فصل طالبة نهائيا عن الدراسة ومعاقبة آخريات واستهداف طلبة بظلم في التنقيط بسبب ممارستهم لحريتهم الديمقراطية
الاتحاد الوطني لطلبة المغرب
موقع الرباط، في 14 يونيو 2023
بيان إلى الرأي العام الوطني
"إدارة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس تعتنق الإستبداد بدل البيداغوجية"
أقدمت رئاسة جامعة محمد الخامس، في واقعة مؤسفة وغير مسبوقة، على الموافقة على قرار فصل طالبة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الرباط، واتخاذ إجراءات عقابية في حق طلبة آخرين بسبب مطالبتهم إدارة الكلية، في عريضة موقّعة، بتغيير احدى الأستاذات المدرّسة لهم في الفصل السادس بمبرر مشروع وعادل وهو أنهم "لم يفهموا عندها ولا درس".
وعوض أن تسارع الإدارة إلى البحث في الموضوع واتخاذ الإجراءات المناسبة لمعالجة المشكل وتمكين الطلاب، باعتبارهم محور العملية التربوية، من كافة الوسائل والموارد التي ستتيح لهم التعلّم والتحصيل الجيّدين، ذهبت وبتواطؤ مع اللوبيات المرتبطة بالاستاذة المذكورة، إلى اتخاذ إجراءات "عقابية" خطيرة ومخالفة للقانون، في حق بعض الطلبة الموقعين على العريضة الموجهة إلى عميد الكلية ونائب العميد المكلف بالشؤون البيداغوجية ورئيس شعبة الدراسات العربية.
وإذا كانت المطالبة بتغيير أستاذة، لأنها فشلت في القيام بمهامها كمدّرسة، حقّا عادلا ومشروعا، ويدخل في صلب الحريات الديمقراطية التي يكفلها القانون وقدم من أجلها الشعب المغربي والحركة الطلابية الغالي والنفيس، فإن إدارة الكلية، التي حاولت منذ البداية أن تقمع هذه الأصوات المناضلة، اختارت معسكرها كالعادة، وتخندقت ظلما وعدوانا ضد طلاب ذنبهم الوحيد رغبتهم في التعلم في ظروف تستجيب للحد الأدنى.
وتتأكد مخاوف وشكوك الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وعموم الطلبة في الكلية، في هذه القضية، من شبهة "الشطط في استعمال النفوذ والسلطة، في سياق أن الأستاذة المعنية (ح.خ) سبق وأن كانت مديرة للموارد البشرية في وزارة التعليم العالي، وحسب ما ذكرته منابر إعلامية، فقد طلب منها الوزير عبد اللطيف ميراوي أن تقدم استقالتها وإلا سيقوم بإعفائها، بمبرر "ضعف الكفاءة" و "وجود اختلالات في التسيير". [وفق جريدة هسبريس الإلكترونية].
وفي الحيثيات، فقد همت الإدارة بمجرد توصلها بالعريضة المذكورة، إلى استدعاء طالبات، وتنظيم "مجلس تأديبي" مخالف للقانون والضوابط الجاري بها العمل. بل وتم وصف بعضهن بأنهن "عديمات الاخلاق".. وغيرها من النعوت المشينة، في سلوك استبدادي غريب عن الجامعة، يندى له الجبين ويعكس الحضيض الذي وصلت إليه كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الرباط، والتي كانت فيما مضى معقلا للفكر والعلم والنضال والحرية.
وبعد بيان استنكاري للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، يحذّر من هذه الممارسات الاستبدادية، عمدت الإدارة مرّة أخرى، وحتى تتستر على فضيحتها، إلى تنظيم "مجلس تأديبي" ثان، كان فيه المدّعي هو القاضي والجلاّد، وشابته عدة خروقات حسب ما أكده أستاذ محامي، وبعيدا عن الغايات المتوخاة من المجالس التأديبية، حسب ما هو منصوص عليه في القوانين المؤطرة للتعليم العالي، والتي هي أولا وقبل كل شيء 'التربية' وليس قمع الحريات و الانتقام من المناضلين.ات، ذهبت اللجنة إلى اتخاذ إجراء صاعق بفصل الطالبة "خ.ف" نهائيا عن الدراسة كانت في فصلها السادس والأخير من سلك الإجازة، زيادة على سحب الفصل السادس من طالبة ثانية "ع.ب"، وتوجيه إنذار وتوبيخ لطالبة ثالثة تحمل جنسية أجنبية، بينما نهجت الأستاذة والأساتذة التابعين لها سياسة الانتقام من طلبة آخرين بظلم في التنقيط.
وحتى تكتمل أركان هذا الإثم العظيم، تكتمت الإدارة على هذه القرارات المشينة، كما اختارت رئاسة جامعة محمد الخامس، هي الأخرى، أن توافق على قرار الفصل النهائي من الدراسة، دون أن تتحمل مسؤوليتها في الاستفسار والتقصي الجدي والعميق في دواعي هذا الإجراء الاستبدادي، أو أن تكترث لمستقبل هذه الطالبة التي كابدت واجتهدت لسنين في دراستها بشهادة زملائها وأساتذتها والنقاط التي حصلت عليها طيلة مسارها الدراسي الموؤود. الأكثر من ذلك، لم تنشر إدارة الكلية هذه القرارات إلا بعد انتهاء الامتحانات في دورتها العادية، معتقدة أن ذلك سيعفيها من احتجاج الطلاب، أو من انكشاف هذه الفضيحة المدوية أمام الرأي العام الجامعي والوطني.
وبالرغم من التدخلات المتكررة لمناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، ومطالبتهم للإدارة بإحكام العقل والتراجع عن أي قرار يستهدف حق الطلاب في التعليم والتعبير، وفتحهم لقنوات التواصل مع النقابة الوطنية للتعليم العالي من أجل التدخل لصالح الحق، إلا أن كل هذه الجهود لم تثمر النتائج المرجوة.
وبعد صدور القرار، وضغط الاتحاد الوطني لطلبة المغرب للتراجع عنه، والوعود الزائفة التي قطعتها إدارة الكلية بالسماح للطالبة المعنية باجتياز الامتحانات الاستدراكية وطي الملف؛ وبالرّغم من أن الطالبة مكرهة وضدّا على إرادتها، قدمت استعطافا واعتذارا على وقائع لم ترتكبها إلى رئاسة الجامعة وإدارة الكلية، عاقدة الأمل على أن ذلك سيكون كافيا لإقناع الإدارة بالتراجع عن قرارها المشين، إلا أن ذلك لم يكن مجديا؛ وبقي هاجس المسؤولين الإداريين الأول والأخير هو أن لا يصل هذا الملف إلى الصحافة، وانفضاح هذا الخطأ الفادح أمام الرأي العام.
إننا في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وإيمانا بعدالة قضية هؤلاء الطالبات، وأمام اقتناعنا الشديد بأن جل الإجراءات المتخذة في حقهن، جائرة ولا أساس لها ومخالفة للقانون، فإننا نضع الرأي العام الوطني والجامعي أمام هذه الوقائع المؤسفة، ونعلن ما يلي:
- ندين بأشد العبارات هذه الإجراءات الانتقامية والاستبداية في حق هؤلاء الطالبات، ونطالب الإدارة بالتراجع الفوري عنها، ودون تأخير، مع اتخاذ إجراءات استثنائية لجبر الضرر الوخيم الذي طالهن.
- ندعو وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى إيفاد لجنة لتقصي الحقائق والوقوف عند هذه المهزلة، التي تشكل انتهاكا خطيرا لحقوق الإنسان، لاسيما الحق في التعليم والحق في التعبير، وفتح تحقيق شفاف ونزيه ونشر نتائجه للرأي العام، وكذلك التحقيق في شبهات "استغلال النفوذ" و"الشطط في استعمال السلطة (إدارية أو معنوية..)"، مع ترتيب الجزاءات في حق كل المذنبين.
- نحمل رئاسة جامعة محمد الخامس مسؤولية ما آلت وستؤول إليه الأوضاع، ونطالبها بالتراجع فورا عن قرار فصل الطالبة "خ.ف".
- نؤكد أننا سنساند الطالبات المتضررات في نضالهن، وفي المسالك القانونية والنضالية المشروعة التي سيسلكنها من أجل رفع الحيف عنهن.
- ندعو مختلف القوى السياسية والنقابية والجمعوية والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان، والغيورة على الجامعة المغربية، والمؤمنة بالحق المقدس في التعليم، إلى مساندة هؤلاء الطالبات والوقوف إلى جانبهن في محنتهن، والتدخل من أجل إنصافهن.
- ندعو الصحافة المغربية إلى تسليط الضوء على هذه القضية ومختلف الملفات المشابهة لها، وما أكثرها، لتنوير الرأي العام ونقل حقيقة الحيف الذي يتعرض له الطلاب بسبب مطالبتهم بحقوقهم العادلة والمشروعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق