محاضرات في تاريخ الماركسية - تأليف: دافيد بوريسوفيتش ريازانوف (David Borisovič Râzanov)
محاضرات في تاريخ الماركسية
يقدم الكتاب صياغة تاريخية تحليلية لتكوّن الماركسية عبر تتبّع المسار الفكري والسياسي لكارل ماركس وفريدريك إنجلز، ويعرض الماركسية بوصفها نظرية ممارسة ثورية ارتبطت منذ نشأتها بتنظيم الطبقة العاملة ورفع وعيها الطبقي في سياق التحولات الاجتماعية لأوروبا القرن التاسع عشر.
المحور الأول: سنوات التكوين والسياق الأوروبي
يحلل ريازانوف نشأة ماركس وإنجلز في ألمانيا المجزأة سياسيًا واجتماعيًا، ويبيّن أثر الفلسفة الألمانية الكلاسيكية والاقتصاد السياسي الإنجليزي والاشتراكية الفرنسية في تشكيل أدواتهما النظرية. يظهر هذا المحور كيف قادت التجربة الفكرية المبكرة إلى تجاوز النقد الفلسفي المجرد نحو تحليل مادي للتاريخ والمجتمع، وكيف ارتبط هذا التحول بوعي متزايد بطبيعة الصراع الطبقي في أوروبا الصناعية.
المحور الثاني: من النقد إلى الاكتشاف التاريخي للطبقة العاملة
يعرض الكتاب الانتقال الحاسم في منتصف أربعينيات القرن التاسع عشر حين توصّل ماركس وإنجلز إلى تحديد الطبقة العاملة قوة اجتماعية ذات قدرة تاريخية على التغيير الجذري. يقدّم ريازانوف هذا الاكتشاف باعتباره نتيجة تحليل بنيوي للرأسمالية وتناقضاتها، لا نتيجة تعاطف أخلاقي. يتضح في هذا السياق أن النظرية تشكّلت استجابة لحاجات الصراع الاجتماعي الفعلي.
المحور الثالث: المنفى والعمل الأممي والتنظيم السياسي
يركّز هذا المحور على سنوات المنفى في بلجيكا وفرنسا وإنجلترا، حيث انخرط ماركس وإنجلز في العمل داخل الجمعيات العمالية والتنظيمات الاشتراكية. يبرز ريازانوف دور الأممية الأولى التي كان ماركس عقلها المنظّم، ويعرض كيفية تلازم البحث النظري مع المهام التنظيمية، بما في ذلك النقاشات حول الاستراتيجية، والحزب، والعلاقة بين النضال الاقتصادي والسياسي.
المحور الرابع: النظرية بوصفها أداة للوعي والتنظيم
يوضح الكتاب أن مجمل إنتاج ماركس وإنجلز النظري خضع لهدف محدد يتمثل في رفع الوعي الطبقي للعمال وتزويدهم بأدوات فهم واقعهم. يقدّم ريازانوف قراءة تؤكد وحدة النظرية والممارسة، ويعرض الاقتصاد السياسي والنقد التاريخي والفلسفي بوصفها وسائل لبناء حركة سياسية واعية قادرة على الفعل الأممي.
المحور الخامس: الإرث الماركسي وتحوّلات الحركة العمالية
يتتبع ريازانوف أثر جهود ماركس وإنجلز في تشكّل أحزاب عمالية واسعة ضمن الأممية الثانية، ويحلل توتر العلاقة بين الالتزام الماركسي والتحولات الإصلاحية داخل الحركة. يقدّم هذا المحور تقييمًا تاريخيًا للإرث، مع إبراز دور التنظيم والتجربة العملية في استمرار الماركسية وتحوّلها.
الخلاصة الختامية
يقدّم الكتاب تاريخ الماركسية كمسار تفاعلي بين الفكر والصراع الاجتماعي، ويؤكد أن الماركسية نشأت وتطوّرت ضمن مهام عملية مرتبطة بتحرير الإنسان من الاستغلال عبر التنظيم السياسي للطبقة العاملة. تُعرض سيرة ماركس وإنجلز بوصفها ممارسة ثورية مستمرة، ويُقدَّم العمل النظري كقوة مادية حين يرتبط بالحركة الاجتماعية.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق