جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

الأستاذ أيت عبد الله أو المختار محمد الحنفي أو اختصارا (السي الحنفي) كما يعرفه سكان بنكرير:الرفيق عبد الكريم الطابي

 من ذاكرة مناضلي اليسار القدامى ببنكرير:

الأستاذ أيت عبد الله أو المختار محمد الحنفي أو اختصارا (السي الحنفي) كما يعرفه سكان بنكرير:الرفيق عبد الكريم الطابي
لما راجعت مسودات مشروع ما سمي ب"النبش في ذاكرة بنكرير" سواء المخزنة في عقل الحاسوب أو المستخرجة منه إلى الكاغد، بدا لي أنني جئت في أكثر من مناسبة وسياق على اسم السي محمد الحنفي الأستاذ والمناضل السياسي والحقوقي والنقابي والجمعوي، وهذا شيء طبيعي وغير مستغرب في رجل تصادف حضوره مع عدد من الأشخاص من مجايليه في الإطارات سالفة الذكر، أو مع عدد من الأحداث المحلية التي لا تخلو من وجوده فاعلا فيها كما دأب على ذلك منذ وفوده على بنكرير بداية سبعينيات القرن الماضي في إطار عمله في قطاع التربية والتعليم. غير أنه تبين لي أنني لم أفرد له منشورا مستقلا عن السياقات المذكورة ولا عن غيرها من سياقات أخرى مثل تلك المرتبطة ب"ذاكرة مقر، ولادة حزب" أو المرتبطة بالسيدة زوجته ورفيقته المناضلة المكافحة الصبور لطيفة بنبيهي. وليس السي الحنفي وحده من تنسحب عليه هذه الحالة بل هناك آخرون وفي مقدمتهم أستاذنا المناضل الفقيد السي أحمد الحمزاوي الذي خصصت له منشورين لا يتعديان ما يشبه النوسطالجيا أو التأبين بأثر رجعي.
السي الحنفي هذا الرجل المناضل الذي تسري في عروقه الروح المعتقة للحركة الاتحادية الأصيلة، وهو يزحف نحو نهاية العشرية الثامنة من عمره، وقد عبر عنها من خلال ثباته على تلك الروح وانتصاره لقيمها ولقيم مؤسسيها ممن قدموا أرواحهم فداء للوطن سواء القتلى/ الشهداء بالنار والحديد على أعمدة الإعدام، أو المعطوبين حاملي العاهات المستديمة والأمراض المزمنة من جحيم عذابات الاستبداد في دار المقري أو في الدرب الملعون وفي باقي الأقبية المعروفة وفيلات النقط الثابتة لأجهزة "الكاب1"، أو الذين عانوا الغربة القسرية والمنافي بعيدا عن الوطن الذي دافعوا عنه ضد الاستعمار، ولما تحقق بعض الاستقلال حتى ولو كان مبتورا من حيث الأرض ومعدوما من حيث رافعات المعمار الديمقراطي، وجدوا أنفسهم أعداء استعمار جديد سارع منذ فجر الاستقلال الناقص إلى الاستفراد بالحكم وتجفيف منابع المعارضين والمختلفين.
السي الحنفي ـ هذا اليساري المزداد سنة 1946 في أتون الحرب العالمية التي بدأت نيرانها تصيب الإنسان والحيوان والنبات والعمران عبر عديد من جهات هذا الكوكب الرفيق ـ كثيرا ما كان بعض الجهلة يرمونه باستعداء الدين أو يروجون لذلك كما حدث ولازال الشيء ذاته يحدث مع كثير من مناضلي اليسار. وهؤلاء لا يعلمون أن السي الحنفي حفظ القرآن على يد والده في سن مبكرة ب"مجاط". ولأنه كان يبحث عن أفق أرحب، فقد هرب إلى مراكش ومعه مطلبه/ حقه في ولوج المدرسة، حيث لم يجد والده بدا من الخضوع لإرادة الطفل محمد الذي استقر على مقاعدها خلال الموسم الدراسي 1960/1961 . وقاده هذا المشوار الدراسي إلى غاية حصوله على الإجازة سنة 1971.
سيرتبط السي الحنفي ببنكرير بداية من سنة 1972 التي حل بها أستاذا ب"الكوليج" المعروف. ولعل ما كان يثير انتباه وفضول كثير من التلاميذ وقتها، هو غرابة الاسم الكامل الطويل، وكنت أنا شخصيا واحدا ممن يعجبه ترديده مع نفسي جهرا أو علانية سواء لما كان أخي عبد الجبار تلميذا له ربما في تلك السنة نفسها التي حل فيها ببنكرير أو لما صرت تلميذه أنا أيضا في الموسم الدراسي 1974/ 1975 وبالضبط في السنة النهائية للتعليم الإعدادي، وكنت أتساءل أين الاسم الشخصي وأين اللقب في : أيت عبد الله أو المختار محمد الحنفي.
مسار السي الحنفي المهني والنضالي طويل جدا، لا يمكن الإحاطة به في منشور واحد. وهذا ليس أمرا فيه بعض الغلو إذا ما علمنا أن الرجل انخرط في نضالات الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بداية من الموسم الدراسي 1967/ 1968، وبحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية منذ 1967، وفي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية منذ 1972، ومنذ حدث ماي 1983 في اصطفافه جانب الاتحاد الاشتراكي ـ اللجنة الإدارية وكان نصيبه على إثر ما جرى اعتقاله والحكم عليه بسنتين موقوفتي التنفيذ بعد أن قضى شهرا في السجن بعد الحكم الابتدائي. ومنذ أن صار الاتحاد الاشتراكي ـ اللجنة الإدارية يسمى "حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي" بداية من سنة 1990، استمر السي الحنفي مناضلا فيه وقياديا في هيئاته التقريرية والتنفيذية إلى حدود كتابة هذا المنشور اعتبارا لكونه انتصر لقناعته ورفض اندماج الطليعة مع حزب المؤتمر الاتحادي والمنشقين عن الحزب الاشتراكي الموحد فيما يسمى اليوم ب"حزب فدرالية اليسار".
وكما تقلد مسؤوليات ومهام محلية ووطنية على صعيد الحزب، فقد تحمل على صعيد الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ـ التي انخرط فيها منذ سنة 1987 ـ مسؤوليات محلية وإقليمية على مستوى بنكرير التي تأسس فرعها سنة 1997 وقلعة السراغنة قبل تأسيس فرع بنكرير. وإلى جانب هذا فالسي الحنفي واحد من مؤسسي فرع النقابة الوطنية للتعليم سنة 1976 والاتحاد المحلي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل سنة 1981، كما كان فاعلا في الشأن الثقافي اعتبارا لكونه من مؤسسي جمعية الإقلاع الثقافي وجمعية التنوير للثقافة والفكر.
هذا المسار بالتأكيد لم يكن مفروشا بالورود والبساط الأحمر في بلد ذي طبيعة استبدادية، فقد أدى كثيرا من "الضرائب" ونال كثيرا من "المستحقات"، حيث تعرض للتعنيف داخل المؤسسة التعليمية التي كان يتابع بها دراسته سنة 1965 بعد الاحتجاجات التي أعقبت اغتيال الشهيد المهدي بنبركة، ولنشاطه الطلابي ككاتب عام للمكتب المحلي للاتحاد الوطني لطلبة المغرب سنوات 1968 ـ 1969 ـ 1970 ـ 1971.استدعاه البوليس والدرك في بنكرير أو القلعة في أكثر من مناسبة بسبب نشاطه السياسي. قضى أربعة أيام بكوميسارية جامع الفنا بعد انتفاضة 1984. اعتقل في يونيو سنة 1997 وحكم عليه بشهر حبسا نافذا وتم توقيفه عن العمل وتوقيف أجرته لمدة عام كامل بعد خروجه الميداني لمقاطعة الانتخابات التي دعا إليها حزب الطليعة، وشاركه محنة السجن والتوقيف رفيقه في الحزب عبد الله أطلس.
في مجال الكتابة صدر له مؤلف تحت عنوان " الإسلام / الماركسية : علاقة الالتقاء والاختلاف". كما نشط في جريدتي "الطريق" و"المسار" اللتين كان يصدرهما حزب الطليعة، إضافة إلى نشره بشكل دائم عددا من المقالات في عدة مواقع محلية ووطنية وعربية.
السي الحنفي ذو اللسانين العربي والأمازيغي، لا يراه سكان بنكرير وشبابهم إلا ومحفظته وكتبه ومجلاته في يده. خلال خرجاته اليومية في "القشلة" التي يقطن جوارها، يمارس دوره في التأطير والتواصل والحديث في الشأن العام المحلي والوطني مع كل الفئات التي يصادفها في الشارع، ولا تخلو لقاءاته الواقفة أو الجالسة من الفرفشة والنكتة.
السي الحنفي مناضل ميداني ملتزم ومنضبط، لا يتخلف عن الوقفات والاحتجاجات إلا لضرورة صحية قاهرة أو لسفر في مهام أخرى خارج بنكرير. لا يتخلف أو يتأخر عن الحضور في اجتماعات حزبه أو في إطار اجتماعات أو تنسيقيات مشتركة، بنفس القدر لا يتخلف عن أداء مشاهراته ومساهماته كلما استدعت الضرورة النضالية ذلك.
لما كنت تلميذا عند السي الحنفي في الإعدادي لمدة شهرين أو أقلهما لما تم استبداله بالفقيد السي أحمد الحمزاوي، حدث أنه لما أنهيت قراءة أحد نصوص كتاب النصوص العربية، أثارته اللكنة التي أقرأ بها، فسألني: واش نت أصلك من موريطانيا؟؟؟؟؟





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *