جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

عاد مجدداً «القيادة الجنوبية» إلى المستعمرة الأرجنتينية... حكومة ميلي تغرق من كل جانب

 عاد مجدداً «القيادة الجنوبية» إلى المستعمرة الأرجنتينية

حكومة ميلي تغرق من كل جانب

الأسبوع السياسي
سيرخيو أورتيز – 21 غشت 2025

أبريل 2025: الزيارة الأولى للأدميرال، مع المنشار على المكتب.

عاد الأدميرال هولسي

مثل سابقتها الجنرالة لورا ريتشاردسون، فإن القائد الحالي للقيادة الجنوبية الأميركية، الأدميرال ألفين هولسي، صار يتردد باستمرار على مستعمرة ذلك الإمبراطورية. فقد حضر في أبريل الماضي حيث استُقبل هو ووفده في «كاسا روسادا» من طرف التابع خافيير ميلي وتلميذه في الدفاع لويس بتري.

وعاد يومي 20 و21 غشت لترؤس مؤتمر Southdec 2025 (حتى اسم القمة الإقليمية لـ"الأمن" جاء بالإنجليزية). كما حضرت سلطات عسكرية من عدة بلدان في المنطقة وأوروبا. موضوع المؤتمر الأميركي الجنوبي للدفاع كان يُفترض أن يكون حول "السيطرة البحرية ودعم القوات المسلحة لنظيراتها الأمنية في محاربة المنظمات الإجرامية العابرة للحدود". وكان مقرراً أن يتداولوا حول "الدروس المستخلصة وأفضل الممارسات في مواجهة التهديدات في بيئات متعددة المجالات".

الكلمة الأساسية كانت بيد الأدميرال الأميركي، الذي هاجم الصين (نتذكر أن الجنرالة ريتشاردسون كانت قد لوّحت بكذبة "القاعدة العسكرية الصينية في نيوكوين"). واصل هولسي على نفس النهج، فقال: "الحزب الشيوعي الصيني يواصل توغله المنهجي في المنطقة، ويسعى إلى تصدير نموذجه السلطوي، واستخراج الموارد الثمينة، وإقامة بنية تحتية ذات استخدام مزدوج محتمل، من الموانئ وحتى الفضاء." وأضاف: "وجوده وتأثيره لهما عواقب واسعة النطاق في جميع المجالات، وخاصة في المخروط الجنوبي، حيث تعمل خطوط الاتصال البحرية الحيوية مثل مضيق ماجلان وممر دريك كنقاط اختناق استراتيجية يمكن أن يستغلها الحزب الشيوعي الصيني لإبراز القوة، وتعطيل التجارة، وتحدي سيادة دولنا أو حياد القارة القطبية الجنوبية."

أما باقي الحاضرين الأجانب – حتى الأدميرالات من حكومات ذات طابع تقدمي نسبياً مثل البرازيل وتشيلي وكولومبيا والأوروغواي – فقد صادقوا عملياً على تلك الهجمات ضد الصين، رغم ما يتعرضون له هم أنفسهم، خصوصاً البرازيل، من عدوانيات دونالد ترامب بحرب الرسوم الجمركية. الأكثر خضوعاً، كما كان متوقعاً، جاء من بتري، الكلب الصغير التابع لميلي: "هذا المؤتمر ما كان ليتحقق دون التعاون المشترك بين الأرجنتين والولايات المتحدة." وأضاف: "هذا اللقاء مهم جداً لبلادنا لأنه يكرس قرار وتوجيه الرئيس خافيير ميلي بالاصطفاف مع إدارة دونالد ترامب." ولم ينقصه سوى تقبيل مؤخرة هولسي…

وإذا كان خط القمع، بإقحام قوات اللا أمن وحتى القوات المسلحة في الأمن الداخلي، يأتي بوضوح من واشنطن، فإن بعض القرارات يمكن أن تُعتمد قبل ذلك في المستعمرة. ففي 13 غشت الماضي، وضع ترامب 800 من عناصر الحرس الوطني لـ"حماية" واشنطن بذريعة ارتفاع مستوى الجريمة. وفي سالتا بدأت منذ مايو عمليات "روكا" و"غويميس" بمشاركة الدرك والعسكريين لاعتقال مدنيين. أحياناً يتجاوز التلاميذ أساتذتهم سرعةً.


اقتصاد شديد التبعية وأكثر ارتهاناً

إلى تلك الروابط العسكرية والجيوستراتيجية التابعة، تُضاف القاعدة العسكرية البريطانية والأطلسية في جزرنا المالوين المحتلة. كل ذلك يترافق مع التبعية الاقتصادية والمالية للمستعمرة. فالحكومة الفاشية المتسترة وراء "الليبرالية" تقلص الاقتصاد، وخاصة الصناعة، مع ركود وانهيار في المبيعات شمل حتى مصانع كبرى مثل أسيندار، تيشينت، شركات السيارات، الصناعات المعدنية والنسيجية، وبالطبع البناء، الذي يشهد توقفاً شبه كامل للأشغال العمومية وقطع التمويل عن الولايات.

الخنجر موجه مباشرة إلى التنمية الصناعية، مع خطط تقليص وتقشف في ميزانية العلوم والتقنيات، وفي 60 جامعة عمومية، والمجلس الوطني للبحوث العلمية والتقنية، إلخ. في المقابل، ومن أجل كسب ودّ الأوليغارشيين والمصدرين الزراعيين في "الجمعية الريفية"، أعلن لهم ميلي عن خفض في الرسوم على الحبوب واللحوم، مما يمنحهم هدية بـ 1.600 مليون دولار سنوياً. أما لشركات المناجم مثل "غلينكور" وغيرها من المتعددة الجنسيات، فهناك أنظمة بالغة التسهيل، بضرائب منخفضة، إلخ. قانون الحوافز للمستثمرين الكبار (RIGI) يضمن لهم الكثير من الدولارات، حيث بعد أربع سنوات من الاستثمار لا يكونون ملزمين ببيع الدولارات الناتجة عن صادراتهم داخل الأرجنتين.

الرؤساء الأميركيون المتعاقبون، وقادة القيادة الجنوبية، وسفراء الولايات المتحدة في بوينس آيرس كانوا واضحين جداً بشأن أطماعهم في الأرجنتين. قال السفير آنذاك مارك ستانلي في يناير 2024: "أنتم جالسون على ثاني أكبر احتياطي للنفط والغاز الصخري في العالم، وعلى ثالث أكبر احتياطي لليثيوم. لديكم القمح، الذرة، المغنيسيوم، الصويا، الماشية، ورأسمال بشري عظيم. العالم يحتاج لما لدى الأرجنتين. تاريخياً، كانت الولايات المتحدة، وما زالت، أكبر مستثمر في الأرجنتين. شركاتنا مرتبطة بالأرجنتين بشكل منتظم. وأتوقع أنه كلما شهدنا تعافياً واستقراراً في الأرجنتين سترون المزيد."

حين قال ستانلي "شركاتنا" كان يقصد شركات غرفة التجارة الأميركية (AmCham)، 622 احتكاراً توظف 360.000 شخص في 200 مصنع، وتساهم بـ 18,6% من الناتج المحلي الإجمالي، و38% من الإيرادات الضريبية، و24% من الواردات، و28% من الصادرات. تلك الغرفة يرأسها فكوندو غوميز مينوجين، القادم من "جي بي مورغان"، وهي صاحبة المستعمرة فعلياً.

وقد وضعت تلك البنوك الاستثمارية كبار مسؤولي حكومة ميلي: لويس كابوتو (وزير الاقتصاد)، سانتياغو باوسيلي (رئيس البنك المركزي)، بابلو كيرنو (كاتب الدولة للمالية)، فلاديمير ويرنينغ (نائب رئيس البنك المركزي)، خوسيه لويس داثا (نائب وزير الاقتصاد)، وداميان رايدل (رئيس "نوكليوألكترِكا" والأسبق رئيس ديوان مستشاري الرئاسة). يجمعهم جميعاً المرور عبر القطاع المالي الدولي، وخاصة "جي بي مورغان"، ما يكوّن حمضاً نووياً اقتصادياً ذا رؤية ليبرالية-أرثوذكسية، قائمة على فتح الأسواق وجذب الرساميل والانضباط المالي.

الربح المالي والدورة المالية، إلى جانب النموذج التصديري الزراعي والمعدني، هي محاور الحكومة التابعة. البنوك تجني الأرباح لأنها تدفع 40% فائدة سنوية على الودائع لأجل. والدولة تدفع لها ولحملة السندات 63% سنوياً. وعند الاستحقاق، لا يتم تجديد جميعها، كما يتم رسملة الفوائد بدلاً من دفعها، ما يزيد من تضخم الدين العام. وقد صرّح غييرمو فرانكوس، رئيس الوزراء، بأن الدين العمومي الكلي بلغ 500 مليار دولار (110 مليارات منها أضافتها هذه الحكومة). وهنا تكمن مفاتيح تقشف ميلي: لسداد الدين هناك منشار فوق رقاب الشعب. ولأن الدولارات لا تكفي، تُسلَّم الثروات الطبيعية، وتُنهب الأمة وتتحول إلى مصنع تابع.

الممثل نورمان بريسكي قال عند استلامه جائزة "مارتين فييرو" للسينما في أكتوبر 2024: "انتبهوا لما أقول، اليوم وضعت كثيراً من العطر على نفسي… عطر الاستعمار الجديد." هذه هي الأرجنتين، ولهذا يأتي الأدميرال هولسي في "تفقد سلمي". أما فنزويلا فلديها حكومة بوليفارية برئاسة نيكولاس مادورو، ولهذا أُرسلت إليها السفن "USS San Antonio" و"USS Iowa Jima" و"USS Fort Lauderdale" مع 4.500 جندي، يرافقها غواصات نووية وطائرات استطلاع "P8 Poseidon" ومدمرات عدة وسفينة حربية مزودة بصواريخ، قبالة السواحل الفنزويلية، في تهديد بالحرب. فردّ مادورو بتعبئة الميليشيات الشعبية والقوات المسلحة الوطنية البوليفارية.


يغرق، لكنه لا يغرق وحده

إن ذلك الرابط بين تقشف ميلي، المديونية، والوضع الاستعماري تجاه الولايات المتحدة لا تراه اليوم غالبية الشعب. ليس ذنبها. يتطلب الأمر مستوى من النضالات وتسييساً أعمق مما هو قائم اليوم. إنها قصة طويلة ومعقدة تتدخل فيها هزيمة جيل السبعينات، وهيمنة الأحزاب الكبرى في هذه الـ42 سنة من الديمقراطية البرجوازية، خصوصاً البيرونية؛ تواطؤ بيروقراطية الاتحاد العام للشغل وكثير من الحكام، ضعف انغراس اليسار المناهض للإمبريالية في الجماهير، ثقل الانتخابوية، وسائل الإعلام التضليلية، والشبكات "الاجتماعية" المعادية، إلخ.

ومع ذلك صار واضحاً لقطاعات متزايدة من الشعب أن العيش بهذا الشكل لم يعد ممكناً. المال لا يكفي، لا عمل، الإيجارات باهظة، الأجور والمعاشات لا تستعيد قدرتها الشرائية، والعمال والمتقاعدون والمعلمون يُضحَّى بهم على مذبح "الفائض المالي" وصندوق النقد الدولي. لهذا هناك المزيد من الاحتجاجات، وإن كانت من دون التنسيق والقيادة المركزية اللازمة.

تلك النضالات تفسر فقدان ميلي لنقاط في صورته الإيجابية، وقد ينعكس ذلك في الانتخابات التشريعية في شتنبر وأكتوبر. فقد هُزم في تصويتات محددة في مجلس الشيوخ والنواب، في قضايا حساسة مثل الإعاقة، التقاعد، الجامعات، مستشفى غارّاهان، مساعدة المنكوبين بالفيضانات، إلخ. آخر هزيمة مهمة كانت بخصوص الإعاقة، في النواب، بـ 173 صوتاً ضد 73 صوتاً ميليستياً. كما أن هناك أسبوعياً فضائح فساد جديدة تخص ميلي وكارينا. ذلك التراجع يفسر انشقاق بعض نواب "الحرية تتقدم" وتشكيلهم كتلة منفصلة. كما أن حكاماً كانوا حلفاء لميلي صاروا يوجّهون نوابهم للتصويت ضده، مثل مارتين ياريورا (قرطبة) وأوسفالدو خالدو (توكومان).

مع ذلك، فإن الانتخابات التشريعية في أكتوبر لن تغيّر الأمور جذرياً. في أكتوبر 2023 لم يحصل ميلي سوى على 7 شيوخ من أصل 72، و37 نائباً من أصل 257. لكن بدعم المتواطئين (الذين سماهم "أبطالاً" بعد المصادقة على المرسوم 70/23 وقانون القواعد) تمكن من المضي قدماً في خطته بالمنشار والتسليم. في 26 أكتوبر قد تتحسن تلك الأرقام قليلاً لـ"الحرية تتقدم"، لأنها تنطلق من قاعدة متدنية قبل عامين. ومع هذه القوة، وإن كانت أقلية لكن مرشحة للتزايد، سيواصل سحق الشعب بوحشية أكبر، الآن عبر الإصلاح العمالي، الإصلاح التقاعدي، والإصلاح الضريبي، وفق طلبات الاحتكارات، صندوق النقد الدولي، والبيت الأبيض.

وفوق ذلك، ورغم أن زعيمته محظورة ومدانة وسجينة سياسية، فإن البيرونية بشعارها "قوة الوطن" تفتقد لبرنامج للخروج من الأزمة. أقصى ما تفكر فيه هو المساومة مع صندوق النقد حول الرسوم الإضافية التي يفرضها على الأعضاء المثقلين بالديون، لكنها لا تضع في جدول أعمالها تدقيق الدين الخارجي وتعليق سداده. ولا فرض ضرائب على الثروات الكبرى، ولا تأميم البنوك والتجارة الخارجية، ولا إجراءات ضد الاحتكارات. هناك تكمن الموارد اللازمة لزيادة الأجور والمعاشات وميزانيات الصحة والتعليم والعلوم والتقنية والسكن والأشغال العامة.

البيرونية والكيرشنرية سبق أن حكمتا مرات عديدة، في تحالفات مع سكيولي، بيكيتو، فرنانديز وماسا. واليوم تكرر وصفاتها الفاشلة. لا تطرح الاستقلال الثاني والنهائي بل إعادة التفاوض على التبعية، حتى نكون لا مستعمرة بل "مستعمرة جديدة". "الوطن ليس للبيع" شعار جميل للحملة، لكن سان مارتين كان سيوبّخهم بقوة، وإن لم يكن بالقدر الذي كان سيوجّهه إلى سفير ميلي في إسبانيا الذي قال "يحيا الملك". بهذا التصرف كان سيجرّب على الفور حدّ سيفه.

الخلاصة: لإنهاء حكم النائب الاستعماري الحالي، يجب القيام بشيء شبيه بالثورة الوطنية في مايو 1810 التي أطاحت بالـ"نائب الملك سيسنيروس".






رابط المقال بلغته الاصلية

https://plsergio.wixsite.com/lasemanapolitica/post/lleg%C3%B3-otra-vez-el-comando-sur-a-la-colonia-argentina

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *