جاري تحميل ... مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي

إعلان الرئيسية

أخبار عاجلة

إعلان في أعلي التدوينة

بأي معنى علينا كماركسيين التعامل مع مفهوم "العالم العربي" ؟

اعيد نشر هذه المقالة التي وردت في جريدة النهج الديمقراطي لما لها من اهمية في اطلاق نقاش نظري فكري حول موضوعة غالبا ما تثير الكثير من ردود الافعال والاتهامات الغير مبررة .
+++++
بأي معنى علينا كماركسيين التعامل مع مفهوم "العالم العربي" ؟
لكل حركة قومية بمفهوم الدولة الوطن أو بمفهوم جماعة من الشعوب قواسم مشتركة لسنية-ثقافية تاريخ ، سيرورة ، تناقضات طبقية ، سياقات وتطلعات مصيرية ، سيكون من المنهج اللاتاريخي و اللاجدلي عدم الأخذ بعين الاعتبار هذه العوامل و المداخل المختلفة لفهم تطور "الفكر القومي العربي"الذي صاغ مفهوم "الوطن العربي" و "العالم العربي" في العصر الرأسمالي و الامبريالي .
إن الدولة الوطنية / الفكرة القومية هي ظاهرة حديثة ارتبطت بالثورات البورجوازية (ق18 و19) من جهة و بتطورات الرأسمالية و تعميم اقتصاد السوق و التبادل النقدي ، فاغلب الدول الأوروبية الحالية تشكلت خلال حروب أهلية و بين- وطنية كثيرة .
كما تشكلت أغلب الأوطان لدول الأطراف في إطار التوسع الامبريالي الذي أعاد تشكيل الاقتصاديات و الدول و تقسيم الإمبراطوريات القروسطية في إطار الحروب الاستعمارية .
و فيه تشكلت حدود الدول العربية و المغاربية الوطنية وفق الأوفاق الاستعمارية و نضالات الحركات الوطنية التحررية .
فما هي الظروف التاريخية التي أفرزت الفكر القومي العربي و فكرة العالم /الوطن العربي ؟
و ما هي تطورات هذا الفكر ، و الاختراقات الطبقية /السياسية له ؟
و ما هي الأسس التي يجب التعامل بها مع الفكرة القومية و فكرة "العالم العربي" في ضوء الفكر الماركسي ؟
1/ شيء من التأطير التاريخي :
لقد شكل الانتماء إلى الحضارة العربية- الإسلامية انتماء إلى نمط إنتاج ما قبل رأسمالي(يسميه سمير أمين بنمط الإنتاج الخراجي)و إلى بنية فوقية شكل الدين الإسلامي و اللغة و الثقافة العربية بنيانها الثقافي المهيمن ، في كل غرب آسيا و شمال أفريقيا ، و شكل التوسع (الفتوحات) امتدادا لهذه الحضارة القروسطية المهيمنة في مناطق أخرى (بما فيها إسبانيا و اليونان و أفريقيا جنوب الصحراء )
أعطى انهيار الإمبراطورية العباسية في الشرق و الموحدية في الغرب و هيمنة الماغول ثم العثمانيين على المجتمعات العربية الإسلامية (مع استثناء المغرب و اليمن) بعدا دينيا أكثر للامتداد الإمبراطوري العثماني تحت مسمى"الخلافة الإسلامية"الوراثية الممتدة(ق13-ق20 ) .
و أدى تراجع الحضارة العثمانية القروسطية أمام بداية الصعود للحضارة الأوروبية الرأسمالية ،خصوصا منذ ق 16،إلى انزياح تاريخي لصالح تقدم الرأسماليات الأوروبية ، و إلى بروز تناقضات في النظام الاجتماعي العثماني المتداعي ستنتهي في ق 19 و بداية ق 20 ببروز التطلعات القومية لإحياء"الأمة العربية"و التطلعات الدينية لإحياء"الخلافة الإسلامية المنهارة".
و أدى بروز الأطماع الإمبريالية لتفكيك الإمبراطورية العثمانية،و عزلها خصوصا بعد أن أصبحت جزءا من محور سياسي- عسكري مع ألمانيا خلال الحرب ع1،إلى ربط بريطانيا العلاقة مع السلط العشائرية و القبلية المؤثرة في الخليج و استعمال مختلف أنواع النزوع الديني و القومي المتنامي في إطار"الوعود القومية"لإعادة تشكيل المنطقة وفق معاهدة سايكس بيكو 1916 و وعد بلفور 1917.
و في المقابل أدت السيطرة الاستعمارية في شمال أفريقيا منذ العشرينات إلى نمو فكرة"المغرب العربي".
2/ الحركات القومية تخضع لسيرورات فكرية و تنظيمية:
في ظل هذه المعطيات التاريخية ظهرت الفكرة القومية،التي يمكن تلخيص تطورها عبر عدة مراحل كبرى:
التطلعات القومية كتطلعات هوياتية ثقافية بعيدة عن"المرجعية الإسلامية"و متأثرة بالنزوع القومي الأوروبي(الدولة القومية الحديثة)ظهرت في وسط نخب و بورجوازيات مسيحية شامية في الغالب كانت ترى في كل نزوع إسلامي(جامعة إسلامية)إقصاء لوجودها و للتنوع الديني و كانت ترى في التطلعات القومية حماية لها و لتطلعاتها.
بروز النضالات الوطنية بناء على التقسيمات الكولونيالية للخرائط في المشرق و المغرب مع نزوع( عربي- إسلامي)تضامني ضد الاستعمار.
بروز حركة"القوميين العرب"في الخمسينات بالمشرق بعد النكبة(جورج حبش و هاني الهندي و وديع حداد..)حيث ثم ربط البناء القومي بتحرير فلسطين،ثم نشأة الأحزاب القومية الناصرية و البعثية و إعادة بناء مفهوم الأمة من خلال قواعده الارتكازية القطرية(مصر- سوريا – العراق – ليبيا..)و من خلال مثقفيه الكبار(قسطنطين زريق-نديم البيطار-ميشال عفلق..)و اعتمد هذا الفكر على ثلاثية التحرير– الوحدة– "الاشتراكية"كطموح ل"أمة قيد التشكل".
ظهور فكرة"المغرب العربي"لدى الحركات الوطنية المغاربية مع ارتباط بالفكرة القومية العربية من باب الخصائص الثقافية العامة و من باب النضال ضد الاستعمار و الصهيونية ("لجنة تحرير المغرب العربي"برئاسة محمد بن ع الكريم الخطابي).
هزيمة1967أعادت بناء الفكر القومي على أسس طبقية خصوصا،حيث أرجعت الفشل في تحقيق "الفكرة القومية" إلى طبيعة القيادة البورجوازية لحركات التحرر الوطني(جورج حبش و نايف حواتمة ، و ياسين الحافظ و محسن إبراهيم ...مع اختلاف في المقاربات)
ظهور انتقادات للفكر القومي على أنه فكر حملته انقلابات عسكرية مما جعله فكرا غير ديمقراطي سواء اتجاه المعارضة ، أو اتجاه الأبعاد و التشكيلات الأخرى الثقافية و الاجتماعية للهوية المتعددة للشعوب أبرزها القضية الكردية في المشرق و القضية الأمازيغية في البلدان المغاربية.
فشل المشاريع القومية و الاشتراكية المطبقة سيؤدي في نهاية ق20 إلى تقوية النزوعات الهوياتية الدينية و الإثنية و اللغوية و الثقافية من جهة ، و ظهور التطلعات الديمقراطية و الحقوقية من جهة أخرى.
3) إعادة بناء المفاهيم : عالم عربي أم/ و عالم مغاربي ؟
إن هوية الشعوب العربية و المغاربية تشكلت في إطار جدلية هذه السيرورات نهوضا و سقوطا، و عموما نلاحظ نزوعا مغاربيا متميزا بالرغم من إقراره بالانتماء إلى"العالم العربي"فإنه واجه أوضاعا مختلفة نسبيا خصوصا في الوحدة و الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي و خلال التطلعات الديمقراطية الراهنة.
أن هذه الاتجاه تقوى مع ظهور الحركة الثقافية الأمازيغية خصوصا منذ السبعينات من ق20 و التي ركزت على إبراز الهوية و الثقافة الأمازيغية كمكون مهمش من مكونات الهوية المغاربية.
إذن كيف يمكننا أن ننظر اليوم إلى الفكرة القومية و منتوجها "العالم العربي" بعد الهزائم المتتالية(أمام التبعية و الصهيونية و الديمقراطية و العلمانية و الاشتراكية...)؟
إن اعتماد الديالكتيك و مفهوم الصراع الطبقي يفرض علينا قبل كل شيء ليس فقط استبعاد كل نزوع عرقي أو ميتافيزيقي في تفسير هذه الهزائم بل توجيه النقد الصارم له كأفكار أو أطروحات غير علمية و يمينية متطرفة معكوسة.
المطلوب كذلك إعادة النظر في مفهوم الهوية و العمل على إعادة تشكيلها و حل مشكلاتها على أسس ديمقراطية و طبقية للقطع مع النزوعات البورجوازية لاستغلال الفكر الهوياتي.
النظر إلى الهوية المغاربية على أنها هوية تحضا بتميز جامع قواه النضال ضد الاستعمار و الاعتراف الديمقراطي بالبعدين الأمازيغي و العربي المتمفصلين في تشكيلها التاريخي.
النظر إلى الانتماء إلى"العالم العربي"كبعد تحرري(شبيه بالعلاقة بين شعوب أمريكا اللاتينية) في إطار النضال المشترك من أجل ديمقراطيات شعبية تقطع مع النظم الديكتاتورية و العشائرية الرجعية و الارتباط مع الحركات التقدمية على هذه الأسس.
تمتين العلاقات مع الحركات التحررية العربية و الغير العربية بالمشرق لتقوية النضال ضد الامبريالية و الصهيونية و الرجعية.
الاهتمام بالأبعاد الأخرى المهمة مثل البعد الأفريقي التحرري ، و البعد الأممي في نضال الشعوب من أجل التحرر و الديمقراطية و التضامن و الاشتراكية و التركيز على أهمية بناء أممية ماركسية.
إ.ح25-6-2015


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *