من الاعتقال في السجون الى تقلد مناصب رسمية/عبد الرحمان اليوسفي
بدأ عبد الرحمن اليوسفي محاميا ثم انخرط في السياسة، وكان من مؤسسي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، تعرض للاعتقال والسجن والنفي وقد أصبح وجها أساسيا من وجوه السياسة في المغرب.
ولد عبد الرحمن اليوسفي في 8 مارس 1924 في طنجة، حصل على ليسانس في القانون وعلى دبلوم الدراسات العليا في العلوم السياسية ودبلوم المعهد الدولي لحقوق الإنسان.
محام لدى محاكم طنجة من 1952 إلى 1960. عميد سلك المحاماة في طنجة 1959. عضو في حزب الاستقلال 1943. عضو الأمانة العامة للاتحاد الوطني للقوات الشعبية من 1959 إلى 1967. رئيس تحرير جريدة "التحرير" الصادرة عن الاتحاد الوطني للقوات الشعبية. المندوب الدائم للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في الخارج منذ تأسيس الحزب سنة 1975. عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية منذ مؤتمره الثالث عام 1978. الكاتب العام المساعد لاتحاد المحامين العرب من 1969 إلى 1990. الكاتب العام للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية منذ وفاة كاتبه العام السابق عبد الرحيم بوعبيد في 8 يناير/ كانون الثاني 1992. وزير أول من 4 فبراير 1998 إلى 9 أكتوبر 2002.
كرس عمله من 1944 إلى 1949 لتنظيم طبقة العمال بالدار البيضاء. كرس نشاطه من 1949 إلى 1952 لخدمة العمالة المغربية المهاجرة في فرنسا. شارك في تنظيم وإدارة حركة المقاومة وجيش التحرير بعد عزل الفرنسيين للملك محمد الخامس من 1953 إلى 1956. أسس مع المهدي بن بركة ومحمد بصري ومحجوب بن صديق وعبد الرحيم بوعبيد وعبد الله إبراهيم الاتحاد الوطني للقوات الشعبية المنشق عن حزب الاستقلال سنة 1959.
اعتقل في ديسمبر/ كانون الأول 1959 مع محمد بصري مدير "التحرير" بتهمة التحريض على العنف والنيل من الأمن الوطني للدولة والأمن العام ثم أفرج عنه. اعتقل في يوليو/ تموز 1963 مع جميع أعضاء اللجنة الإدارية للاتحاد الوطني للقوات الشعبية بتهمة التآمر وصدر عليه حكم بالسجن مدة سنتين مع وقف التنفيذ، وقد عفي عنه عام 1965. توجه عبد الرحمن اليوسفي في نوفمبر/ تشرين الثاني 1965 إلى باريس للإدلاء بشهادته كطرف مدني في محاكمة مختطفي المهدي بن بركه وبقي منذ ذلك الوقت في فرنسا لمدة 15 سنة مختارا النفي. حكم عليه غيابيا في جلسات محاكم مراكش (1969 – 1975) وطالب المدعي العام بإصدار حكم بالإعدام على اليوسفي. صدر حكم بالعفو عنه في 20 أغسطس/ آب 1980 وعاد إلى المغرب في أكتوبر/ تشرين الأول 1980.
استقال عبد الرحمن اليوسفي من وظائفه السياسية بعد صدور نتائج الانتخابات التشريعية عام 1993 احتجاجا على ما وقع فيها من تلاعب، وذهب إلى فرنسا في سبتمبر/ أيلول 1993. ثم عاد بضغط من زملائه، وفي سياق الإصلاحات الجديدة عاد أمينا عاما للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في أغسطس/ آب 1995. ليدخل في مصالحة مع الحكم في المغرب حيث عين وزيرا أولا في فبراير 1998،و استمر في مهامه إلى حدود نونبر 2002.
أربع عشرة سنة مرت عن الإعلان عن تعيين حكومة التناوب التوافقي بقيادة عبد الرحمان اليوسفي، تجربة وسمت التاريخ السياسي للمغرب وأسالت الكثير من المداد وأثارت من الجدل الشيء الكثير
عن جدوى تشكيل هذه الحكومة وعن العلاقة التي جمعت الحسن الثاني بعبد الرحمان اليوسفي، وبينهما الوزير الأقوى في تلك الفترة ادريس البصري.
محمد الطايع حاول لملمة كل القصص والأحداث التي طبعت هذه المرحلة في كتاب سيصدر له قريبا تحت عنوان "عبد الرحمان اليوسفي والتناوب التوافقي المجهض"، ومن بين ما جاء في هذا الكتاب أنه سنة 1992 قام الحسن الثاني باستدعاء عبد الرحمن اليوسفي الذي تولى منصب الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي وعند وصوله إلى القصر الملكي سيفاجأ اليوسفي بوجود كل من عبد الواحد الراضي والحبيب المالكي رفقة الملك في انتظار اليوسفي، قبل أن يقول الحسن الثاني لليوسفي "أنا من قام باستدعائهما لأنني أعرفهما جيدا" ذلك أن الراضي كان على علاقة جيدة مع القصر، في حين أن المالكي كانت له علاقة جيدة مع ادريس البصري، وخلال هذا اللقاء سيتحدث الحسن الثاني مع اليوسفي حديثا مطولا عن عبد الرحيم بوعبيد، ويطلب من اليوسفي أن ينسى الماضي وأن يفكر في المستقبل، وخلال هذا اللقاء سيتفق الرجلان على تشكيل حكومة تناوب توافقي ومنذ ذلك التاريخ ستصبح هذه العبارة هي العبارة الأكثر تداولا في الأوساط السياسية خلال التسعينات.
لكن بوجود ادريس البصري فإن الأمور لم تكن لتمر بسهولة فبعد التزوير الذي شاب عملية تجديد ثلث مجلس المستشارين والتي لم يحظى فيها حزب الاتحاد الاشتراكي بالمرتبة الأولى على خلاف الانتخابات التشريعية المباشرة لسنة 1993 والتي أعطت للحزب اليساري المرتبة الأولى ب48 مقعدا، أمام تدخل البصري في العملية الانتخابية فإن اليوسفي سيقدم استقالته من الحزب ويعود إلى فرنسا.
غير أن الحسن الثاني كان متشبثا بعودة اليوسفي وبأن يقود تجربة التناوب التوافقي، الكتاب يقول بأن اليازغي الذي فرض سيطرته على كل من جريدة الاتحاد الاشتراكي و ليبيراسيون كان يعمل على إيصال رسالة إلى القصر مفادها أنه مستعد لتأسيس الحكومة التوافقية بأي ثمن، لكن الحسن الثاني كان يقود مفاوضات عن طريق مستشاره ادريس السلاوي مع اليوسفي من أجل إقناعه بالعودة من منفاه الاختياري بباريس .
لكن النقطة التي ستفيض الكأس بين الملك والكتلة هي طلب الكتلة إقالة وزير الداخلية ادريس البصري قبل تشكيل الحكومة الجديدة ليقرر بعد ذلك الحسن الثاني غلق باب المفاوضات مع الكتلة، وإصدار بلاغ يقول بأن الملك متشبث بوزيره في الداخلية.
وبعد أن تم إقناع اليوسفي بالعودة إلى المغرب من فرنسا فإن حلم هذا الاخير كان هو تأسيس حكومة وطنية موسعة، حيث توجه إلى الدكتور الخطيب الذي كان محاطا بأعضاء الشبيبة الاسلامية آنذاك وعلى رأسهم رئيس الحكومة الحالي عبد الإله بن كيران، وطلب من الخطيب أن يشارك في الحكومة بوزير واحد، لكن جواب الخطيب خلال الاجتماع الذي حضره كل من بن كيران ويتيم والرميد ولحسن الداودي "نتعذر منك السي عبد الرحمان لا نستطيع المشاركة لكننا سندعمك"، نفس الأمر تكرر مع بن سعيد آيت يدر الذي رفض المشاركة في حكومة اليوسفي بوزيرين وقال:.
أجواء التوافق والتقارب بين القصر والكتلة خاصة التي سادت خلال تلك الفترة لم ترق لوزير الداخلية ادريس البصري الذي سيعمل كل ما في وسعه من أجل تعقيد المهمة على اليوسفي، ويذكر الكتاب أنه بعد تشكيل الحكومة التي كان أحمد الحليمي المندوب السامي للتخطيط حاليا أحد مهندسيها واليد اليمنى لليوسفي، فإن البصري الذي كان يعتبر نفسه الآمر الناهي في الحكومة والذي كان يحدد برنامج المجلس الحكومي سيجد نفسه أمام وزير أول قوي ففي أحد الاجتماعات قام اليوسفي بإسكات البصري وخاطبه "لا يحق لك الكلام في المجلس دون أن أعطيك الحق في الكلمة"، وهو ما سيثير غضب البصري الذي سيرد على اليوسفي "أعرفكم جميعا وأعرف أنكم تكرهونني وأعرف كل ما تقولونه عني ولن أدع هذا الأمر يمر بسهولة".
حادثة أخرى وقعت لليوسفي مع البصري، عندما جمع اليوسفي حكومته في فندق في مدينة فاس وأثناء وقت الغذاء قام أمن الفندق بمنع اليوسفي من دخول المطعم تحت ذريعة أن البصري طلب منهم ألا يدخل أي أحد إلى المطعم حتى يحضر هو شخصيا، اليوسفي سيتقبل الأمر وسيذهب لتناول سندويش عادي هو وبقية الوزراء ويعود إلى اجتماعه.
أما عن أول لقاء لليوسفي مع ولي العهد آنذاك محمد السادس فكان سنة 1992 عندما تم استدعاء قادة الكتلة للقصر الملكي، طلب أحد خدم القصر من اليوسفي التوجه إلى مكتب ولي العهد وخلال هذا اللقاء سيجد اليوسفي ولي العهد مصحوبا بوزير الداخلية البصري، قبل أن يسأله ولي العهد "هل علاقتك مع والدي هي نفس العلاقة التي كانت تجمع بينه وبين عبد الرحيم بوعبيد؟"، فكان جواب اليوسفي"لا ليست لدي نفس العلاقة مع والدك".
عن مجلة "تيل كيل"
***********
وقد جاء في تحليل النهج الديموقراطي للوضع الراهن منشور في الحوار المتمدن /رابطهhttp://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=90080/
مايلي
*********
ين للشأن السياسي المغربي يشككون في مقاصده من إصدار هذا الكتاب، إلا أنه تميز بوضوح في الرؤية وموضوعية في الوصف والتشخيص. والحال أن موقعه الطبقي وانتماءه للعائلة الملكية عاملان يرجحان أن يسلك سبيل الالتفاف والتواري والتبرير. واعترف للحسن الثاني بما قد يكون أصاب فيه التقدير، وما يكون هو قد أخطأ فيه، كما حمل أباه جزءا من مسؤولية الهامش الذي عاش فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق