عبد اللطيف زروال في مرحلة السرية على لسان كريستين دور السرفاتي
في السرية
في حوار مع كريستين دور السرفاتي
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 19 - 04 - 2010
-في 1972 قمت بإخفاء مناضلين اثنين كانت السلطات المغربية تلاحقهما ، وهما أبراهام السرفاتي والشهيد عبد اللطيف زروال ، ماهي الظروف والسياق العام لهذا الالتزام ؟
-كان هناك صديق فرنسي يقطن بالرباط ، وذات مرة زارني في البيضاء وأخبرني أن هناك مثقفا مغربيا ، السرفاتي ، مبحوث عنه ويعيش في السرية ، وسألني إذا ما كنت قادرة على إخفائه . لم يكن بمقدوري أن أرفض ، فقد كان والدي خلال الحرب متخفيا بدوره ، وهكذا قبلت ، وقد أخبرني السرفاتي أن هناك مناضلا آخرا يجب أن أبحث عنه في مكان وساعة محددين ، وقد ذهبت للبحت عنه وتعرفت عليه ، ويتعلق الأمر بزورال. لقد كانا أول من أخفيت من المناضلين ، وبعدها أخفيت آخرين ، في البداية كان ذلك في منزلي ، وبعدها ، وقد كنت مقبلة على الطلاق من زوجي السابق وكان لدي طفلان في المنزل ، وجدت مخبأ آخر خارج المنزل ، فقد كان هناك أستاذ توجب عليه العودة إلى فرنسا ، فسلمني شقته وصرت أدفع إيجارها ، وهكذا أسكنتهما في هذه الشقة غير بعيد عن منزلي حتى أتمكن من التسوق وجلب ما يحتاجونه من طعام . وكان من بين القادمين الجدد المشتري والصافي وإلى الآن لا أعرف إن كان الأمر يتعلق بأسماء حقيقية .
اعتقال عبد اللطيف زروال
صديقنا الملك: اختباء السرفاتي عن أعين الشرطة المغربية و اختفاء زروال بشكل مفاجئ
الأثنين 6 أكتوبر 2014
بديل ـ الرباط
انتقل السرفاتي من مخبأ إلى مخبأ خلال شهر و الشرطة تبحث عنه. في نيسان عرفه رفاقه على كريستين دور جوقن ، متعاونة فرنسية، و استاذة تاريخ و جغرافيا في كلية محمد الخامس في الدار البيضاء منذ ثلاثة عشر عاما. هي ابنة رئيس جامعة كان في فرنسا الرجل المُهاب و المقاوم الكبير بيير دور. كانت الأستاذة تقدمية ولا تنقصها الشجاعة، رضيت أن تخبئ الرجل المطارد، دون اهتمام بالسبب، تصورته رجلا قصير القامة، ممتلئ الجسم، ذا شعر مجعد... واكتشفت أمامها عملاقا ذا شعر أملس ينظر إليها من عل. رفيقان هاربان، عبد اللطيف زروال و بلعباس مشتري التحقا بابراهيم، و في شهر أيار، وجدت كريستين قريبا من بيتها شقة صغيرة للإيجار، فوقعت عقد الإيجار من قبل متعاون فرنسي مزمع على الرحيل إلى فرنسا، واستقر الفارون السريون فيها.
حياة خطيرة مضنية، مثيرة، بدأت عندئذ، ودامت سنتين و نصفا. كانت كريستين تؤمن اللوازم، وتقوم بالتسوق، و ترافق الرجال الثلاثة إلى مواعيدهم السرية (زوجان لا يثيران انتباه الشرطة بقدر رجل بمفرده)، كان زملاؤها، و أولادها أنفسهم يجهلون حياتها المُضاعفة، توتر مستمر، و إنهاك جسدي، و هلع يتجدد عند أقل تأخير، أو أي حضور مشبوه إلى قرب المخبا السري، هي فرنسية محمية نسبيا، لكنها تعرف أعراف و عادات الشرطة لتدرك أن من السهل جدا الموت في حادث سير.
كان للعمل السري أيضا لحظاته الظريفة: فقد نشأ حب بينها و بين ابراهيم، رغم اللحية الرهيبة التي تركها تنمو لغيير ملامحه.
كان عبد اللطيف زروال في الثامنة و العشرين من العمر، شديد السمرة، ذا شاربين كثيفين، ابن مدرس، وقد كان بدوره يعمل في حفل التعليم و يتابع دراسات فلسفية، و يكتب الشعر أيضا، مسيرته السياسية مماثلة لمسيرة السرفاتي الذي تبعه بعد الإنفصال عن حزب علي يعتة الشيوعي. هو عضو في حركة إلى الأمام، و مسؤول عن طلاب الرباط، و معروف جدا في العاصمة، لذا وجب أن ينسحب إلى الدار البيضاء. بلعباس مشتري، في الثانية و العشرين، صديق طفولة لزروال، وهو أيضا طالب فلسفة.
في 5 تشرين الثاني 1975 كان زروال على موعد مع أحد مناضلي حركة 23 آذار. نحو الظهر حضرت شابة مغربية تنذر كريستين أن إدارة 23 آذار قد اعتقلت. أسرعت كريستين إلى الشقة و أنذرت ابراهيم و بلعباس، غيرا ملامحهما: انتظرا زروال، لكنه لم يعد. زادا من اجراءات الأمن الواجب اتخاذها في حال توقيف أحد الأعضاء. انقضت خمسة أيام ولم يعد زروال، في 6 تشرين الثاني، وهو يوم سبت قال ابراهيم لكريستين:"أعتقد أننا لن نرى زروال قبل مدة طويلة"، و أضاف واثقا:"أعتقد بعدم حصول اعتقالات أخرى، أغلقنا جميع المنافذ و اتخذنا كل الإحتياطات". تعانقا و انفصلا. لم يعلما أنهما لن يلتقيا إلا بعد اثني عشر عاما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق