رحيل زكي هللو ابن يافا مدرب كارلوس ورفيق وديع حداد
محمد زكي هلو .. مناضل من الرواد يغيب
نشر 13 سبتمبر 2012
لم أفاجأ باتصال رفيق الدرب منذ أوائل الخمسينيات أبو محمد ليخبرني بأن صديقنا المشترك زكي هلو قد غادر الدنيا غير مأسوف عليها. في كل مرة أصل فيها الجزائر لا بد من ان أزور أبو الزيك، كان آخرها في شهر تشرين الثاني الماضي 2011. يظهر بوضوح تردي وضعه الصحي، وأنه يمر في مرحلة حرجة. حاولت ومن معي ألا نثقل عليه لا بالحديث ولا بالبقاء طويلا، لكن في هذه المرة وأكثر من المرات السابقة يصر على متابعة الحديث، ويكثر من الأسئلة ويرفض الاجابات المختصرة حول كل ما يجري في الوطن العربي. يستذكر ويذكرني بأحداث تبكيه كالانفصال بين سوريا ومصر عام 61، ثم يستدرك «لكن يا صلاح ما سكتنالهن. تتذكر لما طلعنا مظاهرة بوسط المرجة نهتف ضد الانفصال وضاعت فردة سباطي وأنا أركض بفردة وحدة هرباً من أجهزة القمع؟» ويؤكد أبو الزيك بنبرة صوته الحاد «الشعب اللي عمت مظاهراته كل مدن سوريا، الضباط الأحرار اللي عارضو الانفصال كان فيهن يرجعوا الوحدة، بس في ناس بإسم الوحدة غدروا بالوحدة». جرأة أبو الزيك (الاسم الشائع لمناداته) وصوته الجهوري، وقدرته على استنباط الشعارات والهتافات التحريضية جعلت منه الأبرز والدائم في كل تظاهرة، ما عرضه إلى الملاحقة وقررت الحركة تهريبه إلى لبنان. يكرر ذِكر سوريا، فيها بدأت مسيرته النضالية وتكوينه السياسي بانتمائه لحركة القوميين العرب منذ سنواتها الأولى في دمشق. من مركز تدريب كتيبة الفدائيين الفلسطينيين في «حرستا» تخرج عام 58 مقاتلاً، ليلتحق بأول مجموعات عسكرية أخذت الحركة بتشكيلها في أول مؤتمر لإقليم فلسطين، يتقرر فيه إعداد مجموعات فدائية لممارسة الكفاح المسلح على أرض فلسطين. وبتكليف من قيادة الاقليم المنبثقة عن المؤتمر التحق كفاعل أساسي في تنظيم «أبطال العودة» الذي جرى تشكيله بالتنسيق مع اللواء وجيه المدني قائد جيش التحرير الفلسطيني، من خلال أحد الضباط المنتمين إلى الحركة. الى ان افتضح أمره للأجهزة الأمنية فاعتقلته وأعادته إلى سوريا. مع تصاعد الكفاح المسلح بعد النكسة في حزيران 67، وإعلان تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومنظمة «أبطال العوده» أحد مكوناتها، انتقل أبو الزيك للالتحاف بقيادة الأمن التابع لمقر الجبهة المركزي في عمان حتى مجزرة أيلول 1970 ليبدأ مسيرة جديدة تحكمت في مستقبله وجعلته مقعداً يتنقل على كرسي متحرك داخل حيطان بيت يقيم به في الجزائر. جال المُقعد، بعينيه الدامعتين على الجالسين حوله، وهو يردد بمرارة واكتئاب «الله يرحمك يا أبو هاني، هاي الايام بدها أبو هاني جديد... شو هاللي صاير فينا يا خوي أبو ربيع». التقى زكي خليل هلو مع الاخ الدكتور وديع حداد لأول مرة في الدورة الثانية للتدريب في «حرستا»، تواصلت اللقاءات في ما بعد إلى أن قررت قيادة الجبهة توجهها بـ«ملاحقة العدو في كل مكان» وتكليف الأكثر حماسة لهذا الخط العسكري الجديد د. وديع حداد للعمل بموجبه. الهم الأكبر عند «أبو هاني» هو باختيار الاشخاص الأقدر والأكفأ، الذين يتميزون بمواصفات معينة للقيام بالعمليات التي تتطلبها «ملاحقة العدو في كل مكان». فكان زكي الذي وصفه أحدهم «شاب مثل النمر» ممن اختارهم ضمن الفريق الاقرب اليه، خاصة أنه اختبره في مناسبات عدة أبرزها عملية تطلبت قدراً كبيراً من الجرأة والشجاعة والدقة والسرية هي تحرير د. جورج حبش من أحد السجون السورية عام 68. استنفر العدو الاسرائيلي كل أجهزته ومعلوماته وعملائه لملاحقة الناشطين والمشاركين تخطيطاً وتنفيذاً في جهاز العمليات الخارجية. فتمكنت مخابرات العدو من اصطياده في مدريد ـ اسبانيا وقامت بمحاولة اغتياله عام 84، فنجا من الموت بأعجوبة. لكن الاصابات التي عانى منها أشد الألم تركته مُقعداً لا يقوى على الانتقام لنفسه والاستمرار في النضال إلى أن وافته المنية في أحضان الثورة الجزائرية ويدفن في بلد المليون شهيد، بعيداً عن أهله ورفاق دربه الذين عاهدهم على تحرير فلسطين من بحرها إلى نهرها. محمد زكي خليل هلو (زكي) ÷ ولد في يافا 1939 ÷ نزح مع عائلته إلى دمشق 1947 ÷ التحق مبكراً بحركة القوميين العرب ÷ لوحق بعد انفصال سوريا عن مصر فغادر دمشق إلى بيروت 1961 ÷ اعتقل عدة مرات في لبنان بسبب نضالاته في صفوف الحركة. ÷ قبل حرب حزيران 1967 بعدة أشهر اعتقل في لبنان وانقطعت أخباره إلى أن تبين انه أُبعد خلال حرب حزيران إلى دمشق. ÷ التحق بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في الأردن منذ تأسيسها. ÷ عمل في الجبهة في جهاز الامن حتى 1970. ÷ بعد أحداث ايلول 1970 انتقل إلى بيروت والتحق بجهاز العمليات الخارجية للجبهة. ÷ ساهم في التدريب والإعداد العسكري لعدد من العمليات في داخل فلسطين المحتلة وخارجها. ÷ شارك في عملية تحرير الحكيم جورج حبش من سوريا. ÷ تعرض لمحاولة اغتيال في مدريد 1984 أصيب على اثرها بإصابات خطرة وتوفي بعد معاناة في الجزائر بتاريخ 29/8/2012. ÷ متزوج من امرأة ألمانية من تنظيم ألماني ثوري وله ولد وبنت سعيد وهنا. ([) رئيس لجنة اللاجئين في المجلس الوطني الفلسطيني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق