جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

مفهوم الاعتقال السياسي بالمغرب*الأستاذ عبد الرحمان بنعمرو

 مفهوم الاعتقال السياسي بالمغرب*الأستاذ عبد الرحمان بنعمرو

في نظر الأستاذ عبد الرحمان بنعمرو، الرئيس السابق للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فإن مفهوم الاعتقال السياسي لم يرد له أي تعريف في القوانين المغربية، كما هو الشأن كذلك في المواثيق والقوانين الدولية المتعلقة، بحقوق الإنسان، لكن هناك ذكر للجرائم السياسية في النصوص القانونية المغربية.
وغياب تعريف مفهوم الاعتقال السياسي بالنصوص القانونية راجع بالأساس إلى كون هذه النصوص غالباً ما لا تتوخى التعريفات وإنما تهتم أساساً بتحديد أركان الجرائم. والذي تولى تحديد وتعريف مفهوم الاعتقال السياسي عندنا هو الفقه القانوني.
وفي هذا الشأن ينقسم الفقهاء، في نظر الأستاذ عبد الرحمان إلى قسمين اثنين: فهناك منهم استعمل المعيار الموضوعي.
فأصحاب المعيار الذاتي يعتبرون بأن الجريمة السياسية، والمعتقل السياسي مرتكب لها، هي الجريمة التي يكون الدافع إليها والغاية من القدوم على ارتكابها مرتبطاً ومتعلقاً بتحقيق غايات سياسية، وهذا معيار واسع.
إذ كل من كان دافعه إلى ارتكاب جريمة أهدافها سياسية (جناية أو جنحة أو مخالفة) أُعتبر مرتكبها معتقلاً سياسية كيفما كانت الضحية، ذات صفة سياسية أولا.
أما أصحاب المعيار الموضوعي، فيعتبرون كل جريمة موجهة ضد الدولة وأجهزتها جريمة سياسية، وبالتالي كل جريمة موضوعها السلطة فهي في نظرهم جريمة سياسية.
وبالنسبة للمغرب، فإذا كانت هناك نصوص تضمنت ذكر الجرائم السياسية، فإن المشرع المغربي اتجه نحو إلغاء هذا النصوص أو تعديلها، ولتوضيح الصورة، هاهي بعض الأمثلة.
فظهر 26 يونيو1930 الصادر في عهد الحماية، وهو المتعلق بقانون السجون، نص واعترف بالجنح السياسية، اعتباراً كان يترتب على ذلك جملة من الإمتيازات عند تنفيذ العقوبة، إذ تم التفريق في التعامل بين المجرم السياسي والمجرم العادي، إذ كان جناح خاص بالسجن للمعتقلين السياسيين واستفرادهم باللباس المدني وعدم إلزامهم بالعمل داخل السجن. وكل هذه الإمتيازات ألغيت بعد الاستقلال.
كما أن المسطرة الجنائية تضمنت التنصيص على الجرائم السياسية. فالفصل 96 من ق م ج ـ الذي تمّ تغييره ـ كان ينص على أن الجنح ذات الصبغة السياسية ولو ارتكبت في حالة تلبس لا يجوز الاعتقال فيها، وبذلك كان مرتكبوها يقدمون إلى المحكمة في حالة سراح، ولا يتم اعتقالهم إلا بعد أن يصبح الحكم بالإدانة بالسجن نهائياً بعد استنفاد كل سبل الطعن والمراجعة. إلا أن هذا الامتياز حُذف مع التغيير الحاصل.
وهناك مثال آخر أكثر دلالة، وهو أن المسطرة الجنائية، سواء القديمة أو الجديدة، لا تنص على تطبيق الإكراه البدني على المحكوم عليهم في جرائم أو جنح سياسية.
وإذا كان المعتقل السياسي عموماً هو من يرتكب جريمة سياسية بدوافع وغايات سياسية سواء صاحبها العنف أم لم يصاحبها. وغالباً ما تتعلق هذه الجرائم بالمس بأمن الدولة أو المظاهرات المصحوبة بمواجهات.
فإن جرائم الرأي هي جرائم سياسية، بالرغم من أنه حسب الدستور والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، فإن حرية الرأي والتعبير والعقيدة والانتساب إلى الأحزاب والجمعيات مضمونة. وبالتالي لا يمكن أن تكون جريمة. وإنما تكون الجريمة حين الاعتداء على هذه الحرية.
وبذلك فإنه في حالة تعبير شخص عن رأيه في قضية سياسية أو اجتماعية وكان ذلك سبباً في اعتقاله فهو إذن معتقل رأي ويُعتبر من اعتقله أو أمر باعتقاله ومحاكمته هو مَنْ ارتكب جريمة.
باعتبار أنّه لا يمكن تصور جريمة رأي إلا في قضايا الصحافة أو قضايا القذف والسب، علماً، حتى في هذا النطاق، المشرع لا يعاقب على جرائم القذف في حق الدولة ومؤسساتها إذا أثبت المنسوب إليه القذف صحة ما ينسبه إلى إدارة أو مصلحة أو مسؤول أثناء قيامه بمهامه.
وفي هذا الإطار لا يمكن نكران، أن أشخاص ببلادنا عوقبوا عن رأيهم اتجاه مواقف الدولة.
وخلاصة القول أن المشرع المغربي اعتمد المعيار الذاتي في تحديد الجرائم السياسية والمعتقل السياسي. وهذا تعريف فقهي متعارف عليه عالمياً.
إلا أن المعتقل السياسي بالمغرب لم يتمتع بأي امتياز خلافاً لما هو قائم بالنسبة للامتياز القضائي أو امتياز بعض رجال السلطة. بل إن مرتكبي الجرائم السياسية ظلوا يعاملون بتشدد أكثر من مرتكبي الجرائم العادية.منقول


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *