الذكرى 52 لرحيل المناضل الوطني البحريني الشهيد محمد يوسف بونفور ” روحه لا تزال ترفرف من قبره في سماء البحرين “
الذكرى 52 لرحيل المناضل الوطني البحريني الشهيد محمد يوسف بونفور ” روحه لا تزال ترفرف من قبره في سماء البحرين “
صعقت البحرين برمتها بعد أول اغتيال سياسي اجرامي في تاريخها المعاصر تعرض له أحد أبنائها المناضلين الاوفياء الشجعان، الشهيد محمد يوسف بونفور، بتفحير عبوة ناسفة في منزله بالمحرق، وهو أحد أبرز القيادات الشابة التي قادت النضال الوطني في الانتفاضة العمالية والطلابية في البحرين، في العام 1965 واحد المؤسسين الأوائل للجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي ابان حقبة الاستعمار البريطاني للمنطقة، والتي خرجت من صلبها الجبهة الشعبية في البحرين، التي قادت النضال الوطني في الساحة البحرينية على امتداد عقود من الوقت وقدمت في خلالها الشهداء و المعتقلين والمنفيين، من أجل التحرير والسيادة الوطنية والاستقلال ومساعدة المضطهدين والفقراء من أبناء البحرين، ودعم القضايا القومية والاممية وفلسطين، وذلك على أيادي أجهزة الأمن البريطانية بقيادة الضابط البريطاني المرتزق ايان هندرسن، التي نفذت عملية الاغتيال الغاشمة والجبانة باستخدام عبوة ناسفة المنزل الذي كان يحتمي فيه من ملاحقات السلطة وشرورها، بعد ان استطاع الافلات من قبضتها بقدرة قادر، ويعود إلى الميدان من جديد رافعا راية النضال في وجه الجلاد والمستعمر البريطاني الذي استطاع أن يحكم البلاد على امتداد عقود بواسطة الحديد والنار وسياسة فرق تسد داخل المجتمع .
ولد المناضل الشهيد محمد يوسف بونفور في العام 1944 في مدينة المحرق في حي البوخميس في (جزيرة ابو ماهر) التي كانت لفترة طويلة معقلا حصينا لبعض شيوخ عائلة آل خلفية الحاكمة في البحرين، وهو من أسرة كادحة فقيرة، والتي بسبب عوزها الاقتصادي الشديد، ترك المقاعد الدراسية في المرحلة الاعدادية باحثا عن عمل من اجل أن يعيلها ويرعاها ويخفف عن كاهلها ضغوط الحياة الاقتصادية الصعبة .
من العام 1965 وحتى العام 1970 عمل موضفا بسيطا في عدة شركات و مصانع صغيرة وكبيرة، ومن بينها شركة بابكو النفطية، و وشركة طيران الخليج، و مصنع صهر الألمنيوم ( البا ) الذي عانى فيه الكثير من العمال البحرينيين البسطاء الكثير من الاضطهاد وسوء المعاملة الإنسانية، و توفيت فيه اعداد أخرى من العمال متأثرة باختناقات الغاز المسال وتراكم التلوثات و درجات الحرارة الشديدة الملهبة التي تصهر الجسم، وذلك كله من أجل تحسين المستوى المعيشي اليومي لاسرته، وحفظ ماء وجهها بعزة وكرامة .
ساهم الشهيد محمد يوسف بونفور، في العديد من الوقفات الاحتجاجية المطلبية والاضرابات العمالية في الشركات التي توظف فيها وفي مصنع الألمنيوم و ساحات و مواقع أخرى، وكان يتقدم الصفوف الامامية في جميع هذه الاحتجاجات، وذلك من أجل المطالبة بتحسين الخدمات والمستويات المعيشية والمهنية للعمال، وتغيير الانظمة الخاطئة في قانون العمل والعمال .
في العام 1962 شارك في تأسيس الحزب الناصري، وكان من رواده الأوائل، وفي العام 1965 كان من بين القادة البارزين النقابيين المنظمين لانتفاضة اذار/ مارس المجيدة التي سطرت اروع المواقف النضالية و الانتصارات ضد المستعمر البريطاني والحكم المستبد الخليفي، وفي نفس العام جرت عملية اعتقالة وتعذيبه في سجن القلعة، ومن بعدها سجن جزيرة ( جدا ) الصخرية البعيدة، التي ظلت تستقبل السجناء من ذوي الأحكام الطويلة والمؤبدة، وتسخرهم في أعمال شاقة ومهينة، والتي استولى عليها في مابعد قائد جهاز الشرطة والامن العام الأسبق محمد بن سلمان بن حمد آل خليفة وغير اسمها إلى (المحمدية) والحقها بجميع ممتلكاته الخاصة التي استولى عليها بالقوة من اراضي البلاد و أموال الدولة، وامضى في سجنها الحصين هناك قرابة عام ونيف من الوقت .
وفي العام 1971 شارك في تاسيس و قيادة اللجنة التأسيسية لاتحاد عمال البحرين، الذي عمل من تحت الارض في حقبة القمع، والذي أصبح مقره الرئيسي في المنفى في دمشق وحاربته السلطة البحرينية، بكل قوة و شراسة .
و من العام 1966 والى العام 1973 ساهم الشهيد بونفور في تأسيس وتنظيم وقيادة منظمة القوى التقدمية وجبهة تحرير الخليج العربي والحركة الثورية الشعبية الجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي ومن بعدهم الجبهة الشعبية في البحرين. .
وفي شباط/ فبراير 1973 اعتقلته قوات الأمن البريطانية البحرينية، ولكنه استطاع الفرار من قبضتها بقدرة قادر، واختفى عن اعينها لفترة قد تزيد عن خمسة شهور متتالية قبل أن تعود و تكتشف مكان إقامته السرية وتقوم بتفجير المنزل الذي كان يختفي بداخله، ويمارس فيه نشاطه النضالي السري، وتقضي عليه وتنهي حياته وهو في عنفوان شبابه ونضاله .
رحم الله المناضل الشهيد محمد يوسف بونفور وغفر له وأسكن روحه الطاهرة فسيح جناته مع الخالدين من الشهداء والصديقين .
وبمناسبة ذكرى رحيله المؤسفة والمفجعة، نتقدم بأحر التعازي القلبية لجميع أفراد عائلته الكريمة وجميع أصدقائه ورفاقه واحبته على هذا المصاب الحلل، ونعزي الجبهة الشعبية في البحرين، التي صنعت. على امتداد تاريخها النضالي العريق قادة ونخب وقواعد ملتزمة بخط الجبهة و مناضلة ومضحية من أجل خدمة القضية الوطنية وشعب البحرين و الذي اعتز وافتخر بكل نضالاتهم وتضحياتهم المجتمع، ونعزي جمعية ( وعد ) المناضلة و الصامدة بعد قرار حلها و حرق مقراتها وإغلاق أبوابها بالشمع الأحمر في وجه تحديات السلطة البحرينية، وتعسفها و جميع إجراءاتها الخاطئة والطائشة و منعها ومحاصرتها للحريات .
هاني الريس
17 تموز/ يوليو 2025
هاني الريس – كاتب وصحافي مقيم في الدنمارك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق