300 رسالة من الحب والأمل والألم*خالد ابورقية*
300 رسالة من الحب والأمل والألم أيضا. منذ اعتقال الصديق والزميل عمر لم يتوقف هذا الرجل عن الكتابة والبوح والمناشدة.
300 رسالة قرأتها وتابعتها على مدى هذه الشهور الطويلة والقاسية، وكلما أنهيت رسالة شعرت بالحزن، حزن لأجل بّا ادريس وزوجته، لأجل عمر في زنزانته الباردة، لأجل أجيال تتوارث الخسارة، حزن إلى درجة العجز عن التفاعل ولو بتعليق، كنت أقرأ وأضيف رصيدا إلى حزني وأمضي، لكن سؤالا ظل يهوي بمطارقه على رأسي طوال هذه المدة: من أين يأتي بّا ادريس بكل هذه القوة للكتابة بدون انقطاع؟
إننا نحدس أن قلب الأب وعاطفته وحبه لابنه هم المنبع، لكن الأمر أعقد من ذلك، عاطفتك وحبك لابنك هما أول معاول هدم قوتك وسحب طاقتك كلما واجه ابنك خطرا، أسهل من الكتابة أن تتحدث وتعطي تصريحات هنا وهناك، أن تبوح أمام حشد أو تفضي إلى شخص، لكن أن تجلس لتكتب فإن البياض يطرح عليك سؤاله الصعب: ماذا تريد أن تقول؟
أستطيع أن أتخيل بّا ادريس وهو يتلقى هذا السؤال كقذيفة: ماذا تريد أن تقول اليوم؟ عليه أن يتلقى السؤال الذي يقذف في وجهه كل يوم، أضف إليه القلق والخوف على فلذة كبده، ضع عليه مؤشر الأمل الذي ينخفض حتما يوما بعد يوم، وأضف فوق كل ما سلف الشعور بالخذلان، كيف بوسعك أن تكتب إذن؟
أعتقد أن منبع القوة الوحيد الذي يمده بالطاقة هو حبه للوطن، بّا ادريس عاشق متيّم بالوطن، لذلك فهو يقاوم كي لا يجور حبيبه الوطن على حبيبه الإبن، هذا الرجل يقاوم كي لا يتعارض العشقان وكي لا يتخاصم العشيقان في قلبه الذي لا يقوى على التضحية بأحدهما، لذلك ستجد رطوبة الدمع وأثر النزف بين السطور.
الحرية والسلامة لعمر الراضي وسليمان الريسوني
القوة لـ بّا ادريس.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق