جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

أسرار مشاركة “إسرائيل” في اختطاف بن بركة| الحلقة 5: سيارة وسمّ وكاتم صوت

 أسرار مشاركة “إسرائيل” في اختطاف بن بركة| الحلقة 5: سيارة وسمّ وكاتم صوت

يفتح كتاب «قضية بن بركة.. نهاية الأسرار» نافذة جديدة على ملف ظلّ، ستة عقود كاملة، رمزًا للغموض السياسي في المغرب الحديث. فرغم كثرة ما كُتب وصُوّر عن اختفاء المهدي بن بركة في باريس عام 1965، بقيت الحلقة الإسرائيلية خارج السرد الرسمي. ما يقدّمه ستيفن سميث ورونين بيرغمان هذه المرة هو اختراق استثنائي، يستند إلى وثائق أفرج عنها الأرشيف الإسرائيلي، تضع الموساد داخل تفاصيل العملية منذ لحظاتها الأولى. ومع ذلك، يُبالغ المؤلفان حين يضعان عبارة «نهاية الأسرار» على غلاف الكتاب. فالمواد التي يكشفانها، على أهميتها، لا تُجيب عن أسئلة جوهرية بقيت معلّقة منذ 60 عاما: مكان دفن جثة بن بركة، وحدود علم وتواطؤ الأجهزة الفرنسية. عبر حلقات تقدم لكم منصة هوامش أبرز ما ورد في الكتاب.

داخل الموساد، تم رفع حالة التأهب، لكن الجميع يعلم أن الأمور “لا تزال ساخنة على الخط الأمامي”. بعد اجتماعهم التقييمي مع الدليمي في 12 أكتوبر في جنيف، أبلغ رافي إيتان ونفتالي كينان المقر الرئيسي: “نشعر بأننا، حتى الآن، قد حققنا هدفنا. هو [الدليمي] راضٍ، ولم نواجه مشكلة. لكن يجب الاستعداد للمرحلة التالية، عندما سيكون الخروج من الأمر بأقل الخسائر أكثر صعوبة”.

وتعزز هذا الحدس من خلال الطلبات الجديدة للدليمي، “الذي يستعد للعودة إلى هنا [أي جنيف] في نهاية الشهر للقاء المقبل بين عميله [الفرنسي] والهدف”، وهي طلبات حساسة” لدرجة أن العميلين يفضلان عدم ذكرها كتابةً.

لكن كينان تخلّى عن هذه التحفظات في اليوم التالي. وفصل في رسالته مطالب نائب مدير الأمن المغربي. بناءً على “خيارات التصفية” التي وصفها الدليمي بالتفصيل: “أ) استخدام سلاح ناري؛ ب) استخدام بندقية قنص مزودة بمنظار تصويب؛ ج) حادث سيارة’؛ د) السم” – فهو يطلب كاتم صوت لبندقية القنص، وشاحنة صغيرة بألواح تسجيل، وسيارتين، وأوراقًا لهذه المركبات الثلاث، و”سمًا قاتلًا موضوعًا في مكعبات سكر يمكن وضعها في القهوة أو أي مشروب آخر”.

بهذا، يسعى الدليمي، قبل عودته إلى المملكة، حيث يجب أن يقدم تقريرًا لأوفقير والحسن الثاني، لوضع حدٍ للارتجال. يجب أن يكون مستعدًا في المرة القادمة، سواء في باريس أو جنيف، وبغض النظر عما سيحصل، مع أو بدون مساعدة لوبيز وأصدقائه المجرمين.

من جانب الموساد، فكرة الاضطرار إلى توفير كل هذه الوسائل للمساعدة في عملية القتل تثير التردد. فالعملاء الإسرائيليون يشكون بالفعل أن زملاءهم المغاربة “يلوثون” مسرح الأحداث، ويتركون آثارًا في كل مكان، ويعرضونهم للخطر بالاتصال بهم دون اتخاذ الاحتياطات اللازمة. علاوة على ذلك، يخشى كينان من أن “الفريق الباريسي [التابع للدليمي] قد يكون مزدوجًا أو حتى ثلاثي الولاءات”. ويتساءل عما إذا كانوا، بعد كل شيء، “لن يواجهوا مشاكل أقل إذا عملوا باللغة العبرية” (أي باستخدام عملاء إسرائيليين فقط).

مدير الموساد، الذي كان يعتقد ذلك منذ فترة، أعاد حينها طرح الموضوع مع رئيس الوزراء. عندما قابله في 13 أكتوبر، طمأنه أولاً: “بخصوص قضية بن بركة هذه، بحمد الله، فقد [المغاربة] تخلوا عنها. رجلهم [الدليمي] يعود اليوم إلى المغرب، ويقول إننا سنرى في نهاية الشهر”. ثم واصل عاميت قائلاً: “آخر ما قاله لنا هو أن هناك فرنسيًا مستعدًا لتحمل مسؤولية العقد. لقد أخبرتك أنني أؤمن فقط بـ العمل العبري، إذا كانوا يريدون القيام بذلك، فقط عمل عبري”. فرد عليه إشكول: “ماذا لدينا منهم؟ معلومات. أهذا كافٍ لتحمل مثل هذا الأمر على عاتقنا؟”.

 يشعر المرء أن إشكول يرى أن ملك المغرب لم يقدم بعد ما يكفي، بينما رئيس الموساد ليس على نفس الرأي. لكن الرجلان لا يذهبان إلى نهاية أفكارهما. وما الفائدة أيضًا؟ فقد أوصل إشكول الرسالة بأنه يجب رفع السعر، وقد فهم عاميت أن الباب الذي كان يسعى إلى فتحه لن يُفتح. وفي رده على كينان، سيكتب الأخير: “من الواضح لي أنه لا توجد أي فرصة لأن تتم الموافقة على العمل العبري هنا”.

دون مستوى “العمل العبري” – ذلك الأفق الذي لا يمكن تخطيه والذي تم تحديده للتو – يبقى الوضع غامضًا. وخطوطه الفاصلة تظل محل نزاع مستمر، يتجاوزها البعض ويُعيد آخرون تأكيدها. السبب: على غرار الفريق الفرنسي المكلف بمطاردة بن بركة، جهاز الموساد نفسه منقسم أو حتى متعدد المواقف فيما يتعلق بالعملية.

هناك، من ناحية، أنصار عاميت الذين يعتقدون، كما زعيمهم، أن كل شيء جيد ومباح لشراء المزيد من المساحة. وهناك الذين ينفذون الأوامر كما جاءت، وأخيرا مجموعة من المعارضين، بينهم أتباع إيسر هاريل، المدير السابق، الذين يعتقدون أن حدودًا لا ينبغي تجاوزها قد تم تجاوزها أو هي على وشك ذلك، وعلى رأسهم ياكوف كاروز، نائب مدير الموساد، وهو صلة الوصل الأساسية لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي مع فرنسا، والعميل الذي التقى قبل خمس سنوات بمحمد أوفقير، ثم بالمهدي بن بركة للتحالف مع الأول ورفض الثاني.

الآن، في منتصف أكتوبر 1965، كاروز يعارض بوضوح عملية “إيترنا”، لدرجة دفعت عاميت إلى رفع خلافهما إلى رئيس الوزراء. فهو يريد التخلص من ذلك الذي يشاركه المكتب 18 ساعة يوميا، والذي يجد دائمًا الجانب السلبي في كل شيء ويعرقل حركته، ذلك “الحصان الجامح”. وصف عاميت ذلك بـ”أزمة ثقة”، و”جسور كادت أن تحترق”. وكان يود أن يغادر كاروز، لكن رئيس الوزراء إشكول قال: “إذا أردنا جميعًا ألا تكون هناك مشاكل، فلن تكون هناك مشاكل”، كان يماطل، فهذه طبيعته الثانية.

كان الحل الوسط أن يحتفظ كاروز بلقبه، لكن أن يُحرم من الوصول إلى الملفات الأكثر حساسية، بدءًا من عملية “إيترنا”.

في هذا الوقت، منتصف أكتوبر، كان بن بركة في القاهرة. عند السفير الجزائري، صديقه الأخضر الإبراهيمي، تناول العشاء برفقة الاشتراكي ألان سافاري، «مهندس استقلال تونس» حين كان كاتب دولة في حكومة غي موليه. وكان الحديث على المائدة يدور حول موضوع واحد لا غير: احتمال عقد لقاء بين بن بركة وأوفقير.

بعد أسبوع، منح المعارض المغربي مقابلة أسبوعية لصحيفة الأهرام المصرية؛ قال فيها: ” لقد قررنا أن نمدّ يدنا إلى الملك الحسن الثاني، كما مدّ هو بدوره يده إلينا. يجب أن نبدأ صفحة جديدة من التعاون بعد قطيعة دامت عدة سنوات. لكن بعض قادة الجيش لهم ماضٍ مشبوه… لقد تدرّبوا، وخدموا، تميَّزوا وترقّوا أثناء الحروب الاستعمارية للإمبراطورية الفرنسية. اليوم، يلاحظون أن تعاوننا مع الملك قد استؤنف أو هو على وشك الاستئناف. ويدركون أنه يتعين عليهم التدخل، وإلا سيخسرون الجولة الأولى. إما أن يمارسوا ضغطًا لا يقاوم على الملك، أو سيوجهون ضدنا عمليات التصفية الحاسمة بكل الوسائل. (…) لا أعلم ما سيحمله الغد، لكن شعور الخطر لم يفرض نفسه عليّ بهذه القوة أبدًا”.

هل كانت هذه تصريحات نابعة من القلب أم عملية تواصل سياسي؟ لا شك أنها كانت كليهما. لا يمكن لبن بركة أن يتجاهل أن أوفقير يخدم الملك وليس العكس، فكرة وجود ملك “طيب” هو الحسن الثاني، يكون تحت سيطرة قائده الشرير أوفقير، هي خرافة. نظرًا لأن الملك لا يفعل شيئًا أبدًا تحت الضغط. بن بركة يختلق هذه الفكرة لدفع الحسن الثاني إلى الرجوع عن قراره. إنه يريد من الملك أن يعيد النظر في خياره بين الحلين الممكنين للأزمة – تقاسم السلطة أو استئصال المعارضة.

قبل القاهرة، وفي بداية أكتوبر سنة 1965، عاد المهدي بن بركة إلى براغ، كان قد مرّ بها سابقًا في أواخر شتنبر، في طريقه إلى هافانا.

في طريق الذهاب، كان «الشيخ» قد أبلغ جهاز الأمن القومي التشيكوسلوفاكي (StB) بقراره عدم العودة إلى المغرب، إثر «دعوة» الملك الحسن الثاني له بالرجوع. وبعد عودته من كوبا، حدث الضباط المكلّفين بمتابعته عن «خوفه من عنف جسدي أو من عملية اغتيال»، وطلب منهم تزويده بسلاح ناري ليدافع به عن نفسه.
عُرض عليه مسدّس نصف آلي من نوع CZ، عيار 7.65 ملم، لكن السلاح لم يُسلَّم إليه قبل مغادرته، يوم الثالث من أكتوبر. ووُعد بأن يتسلّمه في زيارته التالية المقرّرة في الخامس عشر من نونبر.

في 23 أكتوبر، يغادر بوشيسش وأفراد عصابته مقر قيادتهم في “إقامة نييل” بباريس. لم يعودوا يصدقون أن بن بركة سيحضر قبل نهاية الشهر. هم مصممون، وعلى رأسهم باليس، على مواجهة الشتوكي للحصول على أموالهم مقابل عمل التقارب الذي قاموا به. 

في نهاية المطاف، ومثل فيغون، يعتبرون أن تسليم بن بركة على طبق من فضة كان هو العقد، لا شيء أكثر من ذلك. وعلى المغاربة أن يلوموا أنفسهم فقط، إذا كانوا عاجزين عن الإمساك به.

لكن بوشيسش كان يريد التفاوض وغادر إلى المغرب. عند عودته، كان فيغون ينتظره في أورلي. “هل معك مال لي؟” هكذا نادى زعيم العصابة. “لا فلس”، أجابه بوشيسش. “إذن، سأذهب إلى الصحف”، هدد فيغون.

فرد عليه بوشيسش: “إذن، ستموت”. أنطوان لوبيز، الذي شهد الواقعة، سيشرح لاحقًا للمحققين التعليق الحاسم الذي صدر عن بوشيسش: فقد كانت زوجته ماري لويز “رهينة في المغرب”. لكن الحقيقة أكثر تعقيدا، فقد كانت ماري لويز، الملقبة بـ “ليني”، في الدار البيضاء، تشرف على تجديد الفندق الكبير الذي اشترته. وبالطبع، في حال أخطأ زوجها، كانت هي من سيدفع الثمن.

في 24 أكتوبر، ودع بن بركة عائلته في القاهرة، غيثة وأطفالهم الأربعة: بشير، الابن البالغ من العمر خمسة عشر عامًا، وفوز، ابنتهما الوحيدة، والتوأم سعد ومنصور. كانت رحلة كالعديد من الرحلات السابقة، يطير بن بركة إلى جنيف.

في 25 أكتوبر 1965، يصل مدير الموساد إلى المغرب في زيارة كانت مُخططًا لها منذ وقت طويل. كان مائير عاميت يعتزم الكشف عن مخططه الكبير: الاعتراف الدبلوماسي بـ “إسرائيل” من قبل المملكة المغربية، وهي الثغرة التي ينوي فتحها في “جبهة الرفض” العربية. كان على أوفقير أن يصطحبه إلى لقاء الحسن الثاني، وهناك يجب أن ينجح في تحقيق هذا الاختراق.

كما ينوي عاميت استغلال الأيام الثلاثة التي سيقضيها على الأرض لإعادة توجيه عملية “إيتيرنا”. فهو يقترح على الدليمي سحب عملائه المكلفين بمطاردة بن بركة، “لمدة شهر أو شهرين”، ليفسح المجال لفريق من الموساد، أعضاء من الوحدة شبه العسكرية ” قيسارية”، الذين سيُكلفون خصيصًا بهذه المهمة (على عكس الجواسيس المتمركزين في باريس أو جنيف  الذين تتم تعبئتهم، مؤقتا حسب تحركات بن بركة)، على أن هذا الكوماندوس المستقل بإعداد عملية جاهزة بالكامل – يكتب عاميت “مطبوخة إلى أقصى حد” – قبل أن ينسحبوا تاركًين التنفيذ لعملاء “الكاب 1”. بمعنى آخر، هذا تعاون بديل، حيث يتولى رجال الموساد كل شيء، من جمع المعلومات الاستخبارية إلى التحضير المادي للعملية مرورًا بالتخطيط؛ ولن يتبقى على العملاء المغاربة سوى “الضغط على الزر”.

يوافق الدليمي من حيث المبدأ، لكنه يخبر عاميت أن عملية جديدة “هي بالفعل قيد التنفيذ”. وإذا فشلت، فسيكون سعيدًا بالانضمام إلى الخطة المقترحة. عاميت، الذي لا بد أنه تذكر التكفل بالعملية الذي عرضه على الدليمي أحد أعضاء «الجاثهيم» (الباريسيون) دفع به إلى الاعتقاد — كما يرى — بضرورة افتراض فشل هذه المحاولة الجديدة كأمر يقترب من اليقين. 

هل كان لذلك السبب، ولاعتقاده أنها ستكون التزامًا بلا عواقب، أن وعد بتأمين «السم القاتل» الذي طلبه مجدّدًا الدليمي في 12 أكتوبر، قبل مغادرته جنيف؟ على أيّ حال، ومن دون أيّ تفويض من رئيس الحكومة، عبَرَ مدير جهاز الموساد هنا، بلا ريب، خطًا أحمر.

في 27 أكتوبر، حوالي الساعة التاسعة والنصف مساءً، اتصل المهدي بن بركة بفيليب برنييه من جنيف ليبلغه بحضوره إلى باريس في اليوم التالي. حتى يتمكن “المهدي” من التعرف على جورج فرانجو في أفضل الظروف، يقترح عليه الصحافي تناول الغداء في مطعم ليب. رد عليه بن بركة: “موافق تمامًا. هناك ‘دراغستور’ جديد بجواره، أليس كذلك؟”. ثم يثني برنيه على معرفته بالحياة الباريسية، قبل أن ينهي المكالمة ويتصل بفرانجو ليخبره، وهي حقيقة تنفي تورط الصحافي في المؤامرة التي تستهدف بن بركة. لأن برنييه يخطر فرانجو، مخرج فيلم “باستا”، وليس فيغون، شريك عصابة الخاطفين. لم يعلم فيغون والآخرون بمجيء المعارض إلا في اليوم التالي، الآن يبدأ العد التنازلي لعملية الاختطاف.

اجتمع الخاطفون في منزل بوشيسش، في فونتنِي-لو-فيكومت، حيث وضعوا خطة عمل. اقترح الشتوكي، مستشعرًا أن الدوائر المغربية المقيمة في فرنسا تثرثر حول لقاء مرتقب بين بن بركة وموفد من صاحب الجلالة، أن يُخدَع المعارض ويُقنع بأنه سيؤخذ إلى ذلك الموعد السري. 

لتقليل خطر وقوع حادث في الطريق العام، خطرت للوبيز فكرة تنظيم توقيفٍ وهمي لبن بركة بواسطة رجال شرطة حقيقيين يتولّون مرافقتَه، وكان هو نفسه من يملك الاتصال اللازم لذلك. لكن الوقت كان ضاغطًا إلى حدٍّ كبير: حين وصل لوبيز إلى أورلي، حيث لسوء حظه كان في خدمة نوبة الليل، لم يتبقَّ إلا اثنتا عشرة ساعة لتنظيم اختطاف في قلب باريس لرجلٍ يدرك أنه مطارد.

يوم 28 أكتوبر، لم يستطع لوبيز التواصل مع سوشون، مفتش مكافحة المخدرات الذي يعمل لصالحه في أورلي، إلا بعد الساعة التاسعة مساء. فطلب منه الحضور إلى المطار على وجه السرعة، لم يكن رجل الشرطة راغبًا في ذلك البتة. إذ كان يعاني من نوبة روماتيزم، وكان يتوق إلى “العودة إلى نعليه والانزلاق تحت الأغطية”. لكن لوبيز أصر. وجاء سوشون، ليس لأنه مدين له كثيرا في عمله، كما سيشرح لاحقًا للقضاء، بل لأنه لا يريد أن يفسد علاقته مع الشريك في ملكية   فندق Unic-Hôtel، والذي يوفر له الحماية. وصل سوشون إلى أورلي حوالي الساعة العاشرة مساءً. ودون إضاعة الوقت في المقدمات، ألح عليه لوبيز لتقديم المساعدة في «مهمة خاصة»، وهي القبض على بن بركة لنقله إلى لقاء مع الوزير المغربي للداخلية، الجنرال أوفقير. 

تمتد المحادثة مع الشرح المطول، فليس لسوشون معرفة باسم بن بركة ولا بالسياق السياسي المغربي. ولكنه، قبل كل شيء، متردد. يذهب لوبيز إلى حد اختراع تورط وهمي لبن بركة في تهريب الحشيش في المدينة الجامعية ليعطيه سببًا يبدو مقبولًا للتدخل.

لا يزال سوشون غير مقتنع، فيسأل لوبيز إذا كانت العملية معتمدة من قبل الـ SDECE. يطمئنه لوبيز ويضيف: «هيا، فوكار على علم بالأمر!» أمام القاضي، سينكر لوبيز طويلاً أنه ذكر اسم «رجل الظل» للجنرال ديغول ليبرر لنفسه موافقة الإليزيه، قبل أن ينتهي به الأمر بالاعتراف بأنه ربما قال ذلك.

في مساء 28 أكتوبر، حوالي منتصف الليل، يوافق سوشون على المشاركة، بالنظر إلى مهامهم السرية السابقة. يعتقد أن لوبيز لديه الضوء الأخضر من الرئاسة. يوافق المفتش، لكن بشرط: قبل أن يستقل سيارة رسمية للقبض على بن بركة، يجب أن يتلقى مكالمة على خط داخلي من وزارة الداخلية تُخوّله رسميًا بالقيام بذلك، التزم لوبيز بذلك.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *