جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

مقالات من غزة من تحت الحصار*** غازي الصوراني _القضية الفلسطينية هي قضية عربية......

 غازي الصوراني _القضية الفلسطينية هي قضية عربية......

أشير إلى أن القضية الفلسطينية هي قضية عربية، وان الوجود الصهيوني مؤسس لكي يكون معنياً بالوضع العربي، ولذلك فان الأمر الجوهري هنا يتعلق بمشروع للهيمنة والسيطرة على العرب هو المشروع الامبريالي الصهيوني، وهذا التحديد أساسي في وعي طبيعة الصراع كما في تحديد الحل الممكن، في ضوء فشل الوصول إلى الحل المرحلي وفق الحدود الدنيا للمنظور الوطني الفلسطيني كما نصت عليه وثيقة الوفاق الوطني، وما تلا ذلك من صراع دموي أدى إلى تآكل النظام السياسي الفلسطيني في السلطة والمنظمة معاً، وبروز مخاطر تحوله إلى إطار استخدامي لحساب التحالف الأمريكي الإسرائيلي، علاوة على وصول العلاقات الديمقراطية بين طرفي الصراع فتح وحماس إلى حد الصراع الدموي على السلطة ومن ثم القطيعة الكاملة بينهما، المحكومة بقواعد التربص والخوف والاستبداد والقمع في الضفة والقطاع، إلى جانب تراكم عوامل الإحباط واليأس في صفوف جماهير شعبنا في الشتات.
وفي هذا الجانب ، فإن من الضروري الحديث عن حالة الاستقطاب بين حركتي فتح وحماس، مع استمرار غياب تأثير البديل الديمقراطي في كسر هذا الاستقطاب.
فمن أكثر الظواهر المقلقة التي تترسخ اليوم في ذهن كل وطني فلسطيني، تلك التي تتجلى في التزايد المتسارع لتراكمات الاحباط واليأس في نفوس أبناء شعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات في ظروف باتت فيها وحدة شعبنا السياسية والمجتمعية والاقتصادية والثقافية مهددةً بالفعل بعوامل التفكك والانقسام والصراع على المصالح الفئوية بصورةٍ غير مسبوقة في تاريخنا الحديث والمعاصر، حيث نشهد في هذه اللحظة المهينة من تاريخنا، تراجعاً حاداً للأفكار التحررية الوطنية الديمقراطية التوحيدية الجامعة، لحساب الأفكار والرؤى الانتهازية والمصالح الطبقية التي تروج لسياسات "الاعتدال" والواقعية المستسلمة في هذه المرحلة التي يتبدى فيها نوعاً من التطابق في النتائج السياسية الكارثية ، بين مسار الحركة الوطنية ما بعد عام 48 ، ومسار ما بعد أوسلو وصولاً إلى مشهد الاستقطاب بين حركتي فتح وحماس ، وهو مشهد زاخر بعوامل التفكك والانفصال بين الأهداف الوطنية التي ناضل وضحى من أجلها شعبنا الفلسطيني، وبين الأهداف والمصالح الخاصة للحركتين ، بحيث يمكن الاستنتاج ، بأن كل من حركتي فتح وحماس ، تقدم للشعب الفلسطيني (وللشعوب العربية) أسوأ صورة ممكنة عن حاضر ومستقبل المجتمع الفلسطيني المحكوم ، بصورة إكراهية ، لكثير من عوامل القلق والإحباط واليأس ، الى جانب أدوات التخلف والاستبداد والقهر والقمع والاستلاب، التي تعزز المزيد من عوامل انهيار الحركة الوطنية والانفضاض الجماهيري، عنها .
وفي ظل هذا المشهد ، أو على هامشه، تتزايد بشاعة ممارسات العدو الصهيوني وحصاره، ومتابعة رصده لكوادر المقاومين واعتقالهم أو اغتيالهم ، ومن ثم رد الفعل البطولي من فصائل المقاومة ضد العدو، الذي يقوم بدوره بتوجيه المزيد من الهجمات التي ينجم عنها مزيداً من الشهداء ، مدنين وعسكريين ، يودعهم شعبنا إلى مثواهم الاخير بمظاهر تختلط فيها مشاعر الحقد والاستعداد للتضحية والمقاومة من جهة ومشاعر الحزن والألم من استمرار الانقسام والصراعات الفئوية على السلطة والمصالح بين طرفي الاستقطاب (فتح وحماس) دون وجود طرف قوي ثالث قادر على مجابهته وتجاوزه ، الأمر الذي وفر عوامل ومناخات المصالح الطبقية الانتهازية الطفيلية في كل من الضفة وقطاع غزة التي تستهدف المزيد من الثروات غير المشروعة جنباً إلى جنب مع تزايد مظاهر الفقر والبطالة وتردي الأوضاع المجتمعية علاوة على تزايد وتائر الاستبداد وكبت الحريات الفردية وحريات الصحافة ومنع التظاهرات والاعتصامات السلمية وقمع الحركات والتجمعات الشبابية الديمقراطية واستمرار الاعتقالات المتبادلة بين طرفي الانقسام ، كل هذه الممارسات التي تتناقض كليا مع نصوص النظام الأساسي أو الدستور الفلسطيني ، عززت بدورها عوامل الخوف والقلق والإحباط في أوساط جماهير شعبنا .
إن الوضع الراهن يشير إلى أن السياسة باتت فناً للفوضى أو الموت البطيء بدلاً من فن إدارة الصراع الوطني والاجتماعي ، وهي حالة بدأت في مراكمة عوامل لنكبة سياسية مجتمعية تفكيكيه ، أشد خطراً وعمقاً من نكبة 48 .
معنى ذلك ، اتساع وتفاقم مظاهر الخلل الذي يدفع ثمنه شعبنا الفلسطيني عموماً والجماهير الفقيرة خصوصاً ، ما سيدفع إلى تكريس نوع من تفكك الفكرة التوحيدية الوطنية الجامعة لشعبنا لحساب هوية الإسلام السياسي و الإمارة الإسلامية ، أو لحساب سياسات التفاوض العبثي من قبل قيادة م.ت.ف الخاضعة لضغوط وشروط الرؤية الأمريكية الإسرائيلية ، وفي كلا الحالتين تتكرس المصالح الأنانية للحركتين، بما سيدفع إلى مزيد من الهبوط السياسي الذي يتقاطع أو يتطابق –بصورة مباشرة أو غير مباشرة- مع معطيات ومصالح القوى الكومبرادورية والبيروقراطية والطفيلية في فلسطين ، ومع سياسات الخضوع والمهادنة في معظم بلدان النظام العربي والإقليمي (خاصة تركيا)، بمثل ما يقترب من التقاطع أو التوافق والخضوع لشروط التحالف الامبريالي الصهيوني ، ما يعني أن الجوهر الطبقي والسياسي لحركتي فتح وحماس هو جوهر واحد ، لكن الاختلاف على المصالح والمحاصصة سيظل عاملاً رئيسياً وراء فشل محاولات المصالحة بينهما ، دون أي اعتبار منهما لضرورة هذه المصالحة لإنهاء الانقسام واستعادة الحد الادنى من الوحدة الوطنية وفق قواعد الاختلاف والتعددية الديمقراطية ، ليس بالنسبة للعملية السياسية فحسب، بل أيضاً بالنسبة للأوضاع الاجتماعية والحريات العامة وحرية الرأي، بعد أن بات المواطن الفلسطيني محكوماً بقيود تحد من حريته السياسية والفكرية والشخصية، وبالتالي فاقداً لدوره أو لحوافزه الذاتية للإسهام الطوعي الحر في إطار النضال الوطني التحرري و الديمقراطي .
وفي هذا الجانب ، أشير إلى أن الشرائح الرأسمالية التابعة والرّثة بكل مسمياتها، هي محل منافسة بين حكومتي رام الله وحماس، حيث تسعى كل منهما إلى استثارة المتنفذين فيها ، وإرضائهم عبر تأكيد حرص كل من الحكومتين –غير الشرعيتين- على مصالحهما، وهو أمر غير مستغرب انطلاقاً من التزام الحكومتين بقواعد وأسس النظام الرأسمالي والسوق الحر، وعند هذه النقطة يمكن تفسير صراعهما على السلطة والمصالح دون إيلاء الاهمية المطلوبة في معالجة الظواهر الاجتماعية الداخلية المتفاقمة، التي تتجسد في اتساع الفجوة –بصورة غير مسبوقة- بين 5% من الشرائح الاجتماعية الرأسمالية العليا، وبين 95% من الشرائح الاجتماعية الفقيرة والمتوسطة في بلادنا، ما يعني تغيّر شكل وترتيب أنساق القيم المجتمعية، بحيث باتت قيم الثروة والثراء والأنانية والانتهازية وثقافة الاستهلاك الكمالي الباذخ، والاستهلاك التفاخري ، مظهراً رئيسياً –غير مسبوق- لنمط حياة هذه الشرائح "العليا" في الضفة عموماً وقطاع غزة خصوصاً عبر مئات الفيلل والشاليهات الخاصة وبرك السباحة والمطاعم السياحية الفاخرة التي لم يكن ممكناً انتشارها بدون تراكمات الثروة الطفيلية الهائلة ، الناجمة عن عمليات تهريب من الانفاق ليس البضائع والسلع فحسب، بل أيضاً تهريب المخدرات والسلاح وغير ذلك، إلى جانب المضاربات في أسعار الأراضي والعقارات التي تتراوح اسعارها اليوم بين نصف مليون دولار وثلاثة ملايين دولار للدونم الواحد ، الأمر الذي يدل على طبيعة الحراك الاجتماعي الشاذ عبر صعود فئات كانت أقرب إلى العمالة المهمشة غير الإنتاجية أو الشرائح الاجتماعية الدنيا الفقيرة (البروليتاريا الرّثة) ، إلى قمة السلم الاجتماعي لتأخذ مكانها في إطار الـ5% .
في ضوء ذلك فلن يكون من المستغرب أن تحتل قيم الانحطاط والفساد والواقعية المستسلمة والتكالب على الثروة غير المشروعة قمة هرم القيم ، في حين تأتي قيم الثورة والمقاومة والديمقراطية والتكافل والدافعية الوطنية في أسفل سلم القيم، وهي أوضاع غير مستغربة مع تزايد أعداد أصحاب الملايين من تجار السوق السوداء والمهربين ، وتجار العقارات والكومبرادور والمضاربين إلى أكثر من 600 مليونير في قطاع غزة ، وأكثر من هذا العدد في الضفة الغربية ، وهذه ظاهرة –مفارقة- تستدعي المزيد من التحليل إرتباطاً بحالة الهبوط والتردي السياسي والمجتمعي السائدة اليوم في أوساط الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *