الرشوة والسلطة ***الرفيق عبد المومن شباري
الرفيق عبد المومن شباري
شكلت آفة الرشوة كظاهرة عامة في المجتمع المغربي طابعا عاما، بحيث تخترق مجمل العلاقات، وتجدها في مختلف المجالات، وهي ظاهرة بنيوية تلازم كل المعاملات من أبسطها إلى أكثرها تعقيدا، بحيث ارتقت إلى مستوى نظام طبيعي وعادي لتدبير الشأن العام، لكونها متجذرة في التشكيلة السوسيو اقتصادية والثقافية بالمغرب، وتدخل ضمن الصراع على السلطة ومن وراء ذلك على الثروة والمصالح. وبالتالي تصبح الرشوة على المستوى السياسي وسيلة لضبط العلاقات والتحكم في حركية المجتمع بشكل عام والنخب بشكل خاص.
لقد ارتبطت السلطة السياسية في المغرب قديما وحديثا بنظام الامتيازات، والهدايا والعطايا وباقتصاد الريع، بحيث يضطر السلاطين الذين تعاقبوا على الحكم في المغرب، لتحييد معارضيهم الفعليين أو المحتملين، أو ادماجهم في بنية السلطة، بمنحهم الامتيازات والمصالح، مع إلزامهم بالدفع إن كانوا في مواقع القرار بالنسبة للقواد والولاة والعلماء وزعماء القبائل للحفاظ على الامتيازات، مقابل الولاء المطلق والتام، وتأكيد مشروعية حكامهم وحكمهم.
وتشير المصادر التاريخية ممن تناولت المغرب في العصور الماضية، أن ظاهرة الرشوة، التي اتخذت تسميات متعددة بمضمون واحد، شكلت أسلوبا تدبيريا لإدارة الحكم، وثابتا حكم العلاقات بين الحكم المركزي والقواد والولاة في مختلف مناطق المغرب، وهي علاقة قائمة على الارشاء الدائم والمستمر من طرف السلاطين للزعامات المحلية، وكبار تجار المدن وشيوخ القبائل والزوايا مقابل شرعنة الحكام، واستمرارها في أداء وظيفة السهر على النظام الجماعي والاجتماعي، إلى جانب الدور الاقتصادي المتمثل في جباية الضرائب وبعثها إلى الخزينة أو ما يسمى ببيت مال المسلمين.
ولقد لخص الصدر الأعظم للسلطان عبد الحفيظ "فصول الغرنيط" دور الولاة والقواد في جمع الضرائب وفلسفة المخزن الجبائية في قولة "رَيِّشِْ الطّير قْبَلْ مَا يْطيرْ"، بحيث تصبح مصالح القيادات المحلية مترابطة ومتداخلة مع مصالح الحكم المركزي على المستوى الاقتصادي، ويجسدها على المستوى السياسي الولاء بالنسبة للقواد، والرضى بالنسبة للسلطان، وبالتالي تشكل الرشوة اسمنت تلك اللحمة بين المركز والمحيط.
ولم يكن القائمون على المناطق مأجورين، بل كانوا يحتفظون بجزء من الضرائب التي يتحصلون عليها من مناطقهم، كما يستغلون جزء من الهدية، وهو واجب تؤديه القبائل ثلاث مرات في السنة، فيفرضون على القبائل هدايا باهضة للسلطان، لتوفير هامش منه.
وكانوا سلاطين المغرب، كما تؤكد ذلك الكتب التاريخية، لتثبيت سلطتهم على المغرب، والتوسيع من دائرتها يدفع بالقواد الموالين له إلى محاربة القبائل المتمردة، لإخضاعها لنظام الحكم المركزي ومفاوضتها، فتارة يلجأ إلى الاغراء المادي للحصول على السلم، وتارة يهب الأرض للبعض الآخر.
ولقد لخص واتيربوري الشكل الذي اتخذته الرشوة على اثر الانفتاح التجاري الذي عرفه المغرب في القرن التاسع عشر، إن الملك كان "أكبر المنصفين، فإنه أيضا أعظم موزع للامتيازات في المملكة، يشرف القصر على توزيع جميع الصفقات المربحة والمعاشات المربحة، وتشكل هذه الوسائل عوامل ضغط فعالة على النخبة، استعملها السلاطين باستمرار لخلق علاقات الولاء، أو توطيدها. لقد أصبحت البرجوازية التجارية مدينة معنويا وماديا إزاء السلاطين منذ الانفتاح التجاري في القرن التاسع عشر. لقد بنى الملوك للتجار القصبات والمستودعات، وسهروا على تأمين حياتهم من القبائل، ومنحوهم رخص الاستيراد والتصدير، واعفاءات من الضرائب الجمركية، وكلها كانت وسائل لشد البرجوازية التجارية إلى النظام، ومع الاستقلال تضاعفت امكانية الملك الاقتصادية، للضغط، على جماعة اتباعه. لقد بذلا عاهلا المغرب (محمد الخامس – الحسن الثاني) منذ الاستقلال كل ما في وسعهما لتأمين رخاء النخبة. وفي الوقت نفسه لم يترددا في استعمال العنف ضد كل من كفّر بنعمتهما.
شكلت آفة الرشوة كظاهرة عامة في المجتمع المغربي طابعا عاما، بحيث تخترق مجمل العلاقات، وتجدها في مختلف المجالات، وهي ظاهرة بنيوية تلازم كل المعاملات من أبسطها إلى أكثرها تعقيدا، بحيث ارتقت إلى مستوى نظام طبيعي وعادي لتدبير الشأن العام، لكونها متجذرة في التشكيلة السوسيو اقتصادية والثقافية بالمغرب، وتدخل ضمن الصراع على السلطة ومن وراء ذلك على الثروة والمصالح. وبالتالي تصبح الرشوة على المستوى السياسي وسيلة لضبط العلاقات والتحكم في حركية المجتمع بشكل عام والنخب بشكل خاص.
لقد ارتبطت السلطة السياسية في المغرب قديما وحديثا بنظام الامتيازات، والهدايا والعطايا وباقتصاد الريع، بحيث يضطر السلاطين الذين تعاقبوا على الحكم في المغرب، لتحييد معارضيهم الفعليين أو المحتملين، أو ادماجهم في بنية السلطة، بمنحهم الامتيازات والمصالح، مع إلزامهم بالدفع إن كانوا في مواقع القرار بالنسبة للقواد والولاة والعلماء وزعماء القبائل للحفاظ على الامتيازات، مقابل الولاء المطلق والتام، وتأكيد مشروعية حكامهم وحكمهم.
وتشير المصادر التاريخية ممن تناولت المغرب في العصور الماضية، أن ظاهرة الرشوة، التي اتخذت تسميات متعددة بمضمون واحد، شكلت أسلوبا تدبيريا لإدارة الحكم، وثابتا حكم العلاقات بين الحكم المركزي والقواد والولاة في مختلف مناطق المغرب، وهي علاقة قائمة على الارشاء الدائم والمستمر من طرف السلاطين للزعامات المحلية، وكبار تجار المدن وشيوخ القبائل والزوايا مقابل شرعنة الحكام، واستمرارها في أداء وظيفة السهر على النظام الجماعي والاجتماعي، إلى جانب الدور الاقتصادي المتمثل في جباية الضرائب وبعثها إلى الخزينة أو ما يسمى ببيت مال المسلمين.
ولقد لخص الصدر الأعظم للسلطان عبد الحفيظ "فصول الغرنيط" دور الولاة والقواد في جمع الضرائب وفلسفة المخزن الجبائية في قولة "رَيِّشِْ الطّير قْبَلْ مَا يْطيرْ"، بحيث تصبح مصالح القيادات المحلية مترابطة ومتداخلة مع مصالح الحكم المركزي على المستوى الاقتصادي، ويجسدها على المستوى السياسي الولاء بالنسبة للقواد، والرضى بالنسبة للسلطان، وبالتالي تشكل الرشوة اسمنت تلك اللحمة بين المركز والمحيط.
ولم يكن القائمون على المناطق مأجورين، بل كانوا يحتفظون بجزء من الضرائب التي يتحصلون عليها من مناطقهم، كما يستغلون جزء من الهدية، وهو واجب تؤديه القبائل ثلاث مرات في السنة، فيفرضون على القبائل هدايا باهضة للسلطان، لتوفير هامش منه.
وكانوا سلاطين المغرب، كما تؤكد ذلك الكتب التاريخية، لتثبيت سلطتهم على المغرب، والتوسيع من دائرتها يدفع بالقواد الموالين له إلى محاربة القبائل المتمردة، لإخضاعها لنظام الحكم المركزي ومفاوضتها، فتارة يلجأ إلى الاغراء المادي للحصول على السلم، وتارة يهب الأرض للبعض الآخر.
ولقد لخص واتيربوري الشكل الذي اتخذته الرشوة على اثر الانفتاح التجاري الذي عرفه المغرب في القرن التاسع عشر، إن الملك كان "أكبر المنصفين، فإنه أيضا أعظم موزع للامتيازات في المملكة، يشرف القصر على توزيع جميع الصفقات المربحة والمعاشات المربحة، وتشكل هذه الوسائل عوامل ضغط فعالة على النخبة، استعملها السلاطين باستمرار لخلق علاقات الولاء، أو توطيدها. لقد أصبحت البرجوازية التجارية مدينة معنويا وماديا إزاء السلاطين منذ الانفتاح التجاري في القرن التاسع عشر. لقد بنى الملوك للتجار القصبات والمستودعات، وسهروا على تأمين حياتهم من القبائل، ومنحوهم رخص الاستيراد والتصدير، واعفاءات من الضرائب الجمركية، وكلها كانت وسائل لشد البرجوازية التجارية إلى النظام، ومع الاستقلال تضاعفت امكانية الملك الاقتصادية، للضغط، على جماعة اتباعه. لقد بذلا عاهلا المغرب (محمد الخامس – الحسن الثاني) منذ الاستقلال كل ما في وسعهما لتأمين رخاء النخبة. وفي الوقت نفسه لم يترددا في استعمال العنف ضد كل من كفّر بنعمتهما.
عن موقع الرفيق عبد المومن الشباري
https://chbari.skyrock.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق