نقابات العمال في العراق والأول من آيار
نقابات العمال في العراق والأول من آيار
الأولُ من أيار؛ اليوم العظيم والفريد الذي يحظى باهتمام العالم كلّه شعوباً وحكومات معاً. هو اليوم الذي نتذكر فيه بصدقٍ وندركُ عمقَ التضحيات التي قدّمها العمالُ عبر العالم والتي امتدت لقرنين من الزمن تقريباً، في نضالات متواصلة من أجل الحقوق المشروعة، وندرك بوعي طبقي ايضاً ان (الطبقة العاملة) وعموم شغيلة اليد والفكر، وهم يقدمون تلك التضحيات العظيمة ويقاسون الاستغلال والظلم الطبقي والتهميش؛ أنهم هم الذين منحوا وما زالوا يمنحون هذا العالم قدرته على العيش والاستمرار بالحياة والتقدم، وهم القوة التي خلقت ثروات الامم وصنعت تطورها، ومن دونها ليس هنالك من حديث عن التطور والرقي والتقدم من اجل الانسان.
تلك هي حقيقة الأول من أيار وجوهره ولو استمر هذا اليوم يكرر عودته على الإنسانية كلّ عام لآلاف السنين سيبقى معناه ودلالته وأثره انسانياً دائماً. إنه يوم صانعي الحياة الحقيقيين. يوم استذكار التضحيات العظيمة، ويوم احتفاء بالطبقة العاملة وتكريم تضحياتها عبر العالم كله، وهو الدعوة الانسانية الكبيرة للاتحاد ضد الاستغلال والقهر الطبقيين.
إنَّ هذه المناسبة العظيمة تدعونا اليوم لنستنفر ما في اذهاننا ونستدعيه، للنظر فيما حصل ويحصل للعمال ونقاباتهم في العراق وما تنطوي عليه أعمال هذه النقابات منذ عام 2003 الى اليوم. ناهيكم عن معرفتنا بفترة الحكم المقبور الذي حوّل فيها الحاكم نقابات العمال إلى مؤسسات تجسس على ضمائر الناس والتنصت على همسات القهر التي عانى منها العراقيون.
وكان يمكن أن تصبح النقابات العراقية، وهي ذات التأريخ المشرّف والنضالات التي أعجزت الحكام وفرضت عليهم مطالبها المشروعة، ومنعت تغولها ضد الوطن وأبنائه؛ قلنا كان يمكن أن تصبح النموذج الأوفر ديمقراطية والأفضل تمثيلاً للوطنية والتحرر في نهوض وبناء العراق وصنع منافذ تقدمه. لكن الأيادي الاستعمارية للرأسمال الإمبريالي عملت بقوة وعدوانية لكي تكبح قوة نقابات العمال الجبارة، التي لو تيسر لها تنظيم العمال بحرية ودونما قيود لهزمت كل مطامع الكبار والمتآمرين والمحتلين جميعهم.
فمنذ القرار 16 الذي أصدره الحاكم الاستعماري "بول بريمر"، فرض المحتل القيود على العمل النقابي وتمثيله الطبقة العاملة العراقية، وربط حرية العمل النقابي بقرارات الحكومة وتغولها، وهي التي ناصبت مصالح العمال، والنقابات العداء وما زالت. وهي إلى الآن تماطل في اصدار قانون حرية العمل النقابي للعمال، مع جدية القائمين على التنظيمات النقابية واخلاصهم في العمل على اصدار هذا القانون. وهم إلى الآن يعانون ثقل القيود التي تكبل قوتهم في مواجهة التعسف ومصادرة حقوق الطبقة العاملة، التي أولها منعهم من الحضور الفعلي في مواقع العمل وتنظيم الطبقة العاملة، في محاولة لتفريغ النقابات من قوتها الفعلية وإضعافها ميدانيا ومنع تفاعل الطبقة العاملة مع ممثليهم الحقيقيين.
ولا يفوتنا أنْ نذكر أنَه منذ 22 عاماً والمحاولات الرأسمالية الإمبريالية متنوعة وجارية ضد العمال وضد ممثليهم. مرة عبر التشريعات الباطلة التي تحرِم العمال من حق تنظيم أنفسهم في مواقع العمل، عبر فذلكة التمييز الباطلة بين الموظفين الحكوميين والعمال، والتلاعب على التسميات الزائفة. ومرة عبر الاغراءات التي تقدمها المنظمات الدولية- مثل مكتب التضامن العمالي و الجامعة العمالية في واشنطن وهما منظمتان امريكيتان اضافة الى منظمة العمل الدولية والبنوك الدولية- التي تقوم بتوريط بعض ممثلي النقابات وإغراقهم بالترف المؤقت الذي توفره الإيفادات عبر العالم، ومن ثم إلهاء قادة العمال بخدعة حضور المؤتمرات التي لا تفي الطبقة العاملة ولا ممثليهم الحق في النضال الطبقي والحقوقي، بل تعمل على تغييب الوعي والتراخي في الدفاع عن الحقوق النبيلة. وقد عملت تلك المحاولات القذرة إلى تفكيك بنية الطبقة العاملة وتفريق كلمتها واضعاف صفوفها، وبث الفرقة بين ممثليها أيضاً، الأمر الذي خلق نوع التنافس الفردي والشخصي بين البعض من ممثلي العمال، ومنها كانت مطالب العمال مفككة وغير مجدية، ولم تحقق تظاهراتهم أبسط الحقوق على مدار السنوات الماضية، بسبب قيامها بلا تمثيل نقابي في الغالب الأغلب، واقتصارها على قطاعات ومواقع عمل محدودة.
أضف إلى ذلك التشظي كله، أن قامت الحكومة العراقية بالتآمر بتأسيس نقابتها الصفراء عبر أحد أحزابها ومليشياته، ومكّنته من السيطرة على مواقع العمل، وفرضت هذه النقابة الصفراء ممثلا شرعياً وحيداً للعمال، وسمحت له الحضور في مواقع العمل، مع أنها لا تقوم بواجباته النقابية. لقد أعادت االحكومة سياسة الهيمنة الحزبية البغيضة على النقابات، التي يتلخص عملها في جباية الأموال لصالح مليشياتها عن طريق جمع بدلات الاشتراك القسرية من مستحقات العمال مباشرة. فضلاً عن عملها بوصفها أداةً مسلحة لكبح ايِّ نشاطٍ نقابي حقوقي واحتجاجي، وهي مستمرة في ذلك.
يهيب حزبنا بممثلي العمال الحقيقيين، على تنوع اتجاهاهتهم ومسميات اتحاداتهم العمالية، إلى التوجه نحو ميادين العمل النقابية الحقيقية، في الحضور بين العمال في مواقع العمل، وتحدي الهيمنة الصفراء، والقوانين، والقرارات المجحفة. وندعوهم مخلصين إلى رص صفوفهم والتخلي عن الشخصنة والعزلة النقابية من أجل مصلحة الطبقة العاملة ومصلحة العراق. إذ من دون نهوض النقابات وتمثيلها العمال بصورة حقيقية وواقعية لن يتيسر للعراق النهوض والتقدم لأن نقابات العمال هي قوة الضغط الحقيقية على كل المسارات السياسة بما فيها الانتخابات والتمثيل السياسي، وعبرها فقط يمكن تحقيق ما يطمح إليه الشعب وما تهفو إليه نفسه.
لنسقط النقابات الصفراء..
وإلى أمام.. عاشت الطبقة العاملة.. عاش عمال العراق ومناصروهم وحلفاؤهم..
عاش الأوّل من أيار
الحزب الشيوعي العراقي – القيادة المركزية
1 ايار 2025
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق