من الإختيار الثوري إلى الإختيار الديمقراطي مهام الإنتقال العسير إلى الديمقراطية-بقلم : ذ.عبد الغني حيدان
من الإختيار الثوري إلى الإختيار الديمقراطي
مهام الإنتقال العسير إلى الديمقراطية
وجهة نظر:
بقلم : ذ.عبد الغني حيدان
قافلة التحرير تشق طريقها بإصرار وإن رحل المخلصون والشهداء الأوفياء، فلازال المخلصون من أبناء الجماهير الشعبية والمناضلين الصامدين، أوفياء للتحرر والتقدم والديمقراطية، رغم الكبوات والعثرات وضعف الأداء السياسي والتنظيمي لفصائل حركة التحرر الوطني المغربية.
رحيل المناضلين الصادقين..محمد بوكرين،أحمد بنجلون، محمد بنراضي،أحمد أوشن، صادق العربي الشتوكي، عبدالغني بوسته السرايري، لحسن مبروم، مصطفى اكحيري، محمد بفيس، ابرهام السرفاتي، عبد السلام لمودن، ادريس بوش ولائحة المناضلين الراحلين طويلة،الذين التحقوا بقافلة شهداء الوطن من أجل التحرر والتقدم والديمقراطية الحقة..المقاوم الرشدي،محمد بن حمو،أحمد بن محمد تاجا،عبدالله الزناكي، مولاي إدريس بن أحمد الدكالي، أحمدأكوليز المدعو بشيخ العرب، المهدي بنبركة، محمد بنونة، زكريا العبدي، لحسن تغجيشت، مصطفى يوس، عمر بنجلون، اجبيهة رحال، عبداللطيف زروال، سعيدة لمنبهي، محمد اكرينة، أمين التهاني، عبدالله موناصير، مصطفى بلهواري، مولاي أحمد الدريدي...ودرب أسماء الشهداء طويل....
لامحالة يسعف كل الوطنيين الصادقين، في أن يتذكروا بعمق نظري أكثر من أي وقت مضى، ظروف وتعقيدات الوضع النضالي للجماهير الشعبية وحركاتها الوطنية في الشمال والجنوب وفي الوطن كله،وظروفها السياسية، والإقتصادية والإجتماعية،وماتحملته من تبعات،وعامل الإستعمار الذي دق إسفين الهيمنةالسياسية،والإستغلال الإقتصادي،والسيطرة الميدانية لثروات البلاد...هذا الغياب الإضطراري للأوفياء والشهداء يسعف الوطنيين الصادقين بالأساس، في أن يعيدوا النظر في قراءة تاريخنا السياسي الوطني والحزبي، لا على قاعدة بيانات نظرية توصيفية، ولكن على بساط المراجعات السياسية العميقة، بما تستحقه هذه القراءة من نقد ونقض للأسس الخارجة عن مساحة التاريخ الحي، وعن سقف المعطيات الثابتة، وعن سياسة الحقيقة، رغم المعطيات الكثيرة والأسرار التي جرت وتجري تحت الجسر، لاتعلمها إلا دوائر القرار السياسي،للدول الإستعمارية وحلفائها......لعل مايميز هذا المسار النضالي لحركة التحرر المغربية.
وفي المغرب العربي الكبير، هو نضال وكفاح خطها الوطني الديمقراطي، الذي شكل من موقعه النضالي، خطا سياسيا تقدميا ثوريا وبؤرة وطنية جماهيرية اتسعت لكل الجماهير والقوات الشعبية،من عمال وفلاحين وتجار وشباب متحمس للتحرر والحرية والتقدم والديمقراطية والعيش الكريم.
إن حركة الخط الوطني الديمقراطي الأصيلة،بما هي استمرار لحركة التحرير الشعبية،كانت ولازالت المحور الرئيس والأساس في معركة الصراع الوطني المسنود بالصراع الطبقي،أدت الجماهير الشعبية وقواها الحية المناضلة،فاتورة الكفاح والنضال الشاق والعسير،في غمار القمع الشديد والإعتقالات والمحاكمات الصورية والإعدمات،ومجازر ارتكبت في سياق سلسلة أحداث متعاقبة في حق الشعب والجماهير،سواء إبان مرحلة الإستعمار أو مابعدها،ولازالت فصول سنوات الجمر والرصاص لم تنته بعد،في ظل استبداد طال أمده،وفساد متمكن متعدد ومهيكل،احتل مواقع القرارفي أجهزة الدولة والمجتمع وماخفي أعظم....
حركة التحرر الوطني المغربية ومسألة الديمقراطية
إذا كانت الحركة الوطنية قد تأسست على اختيار وطني ثوري تحرري بمضمون سلفي متجدد،فإنها لم تقف موقف الشك والعداء من الديمقراطية،بل كانت الديمقراطية،من صلب مطالبها الأساسية وأهدافها النضالية،في مواجهة المستعمر والإستبداد والفساد،لولا ظروف الإستعمار،وشروط الحالة الوطنية المتشابكة،والوضع الذاتي المعقد للحركة الوطنية،ممايعني أن الإستعمار كان السبب الرئيسي في الإجهاز على متطلبات الديمقراطية،مكرسا بذلك ديمقراطية الواجهة والأسياد،بهدف تشتيت جهود حركة التحرربالشمال والجنوب من الوطن،في الكفاح الوطني،وحيث أن الحركة الوطنية بدورها رهنت مطلب الديمقراطية، في الإصلاحات السياسية ،على مستوى الإدارة والمجالس وبعض الأجهزة السياسية لإدارة الحكم،كما ربطت مسألة التحرير أولا وأخيرا بجلاء المستعمر،ورفضها المطلق لعقد شراكة مع المستعمر في تسيير الشؤون الإدارية والسياسية،وشؤون الحكم،....هذه الرؤية،تفسر بوضوح أن الحركة الوطنية،لم تتأثر سياسيا وفكريا،بديمقراطية النهضة وعصر الأنوار،إنما عاشت تمثلات لبعض مظاهرها السياسية،وبما أن الحركة الوطنية هي المعبر الحقيقي عن طموحات الشعب،وجزء لايتجزء من نسيجه،فإن سقف طموحات الجماهير وحركتها الوطنية،في التحرروالتقدم والديمقراطية،لم تتأسس بالمطلق على الإنتفاع من ديمقراطية النهضة وعصر الأنوار...
محنة الإنتقال ألى الديمقراطية الحقة
إن محنة الإنتقال إلى الديمقراطية الحقة،الممتدة من 1908إلى يومنا هذا،هي محنة كل الجماهير الشعبية وقواها الحية،في بلوغ أهدافها،وماترتب عن هذه المحنة من تداعيات،على مستوى الوعي العام الوطني الذي ظل محصورا،بين فكي كماشة التقليد والحداثة،على مقاس الحاجات السياسية والمذهبية،وطغيان توظيف السياسي للمقدس والموروث،مما عمق إرباك وجدان الجماهير،ولجم عقلها السياسي في التمكين من الفصل السلس،بين مساحة السياسة وحدود المقدس،بحكم عوامل الإنغلاق الثقافي والتخلف الإقتصادي والفكري والعلمي،وانكماش الرؤية السياسية للفاعلين السياسيين التي طبعت تلك المرحلة،ومع ماكرسه واقع الإستعمار والتبعية،من تهميش لإرادة النخبة السياسية المغربية الفاعلة في الحقلين السياسي والفكري،ومحاربة أي توطين لمتطلبات الديمقراطية،بمنظور استرتيجية بناء مقومات التنمية الشاملة،والإصلاح الفكري والسياسي على قاعدة التحرر والتقدم والديمقراطية..
احتجاجات الريف،العقدة والحل...
مآزق أحزاب فيدرالية اليسار الديمقراطي...
إن احتجاجات الريف وبالضبط في الحسيمة،يعكس في العمق تناقضات الحالة الوطنية المعقدة،في ظل اقتصاد كسيح وآمال سياسية جريحة،وعيش غير كريم وبطالة خصبة التوالد لشباب طالت انتظاراته..إنها احتجاجات على واقع الإستبداد والفساد،والفوضى الخلاقة،في تدبير شؤون الحكم،منذ بداية الإستقلال،في تزوير الإرادة الشعبية،وتهميش وإقصاء النخب السياسية. والمثقفة من معترك الصراع السياسي الحقيقي،ووضع دساتيرعلى المقاس بما يخدم مصلحة أقلية منتفعة من الوضع الإقتصادي والسياسي،قضاء غير مستقل،ومؤسسات لاتقوى على التشريع الديمقراطي الجريء .....احتجاجات الريف كانت عقدة المخزن السياسي والمخزن الإقثصادي،وصراع وتضارب المنفعة الطبقية بين أجنحته......احتجاجات الريف،كانت عقدة أليسار،منهاأحزاب فيدرالية اليسار التي تراجع منسوب فعلها السياسي والجماهيري، واستنفدت مخزونها السياسي والتنظيمي،في الجري وراء هدير الأحداث المزلزلة،وإعلان قائمة المبادىء المديلة بالتضامن والوقفات التي يحظى اليسار بقلة عددية فيها،دون أن ننكر على انفسنا كيسار،جرأتنا وصمودنا وحضورنا في كل الوقفات والمسيرات..الواضح والأكيد،أن حركة التحرر الوطني المغربية، كانت ولازالت عنوان مرحلة مهمة في تاريخنا الحديث والمعاصر،في الدفاع باستماتة،عن أسس الديمقراطية الحقة، وتبيئة مقوماتها الفكرية والسياسية،إلا أن الوضع الداتي لفصائلها وخصوصا أحزاب فيدرالية اليسارشهد حالة تردي وضمور في الأداء التنظيمي والسياسي والجماهيري،حيث افتقدت الإمساك بزمام المبادرة في التأطير والتنظيم والتوسع،ضعف الإنتاج والإبداع في تطويرآليات العمل الجماهيري والسياسي،لمواجهة الفساد السياسي والإقتصادي،وصعوبتها القصوى في تدبير الملفات الكبرى المرتبطة بهموم الجماهير كملفات الصحة والتعليم والشغل والبطالة والإقتصاد والديمقراطية والتنمية الشاملة....إلخ..... أحزاب فيدرالية اليسار افتقدت لفلسفة توحيد أجزاء اللوحة السياسية لحشد الجماهير وتعبيتها بما يفيد بإمكانية الإقناع،بضرورةجدوى النضال الديمقراطي على قاعدة التحرر والتقدم والديمقراطية والعدالة الإجتماعية....أحزاب فيدرلية اليسار افتقدت المزاوجة بين جودة العرض السياسي، المفروض إنتاجه وإبداعه بقيم وآفاق الكتلة التاريخية كحاضنة سياسية وثقافيةلكل فئات الشعب ومكونات المجتمع الراغبة في التغيير نحو التحرر والبناء الديمقراطي الحقيقي ....أحزاب فيدرالية اليسار غيبت أسس التنظيم الخلاقة،كسلاح النقد الحازم والموضوعي،والنقد الذاتي الصريح والصادق،والإيمان بفلسفة التدرج الصارم في تحمل المسؤليات التنظيمية والسياسية....غياب تكوين مدرسة للأطر والتي لطالما دافع عنها المناضلون كالشهيد عمر بنجلون...أحزاب فيدرالية اليسار لم تفعل سلسلة التثقيف السياسي والفكري،بما يشبع وجدان الجماهير الشعبية، من قيم أصيلة تعكس روح ماضيها المشرق،وحاضرها المتناقض المتطور...أحزاب فيدرالية اليسارظلت تنظيماتهاأسيرة الصراع والخلط بين قيم الحداثة والليبرالية والقيم الإشتراكية، وترددها في استيعاب جزء من ثقافة الجماهيرالشعبية، والمتمثلة في إيمانها بمنظومة القيم الدينية ....أحزاب فيدرالية اليسار مازالت لم تبلور بعد فلسفة حفظ الذاكرةالجماعية للجماهير والشعب وتحريرها من ماضي الجمود والاوهام...مازالت أحزاب فيدرالية اليسار لم تبلور رؤية سياسية موضوعيةلواقع الفكر العربي والإسلامي،ولواقع الفكر الإشتراكي......
انتهى...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق