جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

عودة الى موضوع العنف ضد المرأة*التيتي الحبيب*

 عودة الى موضوع العنف ضد المرأة

بمناسبة اليوم العالمي حول العنف ضد المرأة نشرت تدوينة مقتضبة جدا على الشكل التالي:
((( من اجل القضاء على العنف ضد المرأة فلنناضل من اجل القضاء على الرأسمالية ونمط انتاجها المبني على الاستغلال الطبقي. والبقية تفاصيل.)))
والغرض من هذا النص المقتضب هو ابراز ان اصل العنف الذي تعاني منه المرأة في عالم اليوم ترجع جذوره الى تلك اللحظة التاريخية التي انقسم فيها المجتمع الى طبقات وكما يقول انجلس انه لما ظهرت الملكية الخاصة وتبعها تقسيم العمل فقدت المرأة حقوقها الطبيعية ومكانتها فظهر المجتمع الطبقي ومعه احتلت المرأة المرتبة الدنيا.....
في كتابه " اصل العائلة والملكية الفردية والدولة" يكشف انجلز ان اول اشكال تقسيم العمل حدث في المجتمع البشري كان بين المرأة والرجل لأجل انتاج الاولاد.
وفي هذا الصدد يعتبر ان شكل الزواج الاحادي كان بمثابة استعباد الرجل للمرأة.
"و عليه لا يدخل الزواج الأحادي إطلاقاً في التاريخ بوصفه اتحاداً اختيارياً بين المرأة و الرجل، ولا حتى بوصفه الشكل الأعلى لهذا الاتحاد. بل بالعكس. فهو يظهر كاستعباد جنس من قبل الآخر، كإعلان لتناقض بين الجنسين لم يعرفه
التاريخ كله من قبل. وإني أجد في مخطوطة قديمة غير مطبوعة وضعتها أنا وماركس في عام ١٨٦٤ ما يلي:
"إن أول تقسيم للعمل كان بين الرجل والمرأة لأجل إنتاج الأولاد." صفحة 45 اصل العائلة والملكية الفردية والدولة.
من جهة ثانية يصادف هذا الزواج الاحادي اول تضاد طبقي مع ظهور العبودية. سيكون استعباد جنس الرجال لجنس النساء بمثابة الاستعباد المزدوج للمرأة في المجتمع الطبقي الناشئ للتو.
"و بوسعي الآن أن أضيف إلى هذا القول:
إن أول تضاد بين الطبقات ظهر في التاريخ يصادف تطور التناحر بين
الزوج و الزوجة في ظل الزواج الأحادي، وأول اضطهاد طبقي يصادف استعباد جنس النساء من قبل جنس الرجال. لقد كان الزواج الأحادي تقدماً تاريخياً كبيراً، و لكنه يدشن في الوقت نفسه، إلى جانب العبودية والثروة الخاصة، تلك المرحلة التي لا تزال مستمرة حتى أيامنا، والتي يعني فيها كل تقدم تراجعاً نسبياً، والتي يتحقق فيها ازدهار وتطور البعض بآلام البعض الآخر وقمعه. إن الزواج الأحادي إنما هو هذه الخلية من المجتمع المتمدن التي تمكننا من دراسة طبيعة التناحرات والتناقضات المتطورة تماماً في قلب هذا المجتمع." صفحة 45 اصل العائلة والملكية الفردية والدولة.
في المجتمع الطبقي الراهن حيث يسود نمط الانتاج الرأسمالي أي نمط تملك فيه طبقة البرجوازية وسائل الانتاج وتستغل الطبقة العاملة بالاستحواذ على فائض القيمة وتتشكل هذه الطبقة العاملة من العاملات والعمال. فيتعرض العاملة والعامل الى الاستغلال الطبقي ويرزحان تحت سيطرة طبقة سائدة ومهيمنة وتعرضهما الى الاضطهاد الاقتصادي والاجتماعي. وبشيء من التدقيق في تحليل وضعية العاملة وقفت الماركسية على هذه الحقيقة وهي ان المراة كعاملة تبيع قوة عملها تتعرض الى الاستغلال مثلها مثل اخيها الرجل أي انها تحرم وينتزع منها فائض القيمة لكن العاملة بصفتها امراة تتعرض الى استغلال اضافي عندما تحرم من تطبيق الاجر المتساوي للعمل المتساوي، او انها تشغل لساعات اكثر من الساعات التي يشغل فيها اخوها العامل، او انها تسند لها احقر الاشغال او التي يتعفف العامل من مزاولتها ...الخ اذا، في قضية الاستغلال تتعرض المرأة العاملة الى الاستغلال المزدوج كعاملة وكامرأة وهذا هو اساس العنف المادي الذي تعاني منه المرأة في المجتمع الطبقي الحالي؛ اما في موضوع الاضطهاد وهو ايضا عنف مادي، فإن المرأة العاملة والكادحة مثلها مثل اخيها الرجل العامل والكادح تتعرض الى اضطهاد الطبقة البرجوازية الحاكمة وجهاز دولتها لكن وبكثير من التدقيق تتعرض المرأة العاملة والكادحة الى اضطهاد اضافي لكونها امرأة من طرف البرجوازية الحاكمة وجهاز دولتها وأيضا من طرف اخيها الرجل العامل او الكادح. في موضوع الاضطهاد وهو عنف مادي يمكننا القول ايضا ان المرأة تتعرض الى اضطهاد مزدوج اولا بصفتها الطبقية ثم بصفتها تمثل المرأة العاملة او الكادحة.
يستغرب البعض لما يطلع على تجارب التاريخ حيث يقرا ان النساء كن في طليعة تفجير الانتفاضات او الثورات مثل ما حدث في كمونة باريز او الثورة البلشفية او في عدة انحاء من العالم كما كن ايضا في طليعة الحركات الاجتماعية وفي تجارب السيرورات الثورية اليوم بمنطقتنا. ليس هناك ما يثير الاستغراب اذا علمنا ان النساء يشكلن نصف المحتمع وهن ايضا يتعرضن الى اكبر قدر من الاستغلال والاضطهاد كما بيناه سابقا. فالمراة هي اول معني بالقضاء على المجتمع الطبقي لان ذلك يفتح الطريق على مصراعيه لنيل باقي الحقوق واسترجاع مكانتها التي ضاعت مع تقسيم العمل والملكية الخاصة ...
انقل هنا هذا المقطع المركز والجميل لاوجيست بيبل احد ابرز القادة الشيوعيين وهو البروليتاري رفيق ماركس وانجلس.
""إن ذلك اليوم يقترب بخطى سريعة. فلقد اجتاز المجتمع الإنساني –في غضون آلاف السنين- كل المراحل السابقة من التطور ليصل في النهاية إلى النقطة التي بدأ منها، للملكية الشيوعية والمساواة الكاملة والإخاء، ولكن ليس بين المتجانسين في العمل فحسب، وإنما بين الجنس البشري كله. هذا هو التقدم العظيم الذي تصنعه. أما الشيء الذي كد من أجله المجتمع البرجوازي دون جدوى والشيء الذي يجنح عنده يجنح هذا المجتمع -ولا مفر من هذا الجنوح- فهو إقامة حرية ومساواة وإخاء بين جميع الناس، وهو هدف سوف تحققه الاشتراكية. لقد تمكن المجتمع البرجوازي من أن يطلق النظرية فحسب، ولكنه هنا –كما في مجالات كثيرة أخرى أيضا- كانت ممارسته متناقضة مع نظرياته، أما الاشتراكية فإنها ستجمع بين النظرية والممارسة.
ومع ذلك فإنه بينما يعود الإنسان إلى نقطة البداية في تطوره، فإن هذا يتم على مستوى ثقافي أعلى بصورة لامتناهية من ذلك الذي بدأ منه. فقد كانت في المجتمع البدائي ملكية مشتركة في العشيرة وفي البطن، ولكن ذلك كان بأكثر الأشكال بدائية وعند مستوى بالغ الانخفاض من التطور. وقد أطاح التطور الذي وقع منذ ذلك الوقت –من ناحية- بالملكية المشتركة، عدا بعض الآثار الضئيلة غير الهامة، وقضى على العشيرة وفي النهاية فتت المجتمع ككل، بينما زاد بصورة هائلة –في الوقت نفسه وأثناء مراحله المختلفة- من القوى الإنتاجية للمجتمع، وزاد من تنوع احتياجاته، وخلق أمما ودولا كبيرة من بين العشائر والقبائل، ولكنه في الوقت ذاته خلق من جديد حالة تتناقض تناقضا صريحا مع احتياجات المجتمع. ومهمة المستقبل هي حل هذا التناقض بتحويل ملكية ووسائل الإنتاج إلى ملكية جماعية –مرة أخرى- على أوسع أساس ممكن.
يسترد المجتمع ما كان يوما ملكا له، وما كان قد خلقه، ولكنه يجعل في امكان جميع أعضائه –وفقا لظروف الحياة التي خلقاه من جديد –العيش على أعلى مستوى ثقافي، أي أنه يمنح للكل ما كان في ظل ظروف أكثر بدائية امتيازا لأفراد أو لطبقات معينة. كذلك يستعاد للمرأة الدور الايجابي الذي كانت تلعبه في المجتمع البدائي –وهو ليس دور السيطرة، وإنما هو دور مساو لدور الرجل."" اوجيست بيل / مجتمع المستقبل
اعتقد ان ما اوردناه اعلاه يفند تلك الانتقادات التي وجهت لتدوينتنا المقتضبة – المدرجة اعلاه - من طرف توجه فكري قطع الصلة مع الماركسية وتحليل التناقضات عبر اسسها الطبقية. هذا التوجه الفكري الليبرالي اتهمنا بأننا ضد المرأة ونعتبر النضال ضد العنف تفاصيل وغير معنيين به. هذا كذب وبهتان وصيد في الماء العكر ومحاولة استعداء المناضلات ضدنا بترويج هذه السخافات. ولدعم مزاعمهم لم يخجلوا وهم يكذبون ويروجون اننا حذفنا التدوينة من صفحتنا.
قراءة التدوينة بطريقة حولاء والتركيز على مقولة "والبقية تفاصيل" يؤكد ان اصحاب هذه القراءة يكشفون على حقيقة رؤيتهم للموضوع لأنهم لا يرون ارتباطا بين العنف ضد المرأة ونمط الانتاج الرأسمالي. يعتقدون ان تحرر المرأة من العنف ممكن عبر الحركات النسوانية او ما شابهها في ظل سلطة الرأسمال وهذا وهم قاتل. منهم من ساوى بين وضع المرأة في المجتمعات الرأسمالية وبين ما عاشته المرأة في التجارب الاشتراكية. وهذا ايضا تجني على التاريخ. اما مسالة النضال ضد العنف الممارس في حق المرأة فهو مهمة الشيوعيين رجالا ونساء وعليهم ان يكونوا دائما في طليعة المتصدين لكل مظاهر هذا العنف في مجتمعاتهم. ومن اجل صياغة البرامج النضالية على القوى المناضلة الانكباب على واقع الحال في المجتمع وصياغة هذه البرامج تتطلب انجاز الدراسات والتحاليل واجراء التحقيقات واشراك كل المختصين للتعريف بظاهرة العنف تمظهراتها اسبابها وترتيب الحالات. تجدر الاشارة هنا الى ان المندوبية السامية للتخطيط بادرت باجراء مقاربة احصائية لظاهرة العنف ضد النساء والرجال من زاوية الكلفة وهذه خطوة اولية يجب ان تستتبعها تحقيقات ودراسات كمية ونوعية.
التيتي الحبيب
23/12/2020


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *