مقالات من غزة من تحت الحصار*** غازي الصوراني :المسار التاريخي للتفكك والتراجع العربي الرسمي......
غازي الصوراني _ المسار التاريخي للتفكك والتراجع العربي الرسمي......
_ إن الوضع الراهن ، الذي تعيشه شعوبنا العربية ، لم يكن ممكناً تحققه بعيداً عن عوامل التفكك و الهبوط التي بدأت في التراكم منذ انهيار الوحدة العربية بين مصر و سوريا في أيلول 1961 ، و تطورت بعد هزيمة حزيران 1967 ، و تعمقت و امتدت بعد كامب ديفيد 1979 إلى اليوم ، لدرجة أن الستة عقود الماضية حملت معها صوراً من التراجع لم تعرف جماهيرنا -في كل بلداننا في المشرق والمغرب- مثيلاً لها في كل تاريخها الحديث ، فبدلاً مما كان يتمتع به العديد من بلدان الوطن العربي في الستينات من إمكانات للتحرر و النهوض الوطني و القومي ، تحول هذا الوطن بدوله العديدة و سكانه إلى رقم كبير –يعج بحركات وجماعات الاسلام السياسي بمختلف مسمياتها ويعج بالصراعات الطائفية الدموية والاثنية وبالنزاعات الداخلية و العداء بين دوله المفككة او الضعيفىة- ، لا يحسب له حساب أو دور يذكر في المعادلات الدولية ، و تحولت معظم أنظمته و حكوماته إلى أدوات للقوى المعادية، فيما أصبح ما تبقى منها عاجزاً عن الحركة و الفعل و المواجهة ، في إطار عام من التبعية على تنوع درجاتها وأشكالها السياسية و الاقتصادية و التكنولوجية والثقافية و السيكولوجية ، من خلال النمو السرطاني للتحالف البيروقراطي والكمبرادوري في مجمل بلداننا في المشرق والمغرب ، في ظروف فقدت فيها القوى و الأحزاب الديمقراطية الوطنية و القومية و اليسارية قدرتها –لأسباب ذاتية و موضوعية- على الحركة و النشاط و النمو، و تراجع دورها في التأثير على الناس أو على الأحداث من حولها .
و في مقابل هذا التراجع الرسمي العربي تتبدى هيمنة العدو الصهيوني بصورة غير مسبوقة، لم يستطع تحقيقها في كل حروبه السابقة مع العرب ، إلى جانب عمليات الترويض الأمريكي للأنظمة العربية الحاكمة، في السياسة و الاقتصاد و الفكر و الثقافة التي لم تنجح في تغيير الموازين و المعايير العسكرية و السياسية في الصراع العربي –الصهيوني لصالح إسرائيل فحسب ، بل نجحت في تغيير أسس ما يسمى بعملية التفاوض او المهادنة إلى الدرجة التي يجري التعامل معها الآن على قاعدة أن يعترف العدو الإسرائيلي بحقوق الشعب الفلسطيني وليس العكس .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق