرجولة، كذب في المعرفة، كذب في الايمان. كما يكذب المسؤول على المواطن، وكما يكذب رجل الشرطة حين يدعي الحفاظ على القيم والاخلاق والنظام، وكما يكذب الموظف على صاحب الحاجة، وكما يكذب التاجر على المشتري، كذلك يكذب الحرفي على الزبون. معظم العلاقات زائفة، معظم الحوار تضليل وخداع.
يكفي ان نرى كيف يزين الناس في العالم الثالث الامور بعضهم لبعض، حتى يتم استدراج الآخر واستغلاله . ذلك الاستدراج عندما ينجح يعتبر نوعا من البراعة في التجارة والعمل والوظيفة وممارسة المسؤولية.
وعندما يتحول العالم إلى زيف وتضليل يصبح لزاما على كل واحد أن يلعب اللعبة كما تسمح له امكانياته، وويل لذي النية الطيبة.
تدلنا علاقات التكاذب والتضليل على مدى الانهيار الذي ألم بقيمة الانسان في العالم المتخلف، حين يتحول إلى مضلل أو ضحية تضليل.
هذه الوضعية العلائقية وما يتبعها من احساس بالعجز أمام المصير المهدد ، تؤدي إلى بروز مجموعة من العقد تميز حياة الانسان المقهور، أهمها عقدة النقص، وعقدة العار.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *