وثيقة تاريخية.. من حوار لمجلة " السؤال " سنة 1984 مع الفقيد أحمد بن جلون اثر أحداث 8 ماي 1983 الشهيرة .. حوار مع الرفيق أحمد بن جلون
وثيقة تاريخية.. من حوار لمجلة " السؤال " سنة 1984 مع الفقيد أحمد بن جلون اثر أحداث 8 ماي 1983 الشهيرة ..
س ) تقول بأن هناك أزمة داخل الإتحاد الإشتراكي , فأين تتجلى هذه الأزمة في نظركم ؟؟
ج ) أود التأكيد قبل الإجابة عن أسئلتك , أنني سأجيبك بوصفي عضوا في اللجنة الإدارية الوطنية أي قيادة (الاتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية ) المنبثقة عن المؤتمر الثالت للحزب . وقد امتنع لحد الآن أعضاء هذه الهيأة القيادية عن الإدلاء بتصريحات صحافية أو عن إصدار بيانات للرأي العام حول الوضعية الحزبية للحزب الداخلية , إيمانا منهم أن هذه الوضعية يجب أن تعالج من داخل الحزب . لكن جماعة( المكتب السياسي ) السابق سمحت لنفسها أن تنقل المشاكل التنظيمية الداخلية - ومن وجهة نظرها الخاصة – إلى خارج الحزب . بل وعملت على إدخال جهات أخرى لحسمها لصالحها .
فأمام هذه الممارسات فإننا نضطر اليوم إلى التعبير عن رأينا أمام الرأي العام الوطني حتى نجيب على العديد من التساؤلات المطروحة على هذا الأخير وخاصة على الجماهير الكادحة التي علقت آمالها ومنذ ربع قرن من الزمن على حزبنا .
أما في ما يتعلق بسؤالك حول وجود (أزمة ) داخل الاتحاد الاشتراكي , فإننا كأعضاء في اللجنة الادارية الوطنية وكقواعد حزبية , أن الأمر لا يتعلق بأزمة للإتحاد الإشتراكي , بل المسألة هي :الإمثتال أو عدم الإمثتلب لخط الحزب و مبادئه و إختياراته ومقرراته, الممارسة وفق هذا الخط و هذه المبادئ و المقررات أم ممارسة منحرفة عنها ومناقضة لها ,تنفيذها بوفاء وانضباط أم الانحراف عنها وتزييفها ومحاولة إقبارها نهائيا ....
س ) ولكن هل هناك أزمة ؟؟
ج ) نعم , نعم . إذا كان لابد من الحديث عن وجود ( أزمة ) كما تقول , فإن الأزمة ليست أزمة الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية كما أشرت إلى ذالك , لأن الأحزاب التقدمية الأصيلة مثل الإتحاد لابد وأن تعرف تطورات ومدا وزجرا في تاريخها النضالي , وهذا دليل على حيويتها وتفاعلها مع التطورات الإجتماعية للمجتمع الذي تعمل فيه .
بل الأزمة هي أزمة من إنحرفوا عن مبادئ الإتحاد الأساسية وخطه النضالي ومقرراته.
الأزمة هي أزمة الذين أصبحوا في وضع يستحيل معه إستعمال القناع التقدمي الإشتراكي للإتحاد لتغطية ممارسة إنتهازية ونفعية برجوازية خارجة و متناقضة بشكل صارخ مع أهداف الإتحاد و إختياراته.
الأزمة هي أزمة أولئك الذين يمارسون خطا سياسيا دخيلا على الإتحاد الإشتراكي وفي نفس الوقتيتحدثون بإسم الإتحاد الإشتراكي نفسه محاولة منهم في تضليل الجماهير الشعبية المتعاطفة مع حزبنا المناضل.
الأزمة هي أزمة أولئك الذين لم يدركوا بعد ولم يواكبوا التحولات المجتمعية التي عرفها المجتمع المغربي منذ سنة 1959 والتطورات التي عرفها الحزب بإتجاه تعميق وعي مناضليهوتجدير إيديلوج يتهم الثورية وخطهم النضالي .
وبإمكان أي ملاحظ أن يلمس هذه التطورات من خلال المقررات الحزبية ومنها قرارات 1972 و 1975 (المؤتمر الإستثنائي) و 1978 ( المؤتمر الوطني الثالث ) .
الأزمة هي أزمة جماعة ( المكتب السياسي )السابق التي فشلت – وكان من الحتمي والطبيعي أن تفشل – في التوفيق بين العمل بإسم خط الإتحاد النضالي و ممارسة خط لا يمت بصلة الإتحاد . مما أدى بتلك الجماعة إلى القيام بعمل إنشقاقي تخريبي منهجي داخل الحزب . ولا يتسع المجال هنا لإستعراض مظاهر ومراحل هذه العملية الإنشقاقية الهادفة إلى إفراغ الإتحاد الإشتراكي من محتواه الإيديولوجي و السياسي و التنظيمي وسيأتي الوقت المناسب لنضع النقط على الحروف
خاصة عندما ستتوفر لنا الشروط وأدوات تبليغ وجهة نظرنا للمناضلين والرأي العام .
س ) يقال أن رأيكم هذا يعبر وجهة نظر أقلية غير منضبطة داخل الحزب ترفض الإمتثال لمبدء الديمقراطية المركزية الذي يعطيكم الحق في إبداء آرائكم وتسجيل مواقفكم مع الإلتزام بقرارات الأغلبية ؟؟
ج ) من هم أصحاب هذا ( القول ) فإذا كانوا من الملاحظين فإنهم يجهلون الحقيقة والواقع داخل الحزب .
أما إذا كان الأمر يتعلق بجماعة ( المكتب السياسي ) السابق فإننا نأكد أنهم يقولون ما لا يفعلون , ويدعون أغرب الأشياء لتبرير سلوكهم هذا الذي اقل ما يمكن أن يقال عنه إنه مطبوع بالتناقض القاتل .
( الأقلية ) كيف يمكنكم الحديث عن أقلية وأغلبية ؟ هل قاموا هم أيضا بإحصاء ؟ أولا إننا نعرف وإنهم يعرفون جدا علاقتهم بالقواعد الحزبية أرق من حد السيف . فأبراجهم العاجية لا تمكنهم من معرفة موقف القواعد بدقة .
لهم بعض الأعوان في الأقاليم ينقلون إليهم الصورة الذاتية التي تشتهيها أنفسهم وتنسجم مع توجهاتهم والتي طالما كانوا يتوهمون أنها واقع. وذالك لأسباب ضيقة وغالبا ما تكون إنتفاعية . وحينما فرض الواقع نفسه عليهم كان قد فاتهم الآوان في تدارك الموقف لأنهم ذهبوا بعيدا في تنفيذ مخططاتهم الإنشقاقية , وأصبحوا في عزلة ساحقة عن القواعد والتنظيمات الحزبية الحقيقية في كافة الأقاليم .
ثم علينا أن نذكر بأن المناضلين لايعتمدون على مقاييس العددية فقط . أن الكم والكيف يلعبان دورهما بشكل جدلي مستمر خاصة في ميدان التنظيم الحزبي والعمل السيلسي الجماهري .وغالبا ما يؤثر الكيف على الكم وليس العكس .
لكن جماعة ( المكتب السياسي ) السابق وخاصة منذ إنتخاب نوفمبر 1976 , سيطرت على العقولها النظرة العددية و (الإنتخابية ) وتم إسقاط هذه النظرة على التنظيم الحزبي . على أولئك أن يتفحصواالوضع بدقة ليتأكد لهم زيف إدعائهم. والدليل على ذالك أنهم أصبحوا منذ سنوات يخشون إنتخاب الأجهزة الحزبية بطريقة ديمقراطية (أي عددية ) ويعتبرون أجهزة صورية .
وهذا مثال واحد على ممارسة جماعو ( المكتب السياسي ) السابق التي لا تؤمن إطلاقا بمبدإ المركزية الديمقراطية (وليس الديمقراطية المركزية ) وتضربه في الصميم . فالمركزية الديمقراطية تقتضي الانتحاب الديمقراطي للأجهزة والمناقشة الديمقراطية داخل تلك الأجهزة وإتخاذ القرارات ديمقراطيا داخل تلك الأجهزة ثم تنفيذ تلك القرارات و الإنضباط لها .
وتشبث القاعدة الحزبية بمبدإ المركزية الديمقراطية هو الذي جعل أمر جماعة (المكتب السياسي ) السابق ينفضح , لأن أول ما يجب الإنضباط إليه هو قرارات المؤتمر الوطني واللجنة المركزية . وتلك الجماعة هي التي عجزت عن تنفيذ مقرارات المؤتمر الثالث و قرارات اللجنة المركزية لسنة 1979 بالذات في تنفيذ مخططه الإنشقاقي التخريبي .
فمنذ الإجتماع الأول للجنة الإدارية الوطنية المنتخبة في المؤتمر الثالث( 1978) تبين أن جماعة ( المكتب السياسي) السابق لم تكن مستعدة الإنضباط لقرارات المؤتمر سواء السياسية أو التنظيمية . وممارستها اللاحقة أكدت ذالك,
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق