مزبلـة مديونـة…ملـف عطـن
المسؤولون يفشلون في إنشاء مطرح جديد بعد أن تحولت “زبالة” مديونة إلى كارثة بيئية
سينتظرالبيضاويون نصف سنة على الأقل لإخراج المطرح العمومي الجديد إلى الوجود، وإصدار قرار نهائي بإعدام «زبالة مديونة» التي تحولت إلى قنبلة موقوتة، بسبب ملايين الأطنان من النفايات التي تلقى فيها، رغم وصولها إلى حالة الامتلاء الكلي، وفق المعايير الوطنية والدولية، منذ ست سنوات. فما الذي يجري بالضبط في هذا الملف؟ ومن يعرقل مشروع إنشاء مطرح جديد بمنطقة المجاطية؟ وما هي الأخطاء بالضبط التي ارتكبها مجلس المدينة في تدبير ملف معقد وتستغلها الشركة المستفيدة من عقد التفويض للضغط عليه؟
مقرر للرفض
سينتظرالبيضاويون نصف سنة على الأقل لإخراج المطرح العمومي الجديد إلى الوجود، وإصدار قرار نهائي بإعدام «زبالة مديونة» التي تحولت إلى قنبلة موقوتة، بسبب ملايين الأطنان من النفايات التي تلقى فيها، رغم وصولها إلى حالة الامتلاء الكلي، وفق المعايير الوطنية والدولية، منذ ست سنوات. فما الذي يجري بالضبط في هذا الملف؟ ومن يعرقل مشروع إنشاء مطرح جديد بمنطقة المجاطية؟ وما هي الأخطاء بالضبط التي ارتكبها مجلس المدينة في تدبير ملف معقد وتستغلها الشركة المستفيدة من عقد التفويض للضغط عليه؟
صادق مجلس البيضاء، نونبر الماضي، على تمديد عملية تدبير مطرح
النفايات القديم بمديونة لمدة ستة أشهر، في انتظار إيجاد صيغة مغايرة
لإنشاء آخر جديد، وذلك من خلال الدراسة على الملحق الثامن الخاص بعقد
التدبير المفوض لإنجاز واستغلال مطرح مراقب وإعادة تأهيل الحالي (رقم35
/2008).
واستندت جماعة البيضاء في هذا القرار على مقتضيات ملحق تعديلي
السابع الذي تمت المصادقة عليه السنة الماضية، المنتهي منتصف الشهر
الجاري، ما تعذر معه على شركة «ايكوميد»، المكلفة بتدبير المطرح الحالي،
الاستمرار في تولي مهمتها، والوفاء بالتزاماتها القانونية بهذا الخصوص.
ومن أجل رفع هذا الإشكال القانوني ولكي يتم إعطاء الحق للشركة
في الاستمرار في الوفاء بالتزاماتها، جرى تمديد عملية التدبير لمدة 6 أشهر
إضافية ابتداء من الخميـس 10 نونبر الماضي.
ترقيع
هذا القرار وإن كان سيوفر لمسيري المدينة هامشا من الوقت في
أفق وضع آليات لإنشاء المطرح الجديد الواقع على 80 هكتارا بجماعة المجاطية،
فإنه سيمدد من عمر أكبر خطر بيئي بالعاصمة الاقتصادية التي تقترب جميع
الأراضي المحيطة بها من وضعية الإتلاف الكلي، بسبب إفرازات وسيول النفايات
و»عصائرها»/ «إكسيفا» التي دمرت جميع الفرشات المائية وقضت على الحياة
الطبيعية بمديونة.
تتابع السلطات الإدارية والمنتخبة بجهة البيضاء-سطات، بتنسيق
مع القطاعات الحكومية المعنية، خطر هذه القنبلة البيئية. ويتوفر ويتوفر
المسؤولون على تقارير محينة تقدم تشخيصا عاما لمطرح مديونة الذي من المفروض
أن يكون العمل انتهى به، نهائيا، بتاريخ 18 نونبر 2010، حسب اتفــاق
التدبير المفــوض الموقع في 2008، مع ثلاث شركات هــي «إيكوميد» و»جيسي»
وإيدجيبورو»، قبل أن يحول دون ذلك، تعثر إنجــاز مطــرح عمــومي جــديــد
مراقب، فــوق وعاء عقاري غير بعيد عن مكان المطرح الأول، بمعايير ومواصفات
علمية وبيئية دقيقة منصوص عليها في دفتر التحملات.
وحسب مصادر، فإن استمرار استعمال البنيات التحتية للمطرح
العمومي لسبع سنوات كاملة، أحدث أضرارا بالفرشات المائية، وزحفت وديان من
«عصير» الأزبال غير المعالجة على الأراضي المجاورة، بل تشكلت في الآونة
الأخيرة بحيرات جديدة من المياه العطنة والحاملة كل الأمراض والأوبئة
المحتملة، وبدأت في الزحف على الجهة المقابلة للطريق الرئيس المؤدي إلى
برشيد وســــــطات.
واعتبرت فعاليات جمعوية تعنى بالمجال البيئي أن المياه
العادمة المتسربة من المطرح العمومي هي قنبلة موقوتة، وقابلة للانفجار في
أية لحظة بفعل توفرها على مواد ثقيلة وعضوية، قادرة على تهديد سلامة
الإنسان والحيوان والزرع، والمياه الجوفية التي تضررت كثيرا بسبب تسرب هذه
المياه إلى عمق الآبار٬ وقضائها بشكل نهائي على جودة المياه الباطنية،
وإحراقها للعديد من الكائنات الحية، والعديد من الأراضي الفلاحية المجاورة
كأراضي «ملوك» المقابلة للمطرح العمومي من جهة الطريق الرئيسية.
معضلة العقار
وواجه مجلس المدينة السابق صعوبات في إيجاد عقار ملائم للمطرح
الجديد، إذ انطلق البحث عن أراض فارغة منذ 2004، أي أربع سنوات قبل انتهاء
المدة المحددة، واستمرت المفاوضات مع أصحابها سنوات، بسبب خلافات حول سعر
البيع وتقويم العقارات، قبل أن يحسم الموضوع، بشكل نهائي تقريبا.
في فترة لاحقة، ألغى الشقيقان يوسف وإدريس الدوش أطلسي،
رسميا، بروتوكول بيع قطعتين أرضيتين بجماعة المجاطية أولاد الطالب إلى
الجماعة الحضرية كانتا ستخصصان لإقامة المطرح العمومي الجديد، بسبب تماطل
مكتبها المسير في إتمام مراسيم البيع وأداء مبلغ 44 مليون درهم المستحقة
عليه، علما أن عبد العزيز عماري، عمدة المدينة، أكد خلال دورة سابقة، أن
مالكي الأرض توصلوا بأموالهم، ومسطرة التحفيظ في طريقها إلى الإنجاز.
وقال محامي عائلة أطلسي إنه سبق لها أن أبرمت بروتوكول اتفاق مع الجماعة
الحضرية، في شخص الرئيس السابق محمد ساجد، بتاريخ 9 يوليوز 2015 من أجل
اقتناء عقارين مع البنايات المقامة فوقهما المملوكين للعائلة نفسها. وقال
المحامي إن الأمر يتعلق بالعقار ذي الرسم العقاري عدد 45717/ سي مساحته 27
هكتارا و68 آرا و20 سنتيارا، ثم العقار الثاني ذي الرسم العقاري عدد
18955/سي مساحته 7 هكتارات و53 آرا و20 سنتيارا، مؤكدا أن الجماعة التزمت
باقتناء هاتين القطعتين من أجل استعمالها مطرحا للأزبال، وحدد الثمن
الإجمالي في 44.841.742 درهما، أي حوالي 4 ملاييـــــر و400
مليــــــــــــــون سنــــتيم.مقرر للرفض
قال محامي مالكي القطعتين إنه رغم مرور مدة على توقيع العقد،
لم تبادر الجماعة إلى إتمام عقد البيع، واتخاذ الإجراءات قصد تفعيل
البروتوكول، مستنتجا أنها لا تتوفر على الٍارادة لإتمام الصفقة، ولذلك،
قررت العائلة إلغاء العقد والتحلل من جميع الالتزامات السابقة الموقعة مع
الجماعة قبل سنة ونصف الـــسنة.
رسالة الإلغاء وصلت إلى المجلس في 2 فبراير الماضي، أي قبل
يومين فقط من آخر دورة لمجلس المدينة التي أعلن فيها العمدة أن إجراءات
إتمام البيع تمت على أكمل وجه، وشرعت الجماعة في استكمال الإجراءات
القانونية والعقارية الموازية، ما طمأن أعضاء المجلس.
هذا المشكل تمت تسويته بصعوبة بالغة، إذ انتهى الاتفاق على شراء العقار
من أصحابه ومباشرة الإجراءات المسطرية لتحفيظه وضمه، قبل أن يبرز مشكل آخر
يتعلق برفض جماعة المجاطية استفاضة مطرح للنفايات فوق أراضيها، بل أصدر
مجلس المجاطية والمجلس الإقليمي لمديونة مقررين برفض هذا المشروع، متهمين
مجلس المدينة بعدم الاستشارة معهما في ملف مصيري يتعلق بمنطقتهم.
يوسف الساكت
مزبلة مديونة.. تحدي آخر يواجه عمدة البيضاء الجديد
منذ توليه منصب عمدة مدينة الدار البيضاء في شتنبر
الماضي، توصل عبد العزيز العماري، بمجموعة من المراسلات التي تخص المطرح
العمومي المعروف اختصارا بـ"مزبلة مديونة"، من قبل جمعيات وعدد من
الفاعلين، حيث دقوا ناقوس الخطر بشأن المشاكل التي تعترض سكان المنطقة بسبب
التلوث.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق