جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

سوريا من "وديعة رابين" إلى "جواب الجولاني" إدريس عدار

 سوريا من "وديعة رابين" إلى "جواب الجولاني"

إدريس عدار
تقتضي المقارنة بين عهدين حصر الأمر في قضايا محددة. المقارنة بين نظام حافظ الأسد وبشار الأسد ونظام أبي محمد الجولاني يفرضها الواقع فقط.
عندما تم التمكين لهيئة تحرير الشام كي تسيطر على دمشق، أعلن المثقفون بمن فيهم "دعاة التنوير" تأييدهم للنظام الجديد. أذكر أن كاتبا مغربيا وضع تدوينة على صفحته "فراشات الحرية ترفرف فوق دمشق"، مع العلم أنه لا شيء كان خافيا، وأن حكومة إدلب تم نقلها إلى الشام فقط.
وعاب علينا كثيرون مساندة نظام يصفونه بالـ "دكتاتوري".
لقد كنت واضحا دائما. مع محور المقاو.مة لأنه يواجه "الكيان المؤقت"، ولا أناقش أمورا تهم شعوبا بعينها. وحدهم لهم حق قبول ورفض سياسات معينة. إذا أردنا الوقوف عند طريقة تدبير الكل للشأن الداخلي ينبغي محاسبة "حماس" أولا على تدبيرها لقطاع غزة. هل كان تدبيرا ديمقراطيا؟ فهل تسمح للآخرين بالتعبير عن رأيهم؟ في أي باب يأتي قمع الحركات الأخرى وصولا إلى اغتيال بعض قادة "الجهاد الإسلامي"؟ هل لها حق احتكار النضال المسلح الفلسطيني؟
لكن ما يهمنا عند المقارنة هو الموقف من المقا.ومة..غير أن أنصار الجولاني يلزم أن يبرروا دعمهم، الذي ارتكز على أن النظام السابق "دكتاتوري"، فأين محور الحريات الحالي؟ لماذا لم يفتحوا أفواههم وهم يشاهدون مجازر الساحل السوري ومجازر في حق الدروز. وأول سقوط في معركة صحنايا وجرمانا هو بيان وزارة الصحة، الذي تحدث عن تقديم الإسعافات للإخوة الدروز. وكأن الدروز ليسوا سوريين.
لكن سنقصر المقارنة فقط على ما يتعلق بالعلاقة بـ"إسرائيل".
طوال سنين وهم يلمزون النظام السابق بأنه لم يطلق رصاصة واحدة على إسرائيل.
الآن فرصتكم لتبينوا أنه كان على خطأ وأنتم على صواب. وأسماه البعض صلاح الدين في الشام. لست أعترض على هذه التسمية إلا من باب أن جزءا كبيرا من الأمة يعتبر صلاح الدين بطلا تاريخيا. لكن بالنسبة لي فإن الشبه بينهما كبير جدا من حيث التفريط في السيادة والوحدة.
عندما كان الجولاني في إدلب قال في أكثر من حوار وخطاب لن يقف عند حدود دمشق ولكن طريقنا إلى القدس. ما زال البعض يروج لذلك حتى لو أن زعيم تنظيم القاعدة بسوريا قال إنه ليس في وارد الحرب مع إسرائيل، وليس وارد مطالبتها بالجولان، وليس في وارد دعم المقاو..مة.
وهذا ما ذهب إليه خالد مشعل، القيادي في حركة حماس، الذي اعتبر التغيير في دمشق، أو تمكين هيئة تحرير الشام، هو مبشر لتحرير فلسطين.
لم يذهب مشعل إلى دمشق ولكن الجولاني أمر بإغلاق مكاتب حركات المقاو..مة ومعسكراتها ومطالبتها بمغادرة سوريا، واعتقال قياديين في حركة الجهاد الإسلامي، مع معلومات تتعلق بالتحقيق معهم حول طرق ومسالك وصول السلاح والمال إلى المقاو..مة. والعنوان واضح "لن نسمح بأن تكون سوريا منطلقا للهجوم على أي بلد بما في ذلك إسرائيل"، بتعبير الجولاني ووزير خارجيته، الذي التقى في نيويورك ممثلي منظمة أيباك اليهودية. يذكرنا باللقاء الأول لراشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة، الذي قبل أن يعود من لندن إلى تونس ذهب إلى مقر المنظمة لإلقاء خطاب هناك.
على العكس من ذلك قال الشهيد يحيى السنوار "إن سوريا الأسد ركيزة اقتدارنا".
في هذه الحدود نرى اختلافا واضحا بين المرحلتين.
في العلاقة بـ"إسرائيل"، الفرق شاسع بين الطرفين. وإن كان البعض يريد الترويج لعكس ذلك. حتى أن هناك من قال إن الجولاني سيكمل المسار الذي بدأه حافظ الأسد.
قبل الحديث عن "وديعة رابين وجيب كلينتون" و"جواب الجولاني" نقف بسرعة عند حدود قواعد الاشتباك التي رسمها النظام السابق بينما لا توجد قواعد اشتباك حاليا.
البعض يريد أن يقول إن إسرائيل كانت تهاجم النظام السابق مثلما تهاجم الحالي. كذب.
منذ وقف إطلاق النار سنة 1974 ظلت إسرائيل متوجسة ولم تتجرأ على مهاجمة سوريا، ولم تفعل ذلك إلا سنة 2014 بعد أن أصبح التحالف واضحا بين الجماعات الإرهابية والكيان الغاصب. والداعمون هم نفسهم. يمكن مراجعة مذكرات هيلاري كلينتون وتسريبات إدوارد سنودن وتصريحات حمد بن جاسم ناهيك عن تقارير أجنبية متعددة. ورغم ذلك وبعد تثبيت منظومة دفاع لا بأس بها فرض على طائرات العدو ألا تقترب من الحدود السورية وكانت تهاجم من الأجواء اللبنانية أو البحر.
لكن بعد تمكين هيئة تحرير الشام قامت إسرائيل وعلى امتداد ثلاثة أيام بتدمير الجزء المهم من السلاح السوري، وكان "الثوار" يحتفلون بالسيطرة على القصر الرئاسي، والإعلام العربي الحربي يتحدث عن تدمير سلاح للنظام السابق.
الفرق إذن واضح.
أما فيما يتعلق بالجولان المحتل، فقد ظل مطلبا سوريا تاريخيا، لكن مع التحولات التي وقعت عقب الثامن من دجنبر احتلت إسرائيل مساحة كبيرة من سوريا تفوق مساحة لبنان، ولا حديث عن الخروج منها بتاتا.
النظام السابق لم يتخل عن المطالبة بالجولان المحتل، وكانت إسرائيل طرحت سنة 1996 مقترحا أصبح معروفا بـ"وديعة رابين أو جيب كلينتون"، لأن الرسالة التي اقترحها رابين حملها كلينتون بجيب خاصة إلى حافظ الأسد، وتقتضي خروج إسرائيل من الجولان مقابل السلام مع سوريا، والكيان لما ينظر إلى الجولان دائما ينظر إلى مياه بحيرة طبرية.
وكشفت هآريتس الصهيونية فيما بعد عن وديعة رابين، ولو تخلى النظام السابق عن بضعة أمتار حول بحيرة طبرية لتم توقيع الاتفاق. لكن مع كامل الأسف ماكينة المغالطة لا تتوقف عن صناعة المعلومات غير الحقيقية.
وكان إيهود باراك، الذي كان رئيسا للأركان تم رئيسا للحكومة، كشف في حديث طويل مع صحيفة معاريف أنه هو صاحب وديعة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين، والتي تحدثت عن التزام إسرائيلي بالانسحاب من الجولان مقابل معاهدة سلام مع إسرائيل. وأضاف أن نتنياهو، الذي جاء بعد ذلك قدم عروضا "سخية للأسد".
ونقل أيضا أن يتسحاق مردخاي قال لنتنياهو في المناظرة التلفزيونية خلال انتخابات 1999: "انظر في عيني وقل إنك لم توافق على الانسحاب من هضبة الجولان".
لم تتغير رؤية النظام في سوريا لقضية الجولان في عهد بشار الأسد.
اليوم مادام في جعبة الجولاني أو سلطة الأمر الواقع بدمشق؟
لقد ردت سوريا كتابيا على قائمة شروط أمريكية لرفع جزئي محتمل للعقوبات، قائلة إنها طبقت معظمها لكن البعض الآخر يتطلب "تفاهمات متبادلة" مع واشنطن، وفق ما نقلت وكالة رويترز التي قالت إنها اطلعت على الرسالة.
وكانت واشنطن سلمت دمشق الشهر الماضي قائمة بثمانية شروط تريد من دمشق الوفاء بها، منها تدمير أي مخزونات متبقية من الأسلحة الكيميائية وضمان عدم منح أجانب مناصب قيادية في الحكم، ناهيك عن منع عودة إيران وحلفائها إلى سوريا، ومراقبة عمل الفصائل الفلسطينية ومنعها من أي نشاط فوق الأراضي السورية.
وكانت المسؤولة الأمريكية ناتاشا فرانشيسكي سلمت قائمة الشروط لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في لقاء جمعهما على هامش مؤتمر المانحين لسوريا في بروكسل في 18 مارس. و التزم الجولاني بألا تكون سوريا منطلقا للاعتداء على أي بلد بما في ذلك "إسرائيل"، وهذا ما أكده وزير خارجيته في اجتماع للأمم المتحدة قبل أيام. والالتزام هنا كان عمليا، حيث تم توقيف قياديين من حركة الجهاد الإسلامي. والتهمة غريبة: التخابر مع إيران.
سيموتريش، الوزير الإسرائيلي المتطرف، قال إنه لن تنتهي حروب إسرائيل إلا بتمزيق سوريا. تمزيق هذا البلد يعني إنهاء المطالبة بالجولان وقطع أي دعم للمقاو..مة. نريد فقط أن نفهم الربط الغريب بين طوفان الأقصى والتصفيق لتمكين هيئة تحرير الشام؟
رئيس أركان العدو قال إنه تم التفاهم مع تركيا، وليس مع حكومة الجولاني، على منطقة آمنة في الداخل السوري، الذي احتله الكيان بعد الثامن من دجنبر.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *