جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

مغاربة فقدوا حياتهم من أجل التغيير ومن أجل غد أفضل/مقاومة المستعمر/

مغاربة فقدوا حياتهم من أجل التغيير
ومن أجل غد أفضل
تقديم:

إن أغلب المقاومين والأغلبية الساحقة لفئات الشعب المغربي تملكتهم الصدمة والشعور بالاحباط والقهر والغربة في بلدهم الذي ناضلوا وضحوا بالغالي والنفيس لإنعتاقه من بؤرة الاستعمار واستقلاله. لأنهم سرعان ما عاينوا أن لا صوت لهم ولا اعتبار بل أصبحوا طريدة للأجهزة الأمنية العلنية منها والسرية واضطهد أولادهم وعائلاتهم وذووهم. وانتشر الاحباط إلى درجة ان هؤلاء المناضلين بدؤوا يفكرون في طريق للخروج من العتمة التي أسقط فيها المغرب ليعيش في ظروف أنكى وأقسى من ظروف أنكى وأقسى من ظروف الإستعمار الفرنسي أو الاسباني.
واعتباراً للقمع والتسلط والاستبداد والرعب وإرهاب الدولة أضحى الكثير من المغاربة يرون في الاستقلال نقمة ويعتبرون أن البلاد عرفت تقهقراً ملحوظاً مقارنة بالماضي.
لذلك فإن النضال أو الكفاح أو المقاومة، كل ذلك ظل ولازال دائماً عملاً مشروعاً مادام هناك طغيان، سواء كان هذا الطغيان أجنبياً أو محلياً. وتضحية المناضلين والمكافحين والمقاومين من أجل قضية عادلة هي التي تعطي المعنى العميق للحياة والوجود والحرية والكرامة الانسانية.
فعلى امتداد عقود عاش المغاربة في نفق مظلم قوامه السجون والمعتقلات السرية والاختطافات والتعذيب والموت البطيء والاغتيالات والقتل والدفن قي أماكن سرية والاغتصاب والقهر الجسدي والقمع المادي والمعنوي والاهانة والدوس على الكرامة الانسانية والصفة الآدمية.
وقد أدى الشعب المغربي الثمن فادحاً في الغلاء بأرواح أبنائه سواء على امتداد مرحلة الحماية والاستعمار أو في سبيل الخبز ومن أجل الحرية وحقوق الانسان والديمقراطية بعد الاستقلال في وقت كانت كمشة تراكم الثروات الفاحشة بدون موجب شرع ولا قانون على حساب أكثر من سبعة ملايين من أبناء هذا الوطن يعانون من وطأة الفقر المدقع.
وإذا كانت حصيلة الشهداء من أجل التغيير وغد أفضل ثقيلة وثقيلة جداً، فلا زال المغاربة ينتظرون هذا التغيير وهذا الغد الأفضل وقد طال انتظارهم.
وإذا كان لابد من الإقرار بحصيلة فإن المعطيات المتوفرة لازالت غير كافية بما يساعد على طرح حصيلة كاملة.
وقصد الاقتراب من الصورة يمكن الاكتفاء ببعض المعطيات التي أضحت واضحة للجميع ولا جدال فيها، ومن ضمنها الشهداء من أجل الاستقلال والاعدامات التي عرفها المغرب في عهد الاستقلال، وشهداء المظاهرات في ستينات وسبعينات وثمانيات القرن الماضي وشهداء المعتقلات السرية ومخافر الشرطة.
إنه لا مناص من جرد الحصيلة حتى نتعرف على الثمن الغالي الذي أداه الشعب المغربي من أجل التغيير وغد أفضل

مقاومة المستعمر

إذا كان من المستحيل ذكر جميع المناضلين والشهداء الذين سقطوا من أجل التغيير وغد أفضل باعتبار أنّه عمل جبّار يستدعي مجهودات أكثر من فرد واحد مهما كانت عزيمته في انجاز هذا العمل الذي يعتبرواجباً اعترافا للجميل لهؤلاء، فإن هذا لا يمنع من ذكر بعضهم على أساس التفكير في تجميع كل الأسماء في مؤلف يمكن انجازه بفضل تعاون جهود الراغبين في تكريس هذا الشكل من أشكال الاعتراف بالجميل لأناس فقدوا حياتهم من أجل التغيير وغد أفضل بغض النظر عن قناعاتهم الايديولوجية وألوانهم السياسية وأوساطهم.
ففي بداية 1950 بدأت تظهر أعمال فردية استهدفت المصالح الاقتصادية الاستعمارية. وفي 12دجنبر 1950 شهد مجلس شورى الحكومة مشادة كلامية بين أعضاء المجلس الوطنيين والجنرال جوان المقيم العام آنذاك. على إثر ذلك أقدم هذا الأخير على طرد محمد الغزاوي وتبعه باقي الأعضاء تضامنا معه. وازدادت الوضعية تأزماً في فبراير1951حينما جنّد الجنرال جوان عشرة آلاف من فرسان القبائل الذين هددوا بإحتلال القصر. آنذاك ظهر نجم فلاح ثائر من جبال الأطلس، حمل سلاحه وأخذ في تصويبه نحو المعمرين الغاصبين. وهكذا أردى قتيلاً أندري سوفينيون والزوجان جويت وغيرهم. وبدأت الصحف والإذاعة تتحدث عن "سفاح تادلا" وتجند الجيش الفرنسي للبحث عنه وخصص مليون فرنك آنذاك لمن يلقي القبض عليه.
وبعد أسبوع من المطاردة لجأ الحنصالي إلى أحد البيوت بحثاً عن الطعام. وبعد ضيافته استغفله أهل الدار فأوتقوه وسلموه للسلطات الاستعمارية. وبعد شهرين من اعتقاله نفذ في حقه بمعية صديقه محمد سميحه حكم الإعدام.
وعلى إثر الأحداث والمظاهرات والغليان الذي عاشه المغرب فيما بين 1953 و1954 حاولت البورجوازية الكبيرة الفرنسية الضغط على الحكومة الفرنسية لتغيير سياستها المتشددة وتهييء الشروط  للاعتراف باستقلال شكلي للمغرب في إطار تبعية اقتصادية وسياسية وثقافية محكمة. إلا أن تحالف البورجوازية الصغيرة الفرنسية( تجار صغار، موظفون، معمرون، العسكر) لإفشال أية من شأنها تهديد مصالحهم باعتبار أن المغرب في اعتقادها مغرب فرنسي. وقد اهتمت جملة من كتابات بول باسكون بهذه الاشكالية.
وفي 8 يناير 1953 توغل 3 مغاربة في قاعدة النواصر الأمريكية لمحاولة الاستيلاء على أسلحة، لكن الأمر انكشف وأطلق عليهم الجنود الأمريكيون النار وقتلوا عبد القادر بن الكعطي وأصابوا محمد بن محمد وتمكن الثالث من الفرار.
وفي 15 غشت 1953 تظاهر حوالي ثمانمئة مغربي أمام القصر الملكي في المشور بمراكش للتنديد بالمؤامرة ضد الملك محمد الخامس ثم توجهوا إلى ساحة جامع الفنا، وانضم المظاهرة المئات من المواطنين ليعود المتظاهرون بأعداد أكبر إلى القصر الملكي.
وخلال هذه المظاهرة تناول الكلمة محمد البقال مخاطباً الجماهير، وتعرف عليه الجواسيس وألقي القبض ونفذ في حقه حكم الإعدام في أبريل 1954. وبمجرد ما أطلت الأفول الأولى من المظاهرة على ساحة المشرف أطلقت عليهم قوات الاحتلال الرصاص وخلف المتظاهرين وقف عدد من فقراء البوادي جندهم الكلاوي بهراواتهم للانقضاض عليهم. وسقط عشرات القتلى والجرحى، وكانت ضمنهم الشهيدة فاطمة الزهراء وكانت حاملا.
وعلى إثر الأحداث ثم اعتقال جملة من المقاومين وصدر حكماً بالاعدام في حق حمان بن العربي ورحال بن أحمد ومولاي علي بن العربي، ونفذ الحكم في مايو 1955 بسجن العادر.
وشهدت وجدة في 16 غشت 1953 مظاهرة دامية للتنديد بالمؤامرة الاستعمارية ضد الملك. ومنذ الانطلاقة شرع المتظاهرون في تحطيم واجهات المتاجر الفرنسية وإشعال الحرائق في السيارات والهجوم على الخونة والعملاء. وتدخل الجيش الفرنسي بالدبابات والمدافع الرشاشة، وسقط مئات الشهداء من المدنيين، وقد قدّر المحامي الاستاذ شارل لوكران عددهم بألف شهيد. كما أقر رئيس الناحية برونيل بإطلاق أكثر من 6000 رصاصة على المتظاهرين العزل.
وتلت المظاهرات اعتقالات واسعة، وتعرض المعتقلون لمختلف أصناف التعذيب ومات عدد منهم، إذ فقد 14 معتقلا حياتهم في زنازن المستعمر.
وفي شهر غشت اعتقلت الشرطة بمدينة سلا في مظاهرة لطالبات المدارس الطالبة الكبيرة وماتت تحت التعذيب في مخفر الشرطة ودفنت سراً. واعتقل الداودي سعيد ونقل إلى سجن بويزكارن وقتل هناك تحت التعذيب. وفي وجدة استشهد الديب محمد بن عبد القادر على يد الجلادين وكذلك بوعلام الموساوي، ومات محمد بن الحسن المراكشي تحت تأثير الصعق بالكهرباء. واستشهد ضيفاً لدى الشرطة إدريس بن البكاي وأحمد بن مسعود والحسن الوكيلي وحسن بن مصطفى بن ادريس وحميدة لكرار والمكنوشي بومدين وأحمد المكراري.
وبالدار البيضاء استشهد عبد الرحمان السرغيني تحت التعذيب، وبالحاجب استشهد امزيان محمد وبشيشاوة علي بركاتو وعمر بن الزي وبفاس محمد بن عدادة والتغزوتي أحمد بن اليزيد وبخنيفرة عزمي بن الحبيب والتيجاني بن مولاي مصطفى وبسيدي قاسم التدلاوي ادريس بن عبد القادر وبالدار البيضاء جودار محمد بن عبد الله وبمراكش المحجوب بن محمد وبخريبكة العربي بن حمادي وبواد زم ادريس بن داوود وعلي بن الجيلالي وأحمد بن بوعزة وبوعبيد بن حدو وبمدينة الجديدة حسن السكتاني وبالدارالبيضاء غالي أحمد بن محمد والشيباني عبد الله وبايموزار محمد بن الحاج وسعيد بوجمعة وبمراكش عمر بن العربي وأوغدوجان محمد وبتازة عبد السلام بن محمد وبالدارالبيضاء بوشعيب بن الحسن وبتاونات العسري بن أحمد والزاهر الحداد وبسيدي بنور بليجي مبارك وببركان زغراوي محمد والخميسات محمد بن لحسن بن عقة وبآيات باعمران الشيخ سعيد بن الحسين وببني يزناسن بنعودة محمد بن العربي وبالساقية الحمراء محمد سالم بيدا.
وفي عام 1953 كان حسن الصغير منهمكا بمطبعة في نسخ مناشير مرصودة للتوزيع. داهمت الشرطة المطبعة وتمكن حسن الصغير من تجرع قرص السم وكان من أوائل الفدائيين المنتحرين. أما العربي الشيظمي، فقد ألقي عليه القبض بمراكش وآنذاك كان تلميذاً بمدرسة "الحياة" الحرّه وهو يوزع مناشير. واستطاع أن يصمد في وجه الجلادين ولم يفصح عن مصدر المنشور إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة تحت التعذيب على يد زبانية الباشا الكلاوي.
وفي نفس السنة، يوم 15 غشت 1953 انفجرت مظاهرات بالمدينة القديمة ودرب السلطان بالدارالبيضاء سقط خلالها ثمانية قتلى وعشرون جريح.
كما حدثت بمراكش ووجدة أحداث خطيرة أدت إلى استشهاد عشرات المغاربة بطلقات البنادق الرشاشة وقدائف المدفعية.
ولعل أبرز حدث في سنة 1953، كان يوم الجمعة 11 شتنبر عندما تسلح علال بن الله  بخنجر وامتطى سيارته ثم توجه إلى القصر بالرباط. هناك انتظر بالقرب من مسجد أهل فاس. وعندما ظهر بن عرفة ممتطياً جواده دهسه بسيارته وحاول الإجهاز عليه إلا أن الحرس اعترضوا طريقه وتمكن الشرطي محمد بن الهواري (جزائري الأصل) من إطلاق النار عليه وأصابه بست رصاصات مميتة.
وفي أكتوبر 1953 اتفق الصديقان محمد بن المكي ومحمد بن الحسن على مواجهة الاستعمار بطريقتهما باستعمال السلاح الأبيض لعدم توفرها على سلاح ناري. كانا يهجمان على عناصر الشرطة. وفي أحد الأيام هاجم بن الحسن بمفرده شرطياً فرنسياً وقبل مداهمته تدخل شرطي آخر وأطلق عليه النار فأراده قتيلا. ورغم ذلك ظل بن المكي يحمل خنجره كل مساء ويتصيد رجال الشرطة.
وبعد عدّة عمليات ألقي عليه القبض بنقطة تفتيش، حيث ضبطت الشرطة بحوزته الخنجر وقناعاً أسود. حوكم وصدر في حقه الإعدام وعمره لا يتجاوز تسعة عشرربيعاً. ونفذ الحكم بسجن العادر يوم 9 دجنبر1955.
وكان الحسين بن أحمد (طوطو) يشتغل في معمل السكر "كوزيمار" بالدارالبيضاء. حصل على مسدس من أحد معارفه واتصل بمجموعة من الكادحين وأسسوا جماعة اليد السوداء وكانت مهمتها القضاء على الجواسيس، وفي 27 أكتوبر 1953 أطلق النار على أحد أعوان الإدارة المتسلطين فأرداه قتيلاً. تعرف عليه أحد العمال وأبلغ عنه . ألقي عليه القبض في 20 نوفمبر 1953 وحوكم بالإعدام ونفذ يوم 18 دجنبر 1954 بسجن العادر.
في 4 يناير 1954 نفذ حكم الإعدام في أحمد الراشدي الذي رفض أن تعصب عينه إذ قال " اتركوني أرى سماء وطني للمرة الأخيرة"، وكذلك أعدم مولاي الطاهر   
الطاهر بن عبد الكريم.
وفي صبيحة 27 فبراير 1954 سيق عبد اللطيف بن قدور وحسن بن يدر إلى عمود الإعدام في ثكنة العنق بالدارالبيضاء وأطلقت عليهما كوكبة الجنود الرصاص ودفنتهما الإدارة الفرنسية في مقبرة النصارى ببن امسيك وبعد الاستقلال نقل جثمانيهما إلى مقبرة الشهداء.
وفي نفس السنة صدر حكم الإعدام في حق محمد منصور وبلعيد بن أحمد بن عدي، وعبد الله الحسن وحسن العرايشي وبوشعيب بن علي الغندور وعبد القادر عسو في ملف نازلة افجار السوق المركزي.
وفي 5 مارس 1954 قرر المقاوم أحمد بن علي أقلا الهجوم على السلطان المزور بن عرفة بالمسجد بمراكش. ألقى قنبلة في مقصورة السلطان بمسجد بريمة رغم الحراسة المشددة.
وبعد ذلك غير مكان جلوسه إلا أن جاره أخبر الحراس بالنازلة ووشى به، فألقي عليه القبض تواً. وفي غفلة من الحراس تناول قرص السم. وما أن أخرجوه إلى الساحة المحيطة بالمسجد كان الشهيد فاقداً للوعي، وما كان من الباشا الكلاوي إلاّ أن شهر سلاحه فأطلق عليه رصاصتين. وكان الشهيد طالباً بكلية بن يوسف، انخرط في جماعة حمان الفطواكي.
وفي فاس وبعد أن راجت أخبار في شهر يوليو سنة 1954 بأن محمد الخامس على وشك العودة من منفاه تجمعت الجماهير بالشوارع إلاّ أن القوات الفرنسية أطلقت عليهم النار واستشهد خمسة مغاربة. وفي اليوم الموالي خرج طلبة المدينة في مظاهرة صاخبة تصدت لها فرق اللفيف الأجنبي بإطلاق واستشهد الكثير من المتظاهرين.
وفي فاتح غشت 1954 رفض بعض التجار المغاربة إغلاق متاجرهم امتثالاً للإضراب العام، فاشتبك معهم بعض المتظاهرين وتدخلت الشرطة الفرنسية لحمايتهم وقتلت خمسة من المتظاهرين وجرح أكثر من عشرين.
وبسيدي قاسم اندلعت يوم 3 غشت 1954 مظاهرات استشهد خلالها 11 مغربياً. ويوم 4 غشت 1954 انطلقت مظاهرة بمدينة القنيطرة وتدخلت القوات الاستعمارية وأسقطت في الشوارع أكثر من 130 شهيداً من أبناء المدينة. وتلتها انتفاضات 7 و8 و9 غشت 1954 سقط خلالها مئات الشهداء نذكر منهم: فضيل بن علي(30 سنة) ومحمد بن أحمد بن الفقيه(22 سنة) ومنانة بنت الجيلالي(40 سنة) وميلودة رضيعة منانة وحجاج بن داوود(45 سنة) وبوشعيب بن أحمد(50 سنة) وطفل عمره 12 سنة وبوغابة بن بريك(15 سنة) وقاسم بن محمد(30 سنة) ومحمد بن بوشعيب(19 سنة) وأحمد بن بنعيسى(40 سنة) والهاشمي بن علال(28 سنة) وبواب عبد السلام بن الجيلالي(38 سنة) وعبد الرحمان بن الجيلالي(18 سنة). علماً أن الكثير من الأسر اخفت جثت موتاها خوفاً من بطش السلطة الاستعمارية.
وفي 15 نوفمبر1954 ألقي القبض على محمد لخضير الداودي بمدينة فاس، واستغفل رجال السلطة فألقى بنفسه من مكان عال في إدارة الأمن. وقد كان بوجدة وعندما انكشف أمره نقلته "المنظمة السرية" إلى فاس حيث شارك أمره في عدّة عمليات فدائية.
وفي مراكش وبعد محاكمة شكلية استغرقت يومين فقط أصدر القاضي الفرنسي حكم الإعدام في ثمانية شبان نفذ في ثلاثة منهم وهم محمد البقال وعلي بن الطاهر والعربي باعدي ليكونوا عبرة للآخرين.
وبمدينة سلا، خرجت مظاهرة سلمية تتكون من النساء والاطفال للتنديد بالتعنث الاستعماري فقابلتها القوات الاستعمارية بالرصاص والنار وسقط في الشوارع أربع نساء وطفل.
وفي وجدة قام محمد التهامي البرحيلي بتوجيه طعنة إلى عنق الباشا الحجوي الذي كان معروفاً بقساوته، وتدخل الحراس وانهالوا عليه بالهراوات حتى استشهد.
وفي هذه الفترة، أثناء تركيب قنبلة من طرف أعضاء من منظمة "اليد السوداء" لوضعها في مقر الجريدة الفرنسية انفجرت وقتلت ثلاثة مقاومين.
ويوم 4 يناير1955 نفذ حكم الإعدام بسجن العادر في محمد بن الراضي السلاوي ومحمد بن أحمد الحياني وعبد العالي بن محمد شقرون وعبد العزيز بن إدريس بنشقرون.
وعلى إثر هجوم ضد أحد العملاء في رأس العين في 8 يناير1955 طاردت قوّات الدرك رحال المسكيني والعربي بن الجيلالي السوادي. ألقي القبض على رحال بينما أفرغ العربي الجيلالي السوادي في رأسه آخر رصاصة متبقية في جعبة مسدسه.
وفي يوليو 1955 ، أيام عيد الأضحى، خرج المغاربة في مظاهرات في عدّة مدن وبعض البوادي، امتدت على طول شهر غشت. وبمراكش نرد الشباب بزيارة المقيم العام كرانفال للمدينة وهتفوا بحياة الملك محمد الخامس وتكاثر عدد المتظاهرين وكعادتها واجهتهم القوات الفرنسية بالرصاص وسقط 6 شهداء وأصيب العديدون بجروح.
وبالدارالبيضاء انطلقت مظاهرة من المعرض الدولي في اتجاه وسط المدينة. وكان يتقدمها مقاومون يحملون مسدسات وقنابل يدوية. وقع تبادل إطلاق النار بينهم وبين القوات الفرنسية وأدى ذلك إلى استشهاد أكثر من ستين مغربياً برصاص المستعمر. ولولا تدخل قوات "الكوم" واستخدام المدافع الرشاشة وأمطار الرصاص الكثيفة على المتظاهرين لقضى هؤلاء على قوات الدرك الفرنسي.
وقدر عدد الشهداء بعد تدخل "الكوم" بأكثر من 120 شهيد، وهذا برأي الكاتب الفرنسي "كراندفال" وكذلك بشهادة المقيم العام الفرنسي، في حين أن الصحافة الاستعمارية أو تلك الموالية للاستعمار لم تشر إلا إلى 55 قتيلاً مغربياً.
وفي 18 يوليو1955 ، عندما إلتقى المقاوم عبد النبي- عضو الجماعة الاحتياطية التي أسسها حمان الفطواكي بمراكش- صدفة بمفتش شرطة سري وأراد القضاء عليه فأخطأه. وفيما كان يجري هاربا شاهراً مسدسه إذا بحارس يصوب بندقيته نحوه ويرديه قتيلاً.
وبخنيفرة، في غشت 1955 ، خرج السكان في مظاهرة صاخبة واجهها الاستعمار بتدخل الطيران الحربي لقصف المتظاهرين، كما أطلق المدفعية الفرنسية نيرانها عليهم وسقط عشرات القتلى والجرحى.
وفي نفس شهر غشت اندلعت مظاهرة بالدارالبيضاء حيث انطلقت من مختلف الأحياء الشعبية واتجهت نحو الحي الأوروبي، فواجهتها القوات الاستعمارية بالدبابات والنيران وسقط على إثر ذلك أكثر من 30 شهيداً من المغاربة العزل من السلاح.
وفي ذات الشهر نفد حكم الإعدام في حق عبد الله الشفشاوي وعلال الودي بسجن العادر(يوم 2 غشت 1955).
ويوم 15 غشت 1955 دعت المنظمة الإرهابية الفرنسية(ODAT) الأوروبيين للإنتقام من المغاربة. فانفجرت أحداث دامية وسقط عدد كبير من المغاربة دون تمييز بين الأطفال والنساء والرجال ثم الإعلان عن منع التجول.
وفي أكتوبر1955 أثناء معركة سيدي معروف بالدارالبيضاء استشهد محمد الحداوي والحاج المزابي في مواجهة القوات الفرنسية.
وفي نفس الفترة أصيب جلطي حميدة بوجدة برصاصة ولكي لا يقع في الأسر شنق نفسه بحبل في شجرة. وبناحية الدارالبيضاء، أحرق عمر بن محمد ضيعات المعمرين وبعد اعتقاله شنق نفسه في الزنزانة. وبعد اتهامه بإضرام النار في مزارع المعمرين بناحية الحاجب شنق موحى أوصالح نفسه وهو رهن الإعتقال، وكذلك فعل الوهابي علي بالزيايدة بعد إلقاء القبض عليه.
وبالدارالبيضاء ألقي القبض على حسن السكتاني وأبدى صموداً رائعاً أثناء الاستنطاق ومات تحت التعذيب بمخفر الشرطة بالمعاريف.
وعل إثر جملة من القرارات التعسفية والإستفزازية انتفض سجناء الدارالبيضاء وأطلقت قوات الاستعمار النار   عليهم واستشهد الحافظي بناني من فاس وابن اسماعيل خليفة من سيدي بنور.
كما تعرض المقاومون الفارون من سجن خريبكة سنة 1955 إلى الابادة الجماعية، ومن ضمنهم علال بن الحاج المهدي ومزار بوجمعة وإدريس بن علي وزروقي العربي وأحمد بن قدور.
ومن بين الفارين من السجن المركزي بالقنيطرة سنة 1955 ، خرج السكان لمباركة الزيارة باعتبارها تسير في اتجاه التبشير بحل سلمي للقضية المغربية، إلاّ أن القوات الإستعمارية واجهتهم بالرصاص لعرقلة هذا المسار، وسقط 17 شهيداً.
وفي نفس السنة عرفت مدينة أبي الجعد مظاهرة واجهتها القوات الفرنسية بالنار وسقط 6 مغاربة.
وبواد زم- التي كان يقطنها أكثر من 800 معمر فرنسي- انفجرت مظاهرة عنيفة كان أبطالها أعضاء قبيلة السماعلة، وكعادتها واجهتها القوات الاستعمارية بالرصاص والنار وأدى ذلك إلى سقوط ما يناهز 300 شهيد. كما تم اعتقال عدد كبير من الفلاحين وأعدم جملة منهم في الساحات العامة بدون محاكمة. وحسب الاحصائيات التي كشفت عنها الصحف الفرنسية آنذاك، فقد تجاوز عدد قتلى خريبكة وواد زم وخنيفرة 700 شهيد، في حين قدرت الجرائد الوطنية عدد الشهداء بالآلاف. وهذا ما أكده كذلك "بيير جولي" في مؤلفه "جمهورية الملك" الصادر سنة 1974 عن دار فيار.
واعتباراً لكل هذه التضحيات ومع الإعلان على الإستقلال سنة 1956 أضحى الشعب المغربي يتطلع إلى العدل والمساواة والتخلص من الذل والظلم والحرمان والمعاناة. لكن الرياح هبت في اتجاه عكس ما كان هذا الشعب ينتظره بالرغم من سقوط آلاف المغاربة الذين فقدوا حياتهم من أجل التغيير وغد أفضل. وسرعان ما انكشفت بعض معالم المناورات الدنيئة التي رسمها الإستعمار الجديد وخطط لها واعتمد في تنفيذها على عملائه الظاهرين والمستترين.







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *