جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

لهم شرق المتوسط ولنا غربه/الرفيق تاشفين الاندلسي

أذكر أنني أكتشفت الأدب متأخرا . فقط كنت أقرأ بعض القصائد لمحمود درويش بالصدفة أو الاستماع لمظفر النواب عبر قرص سمعي قديم كان يمرر سرا بين شباب ثانويات الحسيمة .
سمعت كثيرا عن رواية شرق المتوسط لعبد الرحمان منيف من دون أن أقرأها في البداية ، وبعد ذلك بوقت غير قصير سقط بين يدي مخطوط " الأقدام العارية" الذي خرج من سجون مصر أيام عبد الناصر و قد كتبه في الأصل معتقلو الحزب الشيوعي المصري في لفافات السجائر ثم يهرب الى الخارج ليطبع بعد 12 سنة لأسباب تنظيمية و تحت ضغط ظروف المعتقلين الذين بقوا في السجن وأصدر تحت اسم طاهر عبد الحكيم . مخطوط عبارة عن وثيقة غاية في الأهمية لقراءة تاريخ الاعتقال السياسي في تقاطعه مع تاريخ الحزب الشيوعي المصري و مساهمته الحاسمة في منعطفات تاريخية في المنطقة لازال مفعولها الى اليوم .
بعد ذلك سأقتني رواية شرق المتوسط فأثارتني مقدمتها التي عبارة عن بنود من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان ، أعتقد ان عبد الرحمان منيف قدم لروايته بتلك البنود نظرا لبشاعة ما سيتناوله في روايته و التي ضمنها العديد من المشاهد من مخطوط " الأقدام العارية" ( لا أدري لماذا لم يشر لها في خاتمة الرواية مثلا كما فعل صنع الله ابراهيم في روايته "شرف") . بعد اكتشافي المباشر لهاته الرواية فتحت شهيتي لقراءة المزيد من أدب السجون بشكل خاص و بروايات عبد الرحمان منيف بشكل عام و التي و إن لم تتناول بعضها السجن و السجون فإنها تتناول الإستبداد في هذه الرقعية الجغرافية الممتدة المسماة شرق المتوسط و الذي يؤدي عبر كل طرقه الى السجن .
و أنا أتذكر شخصيات رواية "شرق المتوسط" : رجب، أمه، أنيسة أخته ، زوجها الشرطي...وكذلك مجريات الابتزاز من داخل السجن و استعمال بعض افراد الاسرة في عملية كسر شوكة السجين من دون ان تكون الاسرة على دراية بحيثيات الابتزاز أو ان الامر لا يهم كثيرا مادام الهدف هو اطلاق سراح رجب . تردد رجب تحت طائلة الضغوطات الهائلة من أطراف عدة .... ليستسلم أخيرا فيوقع ثم تصبح الموت بالنسبة إليه أهون من حياة لم يعد لها من معنى بعد الذي وقع . لم يشفع له الرحيل عبر اشيلوس و هي تبتلعه نحو مرافئ الدنيا ولا استقراره في بريطانيا للعلاج من مرض عضال التقطه من السجن ، فعيون السجان تلاحقه الى هناك و تترصده بشكل دقيق.
لا معنى للحياة بعد توقيعك يارجب ، فتموت يارجب ، لعل السجن كان أفضل لك مليون مرة من سراحك المسجون.
اتذكر هذا و أنا أتابع لما يقع لمعتقلينا في سجون النظام العميل و كأن "شرق المتوسط" تعيد فصولها بتفصيل أكثر .
إنني حزين وغاضب في نفس الوقت و أحس أنني أيضا في سجن مضلم لكن هذه المرة لا فكاك منه إلا بالتخلص من الاستبداد الذي طال أكثر من اللازم.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *