جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

الصوراني يخترق جدار الخزان ....من دراسة النظرية الثورية إلى توطينها

 

الصوراني يخترق جدار الخزان ....من دراسة النظرية الثورية إلى توطينها

لا حركة ثورية دون نظرية ثورية ولا نظرية ثورية دون جذور تاريخية ، من هنا انطلق المفكر والباحث الفلسطيني غازي الصوراني منهج بحثه وإنجاز دراساته التي استجمعها خلال أربعة عشر مجلداً تشكل قيمة علمية ونظرية ونهج ثوري لكل القوى الوطنية التقدمية في الوطن العربي، ويعطي للنظرية الثورية العالمية بعدها الأممي وعمقها العربي، ليكون بذلك من القلائل الذين ساهموا في توطين النظرية الثورية العالمية وكسا الماركسية اللينينية بالثوب العربي.

لقد حاول الصوراني وعبر دراساته التي جمعها بأربعة عشر مجلداً ، تقديم الإجابات وأحيانا الحلول للعديد من القضايا المفصلية النظرية منها والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية ، في ظل تراجع واضح لدور اليسار العالمي والعربي على وجه الخصوص بعيداً عن براغماتية بعض الأحزاب الشيوعية العربية وديماغوجية بعضها الآخر مستندا إلى الرؤية العلمية الناضجة التي صاغها هيجل وطورها وعدل مسارها ماركس وانجلز وطبقها بشكل خلاق فلاديمير لينين….

ليمتلك الرفيق ابوجمال بذلك أدوات التحليل المنهجية السليمة في رؤيته للواقع العربي عامة والفلسطيني بوجه خاص ، تلك الأدوات التي ظهرت في طرق البحث والتحليل لهذه الدراسات.

نظرياً: للصوراني العديد من الدراسات والأبحاث الفكرية تناولت مفهوم تطور المجتمع المدني ،وتطور المعرفة وتاريخ الفلسفة والفكر البشري ،والماركسية والدين والعلمانية والديموقراطية، والتطور الفلسفي لمفهوم الأخلاق.

أما على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي ، فقد أصدر عدداً من الكتب الهامة حول المجتمع الفلسطيني تناولت "التحولات الاجتماعية والطبقية في الضفة الغربية وقطاع غزة" ، وكتاب " محاضرات في التنمية والمقاومة " اصدار برنامج دراسات التنمية/ جامعة بير زيت ، وكتابه حول "المشهد السياسي والاقتصادي والمجتمعي في فلسطين في إطار الوضعين العالمي والعربي" ، وكتاب "قطاع غزة بين الأعوام 1948 و 1993 "ودراسات حول الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الضفة الغربية وقطاع غزة ناقش فيها التطور الطبقي للمجتمع الفلسطيني ، وأصدر كتابا هاما بعنوان "اقتصاد قطاع غزة تحت الحصار والانقسام" بين فيها حجم التشوهات التي لحقت بالاقتصاد الفلسطيني والعديد من الندوات والمحاضرات التي تناولت التنمية والحلول الممكنة والمتاحة لتطور الاقتصاد الفلسطيني.

على الصعيد السياسي للصوراني كم كبير من الدراسات والمحاضرات والندوات الموثقة تناولت تطور القضية الفلسطينية منذ النكبة ، حيث قام مركز " باحث " في بيروت بإصدار كتابه " فلسطين وحق العودة " ، الى جانب العديد من الدراسات حول الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني في فلسطين والارتباط العضوي بين القضية الفلسطينية والأمة العربية.

ولعل أهم ما انجزه الصوراني ما تضمنته المجلدات 12و13و14 والصادرة بين الأعوام 2020 و2023 والتي قدم لها الاعلام والمناضلون العرب : المؤرخ عبد القادر ياسين والمفكر الماركسي القومي الدكتور هشام غصيب والأمين العام للحزب الاشتراكي المصري ألمناضل المصري احمد بهاء شعبان ، تلك المجلدات التي تواصلت منهجيا ومعرفيا مع ما سبقها ، وأظهرت بشكل جلي تطور منهجية البحث وامتلاك أدوات التحليل العلمي المستند للنظرية الثورية العالمية ، الماركسية اللينينية ، وهذا نابع في تقديري للتجربة النضالية للصوراني منذ سبعينات القرن الماضي والتحاقه مبكرا بحركة القوميين العرب ومن ثمة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي شغل فيها عضوية المكتب السياسي وقربه للدكتور جورج حبش الذي تمييز بفهمه العلمي الثوري للعلاقة بين القضية الوطنية والقضية القومية وإن الأمة العربية تشكل عمق القضية الفلسطينية.

لقد نجح غازي الصوراني وعبر دراساته المتسلسلة ان يخرج من بوتقة القوالب النظرية الجاهزة والتبعية للمركز ابان حقبة الاتحاد السوفيتي والتي ميزت معظم الأحزاب الشيوعية العربية ، وصاغ في تحليله العميق لتطور المجتمع الفلسطيني والقضية الفلسطينية عبر رؤيه ملتزمة بالمنظور الطبقي الماركسي ، تجلت بقناعته بضرورة تطويع النظرية لفهم الواقع الفلسطيني والعربي وليس إسقاط النظرية على الواقع من جهة وان الصراع الفلسطيني الصهيوني والعربي والعربي الصهيوني تربطه علاقة جدلية غير قابلة للانفكاك لأن العدو الصهيوني يستهدف تدمير مقدرات هذه الأمة وليس فلسطين وحسب ، وهذا ظهر جليا في المحاولات والمشاريع العديدة للتطبيع بين الكيان الصهيوني والأنظمة العربية ، ولعل كتابه الأخير : " التحالف الصهيوني : اليميني العلماني واليميني الديني المتطرف في حكومة نتنياهو وأثره على القضية الفلسطينية " ، كشف بكل وضوح عمق وفهم الصوراني لطبيعة الصراع العربي الصهيوني وضرورة امتلاك الأدوات النضالية الضرورية لتحرير فلسطين من الكيان الاحلالي العنصري وإن فلسطين وحركتها الثورية هي بوصلة النضال العالمي ، وان لهذا الصراع مميزاته وخصوصيته والتي تفرض شكل النضال ضد الوجود الصهيوني ، وهذا بالضبط ما دفعني للقول ان الصوراني كسا النظرية الثورية ثوبا عربيا مسجلا بذلك – مع عدد من المفكرين الماركسيين القوميين العرب -موقعا هاما بين تجارب الشعوب العالمية

لقد وجه الصوراني وعبر كتاباته المتعددة الأنظار إلى ماهية الأزمة التي يعيشها اليسار العربي ، ودعا إلى ضرورة إعادة صياغة مفهوم ورؤية خاصة لكافة أحزاب هذا اليسار مستندة ومستلهمة تجارب الشعوب المناضلة واعادة دراسة واقع الأمة العربية وازماتها والخروج بصغية نضالية ثورية تلامس واقعنا العربي ، واعادة استنهاص قوى التحرر العربي ضمن أسس ومعايير تتوائم مع حجم التحديات التي نواجهها واعادة بناء منظومة علاقات جديدة تضع هذه الأمة ضمن المنظومة العالمية التي تجهز لها الحرب الروسية الاوكرانيه والتي تدفع العالم نحو إعادة الاصطفاف من جديد عبر القطبية المتعددة.

أخيراً أود التأكيد على ضرورة دراسة ما انجزه الصديق الرفيق الصوراني عبر تاريخ طويل من النضال والبحث امتد طوال ما يزيد عن خمسة وخمسون عاماً من عمره ، لتكون إضاءة هامة في امتلاك الوعي النظري لما يدور حولنا وهي اضاءة سياسية معرفية ومجتمعية تجسدت من خلال ما يزيد عن ثلاثين كتابا يسعدني ان اقدم للقراء الأعزاء كشفا تفصيليا بها .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *