جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

غازي الصوراني ـ تلخيص مكثف من كتاب: العالم المعرفي المتوقد _ تاليف د. طلال أبو غزالة.....

 غازي الصوراني ـ تلخيص مكثف من كتاب: العالم المعرفي المتوقد _ تاليف د. طلال أبو غزالة.....

إنترنت الأشياء Internet of Things (IOT):
"إنترنت الأشياء" (IOT) آتية بقوة، وستكون تقنية مؤثرة إلى حد كبير، لقد صممت لتقدم استخدامات للأجهزة المنزلية، وأجهزة الاستشعار وإلكترونيات الحياة اليومية المترابطة معاً كي توفر للمستهلكين والأعمال التجارية قيمة متزايدة ومنتجة أكثر مما في السابق. وتأتي "إنترنت الأشياء" كامتداد طبيعي لشبكة الإنترنت الحالية وتشكل المرحلة التالية من ثورة المعلومات.
ذلك أنها تؤهل أياً من الوسائل والتطبيقات المجهزة بمجسات استشعار من حولنا، مثل التلفزيونات، الثلاجات، أنظمة التدفئة، الغسالات، مراقبة الأطفال، منظمات نبض القلب، معدات الرعاية الصحية، عدادات وقوف السيارات، آلات التحكم المصنعية وسائر الأجهزة الأخرى البكماء، لتكون متواصلة بذكاء وتقدم بالتالي بيانات وأساليب مبرمجة لم تكن ممكنة في السابق.
نحن نرصد المعرفة البشرية حاليا ونعلم أنها تتضاعف كماً بمرور12 شهراً. لكنه، مع "إنترنت الأشياء"، تتنبأ شركة أي بي أم أن هذه المعرفة ستتضاعف كل 12 ساعة نظراً لحجم البيانات الرقمية التي يتحقق إنتاجها عن طريق "إنترنت الأشياء".
وطبعاً، لا تزال "إنترنت الأشياء" حاليا في مراحلها الأولى، لكنه من المتوقع أن تتحول لاحقا إلى صناعة ببليونات الدولارات بعد قيام قطاعات الأعمال التجارية الجديدة والفرص المتاحة في المستقبل.
وتتنبأ شركات البحوث بأنه سيتم شبك 26 بليون جهاز مختلف بـ "إنترنت الأشياء" بحلول الأعوام القادمة، وهذا تقدير متحفظ، لكن ذلك له آثار ضخمة على مساحة تخزين العناوين في الإنترنت، ما يستدعي تخصيص أرقام إضافية في بروتوكول إنترنت (IP)، والتي تستخدمها مختلف الأجهزة وتتواصل مع بعضها البعض، بالإضافة لمساحة النطاق الترددي (Bandwidth )المطلوبة لاستيعاب هذه الزيادة.
حاليا، ليس لدينا المتسع المطلوب لملء هذه الإحتياجات وسيصل طريق المعلومات الحالي مع حركة المرور المتوقعة إلى مرحلة الإنسداد.
وباعتماد الرصد عن بعد، نجد أن لدى "إنترنت الأشياء" القدرة على إحداث تغيير كبير في حياة الناس المصابين بأمراض مزمنة وكبار السن الذين يلازمون منازلهم حيث يمكن رصد هذه المؤشرات الحيوية، ما يتيح توفير الرعاية الصحية الإستباقية، المصممة خصيصا والمستندة إلى بيانات حية ومباشرة.
في الصناعات على اختلافها، تتمكن أجهزة "إنترنت الأشياء" من تحسين الكفاءة مع أجهزة الاستشعار المستخدمة لتقديم تحديثات واقعية عن حالة المعدات، مستويات المواد، والمعايير الصحية للآلة؛ ما يقلص أوقات التوقف عن العمل، فضلاً عن تتبع مواقع العمل وتقديم المعلومات الفضلى عن الصحة والسلامة.
أجهزة الاستشعار في الشوارع ونظم المرور الذكية يمكن أن تبلغ "إنترنت الأشياء" بأوضاعها كي تجهّز تلك الشوارع للمركبات الذاتية القيادة لتصبح أمرا ممكنا يتم معه إدخال التكنولوجيا ًلجعل المدن أكثر ذكاء مع سيارات تتلقي معلوماتها من أجهزة الاستشعار في المدينة، ما يجعل القيادة أكثر أمانا ويخفف الازدحام المروري .
وسوف تغزر منازل المستقبل بالوافر من الأجهزة المتصلة بال "إنترنت الأشياء" لتمكين المواطنين من التواصل مع العديد من مصادر المعلومات المتعلقة بمنازلهم والتحكم عن بعد بالعديد من تجهيزاتها، ما سوف يشمل العديد من الأمور مثل فتح/إغلاق الستائر، إغلاق مواسير المياه، والتحكم بالتدفئة وأجهزة التبريد، مراقبة محتويات الثلاجة وتواريخ انتهاء الصلاحية للمواد الغذائية.. بين تطبيقات أخرى كثيرة.
بل ستكون هناك أجهزة استشعار في ملابس يمكن ارتداؤها تتناول مجموعة كبيرة من الخدمات الشخصية لمن يرتدونها طبقاً لمواقعهم، كالصحة والرغبات، وعادات التسوق، والميزانية المالية وبيانات أخرى.
وعلى سبيل المثال، تمكين الفرد من الحصول على المعلومات الصحية ّالشخصية لمن يرتدونها طبقاً لمواقعهم، كالصحة والرغبات، وعادات التسوق، والميزانية المالية وبيانات أخرى.
وعلى سبيل المثال، تمكين الفرد من الحصول على المعلومات الصحية الشخصية، وإخطاره عن مواعيد تناول الأدوية، وتلقي عروض المبيعات المخصصة لدى زيارة مراكز التسوق، والبقاء على علم بمكان تواجد الأطفال، والكثير غيرها.
وستلعب "إنترنت الأشياء" دوراً حيوياً في تغيير الأساليب التي يتم معها تعليم الأجيال القادمة، والتي ستلبي حقاً متطلبات مواطني الرقمية الصغار، أبنائنا الطلاب الذين باتت التكنولوجيا امتدادا طبيعيا لحياتهم ذاتها.
"إنترنت الأشياء" سوف تقلب عملية التعليم رأسا على عقب بالسماح للطلاب أن يحملوا أجهزتهم الرقمية بغاية التواصل من الكتب الإلكترونية والتعلم بشكل تفاعلي عبر أساليب تعليمية تعتمد الأنظمة الذكية.
باستخدام "إنترنت الأشياء"، سيتمكن الطلاب أيضا من الدراسة بسهولة في منازلهم؛ ولهذا أهمية خاصة في البلدان التي تكون فيها طرق الوصول إلى التعليم محدودة بسبب المحاذير مثل النوعية، والطقس، والمسافة، إلخ.
معلمو المستقبل سيكونون قادرين على إعطاء الدروس من أي مكان وبالتالي توفير تعليم أكثر ثراء لقاعدة طلابية أوسع.
العديد من البلدان تعتمد هذا النموذج في الوقت الحاضر وبجدية تامة كونه قابلاً للتطبيق، وكبديل لتسهيل العوائق التعليمية القائمة.
فما لا شك فيه أن "إنترنت الأشياء" سوف تحدث ثورة في الطريقة التي يتفاعل فيها البشر مع بيئاتهم المختلفة وذلك بتوفير المعطيات الحقيقية في أوقاتها الراهنة، ما يتيح لهم اتخاذ قرارات أفضل وأكثر استنارة استناداً إلى معلومات موثوقة وواقعية.
هذا ما سيفتح آفاقا جديدة للتفاعل بين الإنسان والتكنولوجيا، ويطور الإستشعار الذكي ويعممه ليصبح متاحا على نطاق واسع من خلال التعاون وتبادل المعلومات، ما يُشرع الأبواب لمؤسسات خدماتية جديدة ويوفر قيما هائلة ومتجددة للمجتمعات تمس كافة جوانب الحياة البشرية.
إلى جانب "إنترنت الأشياء" ستصبح الروبوتيات جزءاً من حياتنا اليومية في المستقبل، كما أن التقدم في التكنولوجيا الروبوتية والذكاء الاصطناعي (AI) يعني أن تصبح الروبوتات في مستوى الإنسان بل ربما أكثر ذكاء، مما يتيح علاقة تكافلية أوثق بين اإلنسان والتكنولوجيا.
ومع إمكانية التواصل مع تكنولوجيات مثل "إنترنت الأشياء"، ستكون الروبوتات قادرة على اتخاذ قرارات أكثر وبدقة متزايدة في أوقاتها المناسبة لا سيما في ظروف حرجة وخطيرة حيث تحتاج مجموعات ضخمة من المعلومات إلى تقييم سريع دون أية انفعالات.
فقد باشر الجراحون بالفعل في استخدام الروبوتات وإن بدرجة محدودة لإجراء العمليات التي تتطلب قدرا كبيرا من الدقة والمهارة.
الجراحون الروبوتيون سوف يغيّرون سمة مسرح العمليات التقليدي حيث يتحول الجراحون للمراقبة والتحكم في هذه الروبوتات أثناء إجراء العمليات الجراحية المعقدة وبالتالي تقليل الأخطاء البشرية، ومنع العدوى، وزيادة الدقة، والحد من التدخل البشري في المريض.
وستوضع تكنولوجية ”النانو“ الروبوتية على شكل روبوتات مجهرية للاستخدام في العديد من التطبيقات، وبخاصة ً التكنولوجيا الأحيائية.
”النانايت“ كما أصبحت معروفة، سوف تلعب دورا حيويا في تطوير الصحة وستكون ضئيلة الحجم لتمكينها حتى من دخول مجاري الدم البشرية لتنفيذ مجموعة واسعة من المهام، مثل تنظيف الشرايين، ومكافحة الفيروسات، وحتى إجراء جراحات موضعية من الداخل.
علماء الكمبيوتر يعتقدون أن هذه التكنولوجيا ستكون جاهزة وفعالة قبل حلول 2030. هذا ما سيوقف التدخل البشري في الصناعات التي تتطلب درجة عالية من الدقة المتكررة.
صناعة البناء والتشييد سوف تفيد من التكنولوجيا الروبوتية مع حلول تلك الآلية محل بُناة الماضي. للانطلاق بوتيرة أسرع من مثيلتها القديمة مع قدر أكبر من الدقة والسلامة.
خدمات النقل الروبوتية الحالية سوف تغيّر نماذج النقل والتسليم مع طائرات بدون طيار تُسلم الطرود مستخدمة نظام GPS لعناوينها المحددة.
روبوتات العمليات العسكرية ستغيّر أوضاع ميادين المعركة. فالروبوت المدعوم من المشاة، والمعدات الروبوتية المتكاملة في نهاية المطاف ستكون مصممة لتقديم القدرات الحربية المتقدمة، ”وكالة مشاريع البحوث المتقدمة للدفاع“ الأمريكية (DARPA)- التي سبق وجلبت الإنترنت- تستثمر حاليا وبكثافة في التكنولوجيا الروبوتية المتقدمة للقوات المسلحة.
هنالك تطبيق روبوتي مثير برز في طرح جديد يشير إلى أن الآلات الروبوتية الفردية يمكن أن تنضم معا لغرض معين في تشكيلة "جماعية" من أجل القيام بمهمة محددة، أو الانضمام معاً لتشكل روبوتاً أكبر للقيام بمهمات أكثر تعقيداً. هذا ما يحاكي سلوك الحشرات في العالم الطبيعي التي تعمل معا لحل المشاكل، مثل جماعات النمل التي تربط بعضها ببعض.
في مجالات التعليم، سوف تغيّر الروبوتات الأساليب التي يتم فيها تعليم الطالب. فمع الوصول إلى مخازن ضخمة من المعلومات والواجهات الذكية للتخاطب مع الحاسوب بالكلام معه، سيتمكن الطلاب من طرح الأسئلة على الروبوت باللغة الطبيعية، وطلب المساعدة في حل المشاكل والمسائل، والإستفادة منه باستخدام أحدث المعلومات المتاحة.
هذا ما سيحدث ثورة في المؤسسات التعليمية بتحويلها إلى مصدر يقدم أحدث المعلومات في جميع المجالات التعليمية، ما يجعل من المعلمين ”رسل تكنولوجيا“، يوجهون طالبهم للإستفادة القصوى من هذه الثقافة.
هذه التكنولوجيا الروبوتية سيتم استغلالها مع التقدم المتنامي داخل حقول "إنترنت الأشياء"، و"البيانات الكبيرة" وتكنولوجيا النانو، ما يُبرز مشاركة علمية منضبطة عبر دراسات متجددة ستقوم بوضع آلات روبوتية ذات قوة معالجة عالية للوصول إلى كميات هائلة من المعلومات.
إنها التكنولوجيا التي تحمل معها تحديات أخلاقية واجتماعية وسياسية تتطلب الوافر من البحوث الجارية والتطوير المتواصل.
البلدان والشركات التي توفر الأجواء المواتية لمثل هذا العمل، ستجد نفسها قبل كل شيء في المقام الأول للإستفادة من هذا المعترك.
الذكاء الاصطناعي:
ركز الخيال العلمي منذ فترة طويلة على مواضيع تتناول آلات معززة بالذكاء الاصطناعي (AI)، قادرة على الخلق والتفكير والتصرف بالطريقة نفسها التي يتصرف بها البشر.
تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بوصفها وسيلة لتحقيق ازدياد الإنتاجية والتقدم في جميع مجالات الحياة هي موضوع دراسة دؤوبة. وهي دون شك أحد الأسس الرئيسة للتكنولوجيا المستقبلية.
جميع تلك الابتكارات الذكية، "إنترنت الأشياء"، وتكنولوجيا النانو، والمركبات الذاتية القيادة، والعديد من المجالات الأخرى ، تدين بحاضرها ومستقبلها للدماغ الذي كان ولا يزال القوة المحركة لها.
ما يعطي أنظمة الذكاء الاصطناعي مركز الريادة هي تلك القدرة على التحليل والربط بين مقادير ضخمة من المعلومات في لحظة واحدة، واستخدام هذه المعلومات لاتخاذ القرارات ، وقبل كل شيء للتعلم.
الفرضيات والأفكار التي تشكلت في العقل البشري بمساندة الذكاء الاصطناعي سوف تتفاعل مع بلايين المعلومات التراكمية العالمية فاتحة للبشر أبواب التوصل إلى نتائج أكثر دقة ومعلوماتية.
في هذا السياق اعتقد ان هناك خطراً ماثلا على البشرية في المستقبل، وربما يتحقق قبل عام 2050 وهذا الخطر نابع من أن دماغ الذكاء الاصطناعي قد يتجاوز أدمغتنا البشرية الحالية نظراً لقدراته على تفهم وتوليف ملايين الكتب في موضوع معين خلال ثوان معدودة، ومن ثم تجهيز كافة المعلومات المتاحة أمامنا كما لو كنا نعرفها من قبل.
الذكاء الاصطناعي سيغير بشكل جذري أساليب تعاملنا مع الأحداث الطارئة مثل البحث والإنقاذ بعد وقوع زلزال، أو عمليات التنظيف لدى انتشار السموم الضارة للبشر الناتجة عن انهيار المفاعلات الذرية.
وسوف يتمكن روبوتات الذكاء الاصطناعي من اللحاق المباشر بمسرح حوادث المرور ورفع المركبات بسهولة، والكشف على إصابات ً حتى الركاب بيسر، وسحب الضحايا للعالج، وتعطيل الحرائق وغيرها من الإخطار نزولاً حتى توفير الإسعافات الأولية.
مصانع ومنشآت الصناعة اليدوية ستكون "صناديق سوداء" مغلقة كلياً، تشغلها الروبوتية بالكامل وتسيطر عليها مقومات الذكاء الاصطناعي من البداية إلى النهاية.
ريادة الفضاء سوف تصبح شأنا روبوتياً بامتياز موجهاً كلياً بالذكاء الاصطناعي لتعزيز معرفتنا بالفضاء إلى درجة متقدمة.
الجيل القادم من تجار الأسواق المالية سيكون عبارة عن آلات يحركها هذا الذكاء والتي سوف تتنافس للتنبؤ بالاتجاهات داخل الأسواق وتحديد الاستثمارات المربحة.
علم النفس والذكاء الاصطناعي :
”الذكاء الاصطناعي“ في جوهره، هو إذن نسخة ممكننة ومبسطة عن الشبكات العصبية البشرية والمعالجة المعرفية. هنا نلاحظ الترابط الكبير بين علم النفس والذكاء الاصطناعي الذي تتفاعل عوامله وتأثيراته بين الإثنين. وهما يحظيان الآن ببالغ الإهتمام والدراسة المنطقية إلى جانب الوسائل المستخدمة كنماذج لتوسيع استيعابنا لما يتعقد من مبادرات في العلوم والفنون.
هذا الترابط بين أداء علم النفس الإنساني ومجالات التوسع المتسارعة للذكاء الاصطناعي أصبح من الفعالية بمكان.
اكتشاف الشبكات العصبية في الدماغ البشري التي تناهز ال86 بلیونا ً من النورونات أو الخلايا العصبية المترابطة كلياً، مقابل شبكات الكمبيوتر ”العصبية“ التي تقتصر ”الخلايا“ فيها على أعداد قليلة بالمقابل، تزيد من تعقيد هذه المسألة وتشير إلى أنواع مقتصرة من الذكاء معظمها تحليلية، ولغوية وعاطفية ألخ. فمن الطبيعي أن يختلف علماء النفس واختصاصيو الأعصاب ُ في كون هذه الأنواع من الذكاء متشابكة أو ملازمة لشخص معين. ولا يزالون يأملون أن تصل هذه الشبكات العصبية يوما ً إلى تركيبة متطورة تقارب الدماغ البشري.
كيف يمكن للذكاء الاصطناعي تلبية مستلزمات هذا الذكاء البشري؟ في أول سلم الأولويات لا بد أن يأتي حصر وإدارة المعطيات والمعلومات. وهذا في الواقع ما يفعله الذكاء الاصطناعي الآن: إنه يحتسب أفضل المعادلات الرقمية الخوارزمية التي تشرح مقاربات الإدخالات والنواتج .
ولعل أفضل ما يقوم به الذكاء الاصطناعي هو التحليل والتصنيف، واستبيان العلاقات بين كميات كبيرة من البيانات أو المعلومات، بسرعة وفعالية للتوصل إلى توقعات دقيقة للغاية: عمليات خوارزمية واضحة ومتقدمة.
ويزداد عمل الذكاء الاصطناعي حاليا، كماً وكيفاً، في السعي لتحقيق هذه الأهداف، بالرغم من أن أياً منها محدد وثابت من قبل مهندسيه الذين يمنهجون عبر علم نفس مَوَجَّه ومستقل، كيفية تحديد هذه المهام.
هنا بالضبط يكمن الذكاء الحقيقي: القدرة على استخدام الموارد لحل المشاكل التي تم تحديدها في بيئة معينة دون اللجوء لإشراف خارجي.
علينا إذن أن نضع في اعتبارنا أن مبرمجي الذكاء الاصطناعي هم أساسا بشر سوف يستمرون متفوقين على ”مخلوقاتهم“ من نواح كثيرة. نحن متفوقون سيكولوجياً بوصفنا نمتلك الغرائز، والحس السليم، والأهم من ذلك، تجارب حياتنا التراكمية.
سوف تفتقر أجهزة الكمبيوتر دائما ًإلى الإبداع والخيال والإلهام. لن يتوصل أي منها مثالاً لنظم قصيدة، أو الترنم بأغنية، أو الحلم باختراع جديد.
أية مقاربة سيكولوجية لهذا الذكاء تظهر انه صمم ليعكس السلوك البشري بطرق إيجابية وسلبية على حد سواء.
من هنا يأتي علم النفس مناسبا ّللشروع في ترسيخ الأسس السليمة للذكاء الاصطناعي، كونه يتقصى العقل البشري والحياة والسلوك، كما أن فروعه المعرفية والاجتماعية والتنظيمية تضع هذا الذكاء على النهج الصحيح لاكتساب مؤهلات الولوج في صفات بشرية لا غنى عنها لدى تخطيط البرامج وتنقيح البيانات.
لذا يجري حاليا تطعيم هذا الذكاء "بسيكولوجية إصطناعية“ تهدف إلى استخدام قدراته الخاصة لاتخاذ قرارات دون تدخل إنساني. وسيكون هذا خروجاً عن محاكاة سلوك الإنسان إلى سلوك ذاتي مستقل.. وبوابة التطوير القادم مفتوحة على مصراعيها.
هذه التكنولوجيا ستدفع حتما بالعالم إلى مراحل جديدة وغير عادية من التنمية إذا تمت السيطرة عليها واستمر تعهدها بشكل صحيح. كما أنها ستتخلل جميع القطاعات والصناعات ومجالات الحياة البشرية، لقد تم انتشارها في كل مكان، وأصبحت رديفة لشبكة الإنترنت، توفر انطلاق ظاهرة التفرد ”Singularity ”الآتية بقوة في نهاية المطاف.
الحوسبة السحابية Cloud Computing :
في السنوات الأخيرة، أصبحت تكنولوجيا كلاود (الحوسبة السحابية) مركز اهتمام في عالم الانترنت، حيث وفرت للمستخدمين أسرع واقوى الموارد دون الحاجة لامتلاك بنية تحتية تكنولوجية، وقد أتاحت للعديد من المنظمات توسيع مهماتها دون تكلفة في النفقات العامة، مقدمة وسيلة مرنة لتمكينها من إدارة هياكلها الأساسية لتكنولوجيا المعلومات بطريقة فعالة من حيث التكلفة.
تكنولوجيا الحوسبة السحابية جلبت معها قدرات معالجة هائلة للمستخدمين النهائيين، والتي ببساطة لم تكن ممكنة مع تكنولوجيا المعلومات التقليدية، موارد الحوسبة السحابية تسمح للمستخدمين بالعمل عبر الانترنت، والعديد من الخدمات أنشئت الآن من مقدمي الخدمات لمساعدة المنظمات في خفض استثماراتها الحاسوبية المحلية.
تطبيقات الحوسبة السحابية وخدماتها المباشرة مثل معالجة النصوص على النت، والبريد الالكتروني على شبكة الانترنت، وأنظمة إدارة علاقات العملاء (CRM) وما شابه ذلك، أدت إلى انخفاض الإنفاق في أنظمة كهذه حيث تجري الآن فعلياً الاستعانة بمصادر خارجية من مقدمي الخدمات العالمية. وهو ما قلص الحاجة إلى الموارد الحاسوبية المحلية الكبيرة والموظفين المرتهنين بها، فضلا عن الحاجة إلى تثبيت أحدث الإصدارات وتصحيح مثل هذه الأنظمة التي هي الآن موضوع عناية القيمين على خدمات الحوسبة السحابية.
مجرد تحولها لتصبح خدمات الحوسبة السحابية الآن نموذجاً مفضلاً يحتذى في تقديم الخدمات، يعني أنها المفضلة على مستوى القطاعين العام والخاص بالنسبة للمنظمات، ما يسمح لها بإعادة النظر لتطوير الطريقة التي تقدم بها خدمات تكنولوجيا المعلومات إلى المستخدمين.
خدمات الحوسبة السحابية ليست ظاهرة جديدة، بل يمكن أن ترقى جذورها إلى الأيام التي سبقت الانترنت حيث تأسست فيها محطات بسيطة للوصول إلى المعلومات المتوفرة في جهاز كمبيوتر عادي، نفس الفكرة تنطبق على خدمات الحوسبة السحابية، وإن بحجم وتأثير أكبر بكثير.
يمكن استخدام أجهزة بسيطة للوصول إلى الخدمات المشتركة على خوادم الحوسبة السحابية المدمجة عبر أنحاء العالم. الفكرة بسيطة، لكنها تشتمل على خلفيات معقدة إلى حد كبير مع خوادم توفر الموارد حسب الطلاب للمستخدمين وعند الاقتضاء، مع كفالة توفير الموارد لجميع المشتركين بطريقة ديناميكية.
ولدى المنظمات الخيار في اتخاذ خدمات الحوسبة السحابية العامة، كالتطبيقات المتوفرة لجميع الأعمال التجارية، وتبني أساليب الحوسبة السحابية لاحتياجات الحوسبة الخاصة بهم أو اعتماد هيكلية هجينة من خدمات الحوسبة السحابية في القطاعين العام والخاص.
أما إحدى السمات الرئيسة للحوسبة مع الحوسبة السحابية فهي المرونة، أي قدرتها على التقلص والنمو وفقا للمتطلبات التنظيمية، ومدى موثوقية هذه الخدمات عند مقارنتها بنماذج كلاسيكية، تواجد مراكز التوزيع التي يديرها بكل كفاءة منظمو الحوسبة السحابية يتحمل بكل جدارة عبء توفير خدمات التوصيلات، والتجديدات والصيانة، وعليه تنصرف المنظمات إلى التركيز على الأعمال التجارية دون أي داع للقلق حول حجم الموارد لتلبية الطلب أو موثوقية الاتصال، والتي تشكل مصدر قلق كبير على بنية الاجهزة التقليدية الأساسية.
واحد من أكبر العوامل المحركة لتكنولوجيا الحوسبة السحابية هو توافر ما يسمى بالعميل الخفيف (Thin Client)، وهي أجهزة لا تملك أصلاً الكثير من قوة المعالجة مثل الألواح والهواتف الذكية، انتشار الهواتف الذكية، لا سيما في البلدان الأشد فقراً، سيؤدي لازدياد الطلب على خدمات الحوسبة السحابية نظراً لانضمام الكثيرين إلى ثورة الانترنت عبر الأجهزة النقالة، وستملي تكلفة وضرورة اقتناء الهواتف الذكية أن تصبح خدمات الحوسبة السحابية أكبر حجماًو أكثر مرونة للتعامل مع ازدياد الطلب الذي سيتمظهر في المستقبل مع المستخدمين الحريصين على معالجة وتخزين الأجهزة.
ولهذا أيضاً آثار ضخمة على قدرة النطاق الترددي (Bandwidth) المطلوبة للتعامل مع مثل هذه الزيادة التي ستتنامى بأضعاف مضاعفة ، وتنتشر خدمات الحوسبة السحابية كما رأينا من خلال مراكز الرقميات الضخمة مع سعة شبكة كبرى. شبكات الهاتف المحمول سوف تحتاج كذلك إلى العمل الجدي للحافظ على وتيرة الطلب المتزايد للحصول على مثل هذه التكنولوجيا مع ازدياد عدد المشتركين، ما سيفتح المجال لعصر الشبكات الفائقة الاتساع للتعامل مع الطلب والمحتوى المطلوب مثل الدفق العالي الوضوح (High Definition) وما شابه ذلك.
وأيضاً، وكما أي تكنولوجيا جديدة تكمن تحديات كبيرة، الحوسبة السحابية لا تختلف عن سابقاتها، واضعو الأحكام وشركات تكنولوجيا المعلومات المعرفية جادون في إيجاد السبل الفضلى للتعامل مع إمكانية تخزين البيانات في بلدان أخرى بسبب الطابع المرن لحوسبة الحوسبة السحابية وكيفية الوصول لهذا التخزين سيما في بلدان تختلف أنظمتها. هذا هو الحال بصفة خاصة مع الحكومات والمصارف التي تتخوف من تسرب وهجرة بياناتها، والقضايا المحيطة بملكية هذه البيانات والمسؤولية المرتبطة بها.
وبين القضايا الأخرى التي سوف تحتاج إلى المناورة، هي مقاومة أقسام تكنولوجيا المعلومات للانضواء في ظل الحوسبة السحابية. هذا أمر طبيعي عندما تصبح الوظائف معرضة للخطر. جماعات تكنولوجيا المعلومات قد تشعر بانعدام الوزن لدى تسليم جزء من بنيتها التحتية لكيان غير معروف، يعززه فقدان الشعور بالسيطرة. وبدل المغامرة في اعتناق حلول الحوسبة السحابية، ستعتمد تلك الجماعات حلاً وسطاً هو عبارة عن الحوسبة السحابية المختلطة التي تتقبل حلول الحوسبة السحابية الفضلى، فيما تشدد على استضافة التطبيقات الحساسة والبيانات في بيتها. زد عليه أن أقسام تكنولوجيا المعلومات سوف تحتاج أيضاً لاكتساب مهارات متطورة للتعامل مع بيئات الحوسبة السحابية الجديدة.
وعلى العموم، سيكون للحوسبة السحابية تأثير كبير على حياة المستهلكين وستنتج إيرادات أكيدة بتريليونات الدولارات عندما تطور خدمات جديدة ومبتكرة وتدخلها الأسواق. وسيكون هذا وثيق الصلة بوسائل الإعلام ومطوري البرمجيات الذين سيقدمون المزيد من الخدمات عبر تكنولوجيات الحوسبة السحابية بدلاً من الوسائل التقليدية. كما أن هذا سوف يغذيه عصر جديد من اجهزة الهاتف المحمولة الأخف وزناً والأرخص كلفة والأسرع أداء، ما سيسمح للملايين في الدول الفقيرة بالانضمام إلى شبكة الانترنت والاستفادة من المزايا التي توفرها تكنولوجيا الحوسبة السحابية، كما أن منصات الحوسبة السحابية ستستفيد منها بشكل خاص المؤسسات الصغيرة إلى المتوسطة، ما يؤهلها لإنشاء متاجرها بوتيرة أسرع وتغيير حجم مشاركتها الرقمية حسب الحاجة ودون تكبد تكاليف لا لزوم لها.
الحوسبة السحابية سوف تطور الطرق التي بموجبها تصرف الشركات أعمالها التجارية بمعدلات مذهلة، إتاحة الفرصة أمام المنظمات لتصبح خفيفة الموارد هو طرح جذاب حفز الطلب على خدمات الحوسبة السحابية أكثر فأكثر. ترحيل خدمات الحوسبة السحابية ساعد المنظمات على تخفيض نفقاتها المتعلقة بالخوادم والشبكات، والتخزين والتطبيقات المرتبطة بها، ما يؤدي لتحقيق وفورات حقيقية وتقليص النفقات الإدارية العامة.
قابلية خدمات الحوسبة السحابية على الانتشار تعني أن لديها تأثيرات هائلة في الطريقة التي يتم بها تسليم المنتجات والخدمات. ويمكن أن يتلمس المرء خدمات علاقات العملاء عبر الانترنت وتطبيقات الانتاجية مثل Microsoft 365 والنجاح الكبير لتجار التجزئة على الانترنت، وخفض تكلفة الحصول على السلع والخدمات، ومساعدتها في كل ذلك على نحو لم يكن ممكناً في السابق.
تقنيات العمل المعرفي. :
البيانات المتأتية من الأنظمة، وأجهزة الاستشعار، وتكنولوجيا ”الحوسبة السحابية“، والبيانات التاريخية، أضحت تنمو بشكل متسارع مع الزيادة في انتشار الحوسبة هذه المجموعات الكبيرة من البيانات أضحت مسألة معقدة للعلماء، والحكومات، وقطاعات تنفيذ القانون وغيرهم ممن يتعاملون بانتظام مع هذه المقادير الرقمية التي تتطلب التحاليل السريعة والفعالة، وهي تحاليل تساعد إلى حد كبير في اكتشاف التوجهات والأنماط والعالقات المتبادلة، للمساعدة في الحد من الأمراض ومواجهة الجرائم وإجراء المحاكاة الدقيقة، وما إلى ذلك.
وبدعم من هذا التقدم في علوم الذكاء الاصطناعي، تتمكن تكنولوجيا العامل المعرفي الآن من التعرف على، والتصرف بموجب الأوامر التي طرحت إلى قرارات في ظروف صعبة حيث يتقرر الخطأ من الصواب في جزيئة من الثانية لتقديم تصورات ومحاكاة لم تكن ممكنة في السابق.
أما في المستقبل فسوف تتنامى مقادير ”البيانات الضخمة Big Data ”وتلعب دوراً أكبر في العمل الآلي المعرفي، موفرة المعلومات والتحليلات اللازمة لبني البشر كي يتخذوا القرارات في ظروف متأرجحة تكتنفها الأعداد الضخمة من البيانات.
هذه البيانات الكبيرة، تستدعي دون شك أجهزة معالجة كبيرة، ولكي تقوم هذه البيانات بما يُتوقع منها، فهي تحتاج إلى معالجات بطرق ذكية، وهذه يمكن أن تتم فقط باستخدام نظم المعرفة الممكننة التي يمكنها تصفية وتحليل وربط هذه المقادير الضخمة من الرقميات لتوفر على نظرائها من بني البشر المعلومات الآيلة لاتخاذ القرارات.
فماذا عن المستقبل؟ البيانات الرقمية الضخمة تعني أننا سوف ننتج بلايين التيرابايت يوميا، وأن تحليلها سيتم بذكاء و”على الطاير“ أي فيما نستمر باستخدامها، ونحن على اتصال بمصادر البيانات ذات الصلة من جميع أنحاء العالم، سيتم هذا التحليل بمعدل ملايين البيتابايت ( Petabytes= مليون تيرابايت) في الثانية الواحدة.
وستندمج هواتف المستقبل الذكية بكل سلاسة مع "إنترنت الأشياء" و ”البيانات الضخمة“ والحوسبة السحابية، لتقدم ثروة من التفاعلات والخدمات التي سوف تضيف قيمة كبيرة للمستهلكين. باستخدام هذه التقنيات، لا ريب أن تصبح الهواتف الذكية أكثر وعياً واستيعاباً لبيئتها المحيطة بها.
وستتمكن الهواتف في المنازل من الوصل المستمر مع الثلاجة مثلاً لتزويد المستهلكين بتفاصيل محتوياتها، وتواريخ انتهاء صلاحية كل منها إلخ. وكذلك من التحكم عن بعد في ”مناخ“ المنزل والتشغيل الدقيق لمختلف الأجهزة المنزلية، مع إمكانية الوصل بكاميرات المراقبة في المنزل.. وغيرها الكثير.
الأجهزة سوف تتغير بحد ذاتها إلى الأفضل من خلال استخدام تقنيات جديدة كالبطاريات الرقيقة والشاشات المرنة، تسمح بطيها في أشكال وأحجام مختلفة، وسوف تكون مطيعة تتم السيطرة على كافة وظائفها من العقل البشري بكل رفق وسلاسة، ومع الإضافات الخاصة بها، وستستجيب لرغبات أصحابها دون لمسها بالإصبع، أو حتى الصوت، ما يجعلها ذات فائدة خاصة للمعاقين.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *