جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

اسماعيل كان هنا!رضوان افندي

 كتب رضوان افندي

Redouane Afandi

في تأبين المرحوم اسماعيل

اسماعيل كان هنا!
ربما لن يذكره أحد أبدا وهو يكتب مذكرات عن سنوات الرصاص، أوينجز فيلما سينمائيا عن رفاق الأمس. وربما لن يذكره حتى بعض المعتقلين السابقين ، الذين غنى لهم اسماعيل تنديدا بحبسهم، أو احتفاء بالإفراج عنهم. هو(سمعة) كما كان يحلو لصديق عمره محمد طاهر أن يسميه، وهو (شيخنا) كما كان يدعوه سعيد المغربي، وهو( اسماعيل المغني ) كماعرفه طلبة ذلك العهد. لم يكن طالبا، غير أنه لا يرد لأحد طلبا.يستجيب بسرعة لكل دعوة يتلقاها من تعاضدية كلية أو مجلس قاطني حي جامعي أو جمعية ثقافبة أو حقوقية، يتأبط عوده، و يقصد للتو مكان النشاط غير المدفوع الأجر. لم يكن له حينها مورد رزق،و كان يصر على رفض كل العروض التي تقترح عليه أن يشتغل عازفا في كباريه أو مع جوق يرتزق بالغناء في الحفلات و الأعراس. يتدبر بعناء مصاريف تنقلاته بين الدار البيضاء و الرباط و فاس و مراكش والقنيطرة وغيرها، ويغني للعدالة و الحرية و الحب و الخير و الجمال والحياة، ويصاحب بعزفه ثريا الحضراوي وهي تغني للشيخ إمام و مارسيل خليفة. لا طعم لأمسية لا يشارك فيها اسماعيل بصوته الممتلئ. ساهم المرحوم في إنشاء فرقة غنائية متميزة برفقة مصطفى الريحاني و محمد طاهر و ثريا الحضراوي و عبد الله زريقة و المرحوم نور الدين خمالي. و لم يكتب للفرقة أن تستمر لظروف ملتبسة. لكن اسماعيل استمر يعيش و يسلك كما هو، ودودا زاهدا صموتا،،، ولا يمكن لمن عرفه ألا يطمئن إليه. لا يفشي سرا و لا يغتاب أحدا. يشكو له الآخرون همومهم ، وهو لا يشكو همه لغير عوده. ظل على طبيعته تلك إلى أن تمكن منه المرض، وأحاله على تربة مقبرة الغفران.مات الفنان ايا كان سبب وفاته. مات وكفى.غادرنا بدون ضجيج كالظل البارد في صحراء ساخنة.التحق بالمنتحر حوري حسين ، والمنبوذ محمد تيمد، و المنتحرة يوم 8 مارس (مليكة) الممثلة مع فرقة المسرح الباسم، والمتشرد إسحاق و الجوال محمد بن ابراهيم الروداني ، وغيرهم من الفنانين المنسيين. و الكثير من طلبة الأمس أصبحوا اليوم أساتذة و مهندسين و محامين و أطباء و أطرا عليا، ليس لديهم ما يكفي من الوقت كي يلتفتوا إلى الوراء أو يتذكروا إسما بات اليوم نكرة، فأحرى أن يحضروا جنازته. كاد اسماعيل أن يعتقل في مراكش دات هجوم بوليسي. ولو حصل ذلك لاندرج إسمه رسميا ضمن ضحايا عهد الجحيم، اعتبر بعد ذلك طرفا معنيا بالمصالحة مع ذلك العهد .لكنه أفلت من الإعتقال فأفلتته ذاكرة الجحيم. هل كان يجب أن يعتقل حتى لا ينسى؟؟؟
يحق لإبنه الوحيد أن يقدم نفسه بصفته ابن اسماعيل. لكن يتعين عليه أن يتوقع استفسارا موجعا:
و من يكون اسماعيل هذا؟
أخشى ان يأتي يوم لا يعلم فيه أولادنا بخبر موتنا. رحم الله (سمعتنا).


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *