خاطرة على إيقاع ثورة " الشغل و الحرية والكرامة الوطنية" في ذكراها الرابعة عشر ... !عمران حاضري
خاطرة على إيقاع ثورة " الشغل و الحرية والكرامة الوطنية" في ذكراها الرابعة عشر ... !
* احياء للذكرى 14 للثورة و وفاءاً لدماء الشهداء ، نزل جزء من الشعب التونسي و أطياف سياسية إلى الشارع للتظاهر... و بهذه المناسبة ، كلمة عابرة، لا بد منها لكل صاحب قلم و حامل فكر و هم و مشروع سياسي وطني ديمقراطي تحرري ، هي :
* إذا كان المظلوم و المنتهكة حقوقه و المفقر و المهمش و المعطل، يحتج في الشارع و في الساحات... و يضحي بروحه و دمه و أغلى ما لديه، فحري بنا و نحن ندعي الوعي المواطني الديموقراطي و الثوري و الوطنية و التوق إلى التحرر و الحرية و العدالة الاجتماعية... ان نضرب بفأس الكلمة الحرة على نحور "أصنام الخوف و الجهل و الحيف و الإستبداد و التبعية و الظلامية الإسلاموية و الحداثوية المشوهة الزائفة كما الشعبوية المحافظة و نفي العقل و تزوير التاريخ"... مهما كانت عناوينها و تمظهراتها ...!
* وكل فكر تقدمي و كل مشروع سياسي تحرري ناهض لا ينطلق من جمر سؤال الواقع و همومه و معاناة الشعب الكادح و الانشغال بمعالجته جذريا بما يحقق انتظارات و استحقاقات الجماهير الشعبية في الشغل و الحرية و التعليم و الغذاء و الدواء... لن ينتج سوى ثرثرة لا تصيب هدفاً جديا ، سوى أنها عملية عبثية في أجلى صورها الهلامية و الضبابية... !
* الثورة لم تنته كما يدعي البعض و لن يبتلعها الصندوق الإنتخابي و الشعارات الهلامية و السقوف المنخفضة ،،، بل بدأت للتو ، طالما أن أسباب اندلاعها قائمة بل تفاقمت مع الأزمة الاقتصادية الاجتماعية الطاحنة و تداعيات الخيارات التبعية الريعية المتخلفة و الميزانيات التقشفية العدوانية و الإنخراط الطوعي في شروط صندوق النقد الدولي كقاتل إقتصادي سياسي و الحفاظ على نفس الخيارات القديمة المتازمة التي ثار ضدها الشعب ...!
* بالتالي الأزمة ، أزمة خيارات قديمة متجددة و أزمة معيشية بالأساس تتمثل في النمط الإقتصادي التبعي المهيمن في المجتمع...!
* و لن يكون هناك استقرار يذكر و لن يهدأ الشعب ، إلا بتحقيق مطالبه الاقتصادية والاجتماعية أساساً كحاضنة و رافعة اجتماعية لباقي الحقوق و الحريات السياسية الديمقراطية التقدمية، مهما تعثر المسار الثوري ، رغم حالات السكون التي يشهدها الحراك الاحتجاجي الشعبي في بعض المحطات و التعرجات و المنعطفات التي تبقى بحاجة ماسة إلى التاطير و التنظيم و توحيد الطاقات الذاتية حول أرضية نقيضة للخيارات القديمة و مستقلة عن كافة مكونات المنظومة النيوليبرالية التبعية الرثة التي تشهد صراع أجنحة داخل نفس المنظومة في ظاهرة شبيهة ب"الداروينية الاجتماعية" و "البونابارتية" بعناوين جديدة...!
* و هو ما يحتم على الأطياف السياسية و المدنية التقدمية و الحداثة الديموقراطية الحقيقية ، المنتصرة للثورة و مطالبها والمنحازة للشعب و انتظاراته و للوطن و سيادته،،، التشاور والتنسيق و تجاوز العفوية و بالتالي صياغة التكتيكات المناسبة في ضوء بلورة رؤية استراتيجية واضحة المعالم تهدف إلى إنجاز التغيير الجذري المنشود شعبيا الذي يطال كلية المنظومة التبعية بمختلف مكوناتها و تمثلاتها عبر تشييد قطب وطني تحرري ديموقراطي شعبي على نفس المسافة من بقايا النظام القديم و الاسلام السياسي كما الشعبوية المحافظة ... !
* الشعب لا يملك ترف النزول إلى الشارع بل تحركه أوضاعه المزرية التي لم يعد يتقبلها و يحتمل التعايش مع هكذا أوضاع تذبح مقدرته الشرائية و تعتدي على أسباب عيشه و تحول المواطنين إلى متسولين نسقيين لدى الحكومات المتعاقبة...هذه الحكومات التي تسعى جاهدة إلى حرف التناقض الاجتماعي عن جوهره الحقيقي و هي التي لا تملك الحلول المناسبة لاستحقاقات الشعب الكادح طالما أنها تمعن في الحفاظ على نفس الخيارات التبعية القديمة المتازمة و اعتماد منوال تنموي ريعي خدمي بنكي ، هش ، غير قادر على إنتاج الثروة و القيمة المضافة...!
* صحيح أن الشعب التونسي لم يجن من ثورته المسروقة غير خيبة الأمل، لكنها اتاحت حيزاً من الحرية ، المنجز النسبي الوحيد للثورة على محدوديته و محاولات الحكومات المتعاقبة سلبه ، و العودة إلى مربع الإستبداد السياسي و الحكم الفردي المطلق...! كما السعي القصدي في الاحتيال السياسي المفضوح بعدم بعث "المحكمة الدستورية" طيلة ال 14 على إسقاط رأس النظام الدكتاتوري إلى الآن ، حيث يعيش الشعب على إيقاع المراسيم الداعمة للحكم الفردي المطلق...!!! حيث حول تيار الثورة المضادة شعار "الشعب يريد اسقاط النظام" من دليل شرف إلى دليل إهانة...!!!
* لكن ما لم يدركه البعض أن هذه الثورة و بصرف النظر عن عفويتها و تعثرها و افتقارها لقيادة سياسية تقودها و تحميها في كافة حالاتها و منعطفاتها ، و انكساراتها التي راكمت مسارها و بالتالى عدم إدراكها مطالبها الجوهرية ،،،
تعد ظاهرة تاريخية لم نشهد لها مثيلا منذ دستور قرطاج ...!!!
* واهم من يعتقد أن الشعب الذي كسر أغلال الخوف و قدم التضحيات و كوكبة من الشهداء و تلذذ نسبياً طعم الحرية ، يقبل بعودة الإستبداد تحت أي عنوان و أي مغالطة أو أي لوثة وعي...!
* الثورة ليست شعارا رومنسيا و شهوة نتغنى بها ، بل خوض معمعان النضال مع الجماهير الشعبية و تاطيرها و التعلم منها أيضاً و تلمس درجة وعيها و انشغالها و انضغاطها...!
* كما أن الحرية ليست مجرد شعار أو بحث اكاديمي بل فعالية مجتمعية و معركة تحرر مستمرة...!
*الحرية مهما تعددت صورها و مفارقات مفهومها و منزلقات تشخيصها في دولة معينة، في نظام معين أو لدى فرد معين... تبقى على رأس جدول الأعمال كونها معركة تحرر مستمرة في الواقع الاجتماعي المعيش و فعل قصدي في التاريخ بجوهرها الاجتماعي و بالتالي تبقى أرقى ضرورة حياتية ، حيث يتوحد النضال من أجل الحرية مع جوهرها الاجتماعي بما تعنيه الديموقراطية الشعبية/ الاجتماعية من مساواة و تكافؤ و توزيع عادل للثروة و التعليم العمومي و الرعاية الصحية و الاجتماعية و عدالة اجتماعية منشودة بكافة مفرداتها... و البحث في مفارقاتها ، افضل وسيلة للاحتفاظ بها في سياق التطور التاريخي و التحرر الوطني و الانعتاق الاجتماعي بأفقة الإشتراكي ...!
* لكن بعض المهمومين بموضوع الحرية بصفة مجردة ، يغيب عنهم المفهوم الطبقي للحرية...! فالحرية مفهوم اجتماعي طبقي ليس له معنى يذكر بغياب العلاقات الطبقية و ما يكتنفها من صراع ، حيث تتناسب مساحة الحرية التي تتمتع بها الطبقة المسيطرة في المجتمع ، تناسبا عكسياً مع مساحة الحرية لدى الطبقة الأخرى المقابلة لها في الصراع...!
* النضال من أجل الحرية و التحرر و الانعتاق و الإنتصار للثورة مع الألم... أكرم للفرد الاجتماعي من العبودية و الخضوع مع "سعادة" واهمة و طمأنينة البؤس و الركود و خوف و تشكيك الذين تزعجهم الطموحات والمقاصد من محترفي "نظرية المؤامرة" و الحذلقة في محاولة عبثية لتزييف الوعي بصفة واعية أو لا واعية بهدف اءعفاء الشعب من مهمة التغيير الجذري المنشود ...!
* الثورة هي أعلى مراحل الديمقراطية ان الوعي بقضية الثورة و الحرية والكرامة الوطنية هو معركة تحرر مستمرة و فعل قصدي في التاريخ و هو منبع الحرية...!
* اذا فرطت يوماً في مفاتيح حريتك و معركة تحررك ، فاستعد لسلاسل اغترابك و عبوديتك...!
عمران حاضري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق