جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

غازي الصوراني_ مجتمعات مقطوعة الرأس كما هو حال مجتمعاتنا العربية ؛لا يجوز ان نطلق عليها صفة مجتمع مدني ...

 غازي الصوراني_ مجتمعات مقطوعة الرأس كما هو حال مجتمعاتنا العربية ؛لا يجوز ان نطلق عليها صفة مجتمع مدني ...

لعلنا نتفق أن السبب الرئيسي لتخلف مجتمعاتنا وانحطاطها بالمعنى الاجتماعي ( السوسيولوجي) ، لا يكمن في ضعف الوعي بأهمية التنوير العقلاني ، أو ضعف الإدراك النخبوي بالدور التاريخي للذات العربية ، فهذه و غيرها من أشكال الوعي ، هي انعكاس لواقع ملموس يحدد وجودها أو تبلورها ، كما يحدد قوة أو ضعف انتشارها في أوساط الجماهير ، و بالتالي فإن الواقع العربي الراهن ، بكل مفرداته و أجزاءه و مكوناته الاجتماعية و أنماطه التاريخية و الحديثة و المعاصرة ، حيث تتجلى هيمنة البورجوازية الكومبرادورية والطفيلية وتحالفها مع البيروقراطية المدنية والعسكرية الحاكمة ، ورموز الأنماط القبلية وشبه الإقطاعية والحمائلية والصراعات الدموية المذهبية والطائفية في بلادنا العربية ، في الظروف الراهنة ، يشير الى الدور الثانوي للاختلاف التاريخي في نشأة الشرائح الرأسمالية العربية العليا ، التي توحدت اليوم في شكلها ومضمونها العام وأهدافها المنسجمة مع مصالحها الأنانية الضارة ، عبر نظام استبدادي ، تابع ، و عشائري قبائلي في معظمه لم يرق الى مرحلة تبلور الشعوب في بعض بلدانه خاصة قبائل دويلات الخليج والسعودية ، وهو أيضا مجتمع متخلف مفكك ومرتهن ، وهو – حتى اللحظة – ما زال المرجعية الأولى و الأساسية في تفسير مظاهر الضعف و التخلف السائدة بل و المتجددة في مجتمعاتنا ، إذ أن دراسة هذا الواقع ، الحي ، بمكوناته الاجتماعية و الاقتصادية تشير بوضوح إلى أن العلاقات الإنتاجية و الاجتماعية السائدة اليوم في بلداننا العربية هي نتاج لأنماط اقتصادية /اجتماعية من رواسب قبلية و عشائرية و شبه إقطاعية ، و شبه رأسمالية رثة، تداخلت عضوياً و تشابكت بصورة غير طبيعية ، و أنتجت هذه الحالة الاجتماعية /الاقتصادية المعاصرة ، المشوهة ، فكيف يمكن أن نطلق على هذا الواقع صفة المجتمع المدني؟
في هذا السياق ، من المهم أن ندرك ، بصورة واضحة، طبيعة الفرق الجوهري بين نشأة " الرأسمالية " في بلادنا العربية ، و بين نشأة وتطور الرأسمالية في البلدان الغربية . ففي الغرب ، بنت الرأسمالية قوتها الاقتصادية أولاً ، ثم استولت على السلطة السياسية . أما في دول العالم الثالث، فالاستيلاء على السلطة يتم أولاً ثم يجري الحديث عن " بناء القوة الاقتصادية " ، بما يعزز القاعدة المتبعة والمتداولة في العالم الثالث التي تقول أن السلطة مصدر الثروة وبالتالي فإن الفجوة بين الإطار الضيق لأصحاب السلطة المستبدة التي تكاد تفقد وعيها الوطني من جهة، والإطار الواسع للجماهير الشعبية الفقيرة من جهة أخرى، ظاهرة قابلة للتزايد والاتساع عبر التراكم المتصاعد للثروة -ذات الطابع الطفيلي عموما- الذي يؤدي – كنتيجة منطقية أو حتمية – إلى تزايد أعداد الجماهير الفقيرة المقموعة والمضطهدة تاريخياً ،والتي ستتعرض إلى مواجهة أوضاع لا تحتمل ، وبالتالي فإنها تصبح مهيأة للإحباط أو اليأس ، أو للاقتناع بالأساليب التي تدعو إلى استخدام العنف – تحت غطاء ديني مذهبي وسلفي وطائفي رجعي متعصب ومتخلف أو غطاء اجتماعي يميني كومبرادوري منحط- أكثر بما لا يقاس من قناعتها بالمنافسة الانتخابية الشكلية أو الهامش الديمقراطي الليبرالي الضيق للخلاص من وضعها اليائس ، اذ ان اوضاع الفقر والبطالة والاستبداد والاحباط تخلق موضوعيا المناخ الملائم لولادة قوى وحركات التخلف والتعصب الديني والطائفي وانتشارها في اوساط الجماهير العفوية الفقيرة ومن ثم المزيد من التردي الاجتماعي والصراعات الدموية طالما ظلت قوى الديمقراطية والتنوير واليسار على حالتها الراهنة من القصور والعجز .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *