جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

ملاحظات حول قراءة عمر أحرشان، عضو جماعة العدل والإحسان، للتعديلات الجديدة المتعلقة بمدونة الأسرة*الرفيقة زينب السايح

 ملاحظات حول قراءة عمر أحرشان، عضو جماعة العدل والإحسان، للتعديلات الجديدة المتعلقة بمدونة الأسرة، في بودكاست "بصيغة أخرى" الذي يقدمه الصحفي حمزة الفاضلي Hamza El Fadil .

استمعتُ إلى الحوار الذي أجراه برنامج بصيغة أخرى مع القيادي في جماعة العدل والإحسان، عمر أحرشان، وأود مشاركة بعض الملاحظات التي لفتت انتباهي، خصوصًا فيما يتعلق بموقفه من التعديلات الجديدة لمدونة الأسرة.
في البداية، أود التأكيد على أهمية الحوار والنقاش العمومي مع الإسلاميين، باعتباره السبيل الأمثل لبناء جسور التواصل، وتوضيح المواقف بعيدًا عن الاتهامات والأحكام المسبقة. كما يجدر الإشارة إلى أن جماعة العدل والإحسان، عبر بعض قيادييها، نجحت في تجديد خطابها، لكنها للأسف حافظت على نفس المضمون التقليدي دون أي مراجعة جوهرية. في هذا السياق، أود إبراز بعض التناقضات التي لاحظتها في مداخلة عمر أحرشان:
1. الإقرار بضرورة تعديل المدونة مع التشبث بقدسية النص.
أقرَّ المتحدث بضرورة تعديل المدونة، خاصة أن مرور عشرين عامًا على آخر تعديل يستوجب مراجعتها في ظل التحولات الاجتماعية. ومع ذلك، يعارض في الوقت نفسه تغيير النصوص باعتبارها مقدسة، مما يخلق تناقضًا واضحًا بين الاعتراف بضرورة التطوير والتمسك بالنصوص كما هي.
2. الدعوة إلى الاجتهاد ثم رفضه عمليًا
رغم تأكيده على أن الاجتهاد في الدين ضروري، إلا أنه يرفض أي اجتهاد قد يؤدي إلى تغييرات جوهرية، بحجة أن ذلك قد يهدد ثوابت الدين. وهنا يظهر تناقض آخر بين الإقرار بضرورة الاجتهاد وفي نفس الوقت رفضه للاجتهاد بمبرر أن الاجتهاد يمكن أن يميع الدين ويمس بثوابته.
3. رفض إلحاق النسب للأطفال المولودين خارج الزواج رغم نتيجة الحمض النووي (ADN):
يُعد هذا الموقف إشكاليًا من الناحية القانونية، الاجتماعية، والحقوقية، حيث إنه يتناقض مع مبادئ العدل والإنصاف، خاصة في ظل التطورات العلمية التي توفر أدلة قاطعة حول الأبوة. فبالرغم من اعترافه بكون الطفل ضحية لعلاقة غير شرعية وأن هذا الأخير يمكن أن يتحول إلى قنبلة موقوتة، إلا أنه يصر على عدم شرعية الحاق النسب إلى والده، وهنا فيه افلات الأب البيولوجي من المسؤولية الأخلاقية والقانونية، حيث بمجرد رفض الأب الاعتراف بالبنوة، يحرم الطفل بجميع حقوقه وخاصة الحق في الاسم والإرث والنفقة والرعاية ومن هنا نستنتج؛
* تجريم الطفل بسبب وضع والديه: وهو ما يتناقض مع القوانين الدولية التي تحمي حقوق الأطفال بغض النظر عن ظروف ولادتهم.
*. تجاهل التطور العلمي والقانوني
الحمض النووي (ADN) يوفر دليلًا علميًا موثوقًا بنسبة 99.99% حول الأبوة، مما يجعل رفضه تعسفيًا وغير منطقي
4. التساهل مع زواج القاصرات رغم رفضه المبدئي
يعارض تزويج القاصرات من حيث المبدأ، لكنه يدافع عن الإبقاء على الاستثناءات القانونية بسبب "الخصوصيات البيئية والاجتماعية"، مما يفتح الباب أمام استمرار هذه الظاهرة تحت ذرائع مختلفة.
5. رفض تقنين تعدد الزوجات
يرفض منح المرأة حق منع زوجها من التعدد، مما يعكس رؤية محافظة تتجاهل تطلعات العديد من النساء إلى تحقيق المساواة والعدالة داخل الأسرة.
6. التشبث بنظام الإرث التقليدي
يعارض المساس بقواعد الإرث، وخاصة مبدأ التعصيب، ويكتفي بالدعوة إلى تفعيل الوصية كحل جزئي، دون تقديم بدائل أكثر إنصافًا.
7. إنكار حق اللادينيين والمسيحيين في المواطنة الكاملة
يؤكد أن المجتمع المغربي "مجتمع مسلم"، مما يلغي ضمنيًا الاعتراف بحقوق اللادينيين والمسيحيين، ويعكس نظرة إقصائية تتناقض مع مبدأ المواطنة المتساوية بغض النظر عن الانتماء الديني أو العقائدي.
8. رفض حرية المعتقد العلنية
يعتبر أن حرية المعتقد مسألة خاصة، لكنه يشترط عدم الجهر بها، مما يعني فعليًا تقييد هذا الحق وحصره في المجال الشخصي دون إمكانية التعبير العلني عنه.
9. الولاية للرجل مع استثناءات محدودة
يؤكد على أن الولاية يجب أن تبقى بيد الرجل، لكنه لا يمانع في منحها للمرأة في بعض الأمور الإدارية فقط، مما يعكس موقفًا غير متساوٍ بين الجنسين.
10. تحميل الدولة مسؤولية قضايا المرأة بدل إصلاح الفكر الديني
يرى المتدخل أن الدولة هي المسؤولة عن رعاية حقوق النساء، مما يعني إعفاء الجماعات الإسلامية من مراجعة مواقفها تجاه قضايا المرأة، وكأن هذه الحقوق ليست قضية مجتمعية تتطلب تغييرًا فكريًا وثقافيًا شاملًا.
11- تقاسم الثروة بين الزوجين
يُنظر إلى تقاسم الثروة بين الزوجين بعد الطلاق على أنه ظلم للرجل، وهو موقف يعكس تحيزًا واضحًا لصالح الذكور. لذلك، يدعو أصحاب هذا الطرح إلى تدخل الدولة لضمان حقوق النساء، خاصة ربات البيوت، وتعويضهن عن العمل المنزلي.
غير أن هذا التصور يتماشى مع رؤيتهم الدينية التي تسعى إلى إعادة المرأة إلى البيت وتقليل اختلاطها بالرجال في مجال العمل. ومع ذلك، فإن المشروع الاقتصادي للجماعة لا يقوم على بناء دولة اشتراكية تتولى الدولة فيها بحماية حقوق النساء الاجتماعية والاقتصادية، بل هو في جوهره مشروع ليبرالي يسمح بتراكم الثروة في يد أقلية على حساب الأغلبية ونظام اجتماعي مبني على الاحسان والتكافل والزكاة.
12- الدفاع عن الأسرة على حساب حقوق الزوجات
يدافع المتدخل في كلمته على حماية الأسرة باعتبارها عماد المجتمع، لكنه في الواقع يدافع عن استقرار بيت الزوجية على حساب حقوق الزوجات، وهو مايتعارض مع التصور المدني العصري للأسرة المبني على التعاون والمساواة بين الجنسين والاستقلالية والعدالة في الخقوق والواجبات والاحترام المتبادل مع الشراكة في اتخاذ القرارات بشكل متساوي بين الزوجين.
الخلاصة
قراءة عمر أحرشان الدينية ومرجعيته الفكرية تظل بعيدة عن القيم الإنسانية الكونية والحقوقية، حيث يعكس خطابه استمرارًا لنفس الرؤية التقليدية التي تعيق تحقيق العدالة والمساواة. ورغم أن البعض رأى في مداخلته قوة وتحليلًا رزينًا، فإن من ذاق مرارة الظلم يصعب عليه الاقتناع بخطاب يفتقد إلى الإنصاف الحقيقي لحقوق النساء.
كنا ننتظر قراءة جديدة وحديثة منصفة للنساء وللرجال وللأطفال، إلا أنها مع الأسف بقيت حبيسة القراءة الحرفية للنصوص البعيدة عن الواقع وعن التحليل المادي للمجتمع الذي هو في تطور وفي تحول، وهنا تتقاطع نظرتهم لقضية النساء مع نفس النظرة المخزنية السلطوية للنساء والتي تنصب في اعادة نفس نمط الانتاج واستدامة نظام الظلم والحكرة وعدم المساواة.
إن قضية النساء هي قضية سياسية بامتياز، تتطلب المزيد من النضال من أجل الديمقراطية والعدالة. فالتمييز ضد النساء لا ينفصل عن البنى السياسية والاقتصادية التي تعيد إنتاج التفاوتات، مما يجعل النضال من أجل حقوقهن جزءًا من معركة أوسع من أجل التغيير الديمقراطي.
زينب السايح 03/02/2025



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *