"النعل على من باع غزة بقرش (شدمي)" بقلم: فادي سلايمة
"النعل على من باع غزة بقرش (شدمي)"
بقلم: فادي سلايمة
هذا المقال اليوم موجه للمأفون (رئيس السلطة المسلطة على رقاب شعبنا) الذي لم يدرك بعد أنّ المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية الجارية عبثية عبثية، وأن شروط نجاحها غير متوفّرة حالياَ، وأن ما تسمى "السلطة الوطنية الفلسطينية" (وهي في الحقيقة بدون سلطة، وغير وطنية، ولا فلسطينية) بتركيبتها الجغرافية وهيكلتها الاقتصادية المطروحة حالياً غير صالحة للبقاء والحياة !!
وهل سمعت - أيها المأفون - أصلاً بقصة قرش (شدمي) ؟!
ألا هل أتاك حديث الملاحم وذبح الأناسي ذبح البهائم
وقصة شعب تسمى: ... حصاد الجماجم
ومسرحها... قرية.. اسمها: كفر قاسم..؟؟ كما قال توفيق زياد.
أم أنك نسيت قصة كفر قاسم .. التي قال عنها محمود درويش:
"كفر قاسم، قرية تحلم بالقمح وأزهار البنفسج، وبأعراس الحمائم كفر قاسم، إنني عدت من الموت لأحيا، لأغني، فدعيني أستعر صوتي من جرح توهج وأعينيني على الحقد الذي يزرع في قلبي عوسج إنني مندوب جرح لا يساوم علمتني ضربة الجلاد أن أمشي على جرحي وأمشي... ثم أمشي.... وأقاوم".
- ما هي قصة قرش "شدمي" ؟!
للتذكير فقط في 29/10/1956 وخلال العدوان الثلاثي على مصر، أعلن الجيش الصهيوني عن منع التجول، في الوقت الذي كان عدد من أهالي كفر قاسم في أماكن عملهم خارج القرية ولم يسمعوا بالقرار. فكان القتل بدم بارد نصيبهم حيث أوقف الجنود السيارات التي تنقل العمال والعاملات، وأجبروهم على النزول منها، وكان "شدمي" هو ذلك الضابط الإسرائيلي الذي أعطى الأوامر لجنوده لقتل المزارعين الفلسطينيين العائدين إلى قريتهم كفر قاسم قائلاً:
- احصدوهم !
وفعلاً تم تصفيتهم ميدانياً. وحصد الجنود الإسرائيليون أرواح (49) مواطناً فلسطينياً (نصفهم من النساء والأطفال). وكان "شدمي" يصرخ في جنوده القتلة بـ "ألّا يُسرفوا بالرصاص، وأن يكتفوا بطلقة واحدة برأس كلّ عربي" !
حاولت الحكومة الصهيونية إخفاء الجريمة ولكن مع انتشار اخبارها ونتيجة الضغط الجماهيري أُجبرت على محاكمة (11) متهماً بارتكاب المجزرة وهم: شموئيل ملينكي، يساخار شدمي، جبرائيل دهان، شالوم عوفر، مخلوف حروّش، الياهو أبراهام، جبرائيل عولئيل، البرت فحيما، ادمون نحماني إسماعيل عبد الرحمن، زكريا شعبان، ودانئيل سمينيتش. برأت المحكمة ساحة ثلاثة من المتهمين وحكمت على ملينكي بالسجن (17) عاماً وجبرائيل دهان بـ(15) عاماً والباقون بمدد تراوحت بين (5-7) سنوات. غير أن هذه العقوبات لم تتم ولم ينه أي منهم مدة محكوميته، فقد قررت محكمة الاستئناف تخفيف المدة، حيث أطلق سراح آخرهم مطلع 1960، ولم تعرقل الأحكام تقدمهم وترقيتهم بالوظائف لاحقاً.
أما قمة السخرية فكانت العقاب الذي فرض على قائد المنطقة "يساخار شدمي" المتهم الأول صاحب الأمر بارتكاب المجزرة الذي تمت تبرئته من تهمة القتل العمد وأدانوه بتهمة «تجاوز الصلاحيات»، وحكموا عليه بالتوبيخ وبغرامة مقدارها قرش واحد (عشر بروطات إسرائيلية)، وفعلاً دفع الضابط الإسرائيلي "شدمي" الغرامة وهي قرش واحد !
- هل تصدق ؟!
- أرواح 49 فلسطينياً مقابل قرش واحد !
فذهب هذا الحكم الجائر مثلاً عند شعب فلسطين فقالوا (زي قرش شدمي) للتعبير عن سخطهم على مهازل القضاء الإسرائيلي وعدم ثقتهم بالمحتل.
- إذاً ماذا تنتظر - أيها المأفون - في مفاوضاتك العبثية من حكومة احتلال ساوت يوماً (49) شهيداً فلسطينياً بقرشٍ واحد في محكمة نظامية ؟! وبمن تثق وأنت ترى دماء عشرات الألوف من الأطفال والنساء والشيوخ والأبرياء تراق في غزة والضفة اليوم ؟!
في الختام اعلم - ثكلتك أمك - أن من لم يتعلم من "قرش شدمي" لن تنقذه الأحلام والاستجداءات السياسية ولا الوعود الخلبية. واعلم أن من لا يقرأ التاريخ لا يفقه السياسة !
وتذكر أنه عندما غادر "شدمي" قاعة المحكمة رفع يده يعرض بوقاحة وتفاخر القرش الذي حكم به، وتم توثيق هذه الصورة - أدناه - بواسطة صحافيين. فكان الرد الفلسطيني على لسان سميح القاسم:
يا جبهة السفاح لا تتشامخي نعل الشهيد أعز منك وأكرم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق