مقال ل *الأخبار بريس بعنوان «صراعات داخلية» تهدد بانقسام CDT انتخاب قيادة جديدة وإبعاد أسماء وازنة من المكتب التنفيذي والدكتور مصطفى الشناوي يرد
مقال ل *الأخبار بريس بعنوان «صراعات داخلية» تهدد بانقسام CDT انتخاب قيادة جديدة وإبعاد أسماء وازنة من المكتب التنفيذي والدكتور مصطفى الشناوي يرد
«صراعات داخلية» تهدد بانقسام CDT
انتخاب قيادة جديدة وإبعاد أسماء وازنة من المكتب التنفيذي*الأخبار بريس
أسفر المؤتمر الوطني السابع للكونفدرالية الديمقراطية للشغل (CDT) عن تغييرات عميقة في تركيبة المكتب التنفيذي، عكست حدة الصراعات الداخلية التي عرفتها المركزية خلال السنوات الأخيرة، وأدت إلى إبعاد أو غياب أسماء وازنة كانت تشكل أعمدة أساسية في هياكل القرار والتنظيم.
وبحسب معطيات متطابقة، شكّل الإعلان عن لائحة المكتب التنفيذي الجديد مفاجأة لعدد من المؤتمرين، بالنظر إلى حجم القيادات التي غابت عنه، رغم أدوارها التاريخية والتنظيمية داخل الكونفدرالية. ويُعد بوشتى بوخالفة، النائب الثاني للكاتب العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، من أبرز الغائبين عن التشكيلة الجديدة. ويشغل بوخالفة أيضًا منصب الكاتب العام للاتحاد المحلي للكدش بمكناس، إضافة إلى عضويته بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي منذ سنة 2011، وهو ما جعل غيابه يثير تساؤلات واسعة حول خلفيات هذا الإقصاء، خاصة بالنظر إلى موقعه داخل أجهزة الكونفدرالية.
وسجل المؤتمر السابع غياب مصطفى شناوي، الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للصحة التابعة للكدش، وهو قطاع يُعد من بين أكثر القطاعات حيوية وتأثيرًا داخل المشهد النقابي، بالنظر إلى الاحتجاجات المتكررة التي يعرفها القطاع الصحي، ودوره في التفاوض الاجتماعي مع الحكومة. ومن بين الأسماء التي طالتها التغييرات أيضًا، عبد الله رحمون، كاتب الاتحاد المحلي للكدش بأكادير، والذي راكم تجربة تنظيمية طويلة على المستوى الجهوي، إضافة إلى محمد المرس، الكاتب العام للنقابة الوطنية للجماعات الترابية والتدبير المفوض، أحد أكبر القطاعات داخل الكونفدرالية من حيث القاعدة المنخرطة والامتداد المجالي.
وتتحدث مصادر نقابية عن أن هذه الإطاحة بعدد من القيادات لا يمكن فصلها عن الخلافات التنظيمية والسياسية التي تفجرت داخل الكونفدرالية خلال المرحلة السابقة، سواء المرتبطة بتدبير المركزية، أو بمواقفها من الحوار الاجتماعي أو بطريقة تدبير الاختلاف داخل الأجهزة التقريرية. وتشير المصادر إلى أن المؤتمر السابع لم يكن مجرد محطة تنظيمية عادية، بل تحوّل إلى ساحة لإعادة ترتيب موازين القوى داخل الكدش، عبر الدفع بوجوه جديدة، مقابل إبعاد قيادات وُصفت بأنها أصبحت تشكل «مراكز ثقل» داخل التنظيم، أو أنها دخلت في تعارض مع توجهات القيادة الجديدة.
في المقابل اعتبر عضو من المكتب التنفيذي داخل الكونفدرالية أن ما جرى يندرج في إطار التداول التنظيمي وتجديد النخب، وضخ دماء جديدة داخل المكتب التنفيذي، بما يستجيب لتحديات المرحلة الراهنة، ويعيد للكدش موقعها داخل الساحة النقابية، في ظل تراجع الحضور والتأثير خلال السنوات الأخيرة، غير أن طريقة تدبير هذه التحولات، إذا لم تُرافق بحوار داخلي حقيقي وضمانات ديمقراطية، قد تُعمّق الانقسام داخل المركزية، وتنعكس سلبًا على وحدتها وقدرتها على الدفاع عن الملفات الاجتماعية والعمالية، في سياق وطني يتسم بتوتر اجتماعي متزايد وتراجع الثقة في العمل النقابي.
*بيان حقيقة أو بوح صادق بالحقيقة* من السيد مصطفى شناوي إلى السيد مدير النشر لجريدة الأخبار المغربية.لقد نشرت جريدتكم البارحة في العدد رقم 3956 بتاريخ الثلاثاء 16 دجنبر 2025 مقالا في الصفحة 4 ، مقالا كتبه الصحفي النعمان اليعلاوي وعنونه ب " صراعات داخلية تهدد بانقسام CDT" و" انتخاب قيادة جديدة وإبعاد أسماء وازنة من المكتب التنفيذي " . وقد أثارني أولا في مقال جريدتكم ذكر اسمي وصفتي دون أخذ موافقتي وبدون الاتصال بي لمعرفة رأيي في موضوع يذكر فيه اسمي أو استشارتي.كما أثارني ما جاء في المقال من افتراءات ومغالطات وأكاذيب ومعطيات غير صحيحة بتاتا. وقد ظننت أن السيد الصحفي ربما حلم خلال نومه بما كتبه ولما استفاق صاغ حلمه في مقال ونشره دون أن يكلف نفسه عناء البحث عن الحقيقة وسؤال المعنيين المذكورين في مقاله ! كما قلت أنه ربما أوحي له ما كتبه ليكتبه كذلك وبدون اجتهاد أو تواصل مع الأسماء ومن بينها اسمي الذي ذكره وافترى عليه.أقول للسيد النعمان الصحفي ، وهو الذي من واجبه كصحفي أن يتحرى الحقيقة قبل أن يكتب وينطق ، كان عليه أولا أن ينشر مقالا أو روبورتاجا عن النجاح الكبير وبشهادة الجميع لأشغال المؤتمر الوطني السابع للكونفدرالية الديمقراطية للشغل الذي عقدناه قبل أسبوعين، حيث انتخب المؤتمر بالإجماع كاتب عام جديد في شخص الأخ المناضل خالد لهوير العلمي خلفا للمناضل الأخ عبد القادر الزاير. وكان على الصحفي كذلك أن يحضر معنا لأطوار المجلس الوطني الذي انعقد يوم الأحد 14 دجنبر ذكرى انتفاضة 1990 بفاس وغيرها خلال الإضراب العام، حيث كان سيسمع ويرى بعينيه الجو الديمقراطي والسليم الذي مرت فيه الأشغال والتي توجت بانتخاب مكتب تنفيذي جديد .حقيقة لم أفهم لما تتغاضى بعض الصحافة عن قول الحقيقة وذكر الإيجابيات ، عوض التحامل على الكونفدرالية والمحاولات البئيسة واليائسة للبعض لافتعال مشاكل ونشر مغالطات للإساءة لها كمركزية نقابية مكافحة مناضلة جماهيرية ديمقراطية تقدمية ومستقلة ومنحازة إلى قوى التغيير المدافعة عن الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية لكافة المواطنات و المواطنين. ربما لأن الكونفدرالية CDT تشكل شوكة في حلق مناهضي التغيير والليبرالية المتوحشة والرجعية واللوبيات الفاسدة وأذنابها ومرتزقتها الكارين حنكهم والكارين قلمهم. و ربما بسبب حقد دفين لذى البعض على الحضور الدائم للكونفدرالية ونضالها الصادق على الواجهات المؤسساتية وفي الميادين وفي الشارع دفاعا عن الطبقة العاملة والطبقات المسحوقة وعن وحدتنا الترابية وعن كل قضايا شعبنا العادلة.لذى أطمئن السيد الصحفي، أنني سعيد بنجاح المؤتمر السابع للكونفدرالية وبانتخاب الأخ العلمي كاتب عام بالإجماع، وأن المؤتمر بنقاشه الصريح والديمقراطي وبدون طابوهات قد أعطى درسا في الديمقراطية للجميع وأكد وحدة الكونفدرالية وقوتها وتشبت المناضلين بها وبخطها وتحصينهم لها من المتربصين بها وهم كثر...كما أنني، ولكي يرتاح السيد الصحفي وينام مرتاح البال، قد صوتت بالإيجاب على كل المقررات التي طرحت للتصويت، وصوتت ككل المؤتمرين على كاتبنا العام الجديد.ولكي، كما يقول المصريون يضع في بطنه بطيخة صيفي، ويطمئن ولا يقلق على مستقبل الكونفدرالية، التي يظهر أن السيد الصحفي يغير عليها جدا جدا وعلى وحدتها جدا جدا ويخاف عليها من الانقسام إلى حد أن خوفه على CDT أتعبه وخلق له أرق إلى أن أضحى يحلم خلال نومه العسير أحلاما ويفسرها بعد صحوته بشكل معكوس. فأقول للسيد النعمان أن يرتاح، لأنني خلال المجلس الوطني صوتت على لائحة المكتب التنفيذي الجديد وأنا لست ضمن اللائحة وسعيد بالتغيير الجريء وبتشكيلتها والإشارات الإيجابية جدا جدا التي أعطتها. وأنني مناضل كونفدرالي مارست العضوية في المكتب التنفيذي في 3 ولايات ، وأنا الآن مرتاح في موقعي ورهن إشارة القيادة الجديدة وسأساهم كعضو مجلس مجلس على عدة واجهات كالعادة، وأتمنى أن أكون عند حسن ظن رفاقي وإخواني في الكونفدرالية.فليرتاح السيد النعمان ويبعد عنه الأرق ويسترجع نومه الهادئ ولا يخاف على الكونفدرالية لأن الكونفدرالية بخير وبألف خير .وأتمنى، السيد مدير النشر أن تتفضلوا وتنشروا بكل روح صحفية ورياضية بيان حقيقة هذا في نفس مكان المقال الذي نشرتم. وشكرا لكم .الدكتور مصطفى شناوي عضو المجلس الوطنيللكونفدرالية الديمقراطية للشغل CDT
تأملات على هامش المؤتمر السابع للكونفدرالية الديمقراطية للشغل
في سياق تأريخ من نوع خاص للمؤتمر السابع للكونفدرالية، سأحاول، ضمن هذه السردية المقتضبة، بسط بعض مجريات هذا المحفل الهام، والذي نحتاج بصدده الاستماع إلى شهادات متعددة من المركز ومن الهامش، لعلها تساعد في استكمال الصورة. أود التنبيه إلى أنني هنا أنطلق في هذا الحكي من زاوية نظري الخاصة، وهو اختيار واعي يحاول إثارة الانتباه إلى زوايا النظر الذاتية للمشاركين. كما لا أدعي الإحاطة بكافة الحيثيات والتفاصيل، مع الإدراك بأهمية الهوامش إلى جانب مركز الأحداث الرئيسية. وأود كذلك أن ألفت الانتباه إلى أن رؤيتي للفاعلين النقابيين، وبخاصة القياديين منهم، تستند إلى تصور يفترض أن « الفاعل الاستراتيجي » يتحرك وفقا لتدافع المصالح والتقديرات. في ظل الطبيعة المعقدة للعمل النقابي التطوعي، أدرك تماما أن الكونفدرالية ليست ملاذا للملائكة فقط، بل إلى جانب الفضلاء والنزهاء فيها، قد يتسلل بعض « الانتهازيين » الذين يسعون من خلال مواقعهم النقابية إلى نيل امتيازات أو مكاسب.
المؤتمر تجربة وجدانية ولحظات إنسانية استثنائية
رفقة ما يزيد عن 1000 مؤتمرة ومؤتمر حضرت المؤتمر السابع للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بمركب بوزنيقة من 28 إلى 30 نونبر 2025. ويشكل الالتقاء في مثل هذه المحافل تجربة وجدانية متميزة. وتتميز هذه اللحظات بطابع إنساني وعاطفي وانفعالي فريد، بالنظر إلى تنوع المدن واختلاف الأصول والمسارات والتجارب النقابية والخبرات الحياتية وتعدد قطاعات العمل، إضافة إلى التمايز في المشارب الفكرية والحساسيات السياسية الذي يتبناها كل منهم، وكذلك المواقع داخل التنظيم. كل هذا يولد ثروة من الأفكار والتحليلات والتجاذبات، دون أن نغفل التفاعلات العفوية الإنسانية التي تتخلل جلسات الإفطار أو مائدة الشاي أو غيرها من لحظات الاستراحة. وأتذكر خلال انتظارنا لوجبة العشاء رفقة أخوات وإخوان مع إحساس بالانتماء إلى القبيلة الكونفدرالية، لفت انتباهنا بمائدة مجاورة لنا اجتمع فيها نقابيون من مدينة فاس، حيث انطلق أحدهم في ترديد شعارات متتالية بصوته الشجي لمدة طويلة، وعند انتهائه اكتشفنا أنه زجال، وشرع يلقي أشعارا بالدارجة، ليلقى تصفيقات الحاضرين. أتذكر كذلك ابتسامة إحدى الأخوات من التنظيم بقبعة كونفدرالية وحجاب أنيق، تراقب الدخول إلى القاعة الرئيسية بشرط التوفر على بطاقة المؤتمر badge، كما كانت تدعو المتواجدين خارج القاعة للانضمام إلى الجلسات.
لحظتان بارزتان
في اعتقادي، هناك لحظتان بارزتان شكلتا ذروة المؤتمر: الأولى تتعلق بتوتر الجلسة العامة الأولى، ليلة الجمعة/السبت. والثانية تتمثل في انفراج انتخاب الكاتب العام. ترتبط هاتان اللحظتان ارتباطا وثيقا بينهما، إذ يمهد توتر الأولى للثانية ويؤسس لها، بينما تمثل هذه الأخيرة ردا عليها ومخرجا لها. على هذا الأساس، نفهم أجواء ما قبل المؤتمر المشحونة بالترقب والتوقعات المتضاربة حول خيارات التجديد في القيادة بين من يفضل هذا على هذا، ومن يريد الاستمرار في موقعه وامتيازاته. وهو ما يثير تساؤلات يهمس بها البعض دون تصديقها، ويعلنها آخرون بانفعال جريء، بخصوص التوجس من الاستمرار في الجمود والإبقاء على الوضع الراهن، أو التجديد وإعادة توزيع المواقع. ومن المؤشرات على احتمالية وقوع توترات، يمكن الرجوع لإحدى التدوينات الغاضبة التي تحدثت عن احتمال انتخاب الكونفدرالية « ديناصوراتها الأبديين في مؤتمرها الحالي »، مقترحة تغيير الاسم ليصبح « الكونفدرالية البيروقراطية للشغل ». وفي لحظة كان الكاتب العام عبد القادر الزاير يصعد بصعوبة من أجل الجلوس بالمنصة بمساعدة مرافقيه، توجه إلي أحد النقابيين البارزين بقوله « ها هوما جابوه عاوتاني ». وكان المنظر يوحي للبعض بالوفاء لجيل التأسيس، ولدى آخرين بالنكوص وتأبيد « الأمناء إلى الموت ».
لحظة التوتر والانفعال
شهدت الجلسة العامة الأولى، المخصصة لتقديم التقريرين الأدبي والمالي والمصادقة عليهما وانتخاب رئاسة المؤتمر، تدخلات حادة أكدت أن أصحابها لا يستسيغون أن يكونا مجرد إكسسوارات تؤثث المشهد، بل صوتا فاعلا. برزت في هذه التدخلات آراء تستنكر ضعف تمثيلية النساء والشباب داخل الهيئات القيادية للنقابة، لا سيما في المجلس الوطني الحالي الذي انتخب من المكاتب المحلية دون منح تمثيلية لائقة للكونفدراليات. وهو واقع يتكرر في المؤتمر نفسه وحتى في تشكيلة المكتب التنفيذي السابق الذي لا يضم سوى ثلاث نساء من بين 30 عضوا. وخلال هذه المناقشة الساخنة، ارتفعت الأصوات ربما بضغط تأخر ساعات الليل، فسقط من أحد القيادات لفظ فهم على نحو سيء، مما أثار اضطرابا واستياء لدى الحاضرين، وكادت الأجواء تنهار تماما. لكن تدخل الأخ خليد العلمي لهوير أنقذ الموقف، فالرهان أعظم من التشاجر حول الكلمات، وقد أوضح أن قصد المعني بالأمر بعيد عن الإساءة لأي مؤتمر، معقبا بتقديم الاعتذار بالنيابة عنه إلى الجميع. إثر هذا التدخل الذي أعاد المؤتمر إلى سكته، تلاشت التوترات، وهدأت الأجواء، واستمر اللقاء إلى ساعات متأخرة من الليل. ويمكن ملاحظة تشابه اللحظات التي تتكرر بين المؤتمر الحالي والسابق.
لحظة الانفراج
انطلاقا من هذه اللحظة، تعززت القناعة لدى مناصري لهوير بأنه فعلا « القوة الهادئة » التي ينعته بها البعض، وأن قدراته وخبرته وتجربته بالمواقع السابقة تجعله الخيار الأنسب لقيادة المرحلة القادمة. وينقلنا هذا إلى اللحظة الثانية التي وقعت خلال الجلسة العامة المكلفة بانتخاب الأجهزة. وكانت المداخلات تؤكد، الواحدة تلو الأخرى، على ضرورة انتخاب الكاتب العام من المؤتمر للاعتراض على انتخابه بالمجلس الوطني. كان الكل ينتظر بتشوق هذه المحطة وهي المعنية بمنح إحدى أهم مخرجات المؤتمر. وعند انتهاء المصادقة على تقارير اللجان، للانتقال إلى انتخاب الأجهزة، شرعت أصوات من المؤتمر بالهتاف باسم لهوير مع ترديد شعارات قوية تدعمه ككاتب عام. وهو الأمر الذي تجاوب معه البقية بشكل يشبه الإجماع. أمام هذا المشهد العاطفي والانفعالي، لم يتقدم أي مرشح للمنافسة ولو على سبيل التنافس الشكلي، ليصعد الكثيرون إلى المنصة ويحسم هذا الأمر بطريقة حماسية على هذه الشاكلة.
إعادة إنتاج التراتبية
ينبغي التذكير بأن المؤتمر السابق للكونفدرالية المنعقد في نونبر 2018 كان يلقي بظلاله على الحاضرين. فخلال المؤتمر السادس انتخب عبد القادر الزاير كاتبا عاما بأغلبية ساحقة خلفا لرفيق دربه، نوبير الأموي، الذي حالت أسباب صحية دون حضوره أشغال المؤتمر. في هذه المحطة، برز اتفاق يتزعمه الأخ علال بلعربي يقضي بانتخاب الكاتب العام من قبل المجلس الوطني. الأمر الذي اعترض عليه المؤتمرون، معلنين أن المؤتمر سيد نفسه، مما أدى إلى إيقاف أشغال المؤتمر إلى حين تدخل الزاير، بعد منتصف الليل، معلنا عن استئناف المؤتمر لأشغاله، ليقابل الأمر بالتصفيق والشعارات، ليدفع ذلك الأخ بلعربي ومجموعة من المكتب التنفيذي السابق إلى الانسحاب من المؤتمر.
من هذا المنطلق، يمكن مقارنة وضعية الزاير في السابق إلى جانب الأموي، بوضعية لهوير حاليا إلى جانب الزاير. فقد كان كلاهما يشغل منصب نائب يتم تكليفه بالتنظيم، مما يمنحهما السبق في القدرة على ضبط وتتبع تفاصيل الوضعية التنظيمية. هذه العلاقة بين الكاتب العام ونائبه الذي يخلفه بعد أن يصيب الأول العياء ويعيقه المرض، تمثل إعادة إنتاج لمنطق « الشيخ والمريد » الذي أبرزه الأنثروبولوجي عبد الله حمودي. فقد أوضح أن النسق الثقافي بكل تمظهراته، والذي يحكم بنيات الدولة والإدارة والأحزاب والنقابات والشركات في بلداننا، يندرج ضمن الخطاطة الثقافية للتصوف، حيث يخضع المريد لشيخه، ويكتسب المشروعية من هذه الملازمة وهذا الارتباط الوثيق. هنا، لا نناقش نوايا الأشخاص أو استقامتهم أو انفتاحهم أو حتى رسوخ إيمانهم بالحرية والديمقراطية، وإنما ننبه إلى أن البنيات القاهرة التي ينتظمون فيها تعيد إنتاج التراتبية والخضوع بشكل لا واعي.
هذا النسق، للأسف، لا يزال مسيطرا على مفاصل هيئات الكونفدرالية وتنظيماتها الترابية، ولم تستطع الانفكاك منه، وهي في ذلك ليست بدعا من واقع مؤسسات الدولة الذي تنتقده، ولا عن باقي الهيئات النقابية الأخرى. فقد تكون من أشد المناهضين للجمود والتحكم والاستبداد، لكن في الآن ذاته تعيد إنتاج نفس الممارسات. والواقع الذي تسعى النقابة إلى تغييره قد يعيد بدوره تشكيل عقليتها ومنظومتها.
انطلاقا من هذا الفهم، يمكن ربط كل القضايا التي أثيرت في المؤتمر حول التشبيب، والمساواة، والإنصاف، والاستحقاق، والكفاءة بمدى الوعي بالبنيات التي تنتج التسلط والتفاوتات والخضوع. ومن دون هذا الوعي، لن نتجاوز مستوى تجميل بنيات النقابة عبر حلول سطحية وعلاجات جانبية من قبيل لوائح ملحقة بالمجلس الوطني للنساء والشباب. بينما المطلوب هو القيام بثورة عميقة وهادئة لمراجعة البنيات الذهنية والمؤسساتية التي تصنع الإقصاء الخفي والتسلط الناعم، وجعل نقطة الانطلاق هي الوعي الجريء بمكامن الخلل.
مؤتمر نقابة الكونفدرالية السابع يرسم معالم معركة القيادة بين جناحي الهوير وبوخالفة
انطلقت الاستعدادات داخل الكونفدرالية الديمقراطية للشغل لعقد مؤتمرها الوطني السابع، المرتقب تنظيمه أيام 28 و29 و30 نونبر 2025. وقد بدأت عملية انتخاب المؤتمرين عبر القطاعات النقابية بمختلف الأقاليم، وسط ترقّب لما ستسفر عنه خارطة المؤتمرين المقبلة.
وعلم موقع “الأول” من مصادر داخل المركزية النقابية، أن سيناريوهات إفراز القيادة المقبلة للكونفدرالية لا تتجاوز احتمالين اثنين: إما تمديد ولاية عبد القادر الزاير في إطار توافق داخلي، أو اللجوء إلى الخيار الديمقراطي العددي بانتخاب قيادة جديدة للنقابة.
وأفادت مصادر “الأول” أن التنافس الحالي ينحصر بين اسمين، النائب الأول خالد العلمي الهوير، والنائب الثاني بوشتى بوخالفة، واللذان يحظيان بشعبية معتبرة داخل التنظيم النقابي.
وأضافت المصادر ذاتها أنه، ومع توالي نتائج الجموعات العامة المحلية الخاصة بانتخاب المؤتمرين على مستوى القطاعات، بدأت تتضح ملامح الصراع حول القيادة المقبلة، حيث يُرجَّح أن يكون الحسم في النهاية محلياً أكثر منه وطنياً.
وفي هذا السياق، يحظى خالد العلمي الهوير بدعم الأقاليم القريبة من المركز، خصوصاً جهة الرباط-سلا-القنيطرة وجهة الدار البيضاء-سطات، بالنظر إلى حضوره التنظيمي القوي وصلاته بعدد من الفروع النقابية.
في المقابل، يستند بوشتى بوخالفة إلى دعم قاعدي قادم من جهة الشرق ومدينة مكناس، حيث يتمتع بتقدير واسع داخل الهياكل المحلية والقطاعات المهنية هناك، ما يجعل موازين القوى متقاربة بين الجانبين في انتظار الحسم خلال المؤتمر الوطني.
ويرى متتبعون أن المؤتمر الوطني السابع سيكون اختباراً حقيقياً لقدرة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل على تجديد نفسها من الداخل، في ظلّ مؤشرات على ترهّل هياكلها التنظيمية وتراجع حضورها الميداني خلال السنوات الأخيرة. فبين من يدافع عن خيار التوافق حفاظاً على وحدة البيت النقابي، ومن يطالب بتجديد القيادة وضخّ دماء جديدة، تبدو الكونفدرالية أمام مفترق طرق حاسم، إمّا أن تستعيد زخمها التاريخي كقوة اقتراحية ونضالية مؤثرة، أو تواصل انكفائها التدريجي في مشهد نقابي يزداد هشاشة وتشتتاً.




ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق