جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

من تحت الحصار بغزةغازي الصوراني _ لماذا لم تتطور الأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية العربية في القرون الماضية إلى نظام رأسمالي

 غازي الصوراني _ لماذا لم تتطور الأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية العربية في القرون الماضية إلى نظام رأسمالي على الرغم مما عرفته تلك الأوضاع من اقتصاد سلعي ؟

من الواضح ان أحد الأسباب الرئيسية، إن لم يكن أهمها على الإطلاق ، يعود إلى "عدم تفوق الإنتاج السلعي في البلدان العربية, بحيث يقوم بتصفية الأسواق المفتتة الضيقة لحساب سوق موحدة واسعة تكون بدورها أساساً لتطوير أكبر لفنون الإنتاج و تنظيماته, فإنه بتكوين هذه السوق الداخلية الموحدة الواسعة تتهيأ الظروف لقيام السوق القومية" .
على أن هذه الاجابة ، تستدعي سؤالاً آخر : لماذا لم يتفوق الإنتاج السلعي حتى الآن في العالم العربي؟ الواقع أن العالم العربي قد سقط في غيبوبة حضارية كاملة في ظل الفتح العثماني الذي أحكم قبضته على العرب, منذ بداية القرن السادس عشر حتى أوائل القرن العشرين, حيث أدت الحرب العالمية الأولى إلى هزيمة وتصفية الامبراطورية العثمانية ، ومع نهاية الحكم العثماني كانت الدعوة العربية هي دعوة للاستقلال الذاتي الثقافي لم تلبث أن تحددت في بداية القرن العشرين بالوقوف في وجه كل من الاستبداد الشرقي و الاستعمار الغربي, وعندئذ اختلطت الدعوة العربية بالدعوة لاستقلال كل قطر عربي على حدة ، حيث تحقق هذا الاستقلال بصورة شكلية في ظل الهيمنة الاستعمارية المباشرة وغير المباشرة، حتى أن نشأت جامعة الدول العربية كانت انعكاساً في تأسيسها لتلك الهيمنة إن لم يكن بقرار منها.
و إذا كانت الأقطار العربية الآن قد حافظت على استقلالها السياسي الشكلي في معظمه ، و إذا كانت قد طورت اقتصادها وفق أسس رأسمالية واضحة ، فإنها ما زالت مجتمعات رأسمالية مشوهة, بل إن تطورها الرأسمالي لم يصب في مجرى تطوير أسواقها الداخلية المفتتة بقدر ما ربطها أكثر من ذي قبل بالسوق الرأسمالية العالمية ، و لذلك تخلفت عملية تكوين السوق القومية العربية حتى الآن ، و تخلفت القضية القومية العربية بأسرها، ولم تعد قضية الهوية العربية (الوطنية والقومية) مطروحة بقوة على جدول هموم وتطلعات الشعوب العربية أو في مشاعرها العفوية وأحاسيسها ، بل أصبحت مطروحة وموزعة بين قيم الاستسلام واليأس واللامبالاة ، وبين الهوية الدينية العفوية التي تأثرت بظاهرة " الاسلام السياسي" وهنا لابد أن نشير إلى أن بقاء الأوضاع العربية (السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية) على هذه الحالة من التبعية والخضوع للشروط الامبريالية الصهيونية ، فلا مناص من احتمال تزايد انتشار ذهنية العبيد في أوساط الجماهير الشعبية تمهيداً ، فهل تبادر قوى اليسار القومي إلى حالة من اليقظة والاستنهاض – السياسي والمعرفي والمجتمعي والتنظيمي – لكي تتحمل مسئولياتها وصنع مستقبل شعوبها قبل فوات الأوان ؟ .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *