جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

غازي الصوراني _ العولمة وخطاب نهاية الفلسفة...

 غازي الصوراني _ العولمة وخطاب نهاية الفلسفة...

إذا كان من المبرر موضوعياً وثقافياً الحديث عن خطاب النهايات في داخل النسق الفكري الغربي, فإن هذا المبرر بكل صوره وأنماطه ينعدم كلياً, ويفتقد لشروطه في مجالنا العربي، لأننا وببساطة شديدة نعيش في زمان ثقافي وتاريخي يختلف كلياً وجذرياً ولا يقبل القياس والمقارنة, وطبيعة الزمان الثقافي والتاريخي داخل النسق الغربي.
هو الفرق الذي يظهر واضحاً ما بين زمان المجتمعات التي تعيش مرحلة ما قبل التقدم كحال مجتمعاتنا العربية والإسلامية, ومجتمعات أخرى تنتمي إلى دول العالم الثالث, وبين المجتمعات التي تعيش مرحلة ما بعد التقدم كحال مجتمعات الغرب, فنحن مازلنا في مرحلة ما يسمى بزمن الما قبليات, ما قبل التقدم, وما قبل الحداثة, وما قبل المدنية إلى غير ذلك من القائمة التي تطول, بينما خطاب النهايات يبشر بمرحلة ما يسمى بزمن الما بعديات, ما بعد التقدم, وما بعد الحداثة, وما بعد المدنية, وهنا أيضاً القائمة تطول.
والمثقفون عندنا هم أكثر من يدرك هذه المفارقة التي لا تكاد تغيب عن أذهانهم, مع ذلك هم أكثر من يتحدث عن خطاب النهايات, كما لو أن هذا الخطاب ينتمي إلى مجالنا العربي والإسلامي وهو ليس كذلك بالطبع, الأمر الذي يكشف عن ازدواجية أو اختلاط الزمان الثقافي والتاريخي عند هؤلاء المثقفين بوعي أو بدون وعي, أو كأنهم ينتمون إلى زمنين مختلفين, زمن يعيشونه ذهنياً وينتمي إلى مجال الغرب الثقافي والتاريخي, وزمن يعيشونه حسياً وينتمي إلى مجالنا الثقافي والتاريخي.
ولعل في تقدير البعض أن هذا التباين في الأزمنة بين العوالم المختلفة, قد تغير أو تبدل في عصر العولمة التي جعلت العالم يعيش مكرهاً على إيقاع زمن واحد, بعد أن أصبح العالم متداخلاً ومترابطاً بين أجزائه وعناصره المتباعدة والمتناثرة من قبل, وتحول إلى ما يشبه قرية كونية, بفضل تقنيات العولمة, والتطورات المذهلة في تكنولوجيا الإعلام وشبكات الاتصال وثورة المعلومات.
لكن السؤال، هل نحن حقاً إزاء فتح كوني مع العولمة, أم أنه فتح كوني لمن يتحكم بالعولمة وآلياتها وهو الغرب! ولماذا نتعامل مع العولمة بهذا السكون, وبهذه الأحادية, التي تفترض صورة ونمطاً ومسلكاً أحادياً وثابتاً ونهائياً للعولمة, وهي ليست كذلك قطعاً.
فالعولمة في أوروبا ليست هي العولمة في بلادنا العربية أو في أفريقيا, والعولمة في الصين ليست هي العولمة في اليابان, في حركتها وتموجاتها ومفاعيلها, والعولمة اليوم ليست هي العولمة بعد ربع قرن، مع تزايد الاختلافات بين البلدان المتقدمة والمتخلفة ، فهل نستمر في الركون إلى العولمة والخضوع لها, والإندغام فيها, وكأنها فرضت علينا سطوتها وإكراهاتها، أم نبحث ونبدأ العمل للخروج من قيود العولمة وهيمنتها وليس الخروج عليها ؛ وذلك عبر بديل تحرري وطني و ديمقراطي تقدمي يعبر عن مصالح وتطلعات الجماهير الشعبية ومستقبلها.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *