جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

الشباب والمشاركة السياسية بقلم: عبد المومن شباري

                                                     

الشباب والمشاركة السياسية


                               بقلم: عبد المومن شباري 

تقديم: يعيش الشاب المغربي العديد من المظاهر الحياتية، وينخرط في الكثير من المجالات المرتبطة بتطلعاته و مطامحه إلا المجال السياسي بحيث ترسخ هذا العمل، وكذا المشاركة والانخراط في الحياة العامة في لاوعيه كفعل مجرم بفعل العديد من الإكراهات الذاتية و الموضوعية، جعلت منه عصرا غير معني بما يروم داخل المجتمع من قضايا ترهن مساره ومستقبله. وترتبط كل هاته السلبيات التي تطبع علاقة الشباب بالسياسة في أحد أوجهها الأكثر أهمية بقضية التأطير السياسي. الذي يرتبط هو الآخربالمجال المجتمعي العام.

فالحديث عن التاطير السياسي هوحديث عن المجتمع و مجاله السياسي فالتأطير داخل المجتمعات السليمة العادية والطبيعية وفي بلدان التي تحترم نفسها و مواطنيها يعتبر ضرورة ثقافية وحضارية و أخلاقية بل ملزمة لكل الفاعلين السياسيين مهما اختلفت مواقعهم لتحصين مجتمعاتهم و إكسابها نوعا من المناعة تقيها من الانحرافات (العصبوية، والانفصالية، والتطرفية...) التي قد تتعرض لها في مسار تطورها التاريخي وتلعب كل المكونات المجتمعية دورا حاسما في هذه العملية سواء في المجال التشريعي و السياسي و الثقافي مع توفير كل الإمكانيات المادية الضرورية لذلك.

بالنسبة للمغرب هناك إفرازات سياسية بالغة الدلالة عرفتها البلاد منذ الاستقلال إلى الآن ولازال مرشحا لمعرفة المزيد منها لحدة الأزمة البنيوية التي يعرفها.و أعني بتلك الأحداث التي عرفها و لازال المشهد السياسي، في احتداد التناقضات المجتمعية(الانتفاضات التي عرفها المغرب منذ الخمسينات إلى الآن ).
إن تلك الأحداث و الانفجارات و غيرها من المظاهر السلوكية، التي تجتاح المجتمع ويلعب فيها الشباب دورا رياديا تشير إلى غياب التأطير السياسي من جهة، و تؤكد من جهة أخرى أن كل الفاعلين السياسيين لم يرقوا إلى مستوى خلق المسارب و الآليات الناجعة للامتداد في عمق المجتمع لتنظيم فئاته . وفي نظري هناك عطب مزدوج يعيق عملية التأطير السياسي، أولها الكيفية التي تتعاطى بها الدولة مع التأطير السياسي، وثانيها الطرق التي تشتغل بها الأحزاب و الهيآت السياسية في مجال التأطير.
فبالنسبة للمعيق الأول، فبالرغم من إقرار الدولة، والتنصيص دستوريا على دور الأحزاب في تأطير المجتمع ، فإنها مع ذلك لازالت تتعاطى مع هذه العملية بنوع من الحيطة و الارتياب محكومة في ذلك برؤية أمنية، صارمة و في المجال فقط.
بحيث أن المجال القروي يكاد يكون فيه العمل السياسي و ما يرتبط به محظورا بشكل عملي. وتتم عملية الضبط من خلال مجموعة من الإجراءات و التدابير العملية(انظر قانون الأحزاب ،قانون الصحافة، مدونة الشغل.......) وتوقيف الكثير من المنابر الثقافية، و الجرائد، ومحاصرة الكثير من الهيآت التي لها دور لا بأس به في التأطير وفتح المجال أمام الشباب للمشاركة السياسية كما انه على المستوى السياسي، فلازالت هناك العديد من التدابير الجزائية والزجرية الصارمة اتجاه من يخالفون السلطة الرأي ، يطال التنظيمات السياسية الجادة مع ما يستتبع ذلك من مضايقات وملاحقات لنشطائها، الشيء الذي ينعكس بالسلب على الشباب بالخصوص ويدفعهم للعزوف على العمل السياسي، ويحد من دائرة التاطير بل بلغ الأمر إلى حد تشكل قناعة راسخة في الوعي الجمعي للمغاربة عامة، و الشباب بشكل خاص، بأن السياسة و العمل السياسي في مجالها، و الانتظام في آلياتها، يرادفه الإقصاء الكلي من المجتمع (السجن، الاختطاف، الملاحقة، النفي....)
أما المعيق الثاني،فيرتبط بالطرق و الآليات التي تشتغل بها الأحزاب في مجال التأطير السياسي، فبالإضافة إلى المصاعب السياسية الموضوعية العملية التي تسلكها هاته الأحزاب في مجال التآطير السياسي فبالإضافة إلى المصاعب السياسية الموضوعية السابقة الذكر، هناك أسباب ذاتية ترتبط بالكيفية و الأساليب العملية التي تسلكها هاته الاحزاب، و التي أصبحت متجاوزة بفعل التطورات الكمية و النوعية الحاصلة في المجتمع و الغير قادرة على المواكبة السريعة للحاجيات و التطلعات لعموم المغاربة حيث يلاحظ أن هذه الهيآت قد ركنت إلى التأطير السياسي المباشر، أو بطرق كلاسيكية، دون البحث عن أشكال تأطيرية جديدة مرنة و منفتحة على الاهتمامات العميقة لتطلعات الشباب في مختلف الميادين، وتتوفر على حدود و نبا من الاستقلالية و غير خاضعة للتوجيهات الضيقة الصارمة.
يضاف إلى هذا، إلا أن الاخفاقات السياسية في إرساء الأسس الأولية للديمقراطية، و مسؤولية الأحزاب في ذلك و ما رافق الاستحقاقات التي المغرب من تزوير لإرادة الأمة في اختياراتها الحرة، وكتب الحريات الديمقراطية جعلت المغاربة و الشباب على الخصوص يصابون بالخيبة و الاحباطمنجدوائية الفعل الإيجابي في حلركية المجتمع و بالتالي الرفض الكلي للعمل السياسي ولكل أشكاله التاطيريرة.
و على الرغممن ان السباب الفاعل سياسيا هو شباب محدود من حيث حجمه العددي مقارنة بنية شابة و نشطة، فإنه مع ذلك يشكل القوة الضاربة في الأنشطة التي تقوم بها الاحزاب السياسية، و رافعة أساسية لترجمة البرامج والخطط السياسية الحبية. إن هذه الأهمية و الفعاليةالتي يتميز الشباب المغربي المنظم سياسيا لاتوازية إرادة حقيقية في منحه الثقة و الإمكانيات، و فسخ المجال له يتحمل المسؤولية في إدارة شأن الأحزاب المنتمي إليه، حيث نجده مغيب على مستوى مراكز القرار الحزبي، و لا يتم التعامل معه إلا كجيش احتياطي، يستعمل في المعارك السياسية التي تعرفها البلاد بين الفينة و الاخرى.
إن التهميش الذي يعرفه الشباب داخل الهيآت السياسية على مستوى الضطلاع بالمسؤولية في قيادة الأحزاب، يجد تفيبره في سيادة رؤية و تصور ماضويين يرتكزان على المسؤولية التاريخية. كالاستمرارية و الامتداد للحركة الوطنية التي قادت معركة التحريرو الاستقلال لعقدي الأربعينات و الخمسينات، بالنسبة للأحزاب التقليدية، وجبل التأسيس للحركة اليسار الماركسي اليني وقدماء المعتقلين السياسية بالنسبة للحركات اليسارية وهي الصفات و المعايير و الميزات التي تنتمي لدى شباب اليوم ممن لم يعش تلك الحقب التاريخية..
إن محدودية امكانية تفاعل الأحزاب السياسية، وانفتاحها على الطاقات الشابة كرهان لمشروع المستقبل،تجعل من مهمته في الشروط الحالية تتضاعف و تستوجب منه إعادة التفكير الشامل في طرق و أساليب عمله على قاعدة الوعي و الإدراك للحاجيات و الاهتمامات العميقة لعموم الشباب المغربي، وخلق الآليات والسائل الفعالة للتواصل معه في مختلف القطاعات المتواجدة فيها،و على جميع الواجهات(الثقافة،الرياضة، الاعلام....) و ذلك لتأسيس قاعدة بشرية فاعلة سياسيا داخل التنظيمات الحزبية، تؤهله لفرض اختياراته، المستقبلية، وإشراكه في صنع القرار من موقع المسؤولية السياسية.
و على الرغم من إجماع الفرقاء السياسين حول ضرورة تحمل الشباب للمشؤولية داخل الحياة العامة للمجتمع و يشكل صلح فإن ذلك يرجع لما اصبح يتهدد في المجتمع مخاطر اجتماعية وسياسية و بالانفجارات محتملة قد تخل التوازنات داخل المجتمع على مختلف الأصعدة و المستويات. غير أن هذه الدعاوى وإن كانت تتقاطع على مستوى الأسباب و البواعث: فإنها تختلف من حيث الغايات و الأهداف لكل الأطراف السياسية المغربية، و يمكن أن تشير إلى أهم الأسباب التالية:
* محاولة ملء الفراغ السياسي الذي يعيشه قطاع الشباب بسبب الأزمة البنيوية التي تعرفها البلاد، و امتصاص ما خلفته من إحباط و تدمر، و ما تسمح به هذه الاوضاع من إمكانيات كبيرة للجوء إلى التطرف، و الذي وحده تعبيره الصارح في 16 ماي بالدار البيضاء.
* إنقاد ما يسمى بالانتقال الديمقراطي الذي اقترن بالعهد الجديد، و الذي ظل حبيس الاستهلاك الاعلامي و لم يغير أي شيء من الواقع السياسي والاجتماعي، بل رسخ من ثوابت الاستبداد في بنية السلطة السياسية، و الذي قوبل بالعزوف التام والكلي لقطاع كبير من عموم المواطنين. وبالتالي استدعى ذلك إعادة دمجه في اللعبة السياسية، لإعطاء مصداقية للانتقال الديمقراطي، وذلك من خلال تخفيض سن التصويت بالنسبة للشباب، وتشجيعه على العمل السياسي داخل المؤسسات القائمة.....
* الارتكاز على القوة الشبابية كرهان استراتيجي. فبالنسبة للحكم بعمل على تأطير الشباب في مجال سياسي مضبوط القواعد و خاضع في نفس الوقت من التحكم في مجريات الوضع. أما بالنسبة للأحزاب فدعوتها تدخل في إطار إخراج الشباب من واقع اليأس، و إشراكه في الحياةالسياسية .
إن لقنة الحياة السياسية إفساد الحياة العامة وجعل من السياسة مجالا للارتقاء الاجتماعي، ومحاصرةالعمل السياسي الهادف مقابل فسخ المجال للشاط الحربي الموالي للسلطةن و غياب البدائل السياسية الواضحة المرامي، كل هذا وسع من رقعة و دائرة اللامبالاة و العزوف لدى الشباب للانخراط في العمل السياسي.
و إضافة إلى هذه المعيقات السياسية، هناك الوضع العام الذي يعيشه الشباب داخل مجتمع لا يوقر المناخ السليم و الملائم للإمكانيات للاخراط في أي شكل من أشكال العمل المنظم.إن بنية المجتمع المغربي هي بنية شابة، سريعة التحول بشكل مستمر سواء من حيث الحاجيات أو التطلعات و المطامح لكنها مأزمة في نفس الوقت من حيث أنها غير قادرة على توظيف هاته الطاقات الهائلة الكامنة فيها، و إشراكها في القضايا المصيرية المتعلقة بمستقبل الشباب و المجتمع في فس الوقت.
إن الشباب يعاي من التهميش، و الأمية و الجهل، يعاني من البطالة، و انعدام التغطية الصحية و الاجتماعية، يعاني من الكتب السياسي للذين يمارسون في هذا المجال، و يعاني كذلك من غياب الوسائل و الإمكانيات المادية لتوفير التربية الملائمة للحد من ظاهرة العزوفعن الانخراط في الحياةالمجتمعية العامة، فميزانية وزارة الشبيبة و الرياضة لا تمثل إلا 0.16°/° من الميزانية العامة للدولة وقلة مآوي الشباب بحيث نجد كل دار شباب واحدة ل 35000 شاب منخرط، و لا تتعدى التكلفة التربوية لكل شاب منخرط في دار الشباب 5.54 درهما في السنة.
كما أن ميزانية وزارة الثقافة كوزارة مهتمة بشؤون الشباب لا تتجاوز 0.28 من الميزانية العامة إضافة إلى قلة الإمكانيات الذاتية والمحدودة لكل الجمعيات المهتمة .
إن كل هذه العوامل تجعل الشباب غير مؤهل ثقافيا وسياسيا للفعل الإيجابي و الانخراط في حركية المجتمع، حيث المعيقات المادية و الاجتماعية و القانونية و السياسية، و في غياب أية آفاق للخروج م المأزق المجتمعي العام، لا يمكن إلا أن تدفع في اتجاه ترسيخ اليأس و الاحباط، و بالتالي العزوف عن الاتظام داخل الإطاران السياسية و الثقافية و الجمعوية بشكل عاخم.
إن الفراغ الثقافي و السياسي العام، الذي يعيشه الشباب بسبب عزوفه عن الاندماج في الحياة المجتمعية العامة، لا يمكن تجاوزه بالحصول على بطاقة انتماء لجهة ما، سياسية كانت ام جمعوية أو ثقافية، بل في اعتقادي يرتهن ذلك في تظافر جهود كل المكونات المجتمعية الرامية إلى التغيير الديمقراطي الحقيقي ، بتوفير مناخ و محيط سوسيو ثقافي سليم أو تجديد و تطوير المؤسسات و المنظمات الشبابي ليتمكن من خلا لها الشباب من اثبات ذاته،وتفجير قدراته الخالقة.

عن مدونة الرفيق عبد المومن الشباري 
https://chbari.skyrock.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *