جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

رثاء إلى روح المناضل صابر بنسعيد

رثاء إلى روح المناضل صابر بنسعيد
كلمة لجنة المتابعة المنبثقة عن اللقاء الوطني التشاوري من أجل إيقاف مصادرة المقر المركزي
للاتحاد الوطني لطلبة المغرب.
بداية نود أن نشكر رفيقاتنا ورفاقنا الذين سهروا على تنظيم هذا الحفل لتأبين الرفيق صابر بنسعيد، ولنا كامل الشرف في مشاركتكم هذا الوفاء والإخلاص الذي يستحقهما صابر لأنه ظل طول حياته وفيا ومخلصا لقضية تحرر شعبنا.
وإن سمحتم نود، بهذه المناسبة الإنسانية المليئة بمعاني الرفاقية الحقة، أن نتحدث عن صابر كمناضل طلابي، وكأحد الغيورين الذين لم يترددوا في الاستجابة للنداء الذي أطلقناه في أكتوبر 2016 من أجل إيقاف مصادرة المقر التاريخي للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وبحضوره، بصفته عضوا نشيطا في اللقاء التشاوري لإيقاف مصادرة مقر أوطم، في جميع المبادرات والأشكال النضالية التي خضناها على هذا المستوى، لاسيما المسيرة الوطنية التاريخية بمناسبة الذكرى 60 لتأسيس أوطم التي احتضنتها العاصمة في 25 ديسمبر 2016، والتي شكلت تحديا عمليا لمواجهة سعي الدولة مصادرة مقر الاتحاد.
وصابر كما يعلم رفاقه ورفيقاته الذين عايشوه خلال تجربته النضالية كأوطمي متمرس وكقاعدي مسؤول، فقد ظل هاجس انتزاع المنظمة النقابية أوطم من مخالب وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية هو رهانه الأول والأخير منذ أن وطأت قدماه جامعة محمد الخامس بالرباط عام 1987 إلى غاية تخرجه منها عام 1994، لأن صابر كان يدرك منذ ذلك الوقت أن لا مستقبل للنضال الطلابي دون مظلة وطنية وحدوية وجماعية تقيهم من نار القمع ومن التشتت ومن الحلقية على حد سواء، بالنظر لوعيه المبكر بمخاطر الفراغ التنظيمي وما قد يترتب عنه من نتائج كارثية على جميع المستويات النقابية والبيداغوجية والديمقراطية.
صابر كان واعيا أشد الوعي، أنه مهما بلغت نضالية الحركة الطلابية ومهما بلغت تضحية مناضليها من مراتب، وصلت في مناسبات ومحطات كثيرة إلى حد الاستشهاد والنفي والتعذيب والاعتقال لسنين طويلة، فإن كل تلك التضحيات وذلك العنفوان النضالي لا يمكن لهما أن يساهما في بناء ميزان قوى نضالي لصالح الحركة الطلابية، يسمح لها بالتصدي لمخاطر الاجتثاث وخوصصة الجامعة وضرب المجانية وتصفية دورها النضالي في الساحة الوطنية، إلا إذا ارتبطت، بشكل وثيق، برهان التنظيم، وبالتالي فقضية إعادة بناء أوطم كانت قضية صابر الأولى كمناضل طلابي قاعدي واعٍ بأهمية النضال الطلابي الجماهيري المنظم والديمقراطي والتقدمي، لا بالشعارات الجوفاء التي تتبخر مع انصرام مجد التواجد في الساحة الجامعية، ليس في تحصين مكاسب الطلاب المادية والبيداغوجية والديمقراطية فحسب، بل ودور هذا النضال الجماعي المنظم في تخصيب نضالات اليسار الجذري، الذي ظل صابر ينتمي إليه روحا وممارسة إلى آخر ابتسامة أمل في حياته، وتزويد منظمات النضال الشعبي في مختلف الميادين بشباب متمرس خبر مشكلات ومعارك النضال والتأطير والتنظيم والقيادة.
وفي هذا الصدد ساهم صابر بحيوية ونشاط وبكل مسؤولية في تجربة اللجان الانتقالية التي تم الشروع في تأسيسها على إثر معركة الطلاب عام 1989، التي فرضت على وزير الداخلية وقتئذ، الاعتراف الرسمي بأوطم داخل مجلس النواب، في جوابه على سؤال الرفيق بنسعيد آيت ايدر حول موضوع حظر أوطم، وقد انخرط صابر بوعي وبإيمان لا مثيل لهما في هذه التجربة حيث أشرف على تأسيس اللجنة التحضيرية بجامعة محمد الخامس بالرباط، لاقتناعه المبدئي والراسخ بدور اللجان الإنتقالية وأهميتها البالغة في توفير شروط الانتقال من وضعية اللاتنظيم النقابي، الذي فرضه القمع الشرس والاعتقالات الواسعة بعد عام 1984، إلى توفير الشروط النضالية والتنظيمية اللازمة لعقد المؤتمر الاستثنائي لأوطم.
وفي ضوء هذه المهام الجسيمة، سيذكر التاريخ الطلابي، بكل فخر واعتزاز، التضحيات والمسؤوليات الجسام التي تقلدها صابر إلى جانب رفاقه ورفيقاته من مختلف المكونات والفصائل الطلابية التي انخرطت من أجل إنجاح هذه الدينامية الواعدة التي أجهضها المخطط السياسي الأمني الذي أشرف عليه ادريس البصري بداية تسعينيات القرن الماضي والذي فوت على الطلاب المغاربة فرصة تاريخية لاسترجاع منظمتهم النقابية.
وبعد 3 عقود، ها هو التاريخ يشهد يا صابر بأنك كنت على حق، أنت ورفيقاتك ورفاقك، لما كنتم تقاومون أجهزة النظام وتكافحون ضد مخططها الرامي للإبقاء على الفراغ التنظيمي في الجامعة المغربية، وتنظمون الطلاب على أساس أن لا سبيل للمقاومة الطلابية في غياب أوطم، كنقابة وطنية لكافة الطلاب المغاربة، بصرف النظر عن انتماءاتهم ومشاربهم وخلفياتهم الثقافية والسياسية والإيديوبوجية، وتشرحون للرفاق المخالفين وتجادلوهم بالحجة والدليل والوقائع الحية حول ضرورة التنظيم، الذي كان ولا يزال يشكل القضية الأولى على أجندات المناضلات والمناضلين المخلصين لقضية تحرر شعبنا.
ها أنت تلاحظ يا صابر، أنه في الوقت الذي نحاول فيه أن ننعيك، ظلت راية كفاحك وإخلاصك عالية، وكأنك الذي تنعينا من هناك حيث يرقد جثمانك الطاهر.
لن ننساك يا صابر، لأن قيم الوفاء والاخلاص والعطاء والتضحية التي أبنت عنها طيلة مسيرتك النضالية ستظل نبراسا يضيء طريق المناضلات والمناضلين في بلدك.
نعاهدك يا صابر على مواصلة الالتزام بكل المبادئ والقيم النبيلة التي كرست حياتك لأجلها، كما نعاهدك أن نَمْضي قدما إلى الأمام لتجسيدها على أرض الواقع مهما بلغ بطش الطغاة.
لن ننساك يا صابر بنسعيد، لن ننساك يا رفيق ستبقى حيا إلى الأزل في ذاكرة شعبك، وفي كل مبادراته وخطواته التواقة للعدل والحرية والمساواة والكرامة الإنسانية. وستذكر ساحات النضال صدقك ونضالك ويقظتك وكرمك إلى الأبد. كيف لا وأنت المناضل الفذ الذي يختزل دزينات الكراريس والأوراق والمناقشات ويختصرها في خطوة عملية واحدة.
العزاء لنا جميعا، وإلى والدتك وزوجتك وابنتيك، وكافة أفراد عائلتك الكريمة، وإلى كل مناضل ومناضلة من أجل التحرر في المغرب، وفي كل مكان.
لجنة المتابعة
الرباط في 28 ديسمبر 2019








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *