أولف بالمه... صوت العدالة الذي أسكته الرصاص
أولف بالمه... صوت العدالة الذي أسكته الرصاص
في مساء شتوي من فبراير عام 1986، سقط أولف بالمه، رئيس وزراء السويد، شهيدًا برصاصتين في الظهر بينما كان عائدًا من السينما برفقة زوجته، في قلب العاصمة ستوكهولم. لم يكن اغتياله مجرد جريمة محلية، بل صدمة عالمية، هزّت السويد الدولة المسالمة، وأعادت طرح سؤال قديم متجدد: هل يمكن للسياسة الأخلاقية أن تنجو في عالم تتداخل فيه المصالح والنفوذ؟
كان أولف بالمه، زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، رجل دولة نادرًا ما يتكرر. تولّى رئاسة الوزراء لأول مرة عام 1969، ثم أُعيد انتخابه في 1982، لكنه لم يُكمل فترته الثانية. ما يميز بالمه ليس فقط قيادته لبلاده، بل جرأته في اتخاذ مواقف أخلاقية، غالبًا ما كانت تصطدم مع القوى العظمى في ذلك الوقت.
فقد انتقد بحدة السياسات الأمريكية في حرب فيتنام، حتى شبّه قصف هانوي بمعسكرات الاعتقال النازية، مما دفع الولايات المتحدة إلى قطع العلاقات مع السويد. وفي ذات الوقت، لم يتردد في إدانة غزو الاتحاد السوفييتي لتشيكوسلوفاكيا، مؤكدًا تمسكه بسياسة عدم الانحياز.
كانت له علاقات قوية مع كوبا بعد الثورة، ودعم الثوار الساندينيين في نيكاراغوا، وناصر حركات التحرر في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. وكان من أوائل القادة الذين نددوا بسياسات الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، مطالبًا المجتمع الدولي بفرض عقوبات على حكومة الأبارتايد.
أما القضية الفلسطينية، فكانت حاضرة دائمًا في خطاباته وسياسته. دعمه لمنظمة التحرير الفلسطينية، واستضافته لياسر عرفات في ستوكهولم، عكس قناعة راسخة بأن العدالة لا تعرف حدودًا. وحتى خلال الحرب العراقية–الإيرانية، أوكلت إليه الأمم المتحدة مهمة الوساطة، لما تمتع به من مصداقية دولية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق