رسالة مفتوحة إلى وزير الداخلية: إني أعترف !! - خالد أبورقية -
رسالة مفتوحة إلى وزير الداخلية: إني أعترف !!
- خالد أبورقية -
السيد وزير الداخلية،
استمعت أمس لـ’’ خطبتكم‘‘ وأنتم تردون على أسئلة البرلمانيين بشأن عمل’’ القوات العمومية‘‘ التي ترسلونها لتقوم بعملها ’’المتحضر‘‘ والذي يقوم أساسا على تفريق الوقفات الاحتجاجية حيث تتعرض قواتكم ’’اللطيفة‘‘ لمثل ما ذكرتم من ’’استفزاز‘‘ و ’’اعتداء‘‘ من طرف المتظاهرين الذين يخرجون للتظاهر أصلا دون احترام قانون لا وجود لمثل تأويله إلا في مخيلتكم.
السيد الوزير،
إن أكثر ما دعاني لكتابة هذه الرسالة، ليس دفاعكم عن السلوك’’ الحضاري‘‘ لقواتكم لأنكم مصدر أو قناة قرار اتخاذ هذا السلوك، بل ما دعاني للكتابة هو عبقريتكم الفذة في كشف حيل المتظاهرين الذين كنا نعتقد أنهم يتظاهرون من أجل مطالب وحقوق الشعب، فإذا بهم يتظاهرون بالسقوط والإغماء. ولهذا من أجل إغناء معلوماتكم ومساعدتكم على كشف هذه الحيل سأعترف لكم بحيلي الواسعة في هذا المجال عساها تنير بحثكم، آملا أن يغني هذا الاعتراف الخطير معارفكم من أجل اكتشافات قادمة.
السيد وزير الداخلية،
بدأت قصتي مع التظاهر بالسقوط والإغماء منذ سن مبكرة، لقد كان جورج بوش الأب، حسبما أذكر، يفرض ريجيما صحيا على أطفال العراق، وكانت طائراته تلقي وردا هناك من أجل إعفاء صدام حسين من الخروج في نزهات غير مرغوب فيها، حينها خرجت أتظاهر مع زملائي في ثانويات آسفي كما باقي مدن المغرب، للمطالبة بوقف هذا التدليل الذي يعامل به أطفال العراق وتركهم ينفجرون من السمنة. والحق يقال، ساعتها لم نتظاهر بالسقوط، فلم نكن قد انخرطنا في الجمعيات التي تمنح تكوينا في هذا المجال، فقط تظاهرت بالصدمة حين جاء جنود مدججون بأسلحتهم وحاصروا محكمة الاستئناف حيث كان يحكم عدد من زملائنا تم إيقافهم بتهمة زرع الفتنة قبل أن تكتشف حكومتكم وحاكموكم هذا المصطلح.
والحق يقال أن مهاراتي في مجال التظاهر بالسقوط والإغماء لم تصقل إلا مع مجيء حكومة ’’التناوب‘‘ في زمن سلفكم ووالدكم الروحي ادريس البصري، أذكر أن أول مرة تظاهرت فيها بالاغماء، كانت يوم 26 أكتوبر 1998، فقد كنا جاحدين لما وفره لنا الحسن الثاني، ولم نعد نرغب بالراحة التي كنا ننعم بها، فقررنا في الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب إغراق شوارع الرباط بالجاحدين، وأعترف لكم السيد الوزير أنها كانت المرة الأولى التي أتظاهر فيها بالسقوط. كنت وثلاثة من الرفاق نحمل الرفيق خالد أورحو – يمكنكم أن تسألوا عنه بمدينة الخميسات وإن قررتم محاكمته على التظاهر بالإغماء سيسعدني أن أشهد ضده على أن تعتبروني شاهد ملك في القضية – على كل حال كنا نحمل رفيقنا الذي تظاهر بالسقوط بعد أن اعتدى على هراوات وأحذية القوات العمومية، وتسبب عنقه حينها بأذي كبير للأحذية الغليظة.
في ذلك اليوم وبينما كنا نحمله هاربين كي يكف عن التظاهر بالإغماء حاصرتنا مجموعة من عناصر قواتكم، وشرعت تدغدغ عظامنا بهراواتها ومنحتنا تدليكا بأحذيتها، والحق أن شعرت بالاسترخاء من شدة هذا الحنان المنقطع النظير، فكانت تلك المرة الأولى التي أتظاهر فيها بالسقوط والإغماء، لأستفيق في المستشفى وبعد أن ادعيت إصابات بليغة على مستوى الرأس والرجل والظهر، أخذتني سيارة شرطة من هناك إلى مركز الشرطة، هناك وجدت من تظاهر بكسر في الرجل واليد، وأذكر أن أحدهم، وكان حينها مسؤولا في مكتب أحد فروعنا، تظاهر بجرح غائر في رأسه، ومن شدة تظاهرنا و ’’التبوحيط اللي عطانا الله‘‘ خدعنا الطاقم الطبي، فقد قدمت إلى الحجز بضمادات، وآخرون بالجبص، فيما من ذكرت وضعوا له 21 غرزة (قطب) كي نتوقف عن التظاهر.
السيد وزير الداخلية،
اعترف لكم أنني إلى حدود ذلك اليوم لم أكن متمرسا في هذه الحيل، لذلك قررت أن أصقل مواهبي في هذا المجال، لن أطيل عليكم في سرد التفاصيل، لكن أعظم إنجازاتي في ادعاء الإصابة والتظاهر بالإغماء كانت سنة 2011، في حدود الساعة الواحدة ليلا من صباح 11 أبريل، كنا نائمين أمام مقر نقابة أغلق بابها في وجه اعتصامنا، حين قدمت القوات اللطيفة الجميلة الرائعة الحنان تتسلل على رؤوس أصابعها كي لا توقظنا، وشرعت تداعبنا بلطف بالغ بالأحذية الثقيلة والهراوات التي أقترح أن تجعلوا لونها ورديا بدل الاسود المتشائم، في تلك الليلة بلغت أفضل حالات ’’التبوحيط‘‘ حيث كان علي التظاهر بالسقوط رغم أنني كنت ممددا، عليكم أن تعترفوا أنني رفعت الفعل إلى مستوى غير مسبوق، وأكثر من ذلك ادعيت إصابتي بكسر في القدم، وحين أصر الأطباء على تجبيص قدمي امتنعت عن تلقي أي علاج.
السيد وزير الداخلية،
منذ تلك الليلة الدافئة التي اكتملت فيها مهاراتي انتقلت إلى مستوى أعلى، فقد صرت أتظاهر بأشياء غريبة، منها مثلا أنني وصلت مرحلة التظاهر بالإغماء نتج عنه كسر في قدمي اليسرى وخلع في اليمنى واضطررت كي اتقن المسرحية أن ابقى محتجزا في كرسي متحرك لما يزيد عن شهر، وتمكنت من خداع الأطباء على مدى سنتين الذين شخصوا كسورا وخلعا في القدم واليد والكتف والركبة 8 مرات، كما شخصوا ضررا بليغا في أعصاب القدم اليمنى فقدت معها الشعور والتحكم بها بشكل كامل، كان علي أن أتظاهر بأنني أسير بعكاز وأقضي عشرات حصص الترويض والعلاج بالكهرباء والعلاج الطبيعي على خمس سنوات كاملة حتى أتقن التظاهر وكان هذا أعلى مستوى بلغته، في الادعاء بأن القوات العمومية تقمع المتظاهرين وتعتدي عليهم لتشويه صورة المغرب في المحافل الدولية، بينما قوات وزارتكم كانت تتحمل اعتداءاتنا عليها واستفزازاتنا وشتائمنا بالحكمة وأحيانا بالدعاء لنا بالهداية، فيما مازحني ذات يوم والي أمنكم ببني ملال حين كنت أقوم بتغطية صحفية لوقفة احتجاجية، فادعيت جرحا في اليد وتفاوتا في عظام أحد أصابعي، لكنني لم أسقط حينها لأنكم كنتم قد كشفتم كل حيلي.
وأحيطكم علما أن حيل المتظاهرين أكثر من التظاهر بالسقوط، ففي سنة 2006، قام معطلون ينتمون للتنسيق الإقليمي لبني ملال، المنضوي تحت لواء الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، (قاموا) بالتظاهر بالإضراب عن الطعام لمدة 45 يوما، واستمرت أجهزة الوزارة التي تدفئون كرسي مكتبها في تكذيب إضرابهم عن الطعام رغم نقل جلهم إلى المستشفى، فيما رفيقتي خديجة فضاوي تظاهرت بعدها بالسقوط والإغماء وتمادت إلى حد التظاهر بإجهاض جنينها إثر ركلات حرة وهادئة من أحذية رجال قواتكم. بعدها قلد هذه السلوكات عدد من المتظاهرين في مناطق أخرى وتميزت سياسة الوزارة بضبط النفس دائما والتجاهل غالبا والتكذيب في بعض الأحيان.
السيد وزير الداخلية،
قد أبدو لك متظاهرا خطيرا، لكن هناك من هم أخطر مني، فهناك من تظاهر بأخطر من السقوط والإغماء، أحيلكم على مصطفى الحمزاوي، هذا المعطل الذي تظاهر بالوفاة منذ 24 سنة، بمخفر الشرطة التابعة لوزارتكم، ودليل تظاهره بالموت أن لا قبر يعرف له لحد اليوم. بينما تظاهرت نجية أدايا هي الأخرى الوفاة منذ 17 سنة أثناء مظاهرة نظمت بالرباط غداة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، هذه المعطلة التي كافأت الأحضان الدافئة لقواتكم بادعاء الوفاة، وفوق ذلك تمكنت من الحصول على إذن بالدفن وقبر يمكنكم أن تجزموا أنه قبر وهمي.
وأذكركم بالسنوات القريبة حين تظاهر كريم الشايب بدوره بالوفاة في مدينة صفرو يوم 20 فبراير 2011، وقام بالتلاعب بالفيديو الذي يوثق مداعبات ومزح رجال وزارتكم ليظهرهم على أنهم يضربونه بسادية. فيما يبقى الأخطر هم خمسة شبان بمدينة الحسيمة، في نفس اليوم، حيث لم يكفهم التظاهر بالموت، بل تظاهروا بحرق جثثهم إلى حد التفحم وهذا فعل أقدر سعة صدر وزارتكم وحكومتكم ومن يحكمها على تحمله وضبط النفس تجاهه.
السيد وزير الداخلية،
أعلمكم أن أعدادا غفيرة ستتظاهر غدا بالسقوط والإغماء، في مدينة الحسيمة، وقد قررتم أن تمنعوا هذا التلفيق في بلاغات رسمية، فتقبل نصيحة من مجرب، إنهم سيتظاهرون غدا بكل ما ذكرت وربما يتظاهرون بنا هو أبعد من الموت. وعليه فما داموا يتظاهرون بالسقوط والإغماء فأريحوا أنفسكم ولا تتظاهروا بضربهم أو منعهم وأخلوا الساحات من قواتكم الحنون كي تفوتوا عليهم الفرصة.
في الختام السيد الوزير، أقول لكم ما قال السابقون ’’الله ينعل اللي ما يحشم‘‘.
------------------------------
ملحوظة نسخة مفتوحة من هذه الرسالة موجهة إلى كل المسؤولين في البلد وفق الترتيب الهرمي الذي يبدأ من وزير الداخلية فما فوق، مع تغيير اللقب حسب الصفة.
- خالد أبورقية -
السيد وزير الداخلية،
استمعت أمس لـ’’ خطبتكم‘‘ وأنتم تردون على أسئلة البرلمانيين بشأن عمل’’ القوات العمومية‘‘ التي ترسلونها لتقوم بعملها ’’المتحضر‘‘ والذي يقوم أساسا على تفريق الوقفات الاحتجاجية حيث تتعرض قواتكم ’’اللطيفة‘‘ لمثل ما ذكرتم من ’’استفزاز‘‘ و ’’اعتداء‘‘ من طرف المتظاهرين الذين يخرجون للتظاهر أصلا دون احترام قانون لا وجود لمثل تأويله إلا في مخيلتكم.
السيد الوزير،
إن أكثر ما دعاني لكتابة هذه الرسالة، ليس دفاعكم عن السلوك’’ الحضاري‘‘ لقواتكم لأنكم مصدر أو قناة قرار اتخاذ هذا السلوك، بل ما دعاني للكتابة هو عبقريتكم الفذة في كشف حيل المتظاهرين الذين كنا نعتقد أنهم يتظاهرون من أجل مطالب وحقوق الشعب، فإذا بهم يتظاهرون بالسقوط والإغماء. ولهذا من أجل إغناء معلوماتكم ومساعدتكم على كشف هذه الحيل سأعترف لكم بحيلي الواسعة في هذا المجال عساها تنير بحثكم، آملا أن يغني هذا الاعتراف الخطير معارفكم من أجل اكتشافات قادمة.
السيد وزير الداخلية،
بدأت قصتي مع التظاهر بالسقوط والإغماء منذ سن مبكرة، لقد كان جورج بوش الأب، حسبما أذكر، يفرض ريجيما صحيا على أطفال العراق، وكانت طائراته تلقي وردا هناك من أجل إعفاء صدام حسين من الخروج في نزهات غير مرغوب فيها، حينها خرجت أتظاهر مع زملائي في ثانويات آسفي كما باقي مدن المغرب، للمطالبة بوقف هذا التدليل الذي يعامل به أطفال العراق وتركهم ينفجرون من السمنة. والحق يقال، ساعتها لم نتظاهر بالسقوط، فلم نكن قد انخرطنا في الجمعيات التي تمنح تكوينا في هذا المجال، فقط تظاهرت بالصدمة حين جاء جنود مدججون بأسلحتهم وحاصروا محكمة الاستئناف حيث كان يحكم عدد من زملائنا تم إيقافهم بتهمة زرع الفتنة قبل أن تكتشف حكومتكم وحاكموكم هذا المصطلح.
والحق يقال أن مهاراتي في مجال التظاهر بالسقوط والإغماء لم تصقل إلا مع مجيء حكومة ’’التناوب‘‘ في زمن سلفكم ووالدكم الروحي ادريس البصري، أذكر أن أول مرة تظاهرت فيها بالاغماء، كانت يوم 26 أكتوبر 1998، فقد كنا جاحدين لما وفره لنا الحسن الثاني، ولم نعد نرغب بالراحة التي كنا ننعم بها، فقررنا في الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب إغراق شوارع الرباط بالجاحدين، وأعترف لكم السيد الوزير أنها كانت المرة الأولى التي أتظاهر فيها بالسقوط. كنت وثلاثة من الرفاق نحمل الرفيق خالد أورحو – يمكنكم أن تسألوا عنه بمدينة الخميسات وإن قررتم محاكمته على التظاهر بالإغماء سيسعدني أن أشهد ضده على أن تعتبروني شاهد ملك في القضية – على كل حال كنا نحمل رفيقنا الذي تظاهر بالسقوط بعد أن اعتدى على هراوات وأحذية القوات العمومية، وتسبب عنقه حينها بأذي كبير للأحذية الغليظة.
في ذلك اليوم وبينما كنا نحمله هاربين كي يكف عن التظاهر بالإغماء حاصرتنا مجموعة من عناصر قواتكم، وشرعت تدغدغ عظامنا بهراواتها ومنحتنا تدليكا بأحذيتها، والحق أن شعرت بالاسترخاء من شدة هذا الحنان المنقطع النظير، فكانت تلك المرة الأولى التي أتظاهر فيها بالسقوط والإغماء، لأستفيق في المستشفى وبعد أن ادعيت إصابات بليغة على مستوى الرأس والرجل والظهر، أخذتني سيارة شرطة من هناك إلى مركز الشرطة، هناك وجدت من تظاهر بكسر في الرجل واليد، وأذكر أن أحدهم، وكان حينها مسؤولا في مكتب أحد فروعنا، تظاهر بجرح غائر في رأسه، ومن شدة تظاهرنا و ’’التبوحيط اللي عطانا الله‘‘ خدعنا الطاقم الطبي، فقد قدمت إلى الحجز بضمادات، وآخرون بالجبص، فيما من ذكرت وضعوا له 21 غرزة (قطب) كي نتوقف عن التظاهر.
السيد وزير الداخلية،
اعترف لكم أنني إلى حدود ذلك اليوم لم أكن متمرسا في هذه الحيل، لذلك قررت أن أصقل مواهبي في هذا المجال، لن أطيل عليكم في سرد التفاصيل، لكن أعظم إنجازاتي في ادعاء الإصابة والتظاهر بالإغماء كانت سنة 2011، في حدود الساعة الواحدة ليلا من صباح 11 أبريل، كنا نائمين أمام مقر نقابة أغلق بابها في وجه اعتصامنا، حين قدمت القوات اللطيفة الجميلة الرائعة الحنان تتسلل على رؤوس أصابعها كي لا توقظنا، وشرعت تداعبنا بلطف بالغ بالأحذية الثقيلة والهراوات التي أقترح أن تجعلوا لونها ورديا بدل الاسود المتشائم، في تلك الليلة بلغت أفضل حالات ’’التبوحيط‘‘ حيث كان علي التظاهر بالسقوط رغم أنني كنت ممددا، عليكم أن تعترفوا أنني رفعت الفعل إلى مستوى غير مسبوق، وأكثر من ذلك ادعيت إصابتي بكسر في القدم، وحين أصر الأطباء على تجبيص قدمي امتنعت عن تلقي أي علاج.
السيد وزير الداخلية،
منذ تلك الليلة الدافئة التي اكتملت فيها مهاراتي انتقلت إلى مستوى أعلى، فقد صرت أتظاهر بأشياء غريبة، منها مثلا أنني وصلت مرحلة التظاهر بالإغماء نتج عنه كسر في قدمي اليسرى وخلع في اليمنى واضطررت كي اتقن المسرحية أن ابقى محتجزا في كرسي متحرك لما يزيد عن شهر، وتمكنت من خداع الأطباء على مدى سنتين الذين شخصوا كسورا وخلعا في القدم واليد والكتف والركبة 8 مرات، كما شخصوا ضررا بليغا في أعصاب القدم اليمنى فقدت معها الشعور والتحكم بها بشكل كامل، كان علي أن أتظاهر بأنني أسير بعكاز وأقضي عشرات حصص الترويض والعلاج بالكهرباء والعلاج الطبيعي على خمس سنوات كاملة حتى أتقن التظاهر وكان هذا أعلى مستوى بلغته، في الادعاء بأن القوات العمومية تقمع المتظاهرين وتعتدي عليهم لتشويه صورة المغرب في المحافل الدولية، بينما قوات وزارتكم كانت تتحمل اعتداءاتنا عليها واستفزازاتنا وشتائمنا بالحكمة وأحيانا بالدعاء لنا بالهداية، فيما مازحني ذات يوم والي أمنكم ببني ملال حين كنت أقوم بتغطية صحفية لوقفة احتجاجية، فادعيت جرحا في اليد وتفاوتا في عظام أحد أصابعي، لكنني لم أسقط حينها لأنكم كنتم قد كشفتم كل حيلي.
وأحيطكم علما أن حيل المتظاهرين أكثر من التظاهر بالسقوط، ففي سنة 2006، قام معطلون ينتمون للتنسيق الإقليمي لبني ملال، المنضوي تحت لواء الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، (قاموا) بالتظاهر بالإضراب عن الطعام لمدة 45 يوما، واستمرت أجهزة الوزارة التي تدفئون كرسي مكتبها في تكذيب إضرابهم عن الطعام رغم نقل جلهم إلى المستشفى، فيما رفيقتي خديجة فضاوي تظاهرت بعدها بالسقوط والإغماء وتمادت إلى حد التظاهر بإجهاض جنينها إثر ركلات حرة وهادئة من أحذية رجال قواتكم. بعدها قلد هذه السلوكات عدد من المتظاهرين في مناطق أخرى وتميزت سياسة الوزارة بضبط النفس دائما والتجاهل غالبا والتكذيب في بعض الأحيان.
السيد وزير الداخلية،
قد أبدو لك متظاهرا خطيرا، لكن هناك من هم أخطر مني، فهناك من تظاهر بأخطر من السقوط والإغماء، أحيلكم على مصطفى الحمزاوي، هذا المعطل الذي تظاهر بالوفاة منذ 24 سنة، بمخفر الشرطة التابعة لوزارتكم، ودليل تظاهره بالموت أن لا قبر يعرف له لحد اليوم. بينما تظاهرت نجية أدايا هي الأخرى الوفاة منذ 17 سنة أثناء مظاهرة نظمت بالرباط غداة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، هذه المعطلة التي كافأت الأحضان الدافئة لقواتكم بادعاء الوفاة، وفوق ذلك تمكنت من الحصول على إذن بالدفن وقبر يمكنكم أن تجزموا أنه قبر وهمي.
وأذكركم بالسنوات القريبة حين تظاهر كريم الشايب بدوره بالوفاة في مدينة صفرو يوم 20 فبراير 2011، وقام بالتلاعب بالفيديو الذي يوثق مداعبات ومزح رجال وزارتكم ليظهرهم على أنهم يضربونه بسادية. فيما يبقى الأخطر هم خمسة شبان بمدينة الحسيمة، في نفس اليوم، حيث لم يكفهم التظاهر بالموت، بل تظاهروا بحرق جثثهم إلى حد التفحم وهذا فعل أقدر سعة صدر وزارتكم وحكومتكم ومن يحكمها على تحمله وضبط النفس تجاهه.
السيد وزير الداخلية،
أعلمكم أن أعدادا غفيرة ستتظاهر غدا بالسقوط والإغماء، في مدينة الحسيمة، وقد قررتم أن تمنعوا هذا التلفيق في بلاغات رسمية، فتقبل نصيحة من مجرب، إنهم سيتظاهرون غدا بكل ما ذكرت وربما يتظاهرون بنا هو أبعد من الموت. وعليه فما داموا يتظاهرون بالسقوط والإغماء فأريحوا أنفسكم ولا تتظاهروا بضربهم أو منعهم وأخلوا الساحات من قواتكم الحنون كي تفوتوا عليهم الفرصة.
في الختام السيد الوزير، أقول لكم ما قال السابقون ’’الله ينعل اللي ما يحشم‘‘.
------------------------------
ملحوظة نسخة مفتوحة من هذه الرسالة موجهة إلى كل المسؤولين في البلد وفق الترتيب الهرمي الذي يبدأ من وزير الداخلية فما فوق، مع تغيير اللقب حسب الصفة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق