جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

الجمهورية في ظل التبعية والريعية في ميزان التحرر الوطني والانعتاق الاجتماعي...!عمران حاضري

 الجمهورية في ظل التبعية والريعية

في ميزان التحرر الوطني والانعتاق الاجتماعي...!
في مجتمعات الأطراف التابعة ، حيث تتقاطع البنى السياسية الهشة مع الاقتصادات الريعية، تُطرح "الجمهورية" كشعار يتكرر في الدساتير والخطابات، لكنه في الحقيقة ، يُفرَّغ من مضامينه التحررية الوطنية الديموقراطية الشعبية...
فـالجمهورية الحقيقية ليست شكلًا مؤسساتيًا فحسب، بل تعبير عن سيادة شعبية فعلية، قائمة على الاستقلال السياسي والاقتصادي والاجتماعي ...!
لكن في الواقع التبعي، تكون "الجمهورية" خاوية من القيم الجمهورية الحقيقية ، من حيث السيادة الشعبية و الدستور بصفته عقداً اجتماعياً لا غطاء لتكريس الحكم الفردي و الاءمعان في التبعية و كذلك فصل السلطات و عدم اعتبارها مجرد صلاحيات وظيفية... و ضمان إحترام الحريات المدنية والسياسية و حداثة عقلانية علمية تقدمية وليست حداثة شكلانية هجينة و زائفة... في ظل التبعية تظل جمهورية" مقيّدة في بُناها ومصالحها بـالتقسيم العالمي الرأسمالي، وتخضع نخبها السياسية الحاكمة و الدائرة في فلكها ، طوعًا أو قسرًا، لسلطة المراكز الإمبريالية...
ويتحول الدستور إلى غطاء قانوني لتكريس التبعية و الاستبداد ، بدل أن يكون أداة لتحرير الإرادة الوطنية و الشعبية...! وفي ظل هذا السياق، تصبح السيادة مفقودة ، والمواطنة المتساوية مهدورة ، والديموقراطية شكلية و مسلوبة...!
و تُعمّق الريعية هذا الواقع بصفتها تجسيد لنمط اقتصادي لا يقوم على الإنتاج، بل على إعادة توزيع الريع النفطي أو العقاري أو المساعدات أو الجباية المرتبطة بتجارة غير إنتاجية...!
وهو ما يُنتج
طبقات طفيلية مرتبطة بالخارج
و جهاز دولة ريعي-استهلاكي
ومجتمعًا مُفككًا طبقيًا وعاجزًا عن بناء مشروع تنموي سيادي
بالتالي من منظور اجتماعي طبقي وطني تحرري ناهض ، لا يمكن الحديث عن جمهورية تحررية ديموقراطية شعبية ، دون إدراك تغيير جذري يطال علاقات الإنتاج الرأسمالية التبعية و بالتالي ، قلب البنية الطبقية القائمة، و تخطي نمط الإنتاج التبعي الريعي المهيمن في المجتمع... و تفكيك التحالف الكومبرادوري/ البيروقراطي/ البرجوازي الريعي التبعي، وبناء اقتصاد وطني منتج في قطاعي الفلاحة و الصناعة أساساً ، قادر على إنتاج الثروة و القيمة المضافة ...خاضع لرقابة شعبية، يُعيد الاعتبار للعمل والإنتاج والعدالة الاجتماعية المنشودة
بالمحصلة الجمهورية الحقة، في ميزان التحرر و الانعتاق ، هي جمهورية السيادة لا التبعية ...ا
جمهورية العدالة لا الامتيازات الطبقية ،
جمهورية الإنتاج لا الريع،
وجمهورية الشعب لا النخب
وذلك لا يتحقق إلا عبر مشروع وطني تحرري ديموقراطي جذري، يُواجه التبعية كعلاقة هيمنة، و الريعية كنمط استغلال
ويُعيد تشكيل الدولة على قاعدة التحالف الطبقي الشعبي المنتج، من العمال و صغار الفلاحين والكادحين ، لا على قاعدة الخيارات التبعية و التوازنات المملات من الخارج و المصالح الأقلية الطبقية الضيقة و استبداد الحكم الفردي و الاءمعان في سياسات المؤسسات المالية الدولية و في مقدمتها صندوق النقد
الدولي كآلية للإستعمار الجديد...! و في الحالة التونسية يطرح على رأس جدول أعمال الأطياف الوطنية التقدمية الناهضة المنتصرة إلى الشعب و انتظاراته و الوطن و سيادته لتجاوز التشتت التنظيمي و الخواء الاستراتيجي و الأسر الوظيفي و العفوية و الموسمية صوب بلورة رؤية استراتيجية و أرضية واضحة المعالم ،تقطع مع الخيارات التبعية الريعية و تشييد "قطب وطني تحرري ديموقراطي شعبي" على نفس المسافة من بقايا النظام القديم بمختلف مكوناته و الاسلام السياسي بمختلف تمثلاته كما الشعبوية اليمينية المحافظة...!
بالتالي لا ديموقراطية دون تحرر وطني ، و لا سيادة وطنية دون كسر التبعية ولو تدريجيا كما يطرحها المفكر سمير امين...
و لا جمهورية حقيقية في ظل التبعية و غير ذلك أضغاث أحلام و أوهام فلكلورية لدى " سعداء العبودية" و بعض أسرى المساندة النقدية" لكيانات ريعية حاكمة تائهة في صحراء الرأسمالية تغدق ما تيسر من حشيش الصبر و السلوان و فسفورية الكلام و تسعى جاهدة إلى نحر الشعب و الوطن على مذبح شهوات الحكم و التسلط و خنق الآمال و الأحلام ...!
عمران حاضري
25/7/2025


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *