أهلا بالمثقف القائد كميل ابو حنيش
أهلا بالمثقف القائد كميل ابو حنيش
مرحبًا بك أيها المبدع، إلى الحرية ، الحرية التي لا مقابل لها، الحرية التي هي نفسها المقابل، كما كتبها حبيبنا غسان كنفاني، وانت امتشقت روحه، وحولت الزنزانة إلى مدرسة، والسجن إلى أكاديمية فكرية، نرحب بك اليوم وقد حررت روحك كما حررت كلماتك، لتضيء لنا طريق الحرية والإبداع.
فكل حرف كتبته في الأسر، وكل فكرة أنجزتها في صمت، كانت تنتظر هذا اليوم لتزهر في أعيننا، لتضيء المسافة بيننا وبين الحقيقة، لتذكّرنا بأن الكلمة لا تُسجن، وأن الروح الحرة تعود دائمًا إلى مكانها الطبيعي: الحياة، والحب، والإبداع .
اهلا بالمثقف المقاوم والقائد الثقافي، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، جمع بين الفكر والنضال داخل السجون وخارجها، وحوّل الكلمة والفكرة إلى سلاح في مواجهة القهر، والثقافة إلى أداة للتحرر. من السجن إلى الحرية، قاد فرع الجبهة في الأسر، وكان صوتًا ثقافيًا وسياسيًا يُثري المكتبة العربية بسلسلة من الروايات والدراسات والشعر، جميعها تدور حول الوطن والمقاومة. خلال اعتقاله، حصل على البكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية والماجستير في الدراسات الإسرائيلية والإقليمية، وأصدر أعمالًا بارزة مثل: “خبر عاجل”، “بشائر”، “وجع بلا قرار”، “الكبسولة”، “مريم مريام”، و**“عقدة العصفور”، إضافة إلى كتب أدبية وفلسفية ودراسات مشتركة مثل “جدلية المكان والزمان في الشعر العربي” و“التجربة التنظيمية والسياسية في السجون”** و**“الكتابة والسجن”**، إلى جانب عشرات المقالات الأدبية والسياسية.
ها أنت اليوم بيننا يا رفيق ، بعد أن قضيت عامك الثالث والعشرين بين قضبان سجون الاحتلال، منذ الخامس عشر من أبريل 2003، حاملاً حكمًا بتسعة مؤبدات؛ وبعد طول صبر، بعد سنوات من القيد والصمت الذي لم يثنِ قلمك، ولم يطفئ ضوء أفكارك. لقد حملت في قلبك الحرية قبل أن تملكها، وكتبت رغم كل جدار من القيود، رغم كل محاولة لعزلك عن العالم.
انت مثّلت بجدارة أن المثقف الثوري والقائد في المقاومة وجهان لعملة واحدة: الأول يضيء طريق الوعي ويصوغ الثقافة والفكر كأدوات للتحرر، والثاني يترجم هذا الوعي إلى خطة وفعل ميداني، ليحوّلا الألم والقمع إلى إرادة صلبة، ويجعل كل كلمة وفكرة وسلوك سلاحًا في مواجهة الاحتلال، بحيث يصبح الفكر والفعل والمقاومة وجهًا واحدًا لا ينكسر.
نحن اليوم لا نحتفل فقط بخروجك إلى الهواء الطلق، بل نحتفل بعودتك إلى روحك، بعودتك إلى الكلمات التي صنعت منها جسورًا بين الأمل والألم، بين الحقيقة والمقاومة. كلماتك كانت لنا مرشدًا، ونورًا، وصرخةً في وجه الظلم، واليوم عادت لتتردد في فضاءاتنا بحرية كاملة، كما تستحق أن تكون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق