جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

مصر عبد الناصر والكفاح الفلسطيني المسلح (1955- نوفمبر 1956).........الرفيق غازي الصوراني

 مصر عبد الناصر والكفاح الفلسطيني المسلح (1955- نوفمبر 1956).........

بعد الغارة الوحشية على غزة في 28/فبراير/1955 والغارات التي تلتها من قبل الجيش الإسرائيلي على مدينة خانيونس وعلى مواقع الجيش المصري في منطقة العوجا والكونتلا والتي قتل على أثرها ما يزيد على مائة جندي من رجال الجيش المصري، بالإضافة إلى عدد مماثل من المدنيين الفلسطينيين، أصبح الحديث عن السلام بين مصر وإسرائيل ضرباً من الوهم، بعد أن تكشفت الحقائق والمعطيات الجديدة حول العلاقة الأمريكية – البريطانية مع إسرائيل، ودخول العراق (نوري السعيد) إلى حلف بغداد، ورفض الولايات المتحدة تزويد مصر بالسلاح، في ضوء ذلك قرر عبد الناصر :
1- ضرورة شراء الأسلحة من أية دولة لمواجهة التهديد والعدوان الإسرائيلي.
2- السماح للفدائيين الفلسطينيين من قطاع غزة بالانطلاق إلى داخل إسرائيل بتوجيه القيادة المصرية، وكان جمال عبد الناصر حريصاً على منع ذلك خلال فترة الأمل في الوصول إلى اتفاق سلمي مع إسرائيل.
3- البدء بالهجوم الإعلامي على القوى العربية الرجعية التي وافقت على الانضمام إلى حلف بغداد، وذلك عبر وسائل الإعلام المصرية المختلفة وإذاعة صوت العرب بشكل خاص.
4- عقد صفقة الأسلحة التشيكية التي أعلن عنها يوم 27/أيلول/1955 بالتنسيق مع الاتحاد السوفييتي .
لقد كان من أهم نتائج هذه العمليات العدوانية الإسرائيلية المتغطرسة، أن وجهت ضربة قاصمة لكل محاولات "السلام" التي طغت على سطح الأحداث بعد نكبة عام 1948 وحتى فبراير 1955 خاصة تلك التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا عبر "الأصدقاء العرب" في المنطقة.
كما فشلت أيضاً كل محاولات "السلام" التي قام بها عدد من الأحزاب الشيوعية نذكر منها الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني (حدتّو) في مصر، التي أوكلت "مهمة السلام" لعدد من أعضائها المقيمين في باريس للاتصال بالمسؤولين الإسرائيليين وغيرهم من اليهود، وفي مقدمة هؤلاء الأب الروحي ومؤسس الحركة هنري كورييل ، ومعه ثروت عكاشة – الملحق العسكري في السفارة المصرية في باريس – ويوسف حلمي المحامي، ودكتور مراد خلاف، كما شارك في هذه المهمة أنطون ثابت من الحزب الشيوعي اللبناني، ورئيس مجلس السلام اللبناني، وتجدر الإشارة هنا إلى أن نشاط الشيوعيين العرب باتجاه السعي من أجل السلام العربي – الإسرائيلي لم يكن له خلفية بالنشاط الاستعماري – الرجعي في المنطقة، بقدر ما كان منطلقاً من الموقف الأممي الرسمي، والرؤية الرسمية لحل الصراع العربي الإسرائيلي، دونما إدراك كامل للأبعاد السياسية الوطنية للمسألة الفلسطينية أو حق الشعب الفلسطيني في وطنه فلسطين وتكريساً للطلاق بين الرؤية التقدمية للمسألة القومية العربية من جهة وبين شكلية الحركة الأممية الرسمية التي استند إليها الشيوعيين العرب وابتعدوا عن جوهرها الفكري الصحيح وتراثها الغني والواضح فيما يتعلق بالمسألة اليهودية والموقف منها. إن الابتعاد عن استيعاب وفهم الواقع الخاص بكل تفاصيله هو أحد أهم المآخذ على الحركة الشيوعية العربية.
كما كان من أهم نتائج هذا العدوان، قرار القيادة الوطنية المصرية بإعلان تبنيها الرسمي للعمل الفدائي المنطلق من غزة في شهر نيسان 1955 ، واتخذت العلاقة بين الزمر المناضلة المدربة ذات الخبرة والمعرفة بالأرض وبين القيادة المصرية طابعاً رسمياً ومنظماً تحت إشراف المقدم مصطفى حافظ الذي قام بمهمته ليس فقط كضابط مصري وإنما كمناضل عربي آمن بقضيته وشعبه، وكان ذلك أحد أهم عوامل نجاحه في إعادة تدريب وتنظيم أكثر من ألف رجل من أبناء غزة وخانيونس ومعظم قرى قضاء غزة الذي شكلت منهم كتيبة الفدائيين (ك141)، بدأوا بتوجيه ضرباتهم و إغاراتهم ضد العدو الصهيوني في الفترة من أيلول 1955 وحتى أول نوفمبر 1956، لقد كانت هذه المرحلة رغم قصرها الزمني، "نقطة تألق في مسيرة النضال الفلسطيني" قام الفدائيون الفلسطينيون خلالها بتنفيذ أكثر من مائتي عملية.
وقد أوضح الكاتبان الإسرائيليان "شيف ورشين" في كتابهما عن الفدائيين الفلسطينيين طبيعة هذه العمليات كما يلي:
- 30% من الهجمات الفدائية كانت إلقاء قنابل يدوية وإطلاق نيران على المستوطنات واشتباكات مع دوريات إسرائيلية.
- 23% عمليات كمائن للسيارات والآليات.
- 20% عمليات نسف الخزانات وأنابيب المياه وتدمير الطرق الرئيسية والكباري.
- 13% هجمات على السكان المدنيين في المستوطنات والمدن.
- 9% عمليات تدمير المباني بعبوات ناسفة.
- 5% زرع ألغام.
ورداً على عمليات الفدائيين قام الإسرائيليون بعدد من الهجمات على مدينتي غزة وخانيونس وقرى القطاع وكان أكثر هذه الهجمات وحشية وغدراً ذلك القصف المدفعي العشوائي على مدينة غزة تركزت على شارع عمر المختار وميدان فلسطين والشوارع المجاورة ومنطقة الشجاعية مساء يوم الخامس من شهر أبريل 1956 وأدى إلى استشهاد وجرح المئات من المدنيين رجالاً ونساء، وما يزال العديد من أبناء غزة يذكرون بشاعة ذلك اليوم الذي تناثرت فيه جثث القتلى والجرحى في شوارع غزة لقد تميزت الحالة الجماهيرية في القطاع – إبان تلك الفترة بالغليان الشديد والحزن والحداد والحقد على العدو الصهيوني، ولم يكن يخفف من تلك الأحزان إلا انتقام الفدائيين الفلسطينيين الذي تميز بالعنف والتوسع، ففي اليوم الثاني على الهجوم الصهيوني الغادر، وتحديداً ليلة السادس من نيسان/1956 دخلت أكبر مجموعة فدائية من قطاع غزة في اتجاه الأهداف التي حددت لها في الأرض المحتلة، وكان عدد هذه المجموعة لا يقل عن ثلاثمائة فدائي توغلوا في عمق إسرائيل حيث هاجموا مستعمرة ريشون ليتسيون التي تبعد 47 كيلو متراً عن خط الهدنة و15 كيلو متراً فقط عن تل أبيب واستمرت هذه العملية البطولية بتواصل حتى الثالث عشر من نيسان 1956 وقد استشهد من أبطال هذه المجموعة أحد عشر بطلاً ووقع ثلاثة آخرون في الأسر.
وفي يوم 23/7/1956 تسلم المقدم مصطفى حافظ طرداً ملغوماً انفجر وأدى إلى استشهاده وتقديراً من الشعب الفلسطيني في غزة فقد أُطلق اسم هذا البطل على عدد من ميادين ومدارس وشوارع غزة وخانيونس.
إن أهم نتائج العمل الفدائي في قطاع غزة (1955-1956)
تكمن في أنه شكَّل:
1- بداية مرحلة جديدة من الصراع العربي الإسرائيلي.
2- منعطفاً جديداً وبداية تاريخ للمقاومة الفلسطينية المسلحة بعد نكبة 1948.
3- أصبح الفلسطيني – في قطاع غزة – واثقاً من نفسه وبمستقبل الشعب الذي ينتمي إليه باعتبار أن القضية الفلسطينية هي قضية وطن وليست قضية لاجئين.
4- كانت خسائر الصهاينة نتيجة العمل الفدائي في عامي 1955 و 1956 أكبر بكثير من خسائرهم في العدوان الثلاثي على مصر في 29/10/1956 ثم على قطاع غزة في الثاني من نوفمبر 1956 .
5- استقطب العمل الفدائي الذي قامت به الكتيبة الفلسطينية المعروفة بـ(ك141) تعاطفاً جماهيرياً كبيراً، أسهم في تعميق العلاقة بين جماهير الشعب الفلسطيني في القطاع من جهة وبين القيادة الوطنية المصرية التي تزعمها القائد الخالد جمال عبد الناصر من جهة أخرى....


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *