على هامش اعتراف ماكرون"بمسؤولية" فرنسا في مقتل موريس أودان/الاخوة العشعاشي قتلة المهدي بنبركة
رحيل العشعاشي.. “أول ضابط” استخبارات مدني في عهد الحسن الثاني و “آخر شاهد” على مقتل بنبركة
الكاتب : عبد الإله سخير
الثلاثاء 26 سبتمبر 2017 |
بعد مرور 15 سنة من وفاة محمد العشعاشي الذي ارتبط اسمه بأول جهاز استخباراتي مدني عرفه مغرب ما بعد الاستقلال، غيب الموت الجمعة الماضي شقيقه عبد الحق الذي ارتبط اسمه باختفاء زعيم الحركة الاتحادية المهدي بنبركة، الذي مازالت وفاته لغزا يتأرجح بين الرباط وباريس.
عبد الحق العشعاشي أحد ضباط الكاب 1 الذي نسب إليه عميل الجهاز السابق احمد البخاري، إشرافه الشخصي على عملية تصفية المهدي بنبركة، وافته المنية في صمت، كما كان يشتغل في صمت، عندما كان اسم الجهاز الذي ينتسب إليه في فترة الستينات من القرن الماضي، وحده يثير الذعر في نفوس معارضي نظام الراحل الحسن الثاني.
شاءت الأقدار أن يتم نعي عبد الحق العشعاشي، من قبل موقع الكتروني عربي، مثل ما وقع سنة 2002 عندما تم نعي شقيقه من قبل صحيفة الحياة اللندنية، التي كتبت “قبل أن يرحل العشعاشي عرض الفيلا التي يسكنها للبيع، كما لو أنه يريد التخلص من شيء ما. قال لأصدقائه إنه اضطر لذلك بسبب فاتورة المياه المرتفعة، وأوضح انه حاول حفر أكثر من بئر ولم يعثر على ماء. وحدها الفيلا كانت من دون بئر”.
بحسب صلاح الوديع أحد أعضاء اللجنة المصغرة التي شكلها المنتدى المغربي من اجل الحقيقة والإنصاف في عهد رئيسه الأسبق الراحل إدريس بنزكري، للاستماع إلى ضباط الكاب 1 الذين وردت أسمائهم من قبل ضحايا ما عرف بسنوات الرصاص، فانه لم يكن المهدي بنبركة وحده الذي تم تعذيبه بشكل فظيع على يدي الأخوين العشعاشي، فحتى زميل المهدي في الحزب الراحل عمر بنجلون عانى هو الاخر من الجهاز، قبل أن يتم الإجهاز عليه من قبل أحد عناصر الشبيبة الاسلامية المنحلة.
وأوضح الوديع في حديث مع الجريدة 24، أن آخر الأخوين العشعاشي، الذي رحل الجمعة ورحل معه سر اول جهاز استخباراتي مدني عرفه المغرب الحديث، لم يراعي في الراحل بنجلون كونه ينحذر من مدينة وجدة مسقط راسه، حيث حرص على ان يضم للجهاز الذي يشتغل به عناصر من أبناء منطقته.
وتبقى الوثيقة الوحيدة المكتوبة التي تتحدث عن هذا الجهاز هي ما خطه عميل الاستخبارات الأسبق احمد البخاري في كتابه السر المثير للجدل.
ويشير محمد شقير الباحث في الشؤون العسكرية، الى ان جهاز الكاب 1 ورثه المغرب عن فرنسا في عهد الجنرال اوفقير، وأسندت مهمة تطويره لخبير أمريكي الذي ساهم في عملية هيكلته وتحديد مهامه بالضبط، سواء من خلال عمليات مكافحة التجسس والمراقبة، ووضع ملفات المعارضة.
ويكشف شقير في تصريح ل” الجريدة24″، ان مهمة جهاز الكاب 1 الذي تم حله وعوضه جهاز الديستي بداية السبعينات، تمثلت في البداية في اجراء جرد لاهم المعارضين للنظام، وايضا لعناصر المقاومة ممن رفضوا الالتحاق بباقي الأجهزة النظامية، حيث تولى الجهاز تصنيفهم إلى عناصر قابل للتدجين واعادة الادماج واخرى يصعب التعامل معها، وبالتالي يجب التخلص منها بأية وسيلة.
وبحسب شقير فان جهاز الكاب1 واجه مشكلة قانونية ، فهو لم يكن تابعا لأي مؤسسة من مؤسسات الدولة الرسمية، فحتى إدارة الأمن الوطني التابعة لوزارة الداخلية لم تكن لها أي سلطة على هذا الجهاز.
والأخطر من ذلك يضيف شقير الى ان هذا الجهاز الذي كلف بالقيام بعمليات سرية وقذرة في بعض الأحيان، كان يتوفر على أماكن احتجاز سرية، لم تكن الحكومات المتعاقبة تعرف أي شيء عنها.
وقد تزامن انشاء هذا الجهاز في وقت ذروة الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي، حيث كانت مختلف الأجهزة الاستخباراتية الدولية عربية وغربية تحاول استقطاب عناصر جيش التحرير ممن رفضوا الانضمام للجيش المغربي النظامي.
ويشير الخبير في الشؤون العسكرية الى كون عدم توفر الجهاز على اطار قانوني هو ما عجل بالتخلص منه بداية السبعينات وتعويضه بجهاز مراقبة التراب الوطني الذي حدد ظهير إنشائه المؤسسة الامنية التابع لها والمتمثلة في الإدارة العامة للأمن الوطني التابعة لوزارة الداخلية.
وعن مصير الضباط الذي اشتغلوا في الجهاز، فقد تمت إحالة العديد منهم للتقاعد فيما أبقي على البعض ممن لم تتلطخ أيديهم في قضايا تصفية معارضين، اما الأسماء التي طفت الى السطح كما هو الحال بالنسبة للأخوين العشعاشي، فان شهادات ضحايا ما عرف بسنوات الرصاص كانت كافية، لتخفيهم عن الأنظار، وتحول دون نعيهم في وسائل الإعلام الرسمية.
المصدر
وفاة العشعاشي.. مسؤول المخابرات المغربية يغادر في “صمت
في صمت وبعيدا عن الأًضواء، وعن عمر يناهز 88 عاما، توفي بالرباط الجمعة الماضي، عبد الحق العشعاشي، أحد مسؤولي المخابرات المغربية، الذي تردد اسمه كثيرا في قضية اختطاف واختفاء المهدي بنبركة.
وفاة العشعاشي.. مسؤول المخابرات المغربية يغادر في “صمت”
كان عبد الحق العشعاشي إلى جانب أخيه محمد العشعاشي، المنحدرين من مدينة وجدة، من مؤسسي جهاز المخابرات الكاب1 في بداية الستينات. محمد العشعاشي توفي سنة 2003، بعدما كان رئيسا لـ”شعبة مكافحة التخريب” في الجهاز، في حين كان عبد الحق أحد مسؤولي الجهاز.
منذ اختطاف المهدي بنبركة سنة 1965، كان اسم ميلود التونزي، الملقب بـ”العربي الشتوكي”، هو الذي يتردد كثيرا في التحقيقات، وهو عميل في جهاز المخابرات كاب1، لكن التصريحات التي أدلى بها عميل المخابرات السابق أحمد البخاري منذ سنة 2001، ستكشف أن الأخوين العشعاشي كان لهما دور في موضوع اختطاف واختفاء بنبركة.
قال البخاري في تصريحاته إن التونزي اشتغل تحت إمرة محمد العشعاشي، الذي اعتبره “الرأس المدبر” لعملية اختطاف بنبركة، وأن التونزي اتصل هاتفيا بالعشعاشي ليبلغه بأن عملية اختطاف بنبركة بمساعدة عناصر أمن فرنسية ومرتزقة تمت بنجاح، بل إن البخاري أكد أن الأخوين العشعاشي حضرا إلى الفيلا التي قتل فيها بنبركة في باريس.
حسب شهادة البخاري، فإن بنبركة لقي حتفه في الساعة الـ3 من فجر يوم السبت 30 أكتوبر 1965، في إحدى الفيلات في فونتناي ـ لو فيكونت بالقرب من باريس. بعدها “تم نقل جثته إلى الرباط ليتم تذويبها في مادة أسيد”.
البخاري يقول إن الأخوين العشعاشي كانا حاضرين في هذه الفيلا التي أعدها جورج بوسيش، أحد المرتزقة الفرنسيين الذين اختطفوا المهدي. أكثر من هذا يشير البخاري إلى أنه كان مداوما في مكتب الهاتف في كاب1، في تلك الليلة عندما تلقى اتصالا من العشعاشي من باريس، يطلب منه أن يبلغ الجنرال أوفقير أن العملية ضد المهدي تمت بنجاح.
هذه الشهادة المثيرة دفعت موريس بوتان، محامي عائلة المهدي بنبركة، ليطلب من القاضي الفرنسي، بارلوس، الاستماع إلى شهادة البخاري في هذا الملف، وفعلا تمت إنابة قضائية، وتولى قاضي مغربي الاستماع إلى شهادة البخاري، لكن هذا الأخير، حسبما قال المحامي عبد الرحيم الجامعي لـ”أخبار اليوم”، شك في إمكانية تحريف شهادته، فقرر كتابة شهادة وإرسالها إلى القاضي الفرنسي عبر البريد.
فيما بعد تقرر أن يسافر البخاري إلى باريس للإدلاء بشهادته أمام القضاء الفرنسي، حول دور الأخوين العشعاشي، لكن سلطات الدار البيضاء رفضت منح جواز سفر للبخاري، ما دفع المحامي الجامعي إلى مقاضاة والي الدار البيضاء آنذاك إدريس بنهمية، وربح القضية واستخرج الجواز، لكن يقول الجامعي: “حصلنا على الفيزا وعلى تذكرة الطائرة، لكنني فوجئت في آخر لحظة برفض البخاري السفر معي إلى باريس للإدلاء بشهادته، بدعوى أنه يريد ضمانات حتى لا يمسه سوء”.
ويتذكر الجامعي أن محامين اتحاديين وضعوا شكاية ضد العشعاشي بعد شهادة البخاري، وتولى القاضي الذي تم تكليفه بالملف، إحالتها على النيابة العامة، لكن الملف تم طيه.
في سنة 2007، سيحصل تطور جديد، بعدما أصدر القاضي الفرنسي باتريك رماييل، الذي تولى التحقيق في قضية بنبركة، إنابة قضائية من أجل الاستماع إلى عدد من المسؤولين المغاربة، منهم عبد الحق العشعاشي.
كان حينها الاتحادي الراحل محمد بوزوبع هو وزير العدل، ومع ذلك لم تستجب السلطات المغربية للطلب، بل تم ترحيل القاضي الفرنسي من مطار محمد الخامس، بدعوى أنه أخفى هويته عند دخوله للتراب المغربي.
العشعاشي لجأ للدفاع عن نفسه بعد صدور الاتهامات ضده، فكلف محامي القصر السابق ووزير العدل الراحل محمد الناصري، برفع دعوى قضائية ضد أحمد البخاري واتهمه بالقذف. أدلى دفاع العشعاشي بوثيقة يبرز فيها بأن البخاري كان موقوفا عن العمل في إطار عقوبة تأديبية خلال الفترة التي يقول إنه كان يشتغل “عامل هاتف” في جهاز كاب1، لكن دفاع البخاري، ممثلا في النقيب عبد الرحيم الجامعي، اعتبر أن الوثيقة “مزورة”، لكن المحكمة قضت في النهاية ضد البخاري.
وخلال تحقيقات هيئة الإنصاف والمصالحة، تركز الاهتمام على شخصية ميلود التونزي، الذي تردد اسمه في التحقيقات، تحت اسم “العربي الشتوكي”. كان التونزي أحد رجال العشعاشي، وقد استمعت إليه الهيئة لمدة 3 ساعات، بحضور ياسين المنصوري، مدير عام لادجيد، وحسب ما جاء في كتاب “كذلك كان”، لمؤلفيه شوقي بنيوب وعباش بودرقة، فإن الاختراق الأساسي الذي تم خلال هذا الاستجواب، هو اعتراف التونزي بأنه كان يسافر بجواز سفر مغربي تحت اسم “العربي الشتوكي”، ويعلق صاحبا الكتاب بالقول “كم كانت هذه الحقيقة مهمة، لأن هذا الاعتراف يؤكد في حد ذاته ولو لوحده، صدقية الوثائق المتوفرة التي تحمل اسم العربي الشتوكي”. لكن لماذا لم تستمع هيئة الإنصاف والمصالحة للعشعاشي؟
يقول عباس بودرقة، أحد مسؤولي الهيئة، لـ”أخبار اليوم”، إن “العشعاشي كان شخصية أساسية في الكاب1، لكننا ركزنا على شخصية التونزي الذي تردد اسمه طيلة التحقيقات والمحاكمات المتعلقة بملف المهدي”، مضيفا أن “الإنجاز المهم هو أننا تأكدنا أن التونزي هو نفسه الشتوكي، وهذا في حد ذاته إنجاز مهم”.
تبقى هذه هي الحقيقية الوحيدة التي توصلت لها الهيئة، ليبقى ملف بنبركة مفتوحا بعدما دُفن جزء من أسراره مع وفاة العشعاشي.
المصدر
معتقل سابق في "دار المقري" يتهمه بالتعذيب وينفي "التذويب" بالاسيد . البخاري يواجه العشعاشي الاربعاء أمام القضاء المغربي
إقبال الهامي | منذ 4 أغسطس 2001
> قال ضابط الاستخبارات المغربي احمد البخاري لـ"الحياة" امس ان المحققين المغاربة سينظمون الاربعاء المقبل مواجهة بينه وبين ضباط الاستخبارات الثلاثة الذين أتى على ذكرهم في اعترافاته واتهمهم بالمشاركة في خطة خطف المهدي بن بركة وقتله ليل 29 تشرين الأول اكتوبر 1965. والضباط الثلاثة هم محمد العشعاشي رئيس قسم مكافحة التخريب سابقاً في الاستخبارات المغربية ومساعداه عبدالقادر صاكا ومحمد المسناوي.
وأشار البخاري الى ان هذه المواجهة مع الضباط الثلاثة السابقين هي الثانية من نوعها بعد غياب العشعاشي عن مواجهة أولى كانت مقررة في بداية الشهر الجاري. وتعتبر مواجهة البخاري - العشعاشي حاسمة لجهة توضيح الموقف من اتهامات البخاري ونفي العشعاشي القاطع لصحتها. وهي تعني في حال حصولها رغبة في طي الملف بعدما تداخلت فيه أطراف عدة كان آخرها دخول معتقلين سابقين على الخط ودعمهم أقوال الضابط البخاري على حساب افادة العشعاشي.
وسئل البخاري عن التحقيق معه أمام فرقة مكافحة الجريمة في الدار البيضاء، فأجاب بأن تلك الجلسات مستمرة منذ 25 تموز يوليو الماضي وتوالت يوم 27 من الشهر نفسه و31 منه والأول من آب اغسطس الجاري. وأضاف ان التحقيق يستمر في كل مرة أكثر من ست ساعات ويطاول أدلته التي تُثبت اتهاماته ضد الضباط الثلاثة.
وأوضح البخاري ان التحقيق تناول في الجلسة الأخيرة قضية تذويب جثة المهدي بن بركة في وعاء من حامض الأسيد في معتقل "دار المقري" في الرباط، اضافة الى كيفية تأكده من وجود طائرة عسكرية رابضة في مطار سلا القريب من العاصمة الرباط والتي قال انها أقلت الجنرال محمد أوفقير الى باريس بعد قتل بن بركة في 1965.
كذلك تناول التحقيق الى التحضير لعملية الاختطاف وكيف تأكد البخاري من أن محمد العشعاشي كان في 27 تشرين الأول اكتوبر في باريس أي قبل 28 ساعة من اغتيال بن بركة. وقال الضابط المغربي السابق ان كل الأسئلة المطروحة عليه مرتبطة بتطورات الأحداث في العاصمة الفرنسية وانها "تغيّب ما حدث في دار المقري في الرباط".
لكنه أضاف ان التحقيق "يمر في اجواء ودية وطيبة. وأفراد الشرطة لبقون معي".
وتابع انه تلقى استدعاء ثانياً من القاضي الفرنسي جان باتيست بابلوس يطلب منه المثول أمامه في السابع من الشهر المقبل لتقديم افادته حول اختفاء بن بركة. لكنه أضاف انه يواصل مساعيه لدى السلطات المختصة لتجديد جواز سفره الذي نفدت مدته، وكان عدم حصوله على جواز سفر حال دون مثوله في 19 الشهر الماضي أمام قاضي التحقيق الفرنسي.
وأشار البخاري الى ان محاميه النقيب عبدالرحيم الجامعي كاتب القاضي الفرنسي مطالباً اياه بـ"التدخل لدى الجهات العليا للسماح لموكله بالسفر الى باريس". وقال انه لم يتلق، في المقابل، أي استدعاء من قاضي التحقيق في الرباط على خلفية الطلب الذي كان تقدم به حزب الاتحاد الاشتراكي الحاكم لجهة الاستماع اليه. وأشار الى احتمال ان تكون عائلة المهدي بن بركة طلبت الغاء تلك الشكوى على اعتبار ان الراحل بن بركة كان ينتسب الى الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وليس الاتحاد الاشتراكي.
في غضون ذلك، اتهم معتقل سابق عميل الاستخبارات البخاري بأنه متورط في تعذيب معتقلين سابقين في دار المقري. وقال الصحافي مصطفى الودراسي الذي اعتقل في بداية الستينات وقضى ثلاثين شهراً في "دار المقري" ان أحمد البخاري كان متخصصاً في التعذيب بالكهرباء. وقدم شهادة جاء فيها ان "جثة بن بركة لم تذوب وأن صهريج الاسيد لا وجود له في دار المقري". وتعتبر هذه أول شهادة لجهة تورط البخاري في ممارسة التعذيب، وتشكك في صحة افاداته حول نقل جثة المهدي بن بركة من باريس الى الرباط.
وقال الودراسي ان اجهزة استخبارات دولية في مقدمها "الموساد" الاسرائيلية كانت على استعداد للقيام بأي شيء من أجل الحصول على الأسرار التي قال ان عقل المهدي بن بركة كان يكتنزها.
المصدر "الحياة"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق