جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

اختزال الصراع الفلسطيني في حماس: خطة مدروسة أم جهل مُتَعَمّد !!!!نصري برغوثي

 اختزال الصراع الفلسطيني في حماس: خطة مدروسة أم جهل مُتَعَمّد !!!!نصري برغوثي

في أعقاب الصراع المتجدد في غزة وتزايد الاهتمام الإعلامي العالمي، أصبح واضحًا أن وسائل الإعلام الغربية، بما في ذلك تلك التي تدعم الرواية الإسرائيلية، قد سعت بشكل متعمد إلى اختزال الصراع الفلسطيني إلى مواجهة مع حركة حماس فقط. هذا الاختزال، الذي يركز على تصنيف حماس كحركة إرهابية ومنظمة انقلابيّة، قد سهل تسويق فكرة أن الصراع الفلسطيني هو مجرد "حرب ضد الإرهاب" أو "حرب ضد تنظيمات إسلامية متطرفة" مدعومة من ما يسمونه المشروع الشيعي ، متجاهلاً بذلك الجوانب الأوسع والأعمق للقضية الفلسطينية.
فصائل المقاومة الفلسطينية: 32% من المقاومين لا ينتمون إلى حماس
حسب التقديرات من مصادر متعددة، فإن 32% من المقاومين في غزة ينتمون إلى فصائل فلسطينية أخرى تتنوع في اتجاهاتها الفكرية والسياسية. على سبيل المثال، تُقدّر أعداد مقاتلي الجهاد الإسلامي بنحو 10,000 مقاتل، وكتائب شهداء الأقصى، التي تمثل الجناح العسكري لحركة فتح، يبلغ عدد مقاتليها 5,000 مقاتل. إلى جانب ذلك، توجد فصائل أخرى مثل ألوية الناصر صلاح الدين وكتائب أبو علي مصطفى، وكل منها يساهم بشكل كبير في المقاومة ضد الاحتلال. إذا كان عدد مقاتلي حماس في غزة يُقدّر بنحو 40,000 مقاتل، فإن المقاومة الفلسطينية ككل تضم ما يناهز 70,000 إلى 90,000 مقاتل في القطاع. هذا يوضح بجلاء أن المقاومة لا تتمحور حول فصيل واحد، بل هي جهد جماعي تشارك فيه عدة فصائل بمختلف التوجهات.
الإعلام الغربي واختزال المقاومة:
إحدى أكبر المشكلات في تناول الإعلام الغربي للصراع الفلسطيني تتمثل في اختزاله في حماس فقط، بالرغم من تعددية الفصائل المشاركة في المقاومة. تكمن خطورة هذا الاختزال في أن التركيز على حماس يُسهم في تصوير الصراع الفلسطيني وكأنه صراع مع فصيل إسلامي متطرف، مُدرج على قوائم الإرهاب. هذا التوجه يسهل تسويق رواية الاحتلال الإسرائيلي ويحول الأنظار عن القضايا الجوهرية التي تشكل أساس الصراع، مثل الاحتلال الإسرائيلي المستمر للأراضي الفلسطينية، والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
من خلال هذا التصوير، يُعرض الصراع الفلسطيني على أنه ليس أكثر من "مقاومة إرهابية" ضد "شرعية" الاحتلال الإسرائيلي، ويُختزل كل ما يتعلق به إلى جوانب دينية وإيديولوجية، مما يساعد على تجاهل الأبعاد الوطنية والسياسية التي تشكل جوهر القضية الفلسطينية.
تسويق الفكر الغربي: حماس كفصيل "إرهابي" منقلب على الشرعية
هذا النهج الإعلامي لا تقتصر مخاطره على محيط وسائل الإعلام الغربية فقط. فهناك من يسهم عن قصد أو جهل في ترويج هذا المفهوم داخليًا، وهو ما يُعد خطيرًا على المستوى الفلسطيني. من المؤسف أن بعض الجهات الفلسطينية، سواء كانت في السلطة أو من بعض المثقفين، قد تروج لهذا التصور، متناسية أو متجاهلة أن الصراع الفلسطيني ليس مجرد "صراع مع حماس" بل هو صراع سياسي ووطني مع الاحتلال الإسرائيلي، الذي يسعى إلى محو الهوية الفلسطينية وطمس حقوق الشعب الفلسطيني.
من خلال التصوير الإعلامي لهذا الصراع على أنه "حرب ضد حماس" فقط، يتم حرف بوصلة النضال الفلسطيني بعيدًا عن الهدف الرئيسي: تحرير الأرض الفلسطينية واستعادة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني. الأمر الذي يفتح المجال لصراع داخلي فلسطيني، كما نشهد في بعض النقاشات التي تُركّز على اتهام حماس بالانقلاب على "الشرعية" بدلاً من توجيه التركيز نحو الاحتلال الإسرائيلي واحتلاله للأراضي الفلسطينية.
السلطة الفلسطينية: ترويج المفهوم الإسرائيلي الأمريكي
المفارقة المؤلمة أن السلطة الفلسطينية، التي من المفترض أن تكون رائدة في تمثيل القضية الفلسطينية، أصبحت في بعض الأحيان أكبر مُروج لهذا المفهوم، خاصة في الدوائر الغربية. الترويج لهذا التصور لم يقتصر على الإعلام الإسرائيلي والغربي، بل بدأ يتسرب في الخطاب السياسي الفلسطيني الداخلي. هذا، بدوره، يخدم أجندة الاحتلال الإسرائيلي ويعزز الرواية الأمريكية بأن الصراع ليس بين شعب مظلوم وقوة احتلال، بل بين فصائل فلسطينية يسعى كل منها إلى تحقيق مصالحه الخاصة.
ضرورة إعادة التركيز على جوهر الصراع:
إن اختزال الصراع الفلسطيني في مواجهة مع حماس فقط هو خطأ استراتيجي سيؤدي إلى حرف البوصلة الوطنية الفلسطينية. نحن بحاجة إلى إعادة التركيز على جوهر القضية الفلسطينية: حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، والتحرر من الاحتلال، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس. يجب أن نكون حذرين من الانجراف وراء محاولات تفكيك هذا الصراع المعقد وتحويله إلى مجرد صراع ديني أو إيديولوجي مع فصيل معين، بل يجب أن نعيد صياغة الخطاب الفلسطيني بما يعكس التنوع الثري للقضية الفلسطينية، وأهمية الوحدة الوطنية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *