الحكم بالسجن النافذ على ثلاثة مواطنين من مدينة زاوية الشيخ على خلفية احتجاجهم على غلاء أسعار الأسماك
إشكالية الإرادات السياسية المعلنة بين النظرية و الممارسة و عجز الدولة عن التطبيق
في سياق دفاعهم عن القدرة الشرائية، و ممارسة الإحتجاج السلمي و الحضاري المكفول بموجب قوانين الحريات الفردية و الجماعية المنصوص عليها دستوريا، و المقرّ في الصكوك و العهود و المواثيق الدولية لحقوق الانسان، و الغير المستساغة لدى السلطات الإدارية - باشا زاوية الشيخ و والي الجهة - التي تدخلت و أصدرت تعليمات و إرساليات للضابطة القضائية بزاوية الشيخ لقمع الإحتجاج و التظاهر السلميين، مما أدى الى اعتقالهم و تقديمهم للمحاكمة في حالة اعتقال.
و أثناء الجلسة الثانية بتاريخ 03 أبريل 2025 أكد دفاع المتهمين في الدفوعات الشكلية على بطلان المتابعة، شكلا و مضمونا، استنادا لمواد و نصوص القانون الجنائي المغربي، و التأكيد على أن الإعتقال كان بطلب من باشا مدينة زاوية الشيخ.
و في المناقشة الجوهرية أكد الدفاع أن المتابعة محكومة و مؤطرة بقانون كل ما من شأنه السيء الذكر ، و الموروث عن الإستعمار، رغم الإعلان الرسمي عن إلغائه ضمن رؤية القطع مع ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
إن العودة لمثل هذه المحاكمات هي عودة بالزمن الى الوراء، و تنكر للإرادات السياسية المعلنة من طرف الدولة حول عدم تكرار الماضي و مآسيه الأليمة، فكيف يعقل أنه في الوقت الذي كثر فيه الحديث عن الدولة الإجتماعية كإرادة سياسية تُجرى مثل هذه المحاكمة ؟! و ما مدى مصداقية الخطاب الرسمي و تعهدات الدولة و التزاماتها الدستورية و الانسانية في ظل ممارسات سياسية ضارة بمبدأ الحماية و النهوض بحقوق المواطنة و الإنسان.
إن تكميم الأفواه، و قمع حرية الرأي والتعبير و الاحتجاج السلمي جريمة قانونية و سياسية القاضي فيها و الحاكم هو الشعب و التاريخ. و ما الدور الذي قام به الدفاع في هذه القضية، و كيف كشف زيف الإدعاءات و التهم، إلا دور شريف يرنو الى مواصلة النضال و الكفاح من أجل استقلالية القضاء عن السلطة الادارية حتى يكون رافعة اقتصادية و حقوقية لحماية الحقوق و الحريات، تفعيلا لمبدأ فصل السلط، و تحديدها، و عدم تداخلها، و بدون ذلك لا يمكن الحديث عن القيم الديمقراطية و الحداثية و المدنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق