جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

المسألة القومية العربية من وجهة نظر المفكر الماركسي القومي الراحل ياسين الحافظ.............

 المسألة القومية العربية من وجهة نظر المفكر الماركسي القومي الراحل ياسين الحافظ.............

من المعروف أن المفكر الراحل ياسين الحافظ أمسك بمفهوم التأخر التاريخي للمجتمع العربي، الذي يتجلى سياسيا بغياب الرأي العام وبكونه صاغرا وعزوفا، ويتجلى اقتصاديا بكون الاقتصاد العربي مندلقا نحو الخارج وتابعا، ويتجلى اجتماعيا بسيطرة بنى اجتماعية ما قبل قومية (طائفية، عشائرية، عائلية، محلية..)، ويتجلى فكريا بسيطرة فكر تقليدي تمتد جذوره إلى العصر الوسيط. لذلك فهو ينتقل من نقد "السطح السياسي" إلى نقد "العمق الاجتماعي" الذي يصوغ الحيز السياسي ويفرزه.
وفي هذا السياق انتقد الايديولوجيا المهزومة "التقليدوية الجديدة" التي توهمت إمكانية دخول العصر يتجنب الثورة القومية الديمقراطية "المنظور النهضوي" والقفز إلى تبني "المنظور التنموي"، فقال: "ما من شعب حقق تقدما اقتصاديا دون أن يكون قد حقق تقدما مجتمعيا وثقافيا وسياسيا".
لقد كان الحافظ رائدا في التقاط عوامل هزيمة المشروع القومي العربي، حين استعاد الإشكالية المركزية للنهضة عبر سؤال "التأخر"، باعتباره ليس تخلفا اقتصاديا يمكن تجاوزه عبر التنمية، وليس مسألة فقدان أصالة الذات التاريخية التي زلزلت موضوعيا أمام التوسع الكولونيالي، بل المسألة تكمن في التأخر كفوات حضاري يشمل كل بنى المجتمع العربي.
تساءل الحافظ: لماذا أسقطت الماركسية العربية المؤسسية مقولة التاخر، ولماذا كرست المنظومات التنموية؟
‌أ. لأنها "كررت ببغائيا مقولات الماركسية السوفياتية"، التي تجهل بالطبع المشكلات العيانية العربية من جهة، ومن جهة أخرى لأن الماركسية السوفياتية فرضت عليها إشكاليات وهموما لا تمت بصلة إلى الواقع العربي.
‌ب. لأنها أسقطت البعد التاريخي للواقع العربي، مما جعلها تضع جانبا مقولات "الاستبداد الشرقي" الماركسية، هذه المقولات التي تقدم أدوات وعي مناسب بجوانب الضعف والقصور، المكونة عبر التاريخ في المجتمع العربي، وتدفع بالتالي إلى التأكيد على المكانة المركزية التي للثورة القومية الديمقراطية في تقدم المجتمع العربي.
‌ج. لأنها "اقتصادوية"، وهذا ما جعلها تنكر الأبعاد المجتمعية والايديولوجية والسياسية التي للتأخر العربي، فعجزت عن التقاط تأثيراتها السلبية، بل الكابحة، على محاولات التنمية التي شهدها العالم العربي في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
ولم يكتف الحافظ بتوجيه النقد إلى الشيوعية العربية، بل أبدى طموحه إلى امتلاك الماركسية امتلاكا وطنيا، وقوميا، وتاريخيا، وكونيا، فكانت ترسيمته النظرية عن "الوعي المطابق"، أي المطابق للواقع والمناسب للهدف المرسوم. لذلك اعتبر الماركسية هي الفكر الغربي الوحيد الذي يمكن للمثقف الوطني في "العالم الثالث" أن ينتظم في منهجيته النظرية والمعرفية، دون ان توضع هويته الوطنية أمام سؤال (الأنا والآخر) نظرا لما مثلته الماركسية من فكر نقدي انشقاقي على تراث الرأسمالية وأطماعها التوسعية. أي أنها الفكر الغربي الذي يتيح لمثقف البلدان المتأخرة أن يكون وطنيا بحق، بالدرجة ذاتها الذي يكون فيها كونيا، أي عقلانيا وديمقراطيا، إنسانا يعيش ليس بجسده فقط في حاضر العصر، بل يعيش بعقله مستقبله أيضا، بدون استسلام أو إلحاق واستتباع.
وفي سياق محاولته "تعريب الماركسية" أعلن انتظامه في منهجية عدد من المفكرين الماركسيين، خاصة غرامشي (Gramsci) ولوكاش (Lukacs)، إضافة إلى توظيفه عقلانية ماكس فيبر (Weber) الليبرالية المضادة للماركسية، في خطابه النظري للانتقال من الوعي الامتثالي إلى الوعي النقدي، ومن الوعي الايديولوجي إلى الوعي المطابق.
كما رأى الحافظ أن الماركسية، بعقلانيتها النقدية وميراثها التنويري، قادرة على تغطية الفجوة التاريخية المتمثلة بانعدام فرص تكون طبقة بورجوازية في بلداننا. ذلك أن المستوى التاريخي من "الوعي المطابق" يعلم أن الاشتراكية لا يمكن أن تُبنى على أرضية ومفاهيم ومناهج تقليدية ووسطوية، بل فقط على أرضية ليبرالية.
لقد كان طموح الحافظ لإدراج الماركسية في البنية التكوينية للثقافة العربية وطموحه إلى "تعريبها" سابقا لتطور منظومته المعرفية ونضجها النظري والمفاهيمي، بل هو نتاج سيرورة تجربته وممارسته الفكرية والسياسية، وهذه العملية المزدوجة كانت تقتضي فهما جديدا للماركسية، صاغه الحافظ بهدف التأسيس لممكنات نظرية ليسار عربي جديد منذ الستينات، وبلور مفاهيمه ومعطياته في السبعينات في ثلاث نقاط رئيسية هي:
‌أ. تعريف الماركسية، لأن إشكالات الواقع العربي لا تجد لها حلا في الموضوعات الماركسية الكلاسيكية، فلا بد لعملية "تعريب الماركسية" من الانفتاح الدائم على الواقع العربي الملموس، حيث ننفي وجود نظرية جاهزة ونهائية.
‌ب. علمية وعلمانية الماركسية، إذ أن الانطلاق من الواقع، واعتبار الحقيقة دائما ثورية كامنة في بنية وعي الحافظ، ولذا فهو منذ الستينات يتنبه إلى خصوصيات الواقع العربي (خاصة التخلف الثقافي)، وعليه فإنها تتطلب الجانب العلمي والعلماني من الماركسية للاستجابة لحاجاته للتقدم.. وقد شدد الحافظ على خصوصية المجتمع العربي، بوصفه أشد حاجة لهذه العلمية والعلمانية "لأنه لم يعش المرحلة الديمقراطية البورجوازية على الصعيد – الفكري والثقافي". وقد تعمق فهمه لهذه المسألة بعد خيبته بالمشروع القومي التقدمي، وبعد استفادته من تاريخانية المفكر المغربي عبد الله العروي، وبداية إلحاحه على مسألة التآخر، وتهافت التفسير الطبقوي للقوى التي صنعت الهزيمة والأيديولوجيا المهزومة، ليبدأ السؤال المرير: أي ثورات صنعنا؟ وأي اشتراكيات بنينا؟
‌ج. ثورية الماركسية ورفض الإصلاحية اليمينية، وهنا يشير إلى تمييز الماركسية بين إصلاحيتين: ثورية، وهي التي تنتزع من الرجعية قسما من قواها ومواقعها تمهد لتقويض سلطتها. ورجعية، تصبح في خدمة الرجعية عندما لا تزعزع سلطتها ونفوذها.
وهكذا فإن "تعريب الماركسية" يتحقق عبر عملية اندماجها بإشكاليات الواقع العربي المعاش، وبتواصلها مع حركة الجماهير العربية ومطامحها.
ثانياً: أولوية الفكري والسياسي، وكان ذلك ثمرة تطور وعي الحافظ باتجاه امتلاك قانون "حكم الواقع"، كبديل عن قانون "حكم القيمة"، مما أتاح له إنتاج وعي مطابق لواقع المجتمعات المتأخرة التي يسبق فيها الايديولوجي مجمل العناصر التكوينية لوجودها، وهو بذلك اذ يتفق مع عبد الله العروي وسمير امين وماكس فيبر، بأولوية الايديولوجي في مجتمعات التأخر، مما أتاح له تفكيك المنظومات الساكنة، الإيمانية، التقليدية للماركسيات العربية في صورتها الحزبية المؤسساتية.
ثالثاً: توصيف المجتمع العربي، فخلافا للمنطق القومي العربي التقليدي وللمنطق الماركساوي العربي المسفيت، ينطلق الحافظ من أن الأقطار العربية متفاوتة، لا من حيث حجمها ومستوى تطورها الاجتماعي والاقتصادي والحضاري فحسب، بل متباينة أيضا من حيث مكوناتها التاريخية، ومن حيث بنية المجتمع ومدى تلاحمه، ومن حيث عمق الترضيض والحضور الامبرياليين، وبالتالي من حيث إمكانات التقدم ومدى نضوج النزوع الوحدوي. فالعالم العربي فيه ما يمايز وما يماثل، ما ينبذ وما يحفز، فيه المتأخر جدا والمتأخر والأقل تأخرا (ولكن ليس فيه ما هو متقدم البتة، فالعالم العربي كله عالم مفوت) وفيه الفقر الذي يقترب من التسول والغنى الذي يذكر بالأسطورة القارونية: "إن هذا الوطن – العالم سيجد في الوحدة العربية، لا طرق الحفاظ على وجوده فحسب، بل الأرضية الملائمة لتقدمه".
ومن الخصوصيات العربية التي ركز عليها الحافظ هي السياق التاريخي الذي تشكلت فيه الهوية العربية، إضافة إلى خصوصية أخرى هي نمط "الاستبداد الشرقي" الذي يشكل امتدادا للمخزون الثقافي الجمعي، الذي يحكم اللاشعور المعرفي للمجتمعات التي تحكم الايديولوجيا سيرورة تشكلها وتطورها، وحيث أن الايديولوجي والسياسي في المجتمعات المحيطية كالمجتمع العربي، ما يزال يلعب دورا وازنا تارة وحاسما تارة أخرى.
إن هذه الخصوصيات الثقافية التي كانت امتيازا تاريخيا ساعد الأمة في الحفاظ على كينونة وجودها رغم كل التحديات التي واجهتها، فإنها غدت، من منظور تاريخي، عقبة أمام انتقال المجتمع من مرحلة "المللة الدينية" إلى مرحلة "القومية الحديثة".
رابعاً: التأخر و"الفوات" التاريخي: استخدام الحافظ مصطلح "التأخر" بديلا عن مصطلح "التخلف"، لما ينطوي عليه التأخر من معنى نهضوي أبعد من التخلف كمصطلح تقني – اقتصادي، وقد استخدم مصطلح التأخر كمدخل مفهومي أساسي لتوصيف الواقع العربي، فضلا عن إغناء القاموس النظري والسياسي العربي بمصطلحات ذات دلالات عميقة.
وقد ترتب على مفهومه للتأخر العربي صياغة أخرى رائدة لمصطلح "الفوات" الذي يشرح معناه بأنه: "خارج تسلسل وتاريخ الأحداث"، ويدفع به ليتمفصل في السياق الثقافي والاجتماعي التاريخي العربي، وذلك بان: "الشعوب التي تعيش حالة الفوات هي التي يشكل وجودها في عصر معين ضربا من غلطة تاريخية أو مفارقة تاريخية ، باعتبار أنها تعيش في مرحلة تخطتها شعوب أخرى.. الشعوب المفوتة هي الماضي ملقى على هامش الراهن أو الحاضر، هي التي تعيش في غير عصرها".
لقد اعتبر الحافظ التأخر هو المسألة المركزية في الواقع العربي المعاصر، لذلك انتقد "المنظور التنموي" الذي توهم بإمكانية دخول العصر و"تجنب الثورة القومية الديمقراطية التي دشنت العصر الحديث من خلال قلبها وتصفيتها المجتمع التقليدي القديم، وعبر هذه التصفية أمكنها أن ترسي بنى المجتمع الحديث المجتمعية والأيديولوجية والسياسية وإطلاق قواه الإنتاجية.
إن التأخر العربي العام جعل العقل العربي، حسب ياسين الحافظ، وكأنه: "برميل بلا قعر، لا يجمع ولا يراكم، مع كل صباح نبدأ تجربة جديدة، وننسى تجربة البارحة".
خامساً: الوعي المطابق، أي تملك السياسات العربية الوعي المناسب لحاجات تقدم الأمة العربية وتحررها ووحدتها، وهو لا يمكن أن يتكون إلا على أرضية الحقيقة الواقعية، وليس الحقيقة التي تنطوي عليها النصوص في اكتمالها المنهجي الداخلي الذاتي. وهو ذو ثلاثة مستويات: أولها، هو وعي كوني. وثانيها، هو وعي حديث. وثالثها، هو وعي تاريخي.
ولم يجد الحافظ حرجا في القول بـ:" ان عبد الله العروي، من خلال منهجه التاريخاني، هو الذي أضاء رؤيته للواقع العربي في بعديه الكوني والتاريخي، وبأنه هو صاحب القول من منظور تاريخاني بتكامل الليبرالية مع الماركسية في سياق تاريخية واقع التأخر العربي، رغم تناقضهما في السياق التاريخي العربي".
والواقع أن الليبرالية والاشتراكية، على ما بينهما من تكامل وتناقض، وبخاصة الماركسية، ماركسية ماركس، هما الايديولوجيتان الحديثتان اللتان تقدمان مناهج وأدوات وقيم تسهل امتلاك الوعي الكوني المنشود". وحينئذ لا بد من الإرتقاء من الواقع الأقوامي المفتت إلى الواقع الأموي الذي يحقق الإندماج القومي، وينتج وعيا مواطنيا جديدا يستجيب لصورة الأمة/ الدولة الحديثة، في صيغة وعي قومي – عقلاني- ديمقراطي – علماني- حديث.
أما بالنسبة للمستوى الثاني، أي الوعي الحديث فإنه مستدعى جدليا بالمستوى الأول، فلا يمكن امتلاك وعي مطابق بدون امتلاك الحداثة, أي الوعي الحديث، حيث لا يمكن الامتداد مكانيا في العصر دون الامتداد زمنيا في امتلاك وعي العصر: "في البلدان العربية تجنبت القوى التي تريد نفسها تقدمية التعرض للتقليد ورضيت بحداثة قشرية، توضعت فوق التقليد وعقدت مصالحة مدلسة معه، بل ساهمت في بعث التقليد وتجديده، في حين أن الحداثة والتقليد نقيضان ولا يتصالحان، ذلك أن الأولى تتمحور حول المستقبل في حين أن الثاني يتمحور حول الماضي. وواضح أنه يدعو إلى حداثة مطابقة قادرة على التمفصل في بنية المجتمع العربي للاستجابة إلى حاجات تقدمه، وهي تتجسد في ثلاثة أحداث تاريخية: عصر الأنوار، والثورة الفرنسية، والمجتمع الصناعي، والحركة الاشتراكية المسنودة بجملة من المناهج والقيم.
وهكذا فإن الوعي المطابق لدى ياسين الحافظ هو أولاً، عقل وإعقال للواقع، لا يتم الوصول إليه بداهة بل بالتحليل الدقيق للعناصر والمكونات، في حركتها الجدلية الدائمة، وفي التحليل الأخير هو ليس سوى التقاط الواقع في سيرورته التاريخية، في خط تطورها العام. وهو ثانيا، وعي عقلاني، يعتمد العقل منطلقا ووسيلة، ويستبعد الرؤى المثالية أو الإشراقية. وهو ثالثا، وعي نسبي، لا يدعي الحيازة على الحقيقة المطلقة، إنه وعي يقترب من الواقع يلتقط ظاهراته ويحللها، ومن ثم ينقدها ليصل إلى تكوين تصور مفهومي يعاد اختباره في الممارسة، ويتم تصويبه على أساسها، والمفاهيم لدى الحافظ هي: "توسطات ضرورية تجعل الواقع المتنوع والمعقد جاهزا للوصف والتحليل، وليست أقانيم للعبادة والتقديس، توسطات ضرورية، لكنها ليست الواقع". وهو رابعا، وعي حديث، تكمن أهميته في مجتمع متأخر تشكل الأنماط التقليدية فيه هيمنة وسيادة، ليس على الفئات الرجعية وحسب، بل هي متجذرة أساسا في وعي الكتلة الشعبية الأكثر فقرا، وهذا ما يفاقم تأخرها، ويعيد إنتاج خضوعها للطبقات السائدة من جديد، وهو وعي يجب كسبه باستمرار في معركة دائمة مع الذهنيات والبنى التقليدية، ومع القوى والمؤسسات التي تحرسها من جهة أخرى. وهو خامسا، وعي نقدي في رؤيته لظواهر الوقع، يؤكد على الصحيح، وينقد ويقوم العوج، ويترك الخاطئ، أي إنه وعي يتجاوز نفسه باستمرار. وهو سادسا، وعي تاريخي، يمكن الحكم عليه بمدى مطابقته لحاجات تقدم الواقع، ومدى تمثيله لحركة الضرورة التاريخية، التي تصبح في حال وعيها إحدى صور الحرية، وأحد حدودها. وهو سابعا، تراكمي لا يمكن اكتسابه دفعة واحدة، بل عبر الاستفادة النقدية من التجارب التاريخية، وعبر تصويبه في علاقته بالممارسة.
سادساً: الاشتراكية والمنظور التنموي ونقد التجربة الناصرية: لقد كانت قراءة الحافظ للناصرية في كل مراحل نجاحاتها وإخفاقاتها، وهذا ما يفسر حديثه في سيرته الذاتية: "موقفي من الناصرية: دعم ونقد، ترج ويأس".
سابعاً: هزيمة يونيو/ حزيران 1967: يُعتبر كتاب الحافظ "الهزيمة والأيديولوجيا المهزومة" من أهم المقاربات العربية للهزيمة، ففي تعليقه على لقاء عدد من "المثقفين" تحت اسم" لقاء المفكرين العرب"، وتحت شعار "الإعداد لمعركة التحرير" قال: "لقد عكست مناقشات هذا اللقاء الواقع الفكري المتخلف، السطحي الممزق، الراكد، الذي لم يخترقه العصر ولم يشعر جديا بإنسياب الزمن، وبالتالي فإن المرء ليكتشف في المناقشات جذور الهزيمة في عقولنا اللاعقلانية وفي ثقافتنا، الهجينة، السطحية والمتيبسة".
وفي محاولة منه لوضع اليد على مكمن الخلل، بعيدا عن نظرية المؤامرة التي راجت في العالم العربي، وجد الحافظ أن التكنولوجيا الحديثة بدون قاعها التاريخي المعرفي، العقلاني، الثقافي، وتمازج سيرورات هذه العناصر، ليست إلا حديد "خردة" في اليد الجاهلة. فمشكلة العرب هي القطيعة بين تكنولوجيا الأسلحة الحديثة وقاعها الثقافي العقلاني الحديث.
ثامناً: نقد التيار القومي التقليدي وبلورة قضايا المسألة القومية العربية: إذ رأى أن هذا التيار لا تاريخي، حين لم ير الجذور التاريخية، السابقة للاحتلال الاستعماري، لبعض الكيانات الإقليمية العربية المميزة، ولا مفاعيل الهيمنة الامبريالية وقوانين عملها في العالم العربي. وقد وصف رؤية هذا التيار على النحو التالي: "نحن العرب نشكل أمة واحدة، يجمعنا تاريخ طويل، تربطنا لغة واحدة، نعاني آلاما واحدة، تحركنا آمال واحدة، ينتظرنا مصير مشترك، وما التجزئة سوى صنيع الاستعمار؛ ما دام الأمر كذلك، فمن الطبيعي، بل من الحتمي، مهما راوغ القدر، أن يؤطرنا، بعد زوال الاستعمار ورواسبه، كيان سياسي واحد".
والقومية، بالنسبة لياسين الحافظ، ليست ايديولوجيا، كما حاول الفكر القومي التقليدي أن يصوغ أصالتها من خلال ترجمة هذه الأصالة عن الفكر الألماني "الروح الأزلي الخالد". وهي ليست تجميعا كميا لوحدات وكيانات مجزأة، بل هي عملية تخترق الفرد لتجعل منه مواطنا، وتخترق المجتمع المكسر عموديا في أنساق سوسيولوجية تعود به إلى نظام القرابة الدموية البدوية، لتضعه في أنساق اجتماعية حديثة. والقومية، أخيرا، تحقيق لذات الأمة، بالدرجة نفسها كتحقيق لذاتية الفرد الحر المسؤول امام القوانين، إنها تحقيق لمفهوم سيادة الفرد على مصيره، وسيادة الأمة على مصائرها. وعلى هذا فـ"الأموية"، في فكر الحافظ، ليست شعورا متمحورا حول السيادة القومية إزاء الخارج فقط بل إنها: "شعور ووعي متمحوران حول سيادة الأمة في الداخل، سيادتها على نفسها".
إن المنظور الوحدوي لياسين الحافظ يزن كل تناقضات الواقع العربي، ويستشرف كل سبل الخلاص العربي، أي تلافي التأخر التاريخي المتراكم للشعوب العربية. وفي هذا السياق حدد الميول الجاذبة في السيرورة الوحدوية بثلاثة ميول:
أولها، شعور هؤلاء البشر المتشرين من الخليج إلى المحيط بأنهم ينتمون إلى أمة واحدة ويجمعهم مصير مشترك، ولا شك أن هذا الشعور يتفاوت من حيث عمقه ووضوحه بين قطر وآخر، أو إقليم عربي وآخر، فمثلا ليس من المناسب تجاهل الفجوة التاريخية بين المشرق والمغرب العربيين، التي قامت منذ القرن الثامن الميلادي، حيث أنشئت الدول المغاربية المستقلة عن الدولة العباسية (الأغالبة، الرستميون، الأدارسة، بنو مدرار)، إلى أن جاء الاستعمار الفرنسي فعمل على: "تعميق وتوسيع هذه الفجوة وصياغة غطاء ايديولوجي لها، مارس تأثيرا ضاراً عميقا على صعيد الثقافة في صفوف الأنتلجنسيا المغربية، كما قام بعملية بتر كامل على صعيد الاقتصاد عبر إمكانية إلحاق الطرف المستعمر بالمركز المستعمر"، وفي الوقت نفسه من المغالطة إنكار وزن الرابطة العربية في المغرب العربي.
وثانيهما، يتمثل في العامل الخارجي، أي مفاعيل الهيمنة الإمبريالية وضغوطها ونهبها للشعوب العربية، بما يشحذ النوازع الوحدوية، ويوجه حدها ضد سائر أشكال نفوذها: "إن الإمبريالية قد جزأت الوطن العربي وولدت وحدته من جديد".
وثالثها، يتمثل في النزوع العربي إلى التقدم، إلى دخول العصر، إلى تأكيد الذات.
أما الميول النابذة للسيرورة الوحدوية فقد حددها الحافظ بخمسة:
أولها، التأخر العربي العام.
وثانيها، الهيمنة الإمبريالية ومحاولتها ممارسة ضرب من التجميد للاحتمالات الوحدوية السياسية،
وثالثها، واقع التجزئة والمقاومة التي يبديها والذي: "لا يتمثل فقط بمصالح الأشخاص والفئات الراكبة على بنية سياسية ما قائمة، بل يتمثل أيضاً، وفي كيفية أوزن وأشد تأثيرا، في الأيديولوجيا الإقليمية".
ورابعها، يتمثل في الأيديولوجيات الضمنية أو الصريحة للأقليات الدينية والقومية في العالم العربي، وهي مسألة غير ممتنعة، وبخاصة موقف المواطنين العرب المسيحيين أو موقف الفرق الاسلامية غير السنية: "إن التأكيد على علمانية الحركة القومية العربية ودولة الوحدة العربية والنضال لتطبيقها سيفتح أرحب السبل لحلها بدون تأخير وبجدية". أما مشكل الأقوام غير العربية: "فينبغي أن يحل على أساس مصلحة الوحدة العربية والإندماج القومي العربي".
وخامسها، يتمثل في شخصنة السلطة التي: "أصبحت تظاهرة غالبة في الميدان السياسي العربي"، لأن السلطة المشخصنة: "لا بد أن تستخدم سائر العوامل والعناصر المؤاتية للتجزئة في سبيل تدعيم مواقعها. كما رصد الحافظ عاملين آخرين يشكلان نقطتي ضعف وثغرتين تجعلان السيرورة الوحدوية أكثر صعوبة:
أولهما، افتقار العالم العربي إلى تطور بورجوازي حق.
وثانيهما، ضعف دور القطر العربي – المركز، أو القائد للعملية الوحدوية.
تاسعاً: الدولة الحديثة، وهي تندرج ضمن رؤية ياسين الحافظ للثورة القومية الديمقراطية، بما تنطوي عليه من إمكانية امتلاك وعي مناسب بالواقع، ووعي مطابق لحاجات التقدم العربي. لهذه الأسباب فإن دعوته إلى الدولة الحديثة تمثل استجابة لحاجة الواقع العربي إلى تجاوز فواته التاريخي، حيث يبدأ ذلك بتحديث السياسة بـ"الديمقراطية" وتحديث الثقافة بـ"العلمانية" و"العقلانية"، وفي ذلك يقول: "الديمقراطية لا يمكن أن تؤجل أو تقنن، ولا توضع على الرف اليوم بزعم ممارستها غدا عند النضج، فالنضج السياسي وليد الممارسة الديمقراطية بالدرجة الأولى، فالديمقراطية اليوم هي أمر لا بد منه للديمقراطية غدا، لأن ممارسة الديمقراطية على نحو ناضج مسؤول ومنضبط، لا يمكن أن يتهيأ إلا بالممارسة الدائمة، فلكي نتعلم السباحة غدا، يجب أن نمارسها اليوم".
أما العلمانية، فهي تحضر لدى المفكر الراحل ياسين الحافظ بمثابتها منظومة متكاملة، تستدعي جميع ميزات التجربة التاريخية للأمة: معرفيا، واجتماعيا، وسياسيا. فهي على المستوى المعرفي معادل للعقلانية، فهي: "تؤمن بالاكتشاف التدريجي للحقيقة سواء في الطبيعة أم بالمجتمع، بواسطة العقل وحده تحت رقابة التجربة. وبدون هذه العقلانية ما كان للعلوم أن تتقدم هذا التقدم المذهل، وبالتالي لا يمكن للعلم أن يتقدم في مجتمع يرفض هذه العقلانية. فالعلمنة إذن إحدى التظاهرات الفرعية لعملية عقلنة المجتمع.
وهنا نلاحظ أن التلازم الذي طرحه بين القومية الحديثة والعلمانية، لم يتوقف عند حدود السطح السياسي، والترسيمات المحدودة عن "فصل الدين عن السياسة" بل استعاد المنظور المعرفي دوره، بوصفه أساسا جوهريا لبناء الدولة القومية الحديثة، وهكذا توصل الحافظ إلى منظومته الفكرية بعد ممارسة النقد للاديولوجيا على مستويين:
أولهما، نقد الأيديولوجيا التقليدية السائدة في المجتمع، هذه الأيديولوجيا المفوتة التي تكرس روح الامتثال والعزوف، وتحول المجتمع إلى كتلة هامدة خارج أسوار العصر وتفاعلاته، هذه الأيديولوجيا هي التي تحدد موقف الإنسان العربي من (الشغل، المرأة، الطبيعة، الوقت.. إلخ)، وهي التعبير الفكري عن التأخر التاريخي العربي.
وثانيهما، نقد أيديولوجيا الانتلجنسيا العربية، إذ رأى أنها أيديولوجيا مستلبة بسبب كونها إما أيديولوجيا سلفية أو أيديولوجيا اغترابية. وفي تناوله لهذا المستوى ميز الحافظ بين محاولتي نهضة شهدهما العالم العربي: الأولى، التي قادها محمد علي باشا، والتي حمل جيلها أيديولوجيا "تقليدية" . والثانية، التي مثلتها وقادتها التجربة الناصرية، والتي حمل جيلها أيديولوجيا "تقليدية جديدة"، لم تشكل تجاوزا بالمعنى التاريخي للأيديولوجيا التقليدية.
لقد ميز الحافظ ثلاثة تيارات رئيسية:
‌أ. تيار إسلامي ، تراثي، سلفي: "يكره الحاضر، ويرى بخوف إلى المستقبل ، ويتطلع بشوق وحنين وتقديس إلى الماضي".
‌ب. تيار قومي أو "قوماوي": "قومي في أهدافه، شبه عصري في نواياه وشبه تقليدي في واقعه، وتلفيقي في منهجه.. تحت وطأة العصر وإذلاله أصبح يرنوا إلى هذا العصر، ولكن ثقل رواسب الماضي يجعل سعيه إلى ولوج العصر أشبه بسعي المهربين، إذ يريد الدخول إلى العصر خلسة عن أعين الماضي أو بمباركة منه". (البعث).
‌ج. ماركسي أو "ماركساوي": بقي هامشيا ولم يستطع الإنغراس في متن الأمة، وذلك نتيجة نهجه الدوغمائي واغترابه كوعي، وافتقاره إلى عمق ثقافي وبعد تاريخي.
اهم المنطلقات التي باتت بحاجة إلى المراجعة والمناقشة وإعادة الصياغة على طريق النهوض :
أولاً: إشكالية النهضة الوطنية والقومية العربية المعبرة عن طموحات ومصالح العمال والفلاحين الفقراء وكل المضطهدين ومن ثم تفعيل العلاقة الجدلية بين الماركسية والقومية: حيث بات من الضروري أن تقوم القوى الوطنية الديمقراطية التقدميه العربية في كل قطر ادراج البعد التوحيدي القومي كبعد رئيسى في عملها، بما سيضيف عمقاً جديداً لقواها بدلاً من أن يبقى كما كان الأمر حتى الآن، عبئاً عليها وعامل إضعاف لها.
ثانياً: إشكالية التبعية وكسرها وتجاوزها: وهي اشكالية مرتبطة بتبعية كل البلدان العربية، كأجزاء متناثرة، للنظام الرأسمالي المعولم وفق محددات قانون التطور اللامتكافئ، وبالتالي فإن وحدة التحليل الأساسية من منظور القوى الماركسية العربية، تتحدد أساساً وحصراً بالمجال القومي الديمقراطي العربي الذي تستطيع فيه هذه القوى تعبئة نفسها بشكل فعال وأخذ زمام المبادرة على نحو قادر على خلق صيرورته النضالية المستقبلية .
ثالثاً: القاعدة الاقتصادية والأبنية الفوقية: ففي ظروف التخلف والتبعية تلعب الأبنية الفوقية المتصلة بالسلطة السياسية وبالثقافة والأيديولوجية بصفة عامة دوراً أكثر أهمية بكثير من تأثير القاعدة الاقتصادية بحكم تخلفها.
آخذين بعين الاعتبار المنطلق الذي حدده المفكر الراحل سمير أمين في قوله إن المرحلة الراهنة، التي تجتازها بلداننا العربية، ليست مرحلة "المنافسة من اجل الاستيلاء على الحكم"، وذلك في غياب قوة اجتماعية شعبية تستطيع "ان تفرض نفسها على القوى الاخرى الداخلية سواء كانت تتجلى في نظم الحكم ام في بديل الاسلام السياسي وهما وجهان للعملة نفسها"، فهو يرى ان الخطوة الاولى على طريق الخروج من الازمة، تتمثل في العمل على اعادة تكوين اليسار وبناء القوى الشعبية، وذلك في اطار عمل طويل النفس يطاول مستويات عدة "من تحديد الاسس الفكرية، وسمات المشروع المجتمعي المطروح كهدف تاريخي، وتحديد المراحل الاستراتيجية للتقدم في الاتجاه المرغوب... والقوى الاجتماعية التي لها مصلحة في انجاز المشروع والقوى المعادية له، ثم اخيرا بناء قواعد العمل المناسبة.
وفق هذا المنطلق، فإن رؤيتنا تتجاوز حالة التجزئة القطرية العربية (رغم تجذرها)، نحو رؤية ديمقراطية قومية، تدرجية، تنطلق من الضرورة التاريخية لوحدة الأمة - الدولة في المجتمع العربي، وتتعاطى مع الإطار القومي كوحدة تحليلية واحدة، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، مدركين أن الشرط الأساسي للوصول إلى هذه الرؤية-الهدف، يكمن في توحد المفاهيم والأسس السياسية والفكرية للأحزاب والقوى الماركسية القومية داخل إطارها القطري/الوطني الخاص كخطوة أولية، تمهد للتوحد التنظيمي العام وتأطير وتوسع انتشار الكتلة التاريخية –على الصعيد القومي، انطلاقاً من إدراكنا بأن الأزمة التي تعاني منها حركة التحرر الوطني العربية في وضعها الراهن ليست فقط أزمة قيادتها الطبقية البورجوازية الرثة التابعة، بل هي أزمة البديل الديمقراطي التقدمي لهذه القيادة .
لقد آن الأوان لنقل حركة التحرر الوطني العربية من حالة التراجع إلى حالة الهجوم المضاد، ويستدعي ذلك البدء بتصحيح التعامل مع التناقضات في المنطقة العربية، واعتبار التناقضات والصراعات الطبقية تناقضاً رئيسياً ومدخلاً وشرطاً أولياً في النضال الوطني والقومي، التحررين والمجتمعي ضد الأنظمة الرجعية والتابعة لمنطلق لابد منه للخلاص من الوجود الامبريالي الصهيوني في بلادنا.
في ضوء ما تقدم، فإن شرط الحديث عن مجابهة واقع التبعية والتخلف والاستبداد في كل قطر عربي، بما يمهد لإعادة تفعيل وتجديد المشروع النهضوي القومي للخروج من هذا المشهد أو المأزق الخانق، هو الانطلاق بداية من رؤية ثورية واقعية جديدة لحركة التحرر القومي .
على أن هذه الرؤية لكي تستطيع ممارسة دورها الحركي النقيض، والقيام بوظيفتها ومهماتها التاريخية فلا بد لها من امتلاك الوعي بالمحددات أو المفاهيم الجوهرية الأساسية التالية :-
1. أن تكون رؤية وطنية وحدوية تناضل ضد أي شكل من أشكال تفكيك الدول العربية إلى دويلات طائفية، كما تسعى إلى إلغاء نظام التجزئة الذي فرضته الإمبريالية، وتعمل على توحيد الجماهير العربية بما يخلق منها قوة وطنية وقومية تقدمية وديمقراطية، قادرة على الفعل التاريخي على الصعيد العربي والإنساني العام.
2. أن تسعى إلى استيعاب السمات الأساسية لثقافة التنوير والحداثة الأوروبية، وما تضمنته من عقلانية علمية وروح نقدية إبداعية واستكشافية متواصلة في فضاء واسع من الحرية والديمقراطية، وإدراك واضح لموضوعية الوجود المادي والوجود الاجتماعي، وما يعنيه ذلك من إدراك الدور التاريخي للذات العربية وسعيها إلى الحركة والتغيير انطلاقاً من أن الإنسان هو صانع التاريخ والقادر على الابتكار والتغيير في حاضره ومستقبله، وفق أسس الديمقراطية والعدالة الاجتماعية بآفاقها الاشتراكية في إطار المشروع القومي العربي النهضوي.
أخيراً، إن حديثي عن الضرورة التاريخية لصياغة منظومة معرفية قومية ديمقراطية وتقدمية معاصرة، عبر رؤية وممارسة، في إطار الفلسفة الماركسية، يقع بالدرجة الأولى وفي المراحل الأولى على عاتق المثقف الديمقراطي الثوري العربي، لاعتبارين هامين، أولهما: أن هذا المثقف هو الوحيد القادر من الناحية الموضوعية على وضع الأسس المعرفية النظرية لهذه المنظومة وآفاقها المستقبلية.
وثانيهما: أن طبيعة التركيب الاجتماعي/الطبقي المشوه لمجتمعنا العربي، التي تتسم بتعدد الأنماط الاجتماعية القديمة والمستحدثة وتداخلها، كما تتسم بالسيولة وعدم التبلور الطبقي بصورة محددة، والتسارع غير العادي، الطفيلي أو الشاذ أحيانا في عملية الحراك الاجتماعي، إلى جانب وضوح وتعمق تبعية "البورجوازية" العربية للمركز الرأسمالي المعولم، بحيث أصبحت –اليوم- واحدة من أهم أدواته وآلياته في بلادنا، كل ذلك يجعل من المثقف العربي العضوي، -بالمعنى الجمعي المنظم- بديلا مؤقتا ورافعة في آن واحد للحامل الاجتماعي أو الطبقي، وما يعنيه ذلك من أعباء ومسئوليات بل وتضحيات في مجرى الصراع لتوليد معالم المشروع النهضوي الوطني والقومي التقدمي، ونشره في أوساط الجماهير الشعبية العربية كفكرة مركزية أو توحيدية.
إن اقتناعنا بهذه الأفكار، ونضالنا من أجل بلورتها في كل ساحة أو بلد عربي أولاً، ثم على الصعيد القومي ثانياً، يستند –ذلك الاقتناع- إلى أن هناك إمكانيات واقعية وظروف موضوعية مهيأة لاستقبال الرؤى الفلسفية الثورية، المادية الجدلية، والبرامج السياسية التحرريه والمجتمعية المطلبية والديمقراطية في بلادنا، ولتحقيق مكاسب جزئية متزايدة في عملية طويلة معقدة عبر مراحل وسيطة متعددة على طريق تحقيق أهداف الثورة الوطنية الديمقراطية .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *