جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

عبد الحكيم الدرفيضي.. هوامش تُميط اللثام عن الضحية الثالثة لرصاص القليعة*هوامش

 عبد الحكيم الدرفيضي.. هوامش تُميط اللثام عن الضحية الثالثة لرصاص القليعة

"إلى حدود الساعة يرفض عقلي تصديق أن أخي فارق الحياة" تقول فريدة في حديثها لمنصة هوامش، وتضيف "كان بمثابة أب لنا، توفي والدنا ونحن ما نزال أطفالا وتحمل عبد الحكيم مسؤولية إعالة الأسرة المكونة من أم وأربعة إخوة".
Hawamich
23. 10 2025

هوامش

بعد صلاة فجر يوم الثلاثاء، 30 شتنبر الماضي، غادر عبد الحكيم الدرفيضي (36 سنة) منزل أسرته في القليعة. مر عبر الأزقة الضيقة لحي العوينة، وتوجه إلى الشارع الرئيسي ليستقل سيارة النقل المتوجهة إلى ورش البناء في طريق أمسكرود، لم تكن أسرته تتخيل أنه لن يعود، وظلت متشبثة بالأمل رغم تأخره غير المعتاد، لكن الصاعقة حلت بالبيت: “عبد الحكيم اقتنصه رصاص الدرك الملكي”.

البحث عن مصير عبد الحكيم

رفضت عائلة عبد الحكيم في البداية التصريح للإعلام، بسبب الحالة النفسية الصعبة التي خلفها وقع مقتل ابنها البكر. الشاب الذي انتصف عقده الرابع تحمل لسنوات شقاء حرفة البناء لإعالة إخوته ووالدتهم، ثم بدأ أخيرا يخطط للزواج والاستقرار، لكن الموت سبق الفرح برصاصة اخترقت ظهره.

بينما تسترجع صور تلك الليلة المرعبة المخزنة في ذاكرتها، تحكي فريدة: “عشية ذلك اليوم كنت في العوينة، بحثت عنه في الأماكن المعتادة ولم أعثر عليه، انتظرته طويلا دون أن يظهر له أثر”، وتضيف أنه بعد غروب الشمس عاد عبد الحكيم وشقيقه من ورش البناء، إلا أنه بسبب أحداث العنف طلب منهم سائق سيارة النقل النزول عند مدخل القليعة، على بعد أمتار من مركز الدرك الملكي.

تحكي فريدة “ترجل الركاب وضمنهم أصدقاء عبد الحكيم وأحد إخوتي كان برفقتهم، هذا الأخير انعطف من زقاق يؤدي إلى بيته، حيث أنه متزوج ويعيش مع أسرته في بيت مستقل، وواصل عبد الحكيم مع أصدقائه”، وتضيف “في النهاية تلقى رصاصة في ظهره”.

في ساعة متأخرة من مساء يوم الأربعاء، فاتح أكتوبر 2025، بدأت مقاطع فيديو صادمة تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويظهر في بعضها عدد من المصابين بالرصاص وسط الشارع، بعدما اندلعت أعمال تخريب، وإضرام النار، ومحاولة اقتحام مركز الدرك الملكي من طرف أشخاص ملثمين.

من بين هذه الفيديوهات مقطع يظهر فيه عبد الحكيم في حالة حرجة، إلى جانب شاب آخر، اتضح فيما بعد أنه الشاب عبد الصمد أبلة 25 سنة، فقد سقط الشابان مصابين، كما ظهر في مقطع آخر شاب عشريني ثالث يدعى محمد الرحالي.

حاولنا في هوامش الوصول إلى شهود على الواقعة، وقمنا بمجهودات للوصول إلى سائق الحافلةوأصدقاء عبد الحكيم، الذين كانوا برفقته حينها، لكن المهمة لم تكن سهلة، فلم نتمكن من الوصول إليهم جميعا، بينما منع الخوف من التورط في المتاعب أغلبهم من الإدلاء بأي تصريح ولو بأسماء مستعارة.

ليلة “الرعب” في القليعة

في اليوم التالي لما عرف بليلة “الرعب”، عقد الوكيل العام للملك باستئنافية أكادير، ندوة صحفية، أعلن خلالها عن مصرع ثلاثة شباب وإصابة آخرين، في أحداث الليلة السابقة بالقليعة، بعدما “اضطر عناصر الدرك إلى استخدام أسلحتهم الوظيفية وفقا للضوابط القانونية الجاري بها العمل، دفاعا عن النفس وحماية للممتلكات”، بعد محاولات متكررة من متجمهرين لإضرام النار في المركز الذي يضم الذخيرة، مع تطويقه من جميع الجهات، وإتلاف مجموعة من المعدات، وتخريب ممتلكات عامة وخاصة.

وقال الوكيل العام خلال الندوة الصحفية: “تجمهر مجموعة من الأشخاص من مختلف الأعمار بمركز مدينة القليعة، وعرف التجمهر مجموعة من التجاوزات والانفلاتات غير القانونية، من المتجمهرين الذين كان أغلبهم من القاصرين المدججين بالأسلحة البيضاء والعصي الخشبية والحجارة”، مضيفا “بعد ذلك تعالت النداءات وسط الحشد المكون من نحو 200 شخص، بضرورة التوجه نحو مركز الدرك”.

وكشف الوكيل العام عن إصابة 8 من عناصر الدرك، ثلاثة منهم بإصابات بليغة، “وأمام الخطر الذي أصبح محدقا بالمركز والعناصر المرابطة به، تم إطلاق عدة طلقات تحذيرية نحو السماء، وهو الأمر الذي لم يجد نفعا أمام هيجان المتجمهرين”.

كما أعلن عن “فتح بحث قضائي بشأن الأفعال الجرمية، ومن أجل الكشف عن ظروفها وملابساتها، وإيقاف المتورطين في اقترافها، كما سيتم ترتيب الآثار القانونية الواجبة على ضوء ما سوف تسفر عنه نتائج البحث”.

دراما جثة مجهولة الهوية

مقاطع الفيديو المستخرجة من تسجيلات كاميرات المراقبة، التي عرضتها النيابة العامة، أظهرت مجموعة من الأشخاص الملثمين يقومون بانتزاع البوابة الحديدية لمركز الدرك، ويعمدون إلى إضرام النار في حاويات القمامة والإطارات المطاطية وبعض المعدات عند مدخل المركز، بينما تجمهر بعض المواطنين على الرصيف المقابل يتابعون الأحداث، وبينهم يظهر عبد الصمد أبلة.

وفي مقاطع أخرى، صورها أحد الأشخاص، يظهر مسلحان يعتقد أنهما من عناصر الدرك الملكي، أحدهما يلبس حذاء رياضيا، يركضان في الشارع ذهابا وإيابا، ويطلقان الرصاص من نقطة تبعد نحو 500 متر عن المركز، بينما وثقت مقاطع أخرى اللحظات الأخيرة من حياة الشبان الثلاثة مضرجين بالدماء وسط الشارع.

كانت تلك الليلة استثنائية في القليعة، نواحي أكادير، التي لم يسبق أن شهدت مثل تلك الأحداث، وخلفت صدمة لدى الجميع، وخصوصا عائلات الشباب القتلى.

خبر إصابة عبد الحكيم الدرفيضي، نزل كالصاعقة على العائلة، التي كانت في بداية رحلة البحث تأمل أن يكون خبر وفاته غير صحيح، لذلك توجهت إلى مدينة أكادير، وبالتحديد صوب مستشفى الحسن الثاني.

تروي فريدة في حديثها لمنصة هوامش: “كنا نعتقد أنه مازال على قيد الحياة، بعدما أخبرونا في المستشفى أنه في غرفة العمليات، وبعد الانتظار لمدة ساعة تقريبا، أعدت أنا ووالدتي الاستفسار عنه، إلا أنه لم يتم التعرف على أي حالة تتطابق مع اسمه، لأنهم أدخلوه باسم (X) أي مجهول”.

وتضيف محدثتنا “تنقلنا بين مستودع الأموات، وقسم الطوارئ، ومركب العمليات، دون أن نعثر على جواب، إلى أن أبلغنا مقدم الحي بأنه متواجد بمستشفى إنزكان، وهناك علمنا أنه فارق الحياة، ثم قمنا بالتعرف على جثته”.

“الإنسان لا يمكن أن يعوض بالمال أو أي شيء آخر، نحن نرغب في محاسبة المسؤولين”، تقول فريدة في حديثها إلينا، “شقيقي كان مسالما وينأى بنفسه عن المشاكل، لماذا قتلوه؟”.

حين تتحدث فريدة عن شقيقها لا تتوقف عن ذكر أنه كان بمثابة والدهم، فقد “كنا صغارا حين توفي والدي وهو من تحمل المسؤلية وأعالنا”، وبينما لا تخفي تأثرها تؤكد على مطلب الأسرة “لا نريد سوى أن يحاسب قاتله ويأخذ جزاءه”



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *