حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي يحيي الذكرى10 لرحيل القائد احمد بنجلون
يحيي حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي الذكرى10 لرحيل القائد احمد بنجلون يوم الاثنين 3-2-2025 على صفحته الرسمية بفايسبوك على الساعة ال8 مساء .
يشارك في الندوة قيادات الحزب وطنيا الرفيقة حكيمة الشاوي والرفيق محمد الحنفي والرفيق عبد السلام الشاوش كما يتخلل الندوة شهادة للفقيد عثمان بناني اخ غيثة بناني زوجة الشهيد المهدي بنبركة في حق الراحل احمد بن جلون.
الندوة ستنقل على صفحة الحزب الرسمية:
كلمة وفاء في حق إنسان !
المناضل الأصيل احمد بنجلون
* عثمان بناني
ذلك وأنا أسير خلف نعشه وسط جمهور غفير من البشر، أغلبهم كان يسير وفي قلبه غصة، ونفسه حزينة لفقدان ابن بار للشعب المغربي، ومناضل أصيل فقدته الجماهير الشعبية قاطبة، هؤلاء هم الذين كانوا يخاطبهم السي أحمد، أما البعض من الآخرين الذين كانوا موجودين وكانوا يدردشون مع بعضهم أحيانا وأحيانا يضحكون، فلست أدري ما الذي جاء بهم إلى روضة الشهداء، كانوا من هؤلاء الذين انتقلوا بوجه أحمر بين الضفاف وغيروا ألوانهم، وكان الشهيد كان اسمه الحركي "عبد المومن"، ثم خاصة عندما استرجع اسمه الخالد "أحمد بنجلون" الرفيق المناضل في كل الجبهات يقول عنهم: "هؤلاء المنهزمون الذين يزورون التاريخ النضالي للشعب المغربي، وكان يعاني من مواقفهم العدائية والعدوانية وانتهازيتهم ومحاولات تحطيمهم لنضال شرفاء الحركة الوطنية التقدمية في عز المعارك، من أجل بناء أداة تنظيمية ثورية ومغرب حر ديمقراطي، قلت لنفسي وأنا أرى الجثمان الطاهر يختفي للأبد، "جنازتك عظيمة يا السي أحمد، وهي قد تكون أقل من مسيرتك النضالية، هؤلاء المنافقون الذين حاربوك حيا جاؤوا وأنت في الطريق نحو العالم الآخر، ما فعلوه من ذنوب وخطايا في حقك وفي حق هذا الوطن".
كان السي أحمد يقول دائما: " تعلم أن تعيش حتى لو أصبحت حياتك لا تطاق؟"، وقد كان هو شخصيا يمارس ذلك يوميا، فقد كان ذاك الإنسان الذي طحنته الحياة، والذي أذاقته المرارة وخيبات الأمل في محطات عديدة متنوعة من حياته، وأحاطته بالأحزان والآلام، عندما يتأمل أحوال الوالدة وإخوته ومجموع عائلته الصغيرة والكبيرة، وظروف الفقراء على التراب المغربي، وامتحنته بضرباتها التي تكسر العظم وتحطم النفس وتقتل الثقة في بعض الرفاق والإخوان وأصدقاء العمر...
وخرج من الجحيم قوي العزيمة والإرادة والنفس العالية القوية الأبية، بعد أن اخترقته الموت مرارا فوق مسلخة القتلة المجرمين، حتى قال عنه أحد الزبانية مستغربا في مرة من المرات التي كان على وشك الهلاك "هذا ال.. كالقط له سبعة أرواح..."
كان السي أحمد مناضلا ثوريا حقيقيا من النوع الذي ترى نماذج له في الثورات العظيمة كالثورة الريفية، والحرب ضد فرانكو الفاشستي في اسبانيا الجمهورية، والثورة الفيتنامية، والثورة الكوبية والمقاومة المغربية ضد الاحتلال الفرنسي، وقد كان فعلا قائدا وزعيما حقيقيا من طينة هؤلاء الذين بصموا تاريخ المغرب النضالي، إذا كانت أفكاره ومبادئه ومعتقداته وتوجهاته واختياراته وسلوكه وتصرفاته، تسير كلها وتصب في اتجاه واحد، هو الرغبة في التحرر وتحقيق الاستقلال الحقيقي وبناء المجتمع الجديد بعيدا عن الهيمنة الأجنبية والرجعية بمختلف أشكالها ومستوياتها....
وكان السي أحمد يحب الجلوس مع خالته البتول أم محمود بنونة، وقد كان يرى فيها كما كان يقول أمه للاآمنة، تلك المرأة العظيمة التي عاشت في قرية بني مظهر حياة حافلة بالكفاح والتضحية والصبر والمعاناة والصمود، وهي ترى أبناءها لا يغادرون السجون إلا ليعودوا إليها مرة أخرى؛ وكان السي أحمد عندما يثار موضوع اغتيال المهدي وعمر أن قضيتهما قضية واحدة، وأنها قضية لا يصح التلاعب بها واستغلالها كما حدث مرارا كورقة سياسية في أي مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة، كما فعلت بعض الأطراف الانتهازية من أجل خدمة أغراض حزبية مصلحية ضيقة، وكان يعتبر أن الكشف عن الأسرار الكامنة خلف جريمتي اغتيال المهدي وعمر ليس مهمة عائلتيهما فقط، وإنما أيضا هو واجب كل القوى التقدمية المغربية التي ما زال قلبها ينبض بالحياة، لأن ذلك يدخل في إطار الكشف وفضح القوى التي كانت تحطم كل المحاولات الرامية لتحقيق وطن مغربي ديمقراطي متحرر.
وفي حديثه عن قضية الشهيد المهدي بن بركة والمحاكمة التي جرت في باريس سنة 1966 – 1967 كان السي أحمد يتساءل مندهشا ومستنكرا عدم مشاركة محامي عائلة المهدي في الشطر الثاني من المحاكمة الذي انطلق يوم 17 أبريل 1967، والتي انتهت بتبرئة القاتل السفاح أحمد الدليمي..
كان السي أحمد يتساءل عن الأسباب الحقيقية وأسرار انسحاب الطرف المدني من المحاكمة، ومن الذي أعطى الأمر بذلك؟ وهل كان وراء ذلك الانسحاب اللا معقول حسابات سياسية مغربية / مغربية، ومغربية / فرنسية ؟ تلك التي جعلت المحكمة تبرئ الدليمي وتجعل هذا الأخير يتعنتر ويصرخ بعجرفة أمام الجميع...
وحتى قبل وفاته كان السي أحمد مقتنعا بأن هناك سر وراء انسحاب الطرف المدني من محاكمة مختطفي الشهيد المهدي بن بركة، وأن هذا السر هو الآخر يجب كشفه وفضحه حتى تظهر الحقيقة ناصعة في جريمة اختطاف واغتيال أحد مؤسسي الحركة اليسارية التقدمية المغربية.
وعندما كان السي أحمد يتحدث عن محمود (محمد بنونة) كنت عندئذ تكتشف أن هذا الإنسان المناضل الصارم الصلب الصريح، توجد في أعماقه عواطف إنسانية جارفة يحاول في بعض الأحيان إخفاءها، ولكنها كانت تفضحه في المناسبات التي كانت تثار فيها قضايا تمسه في صميم عقله وقلبه. كان محمود بالنسبة له الصديق ورفيق الطريق الذي لا غنى عنه، وقد كانت علاقتهما من نوع خاص، فالاثنان يتمتعان بشخصية قيادية قوية، وثقافة متينة وتجربة شعبية هائلة وقدرة على ربط الاتصال وخلق علاقات إنسانية ذات قيمة عالية مع أبسط المناضلين بدون عجرفة ولا أبوية ولا نفاق فيها ولا انتهازية ولا خديعة ولا استغلال، وقد كانا منذ البداية في مقدمة "التنظيم"، يؤطران ويتقدمان الصفوف وليس كالبعض المختفي حتى ينجلي الغمام وتتأكد النجاة.....كانا يؤمنان بالاشتراكية العلمية، وبضرورة تنظيم حزب طلائعي يعتمد على الطبقة العاملة والفلاحين والفقراء والمثقفين الثوريين لقيادة التغيير في المغرب، وكان نموذجهما المثالي هو الحزب الفيتنامي وهو الحزب الشيوعي الصيني، وكانا في نهاية الأمر يحلمان بالقيام بمسيرة كبرى كمسيرة ماو تسي تونغ، وحتى آخر أيامه كان السي أحمد يشعر بأسى بليغ بأن مسيرته هو انتهت في مدريد في 29 يناير 1970، ومسيرة محمود انتهت في أملاكو في 3 مارس 1973.
لم يكن السي أحمد بنجلون مناضلا عاديا، وقد فقدت بلادنا والجماهير المغربية قاطبة وليست فقط أسرته الصغيرة وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي واليسار المغربي، مناضلا يساريا صلبا وإنسانا متفتحا وديمقراطيا متواضعا، ومثقفا واسع الإطلاع والتجربة، يتقن الحوار والإنصات دون تنازل عن مبادئه وأفكاره، ودون أن يصادر أفكار ومبادئ الآخرين.
وها هو أخيرا قد انضم إلى قافلة الشهداء، وترك لنا ذاكرة "نعتز بها وسندافع عنها"، وداعا يا عبد المومن، يا السي أحمد، وهنيئا لك في عالم الخلود.
الرباط في مارس 2015: في الذكرى 41 لاستشهاد محمد بنونة.
* لقد رحل الاخ عثمان بناني الى حيث الخلود والمجد لشرفاء هذا الوطن، في يوم 30 يونيو 2016.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق