"أنا مش كافر" زياد الرحباني
"أنا مش كافر" زياد الرحباني
حمة الهمامي يتحدث عن زياد الرحباني لجريدة النهار:
زياد في قلوب اليساريين التونسيين: رفيق النضال والفكرة
كانت ألحان زياد الرحباني لعقود طويلة رفيقة الصباحات وكل الأوقات، وكل الأجيال؛ بل إن كثيرين اعتبروه حالة فنية استثنائية، رأوا فيها أفراحهم وأمانيهم وانكساراتهم، والصوت الذي رافقهم في فجر كل هزيمة ومساء كل خيبة.
في تونس أيضاً، كان صباح السبت حزيناً؛ فرحيل زياد الرحباني لم يكن حدثاً عادياً بالنسبة للتونسيين، خصوصاً لمثقفي البلد ونخبه اليسارية، الذين تشاركوا معه رؤاه الفكرية والسياسية.
هناك، كانت ألحان زياد الرحباني لعقود طويلة رفيقة الصباحات وكل الأوقات، وكل الأجيال؛ بل إن كثيرين اعتبروه حالة فنية استثنائية، رأوا فيها أفراحهم وأمانيهم وانكساراتهم، والصوت الذي رافقهم في فجر كل هزيمة ومساء كل خيبة.
"سألوني الناس عنك"...
زياد، اليساري الشيوعي، لم يكن استثناءً في الفن فقط، بل كان حاملاً لهموم وطنه وكل الوطن العربي. لذلك كان وقع خبر رحيله ثقيلاً على يسار تونس، الذي كان قد احتفل قبل ساعات فقط بعودة جورج إبراهيم عبد الله إلى لبنان.
وعن هذا الرحيل يقول الأمين العام لحزب العمال التونسي حمّة الهمامي، لـ"النهار": "لا أخفي أنني عشت يوم الجمعة يوماً جميلاً، بمناسبة تحرير جورج إبراهيم عبد الله، رفيق القناعات ورفيق النضال... لكن ها أنا أعيش لحظة حزن، لأنني أفقد رفيقاً أيضاً من لبنان الحبيب... زياد الرحباني، ابن الحزب الشيوعي اللبناني، الذي تجمعني به نفس القيم التحررية والإنسانية التي كرّس لها موسيقاه ومسرحه وكتاباته، من خلال معالجة قضايا وطنه وقضايا شعوبنا، وعلى رأسها قضية الشعب الفلسطيني".
أنيس زمن الديكتاتورية
علاوة على الإجماع على أن زياد كان حالة فنية استثنائية، تحدّثت نخب تونس بإطناب عن "زياد المسيّس، الذي حمل هموم وطنه".
يقول الهمامي إنه تابع معظم أعمال زياد الفنية والمسرحية وكتاباته، مؤكداً أنه كان صوت الفقراء والمظلومين والمسحوقين، كما تابع "مواقفه الجريئة الداعمة للمقاومتين اللبنانية والفلسطينية".
ويضيف: "لا يمكنني بأي حال من الأحوال أن أنسى أنني في أعسر سنوات السرّية التي عشتها زمن الديكتاتورية في تونس، كان زياد الرحباني أنيسي عبر صوت والدته السيدة فيروز، التي كانت تشدو بألحانه".
ويختم: "طوبى لك يا زياد، يا أخي في الإنسانية، وقد أدّيت ما عليك من واجبات الإنسان تجاه شعبك، وتجاه فلسطين، وتجاه الإنسانية جمعاء... وتلك واجبات الشيوعي الأصيل، الذي لا يساوم... ألست القائل ذات يوم، وأنت بين شيوعيي لبنان: "لم يخرج من الحزب (الشيوعي) إلا من كان يجب أن يخرج... الشيوعي لا يخرج من الحزب إلا إلى السجن أو البيت...". وها أنت تغادر حزبك الذي ظل متمسكاً بمبادئه، إلى البيت الأخير، وأنت تحفظ قناعاتك الكبرى التي لم تتغير... وداعاً... وداعاً... سيظل طيفك يرفرف بيننا من خلال ما أبدعت... وذلك هو معنى الخلود الحقيقي".
اللقاء اليساري العربي ينعى الفنان الثوري الكبير زياد الرحباني
زياد الرحباني قامة سياسية وثقافية وفنية وطنية وعربية وأممية لا تعوض. خسارتنا كبيرة برحيل فيلسوف الكلمة الثورية، ومبدع النصوص المسرحية، ومارد الأغنية الشعبية، وعبقري التأليف والتلحين الموسيقي.
رحل المناضل الوطني الملتصق بقضايا الطبقة العاملة والفقراء من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية والتغييرالديمقراطي.
رحل المثقف الثوري والمقاوم الوطني الملتصق بقضية التحرر الوطني في مواجهة الاستعمار الامبريالي والاحتلال الصهيوني والتخلص من كل أشكال الرجعية والتبعية والتدخل والاستبداد.
رحل الفيلسوف الاستثنائي بعد أن كسر بنضاله وبممارساته الثورية، بالفكر العلمي، وبالمقال السياسي النقدي، وبالكلمة والأغنية الشعبية، وبالثقافة الوطنية العميقة، كل الروتين التقليدي.
لم يتراجع زياد الرحباني يوماً عن ثوابته الفكرية والسياسية والثقافية. بقي طليعياً ثورياً في مقدمة الصفوف دفاعاً عن مشروع التحرر الوطني والاجتماعي في لبنان وفلسطين والوطن العربي.
كتب زياد الرحباني خلال مسيرته النضالية السياسية والثقافية والفنية تاريخ شامل. وبقى مثقفاً ثورياً أممياً ملتزماً يجسد دماء وصمود ودموع الشعوب المقاومة حتى الرمق الأخير.
إن اللقاءاليساري العربي إذ ينحني إجلالاً وتقديراً أمام عطاءات وتضحيات الفنان العبقري الاستثنائي، يتقدم من والدة الفقيد السيدة فيروز ومن عائلته، ومن الحزب الشيوعي اللبناني وأحزاب قوى التحرر والتقدم والاشتراكية في لبنان والعالم، ومن أهل الثقافة والابداع والفنون، من الشعب اللبناني والعربي والعالمي بأحر التعازي.
سيبقى زياد الرحباني حاضراً فينا وقامة وقيمة فكرية ثورية في التاريخ الإنساني. وستبقى الأجيال تتناقل فلسفته الماركسية، وتتغذى من زوادة كلماته وإبداعاته الثقافية والفنية والموسيقية إلى الأبد.
تحية لروح الكبير زياد الرحباني... وداعاً .
اللقاءاليساري العربي
26/7/2025


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق