بيان الجمعية المغربية لحقوق الانسان بمناسبة اليوم الدولي للمهاجرين، 18 دجنبر 2023
بيان الجمعية المغربية لحقوق الانسان بمناسبة
اليوم الدولي للمهاجرين، 18 دجنبر 2023
يخلد العالم ومعه الحركة الحقوقية والديمقراطية اليوم الدولي للمهاجرين الذي يصادف 18 دجنبر من كل سنة، والذي حددته الأمم المتحدة من أجل الاعتراف بأهمية مساهمات المهاجرات والمهاجرين، مع تسليط الضوء بالخصوص على التحديات والمخاطر التي يواجهونها، حيث يعتبرون من بين الفئات الأكثر ضعفا وتهميشا في المجتمعات، وأثبتوا أنهم مصدر للازدهار والابتكار والتنمية في بلدان المنشأ والعبور والبلدان المستقبلة لهم.
ويحيي العالم، اليوم الدولي للمهاجرين هذه السنة، في ظروف تتسم على الخصوص بحرب الإبادة والمجازر وجرائم الحرب التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية وكل الأراضي المحتلة بشراكة كاملة من الإمبريالية الأمريكية التي تدعم هذا الكيان ليس بالمال والسلاح فحسب، ولكن كذلك بالغطاء الأممي باستعمال حق النقض الفيتو الذي تستعمله من أجل تعطيل مجلس الأمن في اتخاذ قرار وقف الحرب وإنهاء معاناة ملايين الفلسطينيين الذين احتلت أرضهم منذ أكثر من 75 سنة. وليس صدفة أن أكثر من 12 مليون لاجئ فلسطيني مجبرون على العيش خارج بلدهم بعد اجتثاثهم وطردهم خارجها.
ففي عالم يهيمن فيه العنفُ والنزاعات والحروب، ويتسم بتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للعديد من البلدان، بسبب الاستغلال البشع لأراضيهم ونهب خيراتهم وثرواتهم، وجراء كذلك الانتهاك الصارخ لحق الشعوب في تقرير مصيرها وسيادتها على مقدراتها ومواردها، من قبل الدوائر المالية الرأسمالية والقوى الامبريالية المتحالفة مع الأنظمة الرجعية والاستبدادية، يضطر ملايين الأفراد، أكثر من نصفهم من الأطفال، إلى محاولة الهجرة إلى بلدان أخرى، خاصة نحو أوروبا عبر البحر المتوسط؛ إلا أن نقص الإمكانات وغياب الطرق الآمنة يضع نهايات مأساوية للمئات منهم، ممن يسلكون تلك الطرق، سنويا ويفرض على الكثيرين منهم اللجوء إلى المهربين وتجار البشر والطرق غير الرسمية الخطرة التي تعرض سلامتهم لأخطار هائلة.، حيث يفقد في هذه الرحلات المحفوفة بالمخاطر أعداد منهم حياتهم، ويتعرض عدد كبير منهم للمعاملة السيئة والمهينة والابتزاز والعنف الجنسي.
فحسب الأمم المتحدة، أكثر من186 ألف مهاجرة ومهاجر عبروا البحر المتوسط إلى أوربا منذ بداية هاته السنة، في حين أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن أكثر من 2500 قتلوا أو فقدوا. ويبقى هذا الرقم أقل بكثير من الرقم الحقيقي للقتلى والمفقودين بسبب نقص التوثيق والإنقاذ من طرف الدول الأوربية. كما أن هناك أيضا، حسب المفوضية، الكثير من الأرواح تزهق على البر بعيدا عن أنظار الرأي العام، حيث تعتبر الرحلة من غرب أو شرق إفريقيا والقرن الإفريقي من أخطر الرحلات في العالم يواجه خلالها المهاجرات والمهاجرون من إفريقيا جنوب الصحراء انتهاكات خطيرة لحقوقهم بما فيها الحق المقدس في الحياة.
ويحل اليوم الدولي للمهاجرين هذا العام كذلك في ظل تصاعد اليمين واليمين المتطرف المعروف بكراهيته للأجانب والضغط على الاتحاد الأوربي والدول الأعضاء من أجل اتخاذ إجراءات أكثر تشددا اتجاه المهاجرات والمهاجرين لا تأخذ بعين الاعتبار المعاناة الإنسانية لطالبي اللجوء والتزاماتهم الدولية، وإغفال الأسباب الحقيقية للهجرة والمتسببين فيها وعلى رأسها تغير المناخ والأزمات السياسية والاقتصادية والحروب، حيث يتم إعادة ترحيل الكثير منهم إلى بلدانهم الأصلية رغم أنها ليست آمنة. كما أن المقاربة الأمنية من خلال تشديد الحراسة في عرض البحر، تؤدي في كثير من الأحيان إلى غرق بعض القوارب. بالإضافة إلى اعتمادها على سياسات انتقائية للهجرة مما يتسبب في نزيف الكفاءات البشرية من الدول الفقيرة.
ومن ناحية أخرى، فإن سياسات دول الاتحاد الاوربي في مجال الهجرة واللجوء، طالت كذلك حقوق المواطنين المغاربة طالبي اللجوء عندما صنف بعض أعضائه المغرب ضمن ما يسمى بالدول "الآمنة"، والذي بموجبه يتم ارجاعهم إلى البلد، في الوقت الذي يعاني فيه المجتمع المدني من الحصار والمنع، ويعاني فيه العديد من المواطنات والمواطنين من التضييق على حرياتهم الفردية والجماعية، أو يتعرضون للمضايقة بسبب معتقداتهم الدينية او توجهاتهم الجنسية المختلفة.
وفي بلادنا تخلد الحركة الحقوقية المغربية اليوم الدولي للمهاجرين، فيما تستمر الدولة في انتهاكها لحقوق المهاجرات والمهاجرين خاصة من إفريقيا جنوب الصحراء في خرق سافر للمواثيق الدولية وعلى رأسها اتفاقية حماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم التي صادقت عليها الدولة المغربية؛ إذ لا زالت متمادية في عدم تغيير القانون 02/03 الخاص بالهجرة، وحرمان المعنيين من الضمانات اللازمة لحماية حقوقهم الأساسية؛ سواء على المستوى التشريعي، أو على مستوى الواقع، ولا توفر لهم/ن الحماية اللازمة.
وبعد مرور عام ونصف على مجزرة باريو تشينو على الحدود بين الناظور ومليلية المحتلة والتي راح ضحيتها أكثر من 27 ضحية من طالبي اللجوء، ناهيك عن المفقودين وما طال عائلاتهم من معاناة وصلت حد التنقل في ظروف صعبة من السودان إلى المغرب للبحث عن أبنائها. وتسجل الجمعية بإيجابية دعوة الجمعية من طرف السلطات المغربية، حول الشكاية المتعلقة بالسودانيين المفقودين عل اثر هاته المجزرة المروعة...
ومن جهة أخرى فإن ملف المفقودات والمفقودين المغاربة أصبح يتضخم يوما بعد يوم وتزداد معه معاناة الأسر التي تجهل مصير بناتها وأبنائها وأقربائها في ظل تجاهل وصمت السلطات المغربية التي لا تتجاوب لا مع نداءات هاته الأسر المكلومة ولا مع المراسلات التي ما فتئت الجمعية توجهها للمسؤولين المغاربة خاصة مصالح وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج دون أن تلقى منهم أي رد في غالب الأحيان.
إن المكتب المركزي إذ يؤكد على أن حماية المهاجرات والمهاجرات واحترام حقوقهم الأساسية، هو واجب والتزام دولي وإنساني يجب على جميع الدول التقيد به، ومعالجة قضايا الهجرة بعيدا عن المقاربة الأمنية الصرفة، التي لم تنتج عنها سوى المآسي،
يطالب ب:
- احترام الحقوق الأساسية للمهاجرين /ات بما فيها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وحقهم في التنقل وحمايتهم من كل أشكال العنف والتمييز والعنصرية التي يتعرضون لها؛
- الإسراع باعتماد قانون للهجرة يتلاءم مع الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، ويضع حدا لتجريم الهجرة عبر النظامية، وقانون آخر يتعلق باللجوء وشروط منحه؛
- وضع حد لكل أشكال النهب والاستغلال لثروات الشعوب ومعالجة إشكالات الهجرة واللجوء المرتبطة أساسا بضرورة سيادة الديمقراطية وحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها كونيا، وبالقطع مع الأساليب الجديدة والقديمة للاستعمار والهيمنة؛
- العمل على إجراء تحقيقات نزيهة ومستقلة في كل الجرائم والانتهاكات الجسيمة لحقوق المهاجرين وطالبي اللجوء، ونشر تقارير التحقيقات للعموم، بما فيها التقرير المتعلق بأعمال القتل والعنف التي تعرضوا لها يوم 24 يونيو 2022، وتقديم جميع المسؤولين عن هذه الانتهاكات إلى العدالة، وجبر الضرر للضحايا وأفراد أسرهم؛
- التوقف عن إرجاع المهاجرات والمهاجرين إلى بلدانهم الأصلية سواء من طرف المغرب أو الدول الأوربية التي غادروها بحثا عن إمكانيات العيش الكريم والأمان والتمتع بحقوقهم الإنسانية؛
- معالجة ملف المفقودات والمفقودين المغاربة بما يمكن العائلات المكلومة من معرفة مصير قريباتهم وأقربائهم وتمكينهم من كل المعلومات التي تخصهم ودعمهم في محنتهم؛
- -تبني سياسة للهجرة واللجوء تعتمد المقاربة الإنسانية والحقوقية، بعيدا عن الاستغلال السياسوي لهذا الملف من أجل الحصول على امتيازات أو مصالح انتهازية، ووقف تجريم الهجرة واللجوء والتضييق على المدافعات والمدافعين عن حقوق المهاجرين/ات واللاجئين/ات؛
- إنهاء احتجاز الأطفال الذين يسعون للحصول على اللجوء أو الهجرة، وتمكينهم من الوصول للخدمات الصحية والدراسية.
المكتب المركزي
18 دجنبر 2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق